شعر
أنقب عن وطن
عبدالمقصود عبد الكريم
فى دمى
صرة تتدلى
وقلب تفتت فوق الموائد
ثم تبعثر فى جرة حملت زاد قومى
– القريش المعتق والماء-
قلب تجمع فى جسد الصحراوات كالبهلوان.
فى دمي
صرة تتدلي
أخزن فيها بقايا البلاد التى سقطت
وبقايا البشر.
برهة، كالمهرج، أضحك
ملء فضاءات زنزانتي
لرهة، كالمهرج، أغضب
ملء الفضاءات
لكننى دائما
وبقايا البلاد التى سقطت
وبقايا البشر
دائما، نتسامر فى ليلنا الأزلي.
تقيم النواقيس فى هامتى الباهتة
مأتما الذى مات – عرسا لأرملته
أترنح مثل الذى مات،
أحمل خارطة فى دماى
أحمل فى القلب ما يشبه الغيمة
وأدوخ.
صرة فى دمى
فى فؤادى الدواليب
رائحة تتسلل من جثتى
جثتى تتخزن بين القطارات
قلبى يقرفص فى زاوية
ويموت.
أخوض الدمار بشرخ عنيد
أجازف
بالجثة المائتة
وأجازف،
أضحك لامرأة لست أعشقها
وفتى لست أكرهه
أبصق القلب فى المرتين
وأفركه بالحذاء المهلهل مثل صبى فقير
وأمضى الى وطن يشبه الغيمة،
أنقب بين الخراب القديم
وبين الخراب الحضاري
لست أشم الخراب المقيت
ولست أشم الخراب الوسيم
ولكنني تستميل فؤداى البقايا،
بقايا الثياب، بقايا القديد،
بقايا البلاد -
أنقب عن وطن يشبه القلب
أو يشبه الصرة القاحلة.
فى دمي
وطن يتدلى – أنقب عن وطن،
تستميل فؤداى الحوائط
قابلة لانهيار وشيك
وتجذب رأسى البقايا
وأكتب لامرأة لست أعشقها
وفتى لست أكرهه
وأفتش بين الفضاءات عن وطن
لست أعرفه.
أتساءل مثل الفلاسفة الحكماء
ومثل النبيين:
هل وطن المرأة الرجل الوغد
هل وطن الرجل المرأة الخاطئة؟
أتسأءل: هل وطنى وطن
أم خيالى المحنط
مثل لى غربتى وطنا
يعتريه المزاج الحضارى حينا
وحينا يحن الى الكهنوت
ودوما يتوه.
فى دمى وطن يتدلي
وأحلم فى وطن. ثم أحلم
يفلت مني، أصيح:
فى دمى وطن يتدلي
وفى الحيل كينونتى تتدلي
وينقلب الملكوت
أرى الأرض تمسى على قرنها
وأرى شاعرا يتدلي
وكل الفضاءات تصغر، تصغر
تصبح قبرا بحجم الجسد.
القاهرة – مارس 1986