نشرة “الإنسان والتطور”
الثلاثاء: 29-9-2020
السنة الرابعة عشر
العدد: 4777
نقلة مع مولانا النفرى:
من: كتاب المخاطبات
مقتطف من: (المخاطبة رقم 2):
يا عبد لى جلساء أشهدتهم حضرتى وأتولاهم بنفسى وأقبل عليهم بوجهى
وأقف بينهم وبين كل شيء غيرة عليهم من كل شيء، ذلك لأردّهم إلىّ عن كل شيء
وذلك ليفقهوا عنى ولتوقن بى قلوبهم، إنى أنا أخاطبهم، أولئك أولياء معرفتى
بها ينطقون وعليها يصمتون فهى كهف علومهم وعلومهم كهوف أنفسهم.
فقلت لمولانا:
له الأمر – يا مولانا – من قبل ومن بعد،
لكن لا أخفى عليك يا مولانا ضعفى البشرى،
فكل ما جاء فى هذه المخاطبة فضلٌ خالص منه: فهو الذى أشهدهم، وهو الذى يتولاهم بنفسه، ويقبل عليهم بوجهه، ويقف بينهم وبين كل شىء، بل ويغار عليهم من كل شىء،
أي مرتبة يا مولانا تلك التي جعلت هؤلاء الجلساء أهلا لكل هذا الفضل والنعم والبصيرة، وكيف وصلوا إليها فيسلمون أنفسهم ليردّهم إليه عن كل شىء ليفقهوا عنه ولتوقن به قلوبهم أنه يخاطبهم.
ليكن، فـَهـُمْ أولياءُ معرفته، بها ينطقون وعليها يصمتون، ومهما احترتُ في كيفية الوصول إلى هذه المرتبة لا أملك إلا الدعاء أن يغمرنى ببعض فضله هذا أو يهدينى إلى الطريق إليه، فقط: كيف “لأولياء معرفته” بها ينطقون، وعليها يصمتون.
ثم أن تكون هذه المعرفة في كهف علومهم، وتكون علومهم فى كهف أنفسهم، فهذا أصعب وأصعب، إلا أننى واثق أنه “لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا”.
وليس أمامى إلا الكدح والدعاء!