نشرة “الإنسان والتطور”
30-1-2011
السنة الرابعة
العدد: 1248
يوميات الغضب والبلطجة
ولادة شعب جديد قديم (2 من ؟؟؟)
مقدمة
يبدو أن هذه المسألة ظلت تشغلنى طول الوقت سواء كتبت فيها أم لم أكتب:
منذ عشر سنوات (الوفد: 13/8/2001) كتبت مقالا أحذر فيه من التوقف عند مرحلة الغضب، وكان بمناسبة انتفاضة فلسطينية أحدث، وشهداء كثر، كان عنوان المقال :
ثم ماذا بعد الغضب؟
من الألم والغضب، إلى الفعل المسئول
ثم إننى حين كتبت أراجيز للصغار ، اكتشفت أننى كتبتها للأطفال بداخلنا جميعا، من أى سن، وكان ذلك سنة 1999 ، كما اكتشفت تحذيرى الشديد – حتى للأطفال– من الخلط بين الفرحة بإطلاق سوْرة الغضب، وبين حسابات استيعاب طاقة الغضب، والخوف من أن يستولى على ناتج غضبتنا من ليس أهلها، حيث أنهيتها قائلا :
مش تروح ثمرتها للى كان بيتفرّج علينا
واحنا نتسوَّح ونرضى مرة تانية باللى فينا
قبل ذلك فى مقال الوفد السالف الذكر منذ سنوات أنهيت المقال أيضا بما يلى بالحرف الواحد:
هل المطلو ب هو إظهار الغضب فى الشارع ؟
ألم تتغير المحكات التى نقيس بها معنى الغضب وجدواه، والتى تحذر من سوء استغلاله؟
هل المطلوب مزيد من التحليل والتفسير والتنظير على صفحات الصحف وفى اللقاءات المشتعلة كلاما وهتافات؟
المسألة أخطر من كل هذا.
…….
إلى أن قلت:
……….
أنا لا أقلل من الحاجة إلى غضب الشارع، ولا أستهين بمعناه، ولا أرضى إلا بالتغيير، لكن كل ذلك ليس نهاية المطاف، ولا هو مطلب لذاته، بل إننى أتمادى وأقول إن النصر نفسه، وبالسلاح، ليس هو الهدف النهائى، بل هو بداية مرحلة جديدة نختبر فيها أنفسنا:
هل مَنْ تبقى منّا هو أهل لهذا النصر الذى يحققه عادة من يكون قد انتقل إلى التاريخ والشهادة فخورا بأكرم نهاية؟؟.
……..
(وقد أعود لنشر المقال كله برغم أنه ليس خاصا بما يجرى فى مصر الآن، بل كان مرتبطا بأحداث فى فلسطين آنذاك، كما ذكرت)
وهل هناك فرق ؟؟
……
انتهى المقال تحديدا بتساؤل من ثلاث كلمات تقول:
هل مــِـنْ أمل ؟
وقد جاءت الإجابة بعد عشر سنوات من تونس
ثم من مصر
شريطة أن نستوعب ولو ما جاء فى أرجوزة للأطفال التى تقول :
الغضب من حقَّى برضُهْ،
الغضبْ مِشْ كلُّه يعنى زى بعضُهْ.
ما هو لازم إنى أغضبْ،
لما يحصل إِللىِ يِـِغـْضِبْ.
الغضبْ للحق واجبْ
الغضب مع بعض ضدّ المفترى،
يبقى ثورة ضد ظالمْ، ضد غاصبْ.
بس يعنى،
لو غَضَبْ كده والسلامْ
زى كورهْ فرقعتْ، لما شاطها الجون قوامْ
بعد ما دخلت شبكـْتُـهْ
راح عاملها يدارى خيبتـُهْ
يبقى مش هوّا اللَّـانا قصدى عليه،
نعمل ايه؟!!!!
لمَّا نغضب ننتبه: إمتى ، وإيه،
ضد مين؟ ولْحدّ فينْ؟ وبكامْ، وليهْ؟
لما تغضبْ وانتَ مش قادر تحس،
باللى جنبك.
يعنى تتفجر وبسْ،
باللى عندك،
تبقى باظت حسبتكْ، مهما حاولت
يبقى طاش سهمك ياريتك ما غضبت
لمّا ازعّق وي خلاص دا مش غضبْ
دا ساعات يمكن يكون قلّـة أدبْ
لما باغضب وانفجرْ، مش باجمّع يا خسارة،
يفلت المعيار كإنى وحش كاسر لسه طالع من مغارة
بانسَى نفسى، …. بالـْغِـى حِسّى
يجروا منّى،……….ألقى إنّى:
مرمى منبوذ غَصْب عنى
إنما غضبى اللى هوَا، .. لسّه جوّهْ،
ده يا خويا حاجه تانيه، بس “هوّه”.
آه دا لو وجّهنا طاقته ناحية اللى يستاهلها
راح تكون ثورة بصحيح، …بس يورثها الْعـــامِلْها
مش تروح ثمرتها للى كان بيتفرّج علينا
واحنا نتسوَّح ونرضى مرة تانية باللى فينا
وإلى الغد ربما يكون الدور قد جاء لنعرض كيف حاولتُ أن اختبر ما نحتويه من غضب، وما هو موقفنا منه من خلال “لعبة” كاشفة مارستها علنا فى قناة النيل الثقافية منذ سنوات أيضا (سجلت وأذيعت بتاريخ 06/04/2005 وتوجد مسجلة صوتا وصورة فى الموقع)، وهى يمكن أن تعتبر تجربة حية لما نحمله بين جنباتنا من غضب يتراكم ونحن لا ندرى، فإذا تفجر هكذا الآن، فلنتحمل مسئوليته بكل صبر وإبداع.
دعونا نحاول !