يحيى الرخاوى طبيب نفسى
الصــمت
الحـالة رقم “5”
عصمت داوستاشى
الحـركة الأولى:
ظهور:” الحركة الأولى”.
عنوان “أكون.. أو لا أكون”.
اضـاءة: تدريجية الى درجة مألوفة لحجرة نوم عادية حينما تفتح النافذة الموجودة بوسط الجدار المواجهة للمشاهدين.. فيما بعد.. سنعرف أن الحجرة تقع فى سطح منزل بأحد الأحياء الشعبية المتوسطة. ستائر قديمة فوق النافذة وباب الى اليمين ومكتبة متواضعة ولوحة تعبيرية مقصوصة من مجلة داخل برواز عادى وتمثال فرعونى من المنتجات الشعبية ذات التقليد الفطرى.
صـوت: مؤثرات مجسمة لشهقات وأنفاس تتردد – علوا وانخفاضا – مع ضربات القلب كالتى تسمع من خلال سماعة الطبيب..فيما عدا ذلك لا توجد أصوات بشرية غير الأصوات التى سوف تسمع من خلال جهاز الردايو عندما يفتح.. وصوت دقات الساعة المستمر طوال الوقت.
حـركة: تبدا فى التجسم من تحت أغطية السرير المرتب ترتيبا جيدا.. انتفاخ بسيط يتزايد الى أن يصل كتكوين مجسم لانسان نائم.
ملاحظة: هنا تبدأ وظيفة المؤثرات الصوتية التى سبق ذكرها فى التوالد مع بداية ظهور التكوين الانسانى تحت الأغطية ويمكن أن يحدث تبديل تدريجى للاضاءة.. بتركيز ضوء كشاف على منطقة السرير.. واقلال الضوء فى بقية الغرفة.
حـركة: تظهر من تحت الأغطية يد ناعمة بأصابع رشيقة، تليها راس صلعاء حتى تبرز كتلة الوجه كاملة.. شكل بيضاوى أملس بلا ملامح على الاطلاق. تمتد اليد الى جوار السرير وتتناول علبة سجائر. اليد الأخرى تبحث فى الجانب الآخر عن ولاعة أو كبريت. اليدان تتعاونان فى اشعال السيجارة. تأخذ الرأس من خلال ثقب ضيق فى تدخين السيجارة فى شراهة غير عادية.. تنتهى السيجارة فتطفئها اليدان.
رعشة قوية من التكوين الآدمى تحت الأغطية. تنسحب الأعضاء التى ظهرت لتعود الى الاختفاء.
رعشة جديدة. حركة بطيئة تحت الأغطية تعطى تأثير التثاؤب.
صـوت: جرس المنبه يدق فى الحاح.
حـركة: تخرج احدى اليدين من تحت الأغطية فى تثاقل وتسكت صوت المنبه. الحركة تمت.
الأغطية تنم عن حالة صحوة نهائية.
اليد تضغط على مفتاح اضاءة.. تزداد قوة الضوء بفعل كشاف فوق السرير.
تتناول اليد جريدة.. على حين يرتفع التكوين الآدمى الى مستوى الصدر.. يبدأ التكوين فى تصفح الجريدة ثم يلقى بها بعد فترة من الوقت بازدراء الى أرض الحجرة.
تتكرر الحركة ثلاث مرات مع ثلاث جرائد. بعد ذلك تمتد اليد لتتناول فنجان شاى. ثم تشعل سيجارة جديدة. فى النهاية وعندما تنتهى السيجارة وتنطفئ.. يعود التكوين الى التثاؤب.. احدى اليدين تدير مؤشر جهاز الراديو والتكوين ينسحب للداخل..
صـوت: “منبعث من الراديو”.
واستمرت الاضطرابات الخطيرة فى شوراع العاصمة لليوم العاشر على التوالى بصور تنذر بأخطار رهيبة.
حـركة: اليد تستمر فى تحريك المؤشر لمحطة أخرى.
صـوت: وأعلن مصدر مطلع أن القتلى قد بلغوا مئات الأشخاص بينما امتلأت المستشفيات بالجرحى الذين يزيد عددهم على عدة آلاف.
حـركة: اليد مستمرة فى تحريك المؤشر.
صـوت: أما زعيم الانقلاب العسكرى الجديد فقد أعلن..
حـركة: اليد تحرك المؤشر فى عصبية.
صـوت: وقد أعلن وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية عن عزم بلاده الأكيد على العمل على احلال السلام فى ربوع العالم.
حـركة: اليد مستمرة فى تحريك المؤشر.
صـوت: أعلن المتحدث الرسمى باسم منظمة الصحة العالمية ومنظمة الأغذية الدولية أن ضحايا الجوع والأوبئة خلال هذا الصباح بلغوا عدة ملايين من البشر.
حـركة: اليد مستمرة فى تحريك المؤشر.
صـوت: ولم تعرف بعد وجهة الطائرة المخطوفة.
حـركة: اليد تحرك المؤشر.
صـوت: العنف.
حـركة: اليد تحرك المؤشر الى صفير حاد.
فترة من الوقت… اليد تسكت الراديو.
تنسحب اليد مع بقية الجسم تحت الأغطية.. فترة من الوقت ترتفع الى أعلا.. اليد تمسكها بكتاب.. لفترة من الوقت… تتركه يسقط جانبا.. يطفئ النور..
الجسم يختفى تحت الأغطية.. رعشة قوية.
اظـلام: تدريجى.
صـمت:
الحـركة الثانيـة:
ظهـور: “الحركة الثانية”.
عنوان ” حتى نبقى الى الأبد”.
اضـاءة: مسلطة فوق السرير باللون الأحمر.
صـوت: همسات أنثوية وضحكات صاخبة أحيانا.
حـركة: الجسم الموجود تحت الأغطية ينزاح جانبا ليسهل بروز جسم أنثوى واضح بجواره.
صـوت: حوار غير واضح بين رجل وأمراة.. ايحاءات صوتية شبقية.. دقات القلب وانفاس مترددة حتى اللهاث..
حـركة: جسم الرجل يلتحم مع جسم المرأة تحت الأغطية فى عملية جنسية واضحة.. رعشة حادة من الجسمين..انتصاب ذراع الرجل وسط الأغطية فترة من الوقت ثم تراخيه.
صـوت: تهدأ الأنفاس وتعلو دقات القلب.
حـركة: يتلاشى تكوين المراة وكانه يغوص..
يعود السرير الى شكله الأول مبقيا على جسم الرجل فقط وقد تدلى ذراعه عند حافة السرير.
صـوت: جرس المنبه من جديد.
حـركة: اليد تعلو ببطء تحاول أن توقف المنبه.
بعد محاولات تصل اليه وتدسه تحت الأغطية.. يروح صوت الرنين يتحشرج حتى ينعدم تماما.. مع انسحاب كل الجسم للداخل.
اظـلام: تدريجى.
صـمت:
الحركة الثالثـة:
ظهـور:” الحركة الثالثة”.
عنوان” اليوم الذى يتكرر دائما”.
اضـاءة: عادية مركزة فوق السرير.
حـركة: تخرج اليـد.. تحرك مؤشر الراديو.
صـوت: مع المؤثرات السابقة كدقات القلب والأنفاس ودقات الساعة.. تبدأ موسيقى هادئة.
حـركة: تصعد أجزاء الجسم حتى الصدر من تحت الأغطية مستندة الى وسادة.. يظهر فوق الصدر شعر غزير.. اليدين تجففان العرق فى حركة ايمائية، بعد ذلك تتناول طعاما..ثم تشعل سيجارة.. يقذف بجرائد جديدة.. دون أن يقرأها.. يأخذ المنبه تحت الوسادة ليكتم صوته.
يطفئ السيجارة.. تنسحب كل الأجزاء الظاهرة من الجسم لتختفى من جديد تحت الأغطية.. تهبط الأغطية شيئا فشيئا فوق السرير حتى تتسطح تماما ولا سظهر من تحتها أى نتواءات، يعود السرير كما بدا فى أول الحركة الأولى.. مضافا اليه بعض كرمشات فى الأغطية تلك هى كل ماتبقى تحت اضاءة تتحول للون الأصفر.
اظلام: تدريجى.
صـمت:
الحركة الرابعة:
ظـهور:” الحركة الرابعة”.
عنوان” النهار الأخير.. ليل الأول”.
اضـاءة: خافتة منبعثة من النافذة المقفولة.
وحين تفتح النافذة يندفع ضوء النهار بقوة مقتحما الحجرة.
حـركة: تدخل سيدة عجوز.. ظهرها مقوس.. ترتعش بعض الشئ وتستند فى حركتها على محتويات الحجرة.
تمسك بمقشة وتتجه الى النافذة فتفتحها.
صـوت: مؤثرات صوتية طبيعية.. مع فتح النافذة. يخترق المكان صوت نباح كلب.. مع أصوات مختلفة تملأ الحجرة.. حركة الشارع الصاخبة.. زحام سيارات وأبواق زاعقة.. مشاجرات، أصوات الباعة الجائلين، ضحكات مختلطة بزعيق.. مشاجرات.. أصوات سيارات النجدة والمطافئ وميكروفونات المآتم والأفراح.. ايقاع الشارع المزدحم المتلاطم فى ذروته.
حـركة: المرأة العجوز تسحب الأغطية من فوق السرير وتنشرها من النافذة تحت ضوء الشمس الساطع.. تدور فى الحجرة تؤدى باقى عملية التنظيف اليومية. فى هدوء تام تجمع المخلفات وتنظم وضع الأشياء فى أماكنها ثم تخرج بخطواتها الواهنة.
الحجرة خالية من الحركة.
اضـاءة: تبدأ فى الخفوت وكأنه الغروب حتى اظلام تام.
صـوت: نباح الكب المتقطع مع صوت بعيد لغناء أم كلثوم عن الليل.. قرقعة طائرة تشق الفضاء.
صـمت:
7 / 2 / 1972 بنغازى