الوفد
30-11-2011
نجيب محفوظ: صدقى غَلَّى الكبريت، يحيا النحاس باشا !!
(أعتذر للقارئ لتأجيل “قراءة فى كراسات تدريب الاستاذ بمناسبه عامه المائه”، لكننا ما زلنا مع شيخنا نجيب محفوظ نتعلم منه، فأقتطف من كتابى “فى شرف صحبة نجيب محفوظ” بعض ما سجلته بما يناسب ما نحن فيه، كالتالى:
فى يوم الخميس 14 أكتوبر 2010 كتبت ما سجلته فى كتابى هذا كما يلى:
“…..وعاد الحديث مرة أخرى إلى حادث 4 فبراير، وردا على سؤال شغلنى طول هذه السنين وكيف قبل النحاس أن يضغط الانجليز على الملك ليتولى الوزارة، وكأنهم يفرضونه على البلاد، فأفهمنى شيخى محفوظ أن النحاس باشا أدرك أن الإنجليز كانوا يعملون لصالحهم، وأنه بوطنيته، قَبِلَ بوعى كامل هذه التضحية وهو يعلم حدود ونوايا المحتل، وبالتالى أنقذ الشرعية، وأنقذ البلد، وتأكدت من جديد أنه أحب ويحب النحاس مثلما أحب سعد زغلول، وإن اختلف نوع الحب، ….وفهمت أنه ربما كان الملك يؤازر فكرة التبديل، أى احتلال مكان احتلال، وأنه كان يميل إلى أن ينتصر الألمان، … قلت للأستاذ اننى فى هذه الفترة كنت أسمع نداءات وأغان كأنها معمولة قصدا لتوازن هذه القوى، فعندنا فى بلدنا كان الناس يرددون” يا هتلر يا بن المرة خليت الجاز بالكسكارة “(التذكرة)”، يا هتلر يا بن المجنون خليت الجاز بالكابون”، وكأن هتلر هو الذى ولع فى الأسعاروليس الحرب.
“….. ويؤكد الأستاذ كيف أن وعى الناس يعرف من يشعر بنبضه وحاجته، ومن هو بعيد عن مطالبه، ويحكى لنا عن أغنية ظهرت أيام صدقى باشا تتهمه بمسئوليته عن الغلاء الذى جعل للكبريت ثمنا غير علبة السجائر بعد أن كانت تعطى مجانا- على البيعة- فوق كل علبة سجائرة، تقول الأغنية: (يدندنها الأستاذ).
قالتْ تعالى بـِيتْ، ……………..
صدقى غلـَّى الـكبريتْ، يحيا النحاس باشا
….. وكأن النحاس باشا هو المنقذ القادر أن يرحم الناس من الغلاء الذى سبّبه صدقى باشا.
وفى يوم الخميس 25 -11-2010 كتبت:
” …. على ذكر النقراشى باشا أقول للاستاذ – ربما أعيد عليه – لقد فهمت حبك لسعد، لكننى لم أستوعب حبك للنحاس باشا، علما بأننى شخصيا – ولم أكن وفديا أبدا- كنت أحبه لطيبته وقدرته ونظافته ….” وأستدركت بسرعة أننى لا أطلب تفسيراً بمعنى التفسير، فالحب لا يحتاج إلى تفسير، لكننى أحب أن أتعرف على النحاس باشا أكثر من خلال هذه العاطفة النقية…” ثم أضفت قائلا “… هذا الحب للزعيم الثانى شغلني، برغم أنك حدثتنا عنه مرارا، فيقول الاستاذ: ”… عندك حق، أنا اعترف أننى أحببت النحاس حبا جما، كان عندى يمثل امتدادا لسعد، كما يمثل الطيبة المصرية القوية السلسة، وأذكر أننى حين كنت أجلس فى قهوة “لابيه” ،….، وكان ذلك اثناء انتقال الوزارة إلى الاسكندرية، وكان النحاس باشا يمر عليها فى ساعة معينة بعد الظهر، كنت أنتظر مروره بشوق عارم وهو يتمشى فى تلك الساعة بالثانية، وحين يمر أشعر بفرحة طاغية ، ويقفز قلبى فى صدرى لأنى لمحته، ….”
وفى يوم الخميس 7 – 10 – 2010 كتبت:
“….ثم تواصل الحديث عن سعد زغلول، وهل له أخطاء جسيمة أم لا، وأردت أن أعفى الأستاذ من الاضطرار للحديث عن أخطاء هذا الزعيم الذى يحبه حبا شديدا، فإذا به يكشف محاولاتى ويرفضها ويحكى عن بعض أخطاء سعد السياسية من وجهة نظره، مثل إصراره أن يرأس الوفد دون عدلى يكن الذى كان رئيسا للوزارة، وكان من البديهى أن يرأس الوفد رئيس الوزارة
الخميس:25-11-2010 كتبت:
“…… وأعرج بالحديث إلى النقراشى وأحمد ماهر، فيذكرهم الاستاذ بنفس العاطفة والولاء، ويقول إنك لاتعلم إنه حين خرج النقراشى وأحمد ماهر وهيكل من الوفـد خرجنا معهم لخلاف مبدئى، معظم ثلتنا خرجت وأصبحنا مع النقراشى وأحمد ماهر، لكن النقراشى أخطأ خطأ العمر لأنه قبل أن يزوّر الانتخابات، أو وافق على ذلك وهو وزير داخلية، هنا سقط فى أعيننا، فلا يوجد شيء فى الدنيا يبرر التزوير، فرجعت إلى الوفد، لكن كثيرين ممن خرجوا معى وجدوا تبريرا لهذا التزوير الذى قام به النقراشى، ولم يرجعوا.
الخميس: 7-1-2010 كتبت:
“…… سألته أن يفصّل لى بعض ما ذكر يوم الجمعة السابق من حديثه عن الشيخ الخضرى وحواره مع سعد باشا فأعاد كيف أن سعد باشا سأل الشيخ الخضري عن مصادره في كتابة بعض ما كان يناقشه فيه من إسلاميات (في التاريخ على ما أذكر) فأجاب الشيخ الخضري إجابة جعلت سعد باشا يتقصي أكثر، ثم يعقب للشيخ الخضرى: ”إن ما رجعت إليه من مراجع هو نفسه يحتاج إلي مراجعة”، وعقب الأستاذ أنه: من هنا كانوا يزرعون فينا الحرية الفكرية حقيقة وفعلا’
الخميس: 5-8 – 2010:
…. وعن دفاعه عن اختيار الجماهير مهما أخطأوا ما داموا أغلبية أو إجماع كتبت عنه قوله: “هؤلاء الناس، عامة الناس، هم الذين أنجزوا واختاروا عرابى وهم الذين اختاروا سعد زغلول، وجمال عبد الناصر، فلماذا نأتى الآن ونشكك فى قدرتهم على الاختيار، ثم حتى لو أساؤوا الاختيار، فدعونا نعيش الواقع كما هو، فإما نحن قادرون على دفع الثمن حتى نغيره، وإما أننا لا نستأهل إلا ما يحدث لنا نتيجة سوء اختيارنا”
الخميس: 26-8-2010 كتبت:
“.. انتقل توفيق صالح للتعقيب على ما نشره الأستاذ عن جمال عبد الناصر متحاورا مع سلماوى فى أهرام اليوم (وجهة نظر الخميس 23/2/2010) قال إن هذه أول مرة يقارن فيها الأستاذ بين عبد الناصر وسعد زغلول، فنبهته إلى أنه لم يقارن بينهما بقدر ما قارن بين علاقة جيله أصلا (جيل الأستاذ)، بسعد زغلول، وعلاقة جيل الثورة بعبد الناصر، فأشار الاستاذ أنه لم ينكر إيجابيات عبد الناصر فى يوم من الأيام، فتذكر توفيق صالح ثورة لويس عوض حتى السٍّباب المقذع حين هاج على صلاح جاهين فى إحدى أمسيات الحرافيش وهو متحمس لعبد الناصر أشد الحماس دون تحفظ، وحين هم توفيق بالدفاع عن صلاح هاج لويس عوض عليه بدوره لأنه كان قد أفرط …. وذكروا جميعا أن موقفه هذا قد ظهر أكثر بعد خبرة اعتقاله أيام عبد الناصر.
الخميس:7 – 10 – 2010 كتبت:
“.. رجعنا إلى حديث الإشاعات ومصداقية التاريخ وقال لنا الأستاذ كيف أن السلطة والإنجليز كانوا قد منعوا اسم سعد زغلول من التداول، حتى كان ساعى البريد يكتب “سعد زغلول” على الخطابات، وكان بائع البيض يكتب “سعد زغلول” على البيض، فسارت إشاعة بعد ذلك أن الفراخ تبيض بيضا مكتوبا عليه “سعد زغلول“، ورفضها سعد باشا طبعا، ونفاها، وأوصى بعدم تداولها.
الخميس: 7 – 10 – 2010 كتبت:
وعلى ذكر سعد زغلول يحكى الاستاذ أنه حين كان سكرتيرا لعلى عبد الرازق كان عنده فى مكتبه ليوقع بعض الأوراق، ودخل عليه أحد وزراء ”عدلى يكن”، وعرّفه الوزير بالاستاذ، فحسبه من عائلة محفوظ أحد أقطاب الأحرار الدستوريين، فقال له بالحرف الواحد “شوف يا سيدى عايزين يخرّجوا الإنجليز!!! دول هـمّا يخرجوا النهارده، واحنا وراهم بكره”، ويضيف الاستاذ: إن نسبة كثيرة من هذه الصفوة (أصحاب المصالح) كانت تحتمى بالإنجليز من الشعب
والآن نوفمبر 2011:
تعلمت من هذا الرجل كيف نحترم الجماهير، وكيف يمكن أن ننتقد أقرب الزعماء مهما أحببناهم ونعدد أخطاءهم دون تقديس، وكيف لا نُستدرج إلى الخرافات لمجرد النفخ فى زعيم بخرافات ذاهلة مثل حكاية الفراخ التى تبيض بيضا عليه اسم هذا الزعيم، ثم يرفض هذا الزعيم الواعى هذا التزييف، وكيف كانوا يخرجون من الحزب بشجاعة المحبين، ويعودون إليه رفضا للتزوير،
وبعد:
دعونا نتساءل:
يا ترى ماذا تبقى من كل هذا؟ وماذا يجب أن يتبقى؟ وكيف كان الأستاذ سيتصرف لو كان مازال بيننا الآن؟
أنا أعتقد أنه من الأمانة والوطنية والالتزام بحيث كان سيتكبد المشقة ويذهب إلى صناديق الانتخاب شخصيا مهما بلغ ضعف صحته، وانه كان سوف ينتخب من يهديه إليه تاريخه، مضافا إليه يقظة حسه الوطنى الطاهر، وأنه كان سيقبل النتيجة آملا فى مصر كل خير مهما كان اختيار الناس، وضمنا عدم التزوير، ثم يواصل يعلمنا أننا “الوسائل” التى يمكن أن يستجيب بها ربنا لدعائنا أن “يولى من يصلح”
من أجل خاطر مصر، وما علمتنا يا شيخنا، سوف نذهب إلى الصناديق ونحن نعمل ونحاول وندعو هذه الدعوة بالذات “ربنا يولى من يصلح”، بنا، ومن خلالنا.
وسوف يستجيب لنا ربنا
ادعُ لنا.