جاد الرب يعود
حــــوار
إنتبهوا أيها الفرسان
جاد الرب – يحيى الرخاوى
جاد الرب: إن عملية إسقاط الجنسية عن المعارضة تتم الآن داخل أروقة المجلس، إن المستقبل لا بد أن يشهد بثور الفتنة الطائفية حيث الأمن المركزى والحزب الحاكم فى جانب، وكل أحزاب المعارضة وفرسان الرأى والفن والفكر فى الجانب الآخر.
الرخاوى: أهلا جاد، أين أنت يا رجل؟ كنا على وشك التوقف وأنت غير سائل فينا، أو عنا، ولم يحتمل هذا الحوار “القص/ اللصق” غيرك يا أخي، فشكرا، ثم هاتها يا رجل، ولا يهمك..
جاد الرب: .. جاء فى الموسوعة الأثرية العالمية التى أشرف على تحريرها عالم الإجتماع البريطانى “ليونارد كوتريل” أن شعب فلسطين كان فوق أرض فلسطين منذ100.000 سنة، وتستهوينى فكرة الدعوة إلى تقويم فلسطينى عربى يبدأ بالعام 100.001 (100،001) وحيث أن ذلك أمر شاق، إذن نكتب عنه إلى يحيى الرخاوى آملين فى التكاشف لبناء “الرمسيوم” إتحاد أدباء القرية العربية.
الرخاوى: والله أوحشتنا يا شيخ، هكذا “تمام”!! ، بل أنى أتصور أنها فكرة أفضل من حكاية “المؤتمر الدولي”، بدلا من قعدتنا يا جاد، إنتهت مشكلة فلسطين إلى مشكلة الشرق الأوسط، ثم مشكلة الشرق الأوسط إلى مشكلة مؤتمر دولي،.. وكل عشرين سنة وأنت بخير وعافية. بلغنى يا عم جاد من صديق رحمه الله، حكاية لعلها معادة، لكنها لو كتبت بالإبر على مآقى البشر لكانت عبرة لمن أعتبر، (أو بالأسلوب العصرى: لو كتبت بالأقلام (الفلوماستر) على عقول العرب الحكام، لأصبح كل منهم رجلا لا ينام!!) ، و هى تصور أسلوب أولاد صهيون ذوى الدواهى فى التعامل مع أمثالنا المؤتمرين دوليا باعتبار رضا الأكابر، قال صاحبى رحمه الله: ذهب رجل عربى معيل، إلى قاض مغرض، يشكو له من جاره اليهودى أنه استولى على حجرتين من شقته قسرا، فلم يبق له إلا حجرة واحدة، وبسطه سلم، يسكن فيها، وعليها، هو وأولاده الأحد عشر، فقال له القاضى المستجار: لقد سمعنا شكواك فاشتر عنزا وسوف نقرضك حقها، فتعجب الشاكى لكنه فرح بالقرض، وفعل- لكن المشكلة زادت تعقيدا بعد أن أخذت المعزة مكانا.. بما يستتبع ذلك من كله، فعاد الرجل للقاضى وقال له أن إقتراحه زاد الأزمة ولم يحلها، فنصحه – بنفس الشروط- أن يشترى تيسا يؤنس المعزة، فعاد الرجل وتكررت المصيبة وخاصة بعد التزاوج حتى ملأت المعيز المنزل واختلطوا بالعيال الذين انسحبوا ملتفين بالبطاطين الذائبة إلى البسطة.. الخ، فراح الرجل إلى القاضى محنقا فسألة ما الذى يضيرك الآ؟ فقال له: المعيز وأمهم والتيس، قال له: بسيطة، تخلص منهم، وعد بعد شهر،، ففعل الرجل، ولم يعد، فقابله القاضى فى السوق وسأله عن حاله، فشكره غاية الشكر، وأن المشكلة إنتهت، وراق البيت واتسع بعد أن تخلص من جيش المعيز، ولم يشر من قريب أو بعيد إلى المشكلة الأصلية.
ألست معى يا جاد أن مشكلة فلسطين تحل بنفس الطريقة؟ فكل إقتراح هو إزاحة عن المشكلة الأصلية، حتى ننسي، وقد كان، فهات تقويمك الفلسطينى الجديد فهو حتما- أفضل من التلهى بالمؤتمر الدولي.
والله العظيم أوحشتنا.
جاد الرب: هل تذكر أول مرة رأيتك بالعين، كان ذلك منذ حوالى عشرة أعوام وكنت قد قرأت مقالك عن إنتحار أو إستنحار الشباب فى إحدى المقاطعات الأمريكية (حوالى 4000) إنى بكل الصدق أتصور هؤلاء الآلاف الأربعة من الشباب أبنائي.
الرخاوى: أية تواتر أفكار!! لقد تذكرت نفس هذا المقال الذى تتحدث عنه وأنا أكتب دراستى (فى هذا العدد) عن الغش الجماعي، وأنه إنذار متأخر (مقارنة بالإنتحار الجماعى كإنذار مبكر كما أشرت هناك) لكن يبدو أن الصمم الذى مس وعينا إنسانا ما هو الإنذار أصلا، سواء جاء مبكرا أو مواكبا أو متأخرا.
جاد الرب: بل أن هناك400.00جنديا بالأمن المركزى يؤلفون سرطانا بشريا ينشر المرض والوحشية فى كل مكان باشارة من أصبع الحزب المارونى المصرى … …. .. إننى بناء عليه متشائم أشد التشاؤم، وأبحث فى فزع حقيقى عن أى جزيرة فى العالم تقبلنى مواطنا، إلى درجة أنى كتبت أوبرا الإسكندر الأصغر، حالما بعرضها على أهل جزيرة “إيريان” فى جنوب اليونان بعد أن عرفت أن أهلها غجر من أصول مصرية.
الرخاوى: ومن سمعك، وكنا (الإنسان والتطور) سنتوقف يا جاد، أى والله، أليس هذا تشاؤما ألعن من تشاؤمك، ولكننا عدنا بعودتك هذه بعد هذه السنين.
جاد الرب: إنما أنتظر الخطوة الفاصلة بين عشر سنوات من التأمل وبين حياة جديدة أكثر توازنا وأقل فزعا.
الرخاوى: يا ترى كيف؟ وماذا حدث فى هذه الفترة؟
جاد الرب: أقترح عليك، وأرجو أن تكون واسع الصدر، أقنرح تطوير عنوان مجلة الإنسان والتطور إلى “الرمسيوم”.
الرخاوى: أهكذا الحل؟ ولكن لم يعد من حقى أن أرفض أو أسخر، لأنى أتصور أن ما عملناه فى الأعداد الأربعة السابقة، ثم هذا العدد (أنظر الغلاف) هو أننا غيرنا العنوان، وكأن تغيير العنوان سيغير الكون، ومع ذلك فاليأس مستحيل حتى لو كنا نحلم- مثل عزت قرنى (إنظر المقتطف)- فليس هناك اختيار.
جاد الرب: إن التقويم العربى الفلسطينى هو رأس الحربة فى صراعنا الفكرى والثقافى ضد الصهيونية التى نشرت اليوم فى الأهرام على الصفحة الأولى (إنهم يجربون صواريخ نووية).
الرخاوى: يعنى يا جاد: هم يجربون الصواريخ، ونحن نغير العناوين، ونغير التقويم؟؟ ولكنى أراك هكذا توطن نفسك على خيبة الأمل بلا توقف.
جاد الرب: “يجب على الإنسانية أن تجدد نفسها بمزاج عقلى جديد إذا كانت لا تريد لنفسها الدمار (ألبرت شفايتزر).
الرخاوى: السماح يا جاد ، وإلى اللقاء.