الافتتاحية
السنة الثامنة!!
وكأنه العدد الأول فى السنة الأولى!!!- ليكن. والحمد الله.
وكنا تأخرنا فى الصدور حتى ميعاد عدد تال، وكانت الدلائل أكثر اخافة وتخديراً، ووعدنا ألا يتكرر ذلك أبدا، فنحن ما زلنا نحاول، يعذرنا من يعرف ماذا تعنى المحاولة، ولكن هذا لا يعفى من التزامات علينا تجاه من لا يواكب دقائق وتفصيلات محاولاتنا، بل ينتظر نتاجا مواكبا لما هو فيه، محاورا لما هو هو، متطورا بنا جميعا، التزامات هى المخرج(بضم الميم) الحقيقى والأول لهذه الدورية الدؤوب، أذن فلا مجال للاعتذار الذى لا ينبغى له أن يقبل حتما، ، أنما المجال مفتوح للانتباه والمسئولية والتحرك والتعلم، … التطور(!!) ومن شاء فيتحملنا وهو يصحبنا، ومن شاء فليحاسبنا وله العتبى حتى يرضي، ولكل بحسب ما هو له.
الا أن اعتذارا واجبا لابد من ذكره هنا أيضا، عما يتعلق بعدم دقة الصدور، فالى جانب زيادة عدد الأخطاء المطبعية، وبعض عيوب الاخراج خاصة عند التنفيذ، فقد غمطنا الفنان المتميز عصام اللباد (من أسرة التحرير) حقه مرتين، الأولى عندما ظلمه التنفيذ (الأكلشيهات) فشوه خطوطه الجميلة فى أصولها، والثانية عندما أغفل منفذ العدد المسئول الاشارة الى مبادأته البارعة فى اخراج الغلاف وتنفيذه، ولذلك فقد وجبت الاشارة، وأن جاءت متأخرة.
ولا يفوتنا فى هذا المجال أيضا، أن نشكر ونشيد بفضل الفنان الطيب عصمت دواستاشي، الذى كان له فضل الريادة والمثابرة فى مسألة شكل الاخراج، وبمسئولية كاملة، نعتقد تماما أننا نستمر بدفعها حتى الآن، ونحن نشكر له هنا والآن، سماحته ورعايته لمن يحاول منا أن يسهم فيما بدأه دواستاشي، أن بتغيير، ولكن بعرفان وتتلمذ.
****
ويصدر هذا العدد، ونحن نتبين أكثر فأكثر معالم القدرة على المواصلة، مقومات الاستمرار، وتفرح بالصعوبات الشريفة ، صعوبات الحوار واتخاذ القرارات وتعارض الارادات، ونرى كل هذا صدق التجوبة وصعوبة القرار وأمانته فنصدر حتى لو…، الا أن الانسان والتطور– بكل هذا- تفرض علينا نموها، حين تستمر أبواب وتترسخ، فما زلنا نتمتع بالحوار، ، مقتطف وموقف، مثل وموال، هذا الباب الذى نلاحظ اطراد تبلور الموقف فى هذا الباب وعن طريقه، رغم أن هذا الباب خاصة قد يحتاج فى رأينا الى مقدمة من صاحبة توضح الأرضية التى يتكلم وهو فوقها، فيسمع من عليها المثل، ويتباين فى ذلك مع غيره من المجتهدين الأمناء أيضا، ورغم أن هذا قد يتضح ضمنا، الا أن المحاذير التى تحيط به ما زالت نشطة، وربما تصبح مآخذ عليه اذا لم تتضح طريقته وحدوده بالدرجة الكافية.
ويعود مقتطف وموقف ليثير فينا قضايا أساسية عن الفكر، كفكرة وكممارسة، بشكل غير غارق فى تفاصيل المعلومات الجزئية، ولكنه محاور للموقف الرئيس والكل من المعرفة، مما أفتقدناه كثيرا كما ينبه صاحب الموقف.
كما أن باب الحوار مازال أحد الأبواب المتميزة لهذه المجلة، فتفرح به، فى نفس الوقت الذى نبحث فيه عن مكافئة على مستوى الأحاديث اليومية، فننزعج، ونحاول أن نبعد فكرة أن الموت قريب……
وفى نفس الوقت الذى استمرت فيه أبواب المجلة شبه الثابتة، وبعد أن فرغ صاحبه (أو فرغ نفسه) من كتاب الناس والطريق، يعود رئيس التحرير طبيبا نفسيا ليكمل ملف حالات وأحوال الذى ظل معلقا فترة ليست بالقصيرة، دونما مبرر مقبول على المستوى الجماعى حتما، فنشكر له ذاكرته، ونأمل فى المزيد من الملفات المكتملة، والوفاء بالوعود المؤجلة.
وفى نفس الوقت، نكسب ثقة أكبر فى توفر اللغة العلمية على صفحات المجلة، نقصد فى الالنزام بحجم نسبى مناسب ومتناسب مع اللافتات الطبنفسية، ونرى لهذا الدور أكثر من جانب أيجابي، فيكلمنا د. رفعت محفوظ، الكاتب العزيز، عن تربية المعالج النفسى من خلال خبرته الشخصية، ويواصل د. سيد حفظى حديثه عن الأحلام بما اعتدناه منه من دسامة المحتوي، فنواصل الاستماع – القراءة-، متسائلين دائما عن دور هذا عند من هو ليس كهذا، واثقين من أن اختلاف زوايا الرؤية، لابد وأن يصب فى النهاية فيما هو أكبر من كل موقف فردي، فقط… نتحاور، ولا من كنهوت..(!!؟).
وتأتينا فى النهاية تلك الكتابات الأدبية. ذات الجمال الخاص، والوظيفة الرائعة اذ تحافظ على تواصلنا(أسرة التحرير) بشكل أقرب الى ما نتمنى، ولنا فى هذا ما هو شعر بمختلف حضوره ولغاته ومستوياته التى نأمل أن تتكامل باختلافها، فنقدم قصائد لجمال القصائد وعباس الصهبي، وعبد المقصوة عبد الكريم، وما هو قصة، للسيد نجم، وصفية فرجاني، يسرى عبد الغني، وعبد المنعم الباز، والصديق أحمد زغلول الشيطي، وبشكل آخر، أو طريقة أخري، مما هو كتابة أيضا، وأدب كذلك، يأتينا ما هو كتابة، فنسميه كذلك كتابة، فيفرح به – الاسم – ويأتنس عبد الكريم حيدر، ويرسل لنا كتابته – آهاته – لنآتنس به بدورنا وبأنفسنا، كما نقرأ كذلك أحدى كتابات هالة نمر التى لم تستبن ملامحها بعد، فتنفرط حيرة كما تقول أهلا، ولكن…!
ونحن ننام – وسط كل هذا- على عار حرب الخليج، ونصحو على نزيف وسفاهة حرب المخيمات، وندرك جميعا – بلا أدنى تعلم أو تحرك – أن المخطط المحكم لاجهاض كل شئ قد نجح فى اشلالنا تماما، اللهم الا من أصداء صيحات التعصب الدين، والخلط السياسي، ولا نجرؤ – مع كل هذا – أن نيأس، حتى لو وقعت البصرة (لا قدر الله) أو تقسمت لبنان، اذ من يدري، ولعلنا نحتاج لكل هذا، أو نستاهل كل هذا لنقوم من جديد، وحتى لو لم نقم، فربما كان هذا اختيارنا بدلا من وهم التقدم فى المحلك سر.
ومن باب المحلك سر يجتمع جدا جدا: مؤتمرون(لا متآمرون) فى مؤتمر اسلامى جدا جدا، ليصدروا قرارات كثيرة جدا جدا، بعد خطب طويلة جدا فقط، ولا عزاء فى الشهداء، وتوجه التبرعات لجمعيات دفن الموتى الخيرية، وكل مؤتمر ونحن: جدا جدا. (ولا حول ولا قوة الا بالحق العليم).
****
لكن مجلة علم النفس تصدر عن هيئة الكتاب، فنفرح بها فرحا مناسبا، ونقول: اللهم اجعله خيرا، فنحن أحوج ما نكون الى كلمة العلم فى هذا المجال خاصة، فى هذا الزمن خاصة، الا أن العدد الأول قد لوح لنا بعدة مستويات تترواح ما بين الأكاديمية القح، والتطبيقية المناسبة، والانشائية العامة، فلم نستطع أن نتبين ملامحها، وأن كانت قد وعدت بكل شئ، وهذه – عادة – هى صفة العدد الأول، وأن كنا قد افتقدنا فى مقدمة هذا العدد نبذة تاريخية – ولو عدة سطور – لمحاولات سابقة تحت نفس الاسم فى تاريخنا المعاصر القريب، ونرجح أن ذلك من باب السهو لا الانكار – ولنا بعد ذلك حوار حول موادها، نأمل أن يثرى كلينا، لكن الشكر والترحيب والتحية هو ما نستطيعه حالا فى هذه اللمحة العاجلة.
أسرة التحرير