جريدة التحرير
31-3-2012
تعتعة التحرير
هيّا نحولُ دون ذلك !! (1 من 2)
منذ قام الشباب قومتهم فى 25 يناير، وأعلنوا بداية عهد جديد فعلا، ثم انضمت جموع الشعب إليهم، فرحين بهم، داعين لهم، مشاركين فى الرفض والحسم والإصرار، مخاطرين متألمين مستشهدين مقاومين، منذ هذه الإفاقة الواعدة، ونحن نحلم بثورة قادرة، ودولة مستقلة، وحضارة واعدة، لصالحنا وصالح البشر.
ومنذ ذلك الحين أيضا تصاعدت همسات تحذّر من أيد خفية كانت وراء ما جرى، تعمل لصالحها هى وليس لصالح من قام بما جرى، ولم يكن هناك داع وطنى أو أخلاقى أو تطورى للتوقف عن استكمال ما لاح لنا، ناهيك عن التراجع عنه بحثا عن تلك الأيدى الخفية، وإنما حرص اليقظون والمتوجسون منا أن ينبهوا الناس، والشباب خاصة، ألا يعتبروا كل هذا الهمس تفكيرا تآمريا صرفا، وأنه حتى لو كان هناك من يمكن أن يستفيد من التفكيك دون التشكيل، مِن الفوضى دون الإبداع، فإن واجبنا هو العمل طول الوقت على أن نفسد عليه كل ذلك، بأن نمسك نحن الدفة، ونحوّل كل ذلك إلى ثورة حقيقية ممتدة، تبدأ بانتفاضة، فتشكيل دولة، فإحياء قدرات، فاستقلال على كل المحاور بدءا بالاستقلال الاقتصادى، فالتسليحى، فالفكرى، فالثقافى، فالإبداعى، فالحضارى، وهكذا ننتقل من السؤال عن: “من وراء هذا التحريك؟” إلى العمل على فرض واقع جديد نستطيع من خلاله أن نتمكن من قطف الثمار لصالحنا الآن وغدا وأبدا؟
وقد حدث بعض ذلك فعلا، ولم يعترض أغلب من أنكر هذه الأيدى الخفية.
رحت أبحث فى الأوراق القديمة والحديثة، دون التوقف عن الحث للإسراع بإمساك الدفة، رحت أبحث فى التخطيطات الخبيثة، والتاريخ الملوث، من أول بروتوكولات حكماء صهيون، بغض النظر عن كاتبها، حتى ترحيل المتهمين الأمريكيين بالتجسس والتحريض واختراق القانون على بساط الريح العسكرى، وعاودتنى ذكرياتى منذ كارثة 1948 منذ أوقفنا عزوز افندى فى حصة العربى فى سنة رابعة ثانوى يوم 15 مايو سنة 1948، يطلب منا أن نقرأ الفاتحة لنصرة الجيوش العربية، منذ ذلك التاريخ وحتى أول أمس حين وصلتنى تلك الوثيقة القديمة على بريدى، مرورا باتفاقات الملك عبد الله الكبير، العلنية والسرية، وتقسيم فلسطين الثانى بينه وبين إسرائيل، رحت أبحث فى حقيقة الشائعات التى تصلنى دون أن تستدرجنى إلى حرمان شبابنا وناسنا من فضل المبادأة، وكلما بلغنى استشهاد شهيد حضرنى استشهاد البطل أحمد عبد العزيز، والنبيل عبد المنعم رياض، وكل الشهداء خلال ثلاثة أرباع القرن، وتواصل بحثى حتى جاءتنى هذه الوثيقة على بريدى الإلكترونى التى أقتطف منها ما يلى:
أولا: نظرة عامة على العالم العربى والإسلامى:
1ـ ان العالم العربى الاسلامى هو بمثابة برج من الورق أقامه الأجانب (فرنسا وبريطانيا فى العشرينيات).
2 ـ لقد قسم هذا العالم الى 19 دولة كلها تتكون من خليط من الأقليات والطوائف المختلفة، والتى تعادى كل منهما الأخرى وعليه فان كل دولة عربية اسلامية معرضة اليوم لخطر التفتت العرقى والاجتماعى فى الداخل ….
3 ـ فاذا مااضفنا الى ذلك الوضع الاقتصادى يتبين لنا كيف أن المنطقة كلها، فى الواقع، بناء مصطنع كبرج الورق، لايمكنه التصدى للمشكلات الخطيرة التى تواجهه.
4 ـ فى هذا العالم الضخم والمشتت، توجد جماعات قليلة من واسعى الثراء وجماهير غفيرة من الفقراء،……
5 ـ ان هذه الصورة قائمة وعاصفة جدا للوضع من حول اسرائيل، وتشكل بالنسبة لاسرائيل تحديات ومشكلات واخطار، ولكنها تشكل أيضا فرصا عظيمة
ثانيا – مصر:
1- فى مصر توجد أغلبية سنية مسلمة مقابل أقلية كبيرة من المسيحيين… حوالى 8 مليون نسمة. وكان السادات قد اعرب فى خطابه فى مايو من عام 1980عن خشيته من أن تطالب هذه الأقلية بقيام دولتها الخاصة
2- والملايين من السكان على حافة الجوع نصفهم يعانون من البطالة وقلة السكن فى ظروف تعد أعلى نسبة تكدس سكانى فى العالم.
3- وبخلاف الجيش فليس هناك أى قطاع يتمتع بقدر من الانضباط والفعالية.
4 ـ والدولة فى حالة دائمة من الافلاس بدون المساعدات الخارجية الامريكية.
5ـ ….ان المصريين لن يلتزموا باتفاقية السلام بعد اعادة سيناء، وسوف يفعلون كل مافى وسعهم لكى يعودوا الى احضان العالم العربى، وسوف نضطر الى العمل لاعادة الاوضاع فى سيناء الى ماكانت عليه ….
6 ـ ان مصر لاتشكل خطرا عسكريا استراتيجيا على المدى البعيد بسبب تفككها الداخلى، ومن الممكن اعادتها الى الوضع الذى كانت عليه بعد حرب يونية 1967 بطرق عديدة.
7 ـ ان اسطورة مصر القوية والزعيمة للدول العربية قد تبددت فى عام 1956 وتأكد زوالها فى عام 1967
8 ـ ان مصر بطبيعتها وبتركيبتها السياسية الداخلية الحالية هى بمثابة جثة هامدة فعلا بعد سقوطها، وذلك بسبب التفرقة بين المسلمين والمسيحيين والتى سوف تزداد حدتها فى المستقبل. ان تفتيت مصر الى اقاليم جغرافية منفصلة هو هدف اسرائيل السياسى فى الثمانينات على جبهتها الغربية.
9 ـ ان مصر المفككة والمقسمة الى عناصر سيادية متعددة، على عكس ماهى عليه الآن، سوف لاتشكل أى تهديد لاسرائيل بل ستكون ضمانا للزمن والسلام لفترة طويلة.
10 ـ ان دول مثل ليبيا والسودان والدول الأبعد منها سوف لايكون لها وجود بصورتها الحالية، بل ستنضم الى حالة التفكك والسقوط التى ستتعرض لها مصر. فاذا ماتفككت مصر فستتفكك سائر الدول الاخرى، ……
(انتهت المقتطفات)
هذه الوثيقة كتبت منذ ثلاثين عاما بالتمام والكمال سنة (1982)، لم تكتبها كونداليزا رايس، ولا الشقراء كلينتون، ولا المنافق أوباما، وإنما كتبها من يهمه الأمر، أمره هو طبعا وليس أمرنا، والأمر الذى يهمه هو أن يخرب اقتصادنا، وتتفكك وحدتنا، ويتوقف إبداعنا، مع تزايد صياحنا، وتتأكد تبعيتنا لقائد سفينة العالم المعولم الأوحد، ومعاونيه التحتيين، ليس فقط فى مصر، وإنما فى العالم العربى، ثم الآن فى العالم كله،
وإلى الأسبوع القادم.