اليوم السابع
الأحد: 1-9-2013
نجيب محفوظ: العمل عبادة، والهدى لمن اهتدى
أقسم أننى شاهدته يدافع عن مصر فى هذا اليوم 30 أغسطس الذى كان امتحانا جديدا لصلابة مصر وأهلها فى مواجهة ما يدبر لها، لم يكن غريبا إذن ألا أكتب عن رحيله الذى قيل أنه كان فى نفس اليوم، فهو لم يرحل، فهو ما زال معى فى موقعى كل خميس بلا استثناء، أواصل قراءة تدريباته التى كان يكتبها يوميا (وصلت الآن إلى الصفحة 122 من عدة مئات) ، وذلك بعد أن انتهيت من تسجيل ذكرياتى معه فى الشهور الأولى لتعرفى عليه بعد الحادث : ” فى شرف صحبته“،(577 صفحة) وأخيرا: ألم أذكر هنا منذ بضعة أيام كيف كان معى يوم ذهابى إلى بيت صديقنا توفيق صالح أواسى زوجته الفاضلة؟ فكيف أكتب عن رحيله إذن؟ سوف أكتفى اليوم بأن أنشر مقتطفات مما كتبته عن ما كتبه فى الصفحة الثامنة من تدريباته يوم 2/2/ 1995 ، كتب ما يلى بخط يده:
نجيب محفوظ
أم كلثوم نجيب محفوظ
فاطمة نجيب محفوظ
الهدى لمن اهتدى
الصدق منج
العمل عبادة
نجيب محفوظ
وإليكم بعض قراءتى لبعض ذلك:
العمل عبادة : “….. حين تابعت علاقته بما يعمل، بعد كل ما أعاقه، حتى بالنسبة لإعاقات الحواس قبل الحادث، كنت أشعر فعلا أنه يصلى وهو يعمل، وأنه أقرب إلى ربه، ربنا، وهو يبدع (يعمل إبداعا)، العبادة عند نجيب محفوظ تشمل “التوجّه” و”الإتقان” و”الناس”، سعيا غير معلن، حتى لنفسه إلى وجه مطلق لا سبيل إليه إلا بالإيمان بتفتح آفاق الإبداع على ما لا نعرف: الغيب.
ثم “الصدق منج” : “…. ما وصلنى منه يسمح لى أن أقرر أنه لا يعنى أن الصدق ينجى من مأزق، أو أنه أسهل لحل المشاكل مما لو كذبنا، …، فهو يعنى أيضا، وربما أصلا: الصدق مع النفس، نعم، الصدق مع النفس ينجى الواحد منا من أن يكون غير نفسه، ما أمكن ذلك، …
“….ثم يكتب: “الهدى لمن اهتدى“، فيثير عندى قضية انتبهت إلى أنها مهمة بالنسبة له مثلما هى بالنسبة لى، فقد استوقفتنى طويلا مع ما وردنى من تداعياتها، مثل: “إن الهدى هدى الله”، و”…الله يهدى من يشاء”، كل هذا يثير التساؤل البدئى الذى يقول: كيف يكون الهدى لمن اهتدى؟ وهل ينبغى أن يهتدى الإنسان أولا حتى يستحق أن ينال الهدى أو يكمل الهدى، تماما مثلما استوقفتنى الآية الكريمة ” يا أيها الذين آمَنوا، آمِنوا…”، لقد آمنوا فعلا، فكيف يؤمنون من جديد؟ ناقشته فى ذلك، وكيف أنه كان يحيرنى حين كان تفكيرى أقرب إلى السكون، أما حين تحرك وعيى مع حركية المعرفة، وعلمت أنه “لا شىء فى ثبات”، لا الهدى ولا الإيمان ولا حتى الموت، بمعنى أن كل شىء، وكل فكر، وكل وجدان، هو فى حركة متجددة، وبالتالى يكون الهدى (الجديد المتجدد)، لمن اهتدى (لمن حسب أنه وصل إلى غاية الهدى) ، فهى دعوة لتجديد الهدى والإيمان باستمرار.
عذرا يا شيخى الكريم، نحن أحوج إلى حضورك وكلماتك اليوم أكثر من أى يوم ، شكرا.
اوليس الهدى لمن إهتدى بمعنى من سعى اليه واستحق أن يناله ..فتمثل الهدى فاهتدى ..كقول النبي إنما العلم بالتعلم والحلم بالتحلم .. أو لعله درجات كالايمان فيطلب من من آمن أن بؤمن ..أي أن يرتقي بإيمانه درجه ..ليبلغ منتهاه ..إن كان له منتهى ..