ما حدث
يوسف عزب
(1)
فى البدء .. كنا طاقة اخترقت، دون مواجهة، كانت فرحة، كنا الدنيا، كان العالم قرار.. مجرد كلمة، وضوح وغموض.. عمى وبصر انعدم الرقيب فانطلقنا نبنى نهدم، لكن نفعل؛ اشتهينا وتذوقنا رايا ولم تخف كان التمرد لذة ولو بقى فى اذهاننا لم نعرف من يحكم.
(2)
حتى جاءت اللحظة.
لحظة خائفة، جاءت فجأة، لم اعرف موعدها.. انها ولادة خيط سحرى، دخلت من منفذ سرى، براس البكر… خيط كان يمر بالذهن قديما لحظات، فى اللعب وفى الفصل وفىالأسرة… خيط يسرقنى من اخوتى ومن أهلى وزملائى.
ياخذنى طير كبير يغرينى بالقمة يحلق بى فى الفضاء، ويرمينى بالصحراء وأجدنى وحيدا أجلس فى الأبراج . أرى منها من كنت معها من ثانية.
اراهم انقلبوا عرائس تحركهم أصابع ولا أرى إلا نفسى كبيرا، متضخما، متحوصلا داخل نفسى تنتهى تلك اللحظة، واعود من الرحلة مرة أخرى، أعود لأحبائى ألعب وأدور وأدوخ من الصحبة وفى عز الصحبة أتاكد بعد الرحلة أنى بعدت خطوة.
وفى عز الصحبة يأتى الطائر يصحبنى فى رحلة اخرى أتاكد بعدها أنى بعدت خطوة أخرى .
وأعود انى أعرف أن للرحلة مواعيد ثابتة، غير المواعيد الأخرى، لا تتأخر عنها لحظة. هى مواعيد المر والنبذ من الصحبة. يصحبنى بسرعة وفى كل مرة تزداد الهوة بينى وبينهم.
(3)
وبدأ التساؤل.
لماذا؟. وتزداد الهوة، ومعها الطائر،يزداد الاستهجان باللعب وبالفعل وبالأسرة. وتزداد العرائس فى ألعابها.
وبدأ الخوف يزحف كالليل والظلمة الحالكة. وأخشى البطش فأؤدى الحركات المطلوبة… حتى لا أتحمل فأكف أصبحت كالبوص الأجوف. تخرقنى الكلمات .أرى نفسى مومياء من قبل الميلاد.
ينسحق يقينى فى الاشياء، وينعقد لسانى.
تخرج الكلمة، تتلمس موطئ للقوة، فلا تجد غير الهوة.
تزداد الرحلة ويحملنى الطائر ساعات بل أحيانا اياما، تزداد الحاجة الى شئ حى، الى آخر، فأعبر بتعبير خاطئ فيزداد الحرمان.