خطابان إلى
صلاح الدين محسن – أحمد زرزور
- السيد الشجاع صلاح الدين محسن، وبعد
تسلمت ردك المطول علىالحوار الذى فرض على كتابك فرضا فى عدد سابق، وكان أقل ما ينبغى أن نعتذر به هو أن نوفيك حقك فى نشر الرد تفصيلا، كما وعدنا، ولكن ها نحن أولئك نتمادى فى ظلمك، كما نتمادى فىالأمل فى كرمك، ولا فائدة من كل هذا اذ لا يعطيك حقك الا نشر ما كتبت، الذى رأينا – بكل أسف – أنه غير صالح للنشر، ليس لأنه غير جاد أو غير عميق أو غير شجاع، ولكن:
1 – ولأننا لو نشرناه “هكذا” لأوقعك حيث لا تحب، فلا تصدق يا صلاح أننا نعيش فى بلد حر، لمجرد أنك طبعت كراسة تداولها بضع عشرة نفر، ولها رقم ايداع (اقرأ افتتاحية هذا العدد (3 – من فضلك).
3 – ولعلك استنتجت أننا نشرنا بعض كتيبك فى شكل حوار، حتى ينشر والسلام، علما بأنى متمسك بكل كلمة قيلت فىالحوار.
4 – ثم انك ترى أننا فى سبيلنا الى أن نعدل عن باب الحوار اصلا بصورته السابقة خاصة، رفعاً لمثل ما لحقك ولحق ضيوفنا من ظلم، وها هى “تأتى منك” أخيرا، كما آذتك أولا.
والى أن تكون مساحة نشر الفكر برحابة ما نريد لك ولنا، والى أن يكون أى فكر – حتى الالحاد – هو مسئولية من يختاره ويعلنه، مسئوليته دون غيره، ثم حسابه على ربه أو ربنا، والى أن يكون طريق ازدهار الاسلام هو فى شجاعة مواجهة معارضيه، وحتى يكون الاسلام – مثل كل الأديان – هو مشروع مناقشة وليس قضية مسلم بها أصلا وتماما (وهذا هو السبيل) الوحيد لاعادة حيوية دوره الحضارى والايمانى ان كان ثمة فرصة) الى أن يحدث كل هذا، فلعلك توافقنى الى أن التمادى فى الهمس الهامشى (مثل حوارنا السابق) لا يفيد احدا
ولعلك – رغم كل ما أصابك – تعذرنا والسلام.
- السيد الشاعر المتحمس المبادر الوثاب: أحمد زرزور وبعد
كنت أحسب أنه لا يليق بى، وبك، وأنت معى مسئول عن تحرير هذه المجلة، لا يليق بنا أن نتراسل على صفحاتها، اللهم الا ان كان فى ذلك ما يفيد الناس غيرنا.
لهذا، ولهذا فقط قررت أن أكتب هذا الخطاب المفتوح، بحقى عليك، بما تقوله فى شخصى، وما تراه فى علاقتنا، وقد قلت كثيرا، ورأيت عريضا وعميقا، بما لا أجد فى نفسى ميلا لاعلانه أو لتكراره، الا أنى شعرت أثناء اجازتى من مسئولية رئاسة التحرير، وقبل ذلك، ومن خلال رأى زملائك، وأخيرا من خلال اصرارك على نشر رأيك المعاد، شعرت أنه لابد لى معك من وقفة، ومعلنة، وظالمة (فى الأغلب)، وذلك لنقفل صفحة، ثم نرى هل نفتح هلى نفتح غيرها أم نكتفى بشرف ما كان.
1 – فقد أرسلت الى مقالك الأول تعقيبا على انسحابى بعنوان “بعيدا عن المعطف الرخاوى”، وعلى اتهامى لكم بأنكم أقل رؤية، وكان ذلك فى صورة مقال رأى زملاؤك ألا ينشروه، فاستنجدت بى، فرأيت رأيهم، فرحت تكرر أنى أشجع من ذلك متصوراً أنى لا أنشر ما يمس شخصى، وهذا خطأ فى خطأ، أولا لأنى سبق أن فعلت، ولك أن تعود الى أعداد سابقة، وثانيا لأن هذا المقال ؟ الخطاب فيه من المديح والتمجيد أكثر مما فيه من العتاب والتنبيه والنقد .. الخ.
2 – ثم أردت أن أقترب منك عاريا مثل عريك، فاذا بى – من وجهة نظرك أعريك دونى، حين استعملت خطابا شخصيا (فعلا) لم يكن معدا للنشر أصلا، استعملته وسيلة للحوار لاحدد من خلاله موقفى من العدقة الشخصية، وتواضع علمى بقصيدة الحداثة، ثم حرصى علىعدم اعاقتكم بأى صورة كانت، ولكن يبدو أنك أو اصدقائك فهمت أكثر مما أردت، فكان لزاما على أن أعتذر، وأن أعلن تجاوزى، وأن أطلب منك أن تراجع ما صدرنا به هذا الباب فى هذا العدد، وكذلك خطابنا الى صلاح الدين محسن فقد وقع عليه ظلم أكبر.
3 – رأيت أنت أن توضح الموقف للقراء أساسا فى ما أسميته “حوار على الحوار حول القصيدة الحداثة وأشياء أخرى” وأسمح لى أن أقر وأعترف أنى قرأت هذا الذى أسميته حواراً عدة مرات (لا أقل من ثلاثة) فلم أجد فيه جديدا اللهم الا اعلان القارئ، وبحق، (أن ما نشر فى العدد “29”، وعلى لسانى (احمد زرزور الم يكن أبدا مشروع حوار جدلى)، فقط كان رسالة شخصية / بوح وهذا حق كله، ثم رحت تنعتنى بصفات كريمة (أخا رائعا، قارئا مبدعا، ناقدا جادا .. الخ (ولا أخال أن هذه الصفات الا أثقالا فى عنقى، لا أفهمها أحيانا، ولا أستطيع تحمل مسئوليتها أحيانا، وأقف خجلا منك بها كثيرا ومثل ذلك فى الحوار على الحوار كثير، فخجلت من نفسى، وحسبت أنك تصلح ما فات بمثل ما فات، فاستعملت حقى “الأبوى” قبل “التحريرى” وقلت “لا”.
4 – ما أفادنى به هذا الحوار غير المنشور هو أنى علمت من خلاله أن وقفتك بسببى أو بسبب غيرى، لم تكن وقفة والحمد الله بل كانت حملا أبداعيا رائعا، كما أنى راجعت من خلال شجاعتك تاريخ علاقات المبدعين الأكبر / أصغر، وفرحت بك تعيد هذه الفرصة رغم أنى لست قدرها بشجاعة ودون تردد ألم فى هذا الحوار “لماذا اذن لا نعلن الحب على من يستحقه” أكثر الله خيرك فعلا .. ولكن
5 – شعرت رويدا رويدا أن عواطفك الصادقة هذه تكاد تعوقنى، فأنا أرفض كثيرا من مواقفك، وأرفض احتمال ثلليك، وأرفض تمادى رفضك الذى أوصلك للقول فى الخطاب المرفق “… الم يحن الوقت للطلاق البائن من هذه العانس / التفعليلة التى لم يعد احد من شعراء الشعر / الشعر يفكر فى مجرد الالتفات الى تجاعيدها” ومرة أخرى رحت تلمز المرحلة “الصبورية / الحجازية” على ما أذكر (ليس أمامى النص) وأنا ارفض هذا واقف امامك بكل مواجهة لأقول “أبدا” “لا يكون” ومع رفض كل ذلك فانك وبصدق تصر على احاطتى بعواطفك الساخنة، حتى كدت استسلم لجرعة أكبر فأكبر من هذه القفزة الابداعية (الحداثة) التى لا أكاد الاحقها شخصيا، فما بالك بالقارئ العادى، وقلت لنفسى، ولك، لتكن صادقا أشد الصدق، محبا غاية الحب، مبدعا رائع الابداع الا انه … “لا” مع استمرار الحوار والصدق والمحاولة و”لم لا”؟
6 – أنشر هذا الرد غيرالشخصى، لكل الزملاء والقراء الأعزاء، بأمل أن يعرفوا أن ما يؤنسنا ويؤنسنى هو استمرار المحاولة والمراجعة والتعرى، ولو لم نلتق، أكثر من أى عواطف بينشخصية، أو الحاح ود حقيقى علىحساب ميل ولو يسير الىغير ما نحن له، أو ما نأمل أن نكون له.
7 – أعرف أن ردى هذا قد يضاعف شعورك بالظلم أو بالقهر أو بمثل ذلك، وأنا مصر عليه، واستعمل حتى المؤلم فى فرضه، ولك الرأى فى حدود صراع القوى العادلة ان شاء الله، لا حرمنا الله من اصرارك وصدق مواقفك والسلام.