نشرت فى الدستور
29-9-2010
تعتعة الدستور
“ونعلم أن الرب ليس محايداً”، تصفيق!! (1 من 2)
لو أنك سمعت أو قرأت هذا القول فمن يخطر ببالك أنه قائله؟ هذه عبارة ربما تصدر عن بن لادن أو الظواهرى أو حتى يصيح بها أحد دعاة التليفزيون التدينى الخصوصى وهو يحتكر جنة الله ورحمته لنفسه وفرقته وربما أيضا تسمعها من الأب بيشوى الذى عين نفسه وكيلا لتصحيح نصوص الكتب المقدسة، أو من القس تيرى جونز، لم يقل أى من هؤلاء هذا التصريح إنما الذى قاله هو السيد جورج دبليو بوش، قال:
“… هذه البلاد هى التى ستميز عصرنا بعلاماتها، وليس العكس، طالما بقيت الولايات المتحدة الأمريكية حازمة وقوية، لن يصبح عصرنا عصرا للإرهاب،..”
ليختم تصريحه هذا بقوله: “.. ونعلم أن الرب ليس محايدا (تصفيق)
كان ذلك بعد تسعة أيام من أحداث 11 سبتمبر فى جلسة الكونجرس الأمريكى 20/9/2001 وللأمانه: هو كان يقصد أن الله مع الحرية والعدالة ضد الرهبة والقسوة، ولكنه عـيّن نفسه هو وكل القتلة (الكانيباليين) أكلة لحوم البشر وكلاء عن الرب ينفذون أحكامه “دون حياد” فى كل من “ليس معهَمَ” من المارقين الكفرة والعبيد بدءًا بأفغانستان فالعراق.
عشرات الكتب صدرت منذ هذا الحدث الجسيم الشاذ فى محاولة تفسيره، صدرت فى عقر دار الغرب، كتبها الشرفاء الموضوعيون، لكنه ممنوع علينا نحن المستضعفين أن نفكر مثلهم ونرفض اتهاماتهم سابقة التجهيز، وإلا نتهم بالتفكير التآمرى وأوهام الاضطهاد …إلخ.
المنطق الفلاحى البسيط
دع جانبا هذه الكتب العظيمة، وأنس مؤقتا جهلنا وغباءنا وتفكيرنا التآمرى، ودعنا نرى كيف يفسر فلاح مصرى ساذج (أنا) مثل هذا الحدث.
كنت فى العيادة يومها، وبمجرد أن أبلغتنى إحدى الصديقات من زائراتى النبأ، لم أفزع ، بل ربما قلت ساعتها سرا: ؟؟”أحسن”، لكن ما أعلنته للصديقة بعقل الفلاح المصرى أنه: “لا”، “ليست القاعدة” قالت: “كيف”؟ قلت: لا ينفع (ما ينفعشى) وربما كانت الطائرات مازالت تحوم حول البنتاجون ثم أردفتُ: يستحيل أن يكون هذا العمل من فعل هؤلاء البدائيين الأغبياء (أعنى “ذوى الذكاء الغبى” رجال بن لادن)، قالت الصديقة: لكن كل الأخبار والتصريحات تقول إنها “القاعدة”؟ قلت: ولو!! إسمعى يا ابنتى: فى بلدنا يقولون “تعرف الكدبه من إيه؟ قال لك من كبرها” إن هذا الذى تحكين لا يستطيعه لا “بن لادن” ولا الذين أنجبوه (ولا اللى خلفوه) ولا حتى بعد قرنين من الزمان من العلم والتعلم والتدريب والإبداع، قالت: إذن من؟ قلت لها لا أدرى، لكنه ليس هو، ولا جماعته، إنهم أخيب من ذلك ثم أضفت: يا ابنتى: فى بلدنا، حين يقول أحدهم إن الواد محمد “المفشلْك” قد سرق خزانة عم وليم الصراف بطفاشة من صنعه، وأخذ كل العهده، يكون الرد الفورى من أى فلاح – مثلى – أنه: “إهيييييه!! هوّا يخرج من يدّه؟!!” لأنه يعلم قدرات “الواد محمد المفشلك وأن غاية ما يمكنه هو سرقة فرخة من على سطوح جارتهم، أو قتل معزة انتقاما من إهانة حدثت أو لم تحدث.
المصيبة أن بن لادن استحلاها، وكان أغبى، أو أكثر تواطؤا، من كل أهل بلدنا، وربما قال لنفسه “بركة، هى جاءت منهم” أصبحنا عباقرة التكنولوجيا بدون جهد أو مصاريف، وهات يا اعتراف وفخر بما لم يفعل، وما لا يقدر عليه.
روح يا زمان تعالى يا زمان وتصدر الكتب تلو الكتب تفسر ما حدث، كتب تعلمت منها “النقد العلمى الموضوعى” وكان أهمها كتاب الألمانى “المؤامرة” تأليف ماتياس بروكرز (منشورات الجمل بغداد 2005) استعرض الكتاب تاريخ التطور الحيوى ليثبت أن البقاء – منذ الفيروس – للأذكى تآمراً، وأن برامج الصراع التآمرى هى أصل الحياة، وهى الجديرة بالحفاظ على البقاء وأنه: “لن نتمكن من فهم عالمنا المعقد المؤامراتى دون نظرية مؤامرة معقولة” (ص5).
روح يا زمان تعالى يا زمان (مرة أخرى) قرأت اليوم (25/9/2010) عن مقال المراسل الأمين “روبرت فيسك” الذى كتبه فى الإندبندنت البريطانية ونشر موجزه فى صحفية “نهضة مصر” وإذا بى أمام نفس التفكير الموضوعى دون الخوف من أن يتهم بالسطحية والاستهبال، ذلك الاتهام الذى وصلنى باكرا من الدكتور عبد المنعم سعيد فى نهضة مصر أيضا منذ سنتين (3/8/2008) وهو يصف أى مثقف يختلف مع تسيلمه للتفسير الأمريكى الجاهز للحدث بأنه يستسلم للتفكير التآمرى الذى هو بدائى وغيبى ولا عقلانى (أنظر بعد)
انتهت منى التعتعة، ولنا عودة مع هذا الكتاب وغيره، بمناسبة خطاب أحمدى نجاد فى الأمم المتحدة، و تعقيب أوباما وأشياء أخرى، داعيا الله ألا يتوب علىّ من التفكير التآمرى حتى أساهم فى الحفاظ على الجنس البشرى، ولا مؤاخذة.