اليوم السابع
الخميس 10-4-2014
نحن لصوص ولسنا خونة
خطر لى اعتذار صعب ظريف مهذب، يمكن أن يكون لسان حال رجال الأعمال الشرفاء الذين حافظوا على اقتصادنا الوطنى فى عهد مبارك، لكنهم أساؤوا إرساء العدل فى توزيع ناتج نجاحهم، الاعتذار استعرته من مجلتى المفضلة “ميكى”، حين قالت عصابة القناع لعبقرينو وهم يسرقون جهاز الاستنساخ الجديد الذى اخترعه، وهو ينبههم أن “يحاسبوا عليه، لأنهم لا يسرقون سوبر ماركت” فقالوا له وهم يقيدونه برفق “لا نريدك أن تأخذ الأمور بشكل شخصى، فنحن لصوص ولسنا مجرمين “!(ميكى العدد 524 بتاريخ 13-2-2014).
سألت نفسى، يا ترى ما هو الفرق بين أن تكون لصا، وأن تكون مجرما، وتذكرت أرسين لوبين، وعلى الزيبق المصرى، وغيرهم، وبرغم أن عصابة القناع لا تسرق من الأغنياء لصالح الفقراء، فإن التعبير شدّنى، حتى قلت: ألا يمكن أن يكون اعتراف رجال الأعمال الشرفاء بخطئهم فى نسيان قيمة العدل فى استمرار نجاحهم، مع تمام وطنيتهم، بنفس هذه الطريقة فيقول لسان حالهم مثل عصابة القناع “..نحن لصوص ولسنا خونة”.
تبينت حقيقة المعركة بين الرأسمالية القومية، والرأسمالية المعولمة، التى لم تعد تستحق حتى صفة الرأسمالية، فهى المالية المفترسة المحتكرة، يجرى هذا على مستوى العالم، وليس فقط فى تفاصيل ما يراد بنا قبل وبعد الربيع العربى، المعركة دائرة بين أوروبا وبين أمريكا الرسمية والمالية، بل هى دائرة فى امريكا نفسها حيث تحاول الرأسمالية القومية الأمريكية أن تقف فى وجه هذه الإغارة الاحتكارية العولمية المتعملقة بشكل أو بآخر.
الذى حدث أيام مبارك، أنه قد نجح بعض رجال الأعمال الناجحين الشرفاء (الأغبياء اجتماعيا وسياسيا) فى الدخول فى هذه المعركة حتى بدون قصد، وربما بدون وعى، لكن ثمة رأسمالية نمت، وصدّرت، ونجحت، ثم توقفت عند هذا الحد وافتقرت إلى بُعد النظر الذى يحافظ على نجاحها وهو العدل الحقيقى، وأن يحوز العامل الوطنى المشارك فى نجاحها على نصيبه من هذا النجاح بإرساء العدل التام أو حتى العدل الممكن، فكان ما كان، وزاد الغضب، وتراكم حتى اشتعل، وانهار البناء، وما أن حدث ذلك حتى أفاق هؤلاء الرأسماليون من غفلتهم، أو انتبهوا إلى سوء حساباتهم، لكن كان الوقت قد فات، وصنفوا بعجلة انتقامية، وتعميم حاقد، على أنهم فاسدون ولصوص وراشون ومرتشون، لكن والحمد لله لم يصنفوا “خونة”، لأنهم، برغم سوء التوزيع، لم يخونوا وطنهم، لم يخونوا الرأسمالية الوطنية أو القومية، كما لم يتآمروا لصالح الرأسمالية العولمية على حساب استقلال بلادهم الاقتصادى،
لكن الشجب امتد إلى كل شىء وكل أحد، وأصبحوا جميعا فاسدين يستحقون هم وأعمالهم الرجم والشجب والتحطيم،
وعاد بعضهم نادما أو متعلما أو متراجعا، وربما اكتشف خطأه، وأبدى استعداده لرد بعض ما حاز بعيدا عن العدل، وربما وعى الدرس وخطط لإرساء عدل أطول نفسا، وأشمل نفعا، قـُبِل هذا من بعضهم دون ضمان حقيقة استيعابهم التجربة، وظل بعض الباقين ينتظرون فى صفوف الاستتابة لمواصلة خدمة وطنهم بقوانين أكثر عدلا، دون أن يفرطوا فى حق وطنهم فى الاستقلال الاقتصادى.
المهم أن تكملة قصة عصابة القناع مع جهاز عبقرينوا للاستنساخ تليق بتوبة نصوح لمن أخطأ فى حساباته من رجال الأعمال هؤلاء الذين تركز الهجوم على تحطيمهم لا على توعيتهم، ذلك أن أحد رجال العصابة ضغط على زر الجهاز فإذا به يستنسخ عصابة قناع تشبههم تماما، لكنها تمثل داخلهم الطيب الشريف، وأخذت العصابة الأصل اللصوص (غير المجرمين)، يتصارعون مع النسخة المستنسخة الطيبة، التى استطاعت أن تقرأ افكارهم أولا بأول (فهم نسخة طبق الأصل) وتبلغ عنهم قبل الجريمة فتفسد السرقات أولا بأول، وهكذا.
تمنيت أن نستنسخ رجال الأعمال الناجحين الوطنين، فيخرج منهم هم هم داخلهم العادل الطيب، ويواصلون نجاحهم، وهم يفسدون أفكار وخطط الأجانب المغيرين المجرمين وليس فقط اللصوص.
بصراحة: وددت لو أنشر صور عبقرينوا الجميل العبقرى الطيب، وصور العصابة الأصل والمستنسخة، فهى أجمل تعبيرا، المستنسخين لكن التحرير لا يسمح، وعلى من يريد أن يطلع على الأصل أن يرجع إلى العدد فقد ذكرت رقمه، وهو لم يمض على صدوره غير شهر واحد. مرة أخرى “!(ميكى العدد 524 بتاريخ 13-2-2014).