“يومياً” الإنسان والتطور
7 – 10 – 2008
السنة الثانية
العدد: 403
ماذا يحدث فى العلاج الجمعى
للمرضى والمتدربين والمدرب؟
.. مِنْ آخر جلسة علاج جماعى
لمجموعة عمرها عام (1 من 4)
إشكالات التقييم، والوعى “بتغيّرٍ ما”
مقدمة:
صعوبة تقييم نتائج العلاج:
أمارس العلاج الجمعى والتدريب عليه منذ أكثر من ثلث قرن، ولا أعرف منهجاً محددا لتقييم نتائجه بما يقنع من لا يمارسه أو يصمد أمام ما يسمونه “المقارنة”!
إن التقييم الموضوعى الكامل لنتائج العلاج الجمعى، أو أى علاج مريض نفسى، هو أمر يكاد يكون مستحيلا. من السهل أن مريضا يرى أشباحا فيأخذ حقنة قوية (من التى هى) فلا يعود يرى أشباحا، لكن ماذا جرى بالضبط، وعلى حساب ماذا؟ وإلى أين ؟ فهذا شأن آخر.
ينصحوننا – وعندهم حق نسبىّ- أنه علينا أن نتحلى بالتواضع الحقيقى، ونركز على ما جاء بالمريض إلينا، طالما هو كان يعيش بما يسيّر حياته بشكل ما، قبل أن يضطر إلى أن يأتى إلينا، (إلى استشارة الأطباء النفسيين) لكن المسألة ليست بهذه البساطة، وإلا لما كانت هذه المهنة – بالنسبة لى على الأقل- تستأهل.
الإنسان ليس “وابور جاز” تُسد “فونيته” فنسلكها، حتى يولع أفضل دون أن يدخن فيعمينا، الإنسان كائن بيولوجى له تاريخ طويل جعل تركيبه صعبا فعلا لأنه احتواه كله، احتوى تاريخه حتى أصبح كل فرد فيه هو كل الأحياء وكل الحياة، من هنا تصبح مهنة “تصليحه” هى بنفس الصعوبة إذا أردنا فعلا أن نصحح ما أفسده الدهر، أو ما أفسدناه نحن، ثم أنظر إلى سخرية القول الشعبى: إذْ ماذا يفعل الكبّاس وقد فرغ الوابور من الجاز أصلاً؟
ذكرت من قبل فى نشرة ما من هذه النشرات كيف أن كثيرا من المرضى، إن لم يكن معظمهم يسأل ومنذ البداية: هل سأعود كما كنت قبل المرض يا دكتور؟ فأرد عليه بالنفى” أن “لا” واضحة جلية، فينزعج، ويصر على أن يوضح لى أن كل مطلبه هو أن يعود فعلا كما كان سابقا، تماما، فأخبره أن ما كانَهُ سابقا هو الذى أدى به إلى المرض، وأن علينا أن نعمل سويا: ليعود أحسن مما كان، وإلا …، فسوف يعود أسوأ حتى لو اختفت الأعراض، الكائن الحى وخاصة الإنسان هو إما إلى أحسن أو إلى أسوأ مادام حيا.
إذا كان الإنسان “لا يستطيع أن ينزل نفس النهر مرتين”، فما بالك إذا ما كان هذا الإنسان قد كسر أو تعثر أو كاد يغرق؟
من هنا تصبح عملية تقييم النتائج الحقيقية والأعمق للعلاج عامة من أصعب ما يكون، سواء النتائج السلبية أوالإيجابية، وعندما نتهم الاقتصار على العلاج بالعقاقير أنه مسئول عن انطفاء المرضى، بالرغم من ظاهر تحسنهم واختفاء أعراضهم، فإننا نعنى هذا العمق الخاص الذى لا يمكن قياسه بسهولة، وقد حاول المتحمسون للأدوية استبعادا لغيرها، أن يدفعوا مثل هذا الاتهام (المحتمل خطؤه) بأن ابتدعوا مقاييس لقياس “نوعية الحياة”، وهى مقاييس عليها اعتراضات كثيرة ممن يعرف معنى كلمة “نوعية“، وكلمة “حياة“.
فى العلاج الجمعى يصبح التقييم أصعب وأصعب
وأورد فيما يلى بعض أسباب ذلك:
أولاً: إن النتائج القابلة للتحديد هى النتائج الكمية، ولعلها تكون فى المسيرة الإنسانية أقل النتائج أهمية، أما النتائج الكيفية (النوعية) فيصعب تصنيفها كما يصعب توصيفها، يمكنك أن تقول إن درجة الاكتئاب أصبحت أقل، أو أن عملية التفكير ترابطت أكثر، لكن لا يمكنك أن تجزم إن كان هذا الإنسان المريض قد استعاد توازنه بطريقة تتيح له استكمال مسيرة نموه بقية حياته أم لا، ولا أن تحسم ما إذا كان قد أصبح أقدر على التعامل مع متغيرات الحياة بصدر أرحب، ووعى أشمل، ونقد أكثر فاعلية يحميه من تعطل لاحق أو انسداد طريق، أم لا.
ثانيا: إن النتائج الحقيقية التى تعلن تغييرا حقيقيا عادة لا تظهر فى السلوك الظاهر بشكل يمكن رصده كميا، وإنما هى قد تظهر فى تغيرٍ فى الرؤية، فى تحريكٍ فى الوعى، فى تحريك مسئول لعلاقة ما، فى إطلاق لقدرات كانت كامنة أو مختنقة، لكنها عادة لا تظهر فى ما يمكن وصفه أو توصيفه سلوكا محددا كما ذكرنا
ثالثا: إن النتائج الأبقى والأهم عادة لا تظهر بشكل يُرْصَد، إلا لاحقا جدا، ربما تصل “لاحقا” هذه إلى عشرات السنين. إن التحوّل الحقيقى الذى يحدث أثناء العلاج ونتيجه له، إنما يحدث فى وحدة زمنية متناهية الصغر، وبدرجة ميل شديدة الضآلة، وبالتالى لا يظهر آثار مثل هذا التحول إلا بامتداد الزمن حتى يتبين اتجاه الميل.
رابعا: إن النتائج التى نسعى إليها آملين هى جديدة عادة، ويبلغ من جدتها أنه يصعب تسميتها بأبجدية اللغة القديمة أو السائدة (لغة المريض أو حتى لغة المعالج).
خامسا: لأنها عملية تغيير وتغيُّر، وليست مجرد “كم” زيادة أو نقصان، فإن المشارك فى العملية من داخلها هو الأقدر على تقييمها، لكنه فى نفس الوقت متهم بالتحيز لوجهة النظر التى تبررها أو تدعمها، وهو اتهام فى محله غالبا.
سادسا: إن اللجوء إلى تقييم عملية العلاج من خارجها يكاد يكون مستحيلا لو كنا نريد أن نرصد حقيقة ما جرى وما يجرى، ناهيك عن احتمال تحيز هذا الراصد من الخارج إلى الناحية الأخرى.
ما العمل؟
هل نعلن أن عملية العلاج عامة، والعلاج النفسى خاصة، والعلاج النفسى الجمعى تحديدا هى عملية خارج نطاق التقييم، وبالتالى نترك الأمور مائعة غامضة أم أن هناك وسائل أخرى ممكنة ولو تقريبية؟
اليوم نقدم نموذجا حدث بمحض الصدفة (تقريبا، لأنه لا شىء يحدث مصادفة) فى آخر جلسة من جلسات مجموعة اشتركت فى العلاج الجمعى لمدة عام كامل، لعلنا نرى معا مدى الصعوبة، ومدى الجدة فى آن،
نشأت هذه الصدفة نتيجة تفاعل بين المعالج المدِّرب وبين الزميلة المتدربة د. ميادة، حين التقط المدرب من كلام المتدربة -بمناسبة أنها آخر جلسة لها- جملة صلحت أن تمثل لعبة بسيطة جداً، كانت الزميلة قد بدأت بمحاولة تقييم ما وصل إليها أثناء التدريب خلال هذا العام المنصرم، وأن تصف لديها ما تبقى منه “الآن”، وموقفها “هنا” تجاهه.
مراجعة وتقييم لا تراجع وأحكام
قبل أن نقدم هذه اللعبة واستجاباتها هنا خطر ببالى أن أقدم نفس اللعبة التى كانت بعض وسيلتنا فى تقييم خبرة عام كامل من هذا العلاج أن أقدمها للشخص العادى (زائر هذا الموقع، قارئ هذه النشرة)، على الوجه التالى:
اللعبة التى لعبناها فى آخر جلسة لهذه المجموعة، (بعد اثنى عشر شهرا بالتمام) هى لعبة جاءت على لسان الزميلة د. ميادة، أثناء نقاشها مع المدرب د.يحيى حول مشاعرها الآن وهى تختتم سنة التدريب، وهل هى نادمة أو مندهشة أو فرحة أو ماذا؟ وحين وصل النقاش إلى مراجعة نقدية هادئة تنبهت الزميلة، فأعلنت أنها “لو كانت تعرف ماذا سيجرى خلال هذا العام هكذا، إذن لكان موقفها…”، ولم تكمل ..، ضحكت د. ميادة وقالت إنها لا تعرف ماذا تقول بالضبط، وربما حاولت أن تغير الموضوع، فانقلبت المسألة لعبة كما يلى:
قالت د. ميادة: “لو كنت اعرف إن الموضوع كده كنت …….”! وسكت!
السياق الذى نشأت فيه هذه اللعبة كان أبعد ما يكون عن الاستعمال السلبى للفظ “لو”، لم تكن هناك دعوة لتراجع مستحيل، أو مراجعة مُحِاسبة، وإنما بدت المسألة من البداية أنها دعوة إلى استحضار مقارنة بين تصورات البداية عما سيحدث، وبين ما حدث فعلا خلال عام، علما بأن المتدربة د. ميادة وزميلها د. شكرى، كانا قد حضرا مشاهدين خارج دائرة المجموعة العلاجية واشتركا فى مناقشة ما يدور بعد كل جلسة وذلك لمدة عام (على الأقل) قبل دخولهما إلى داخل المجموعة الجديدة للتدريب، إن استحضار توقعات قبل البدء ومقارنته مع ما وصل فعلاً خلال أثنى عشر شهرا، بدا تأكيدا للتركيز على اللحظة الراهنة، (هنا والآن) أكثر منه تراجعا إلى تذكر خبرة سالفة.
تفصيل الدعوة للمشاركة (تحضيراً):
خطر ببالى أننى لوعرضت هذه اللعبة نفسها على الصديق زائر(ة) الموقع قبل أن أعرض استجابة الزملاء من أطباء متدربين ومرضى، وشخصى، فإن ذلك قد يسهل توصيل ما أريد توصيله من خلال هذه النشرات الأربع أفضل وأعمق.
وفيما يلى ما أقترحه فى خطوات:
نص اللعبة:
“لو كنت أعرف إن الموضوع كده، كنت …….”
التعليمات:
- لك أن تستحضر خبرة بذاتها أو تترك المسألة مفتوحة لما يأتى لك عن “موضوع ما” أى موضوع ما. (ويمكن الرجوع إلى أمثلة طريفة فى نشرة أول أيام العيد الأربعاء الماضى1-10-2008)
- كما يمكنك أن تلعب اللعبة حتى لو لم تستحضر أى موضوع بذاته!!!
- يستحسن أن يكون الموضوع “شخصيا”أساسا (نحن لا نتكلم عن السياسة مثلا لنحكم على موضوع اكتشفنا زيفه من تناقض تصريحات أو وعود المسئولين مع الواقع اللاحق….إلخ)
- مسموح، ويكاد يكون أفضل، أن يظل الموضوع غامضا عليك بشكل ما، ومع ذلك تلعبها!!
- يستحسن أن يكون الموضوع – إذا تحدد فى ذهنك – قد مرَّ عليه عام فأكثر، إلى أى عدد من السنين. (مثلا خبرة د. أميمة رفعت قبل وبعد اشتغالها بالطب النفسى مع مزمنات !! أو خبرة الصديق الابن د. جمال التركى وهو يتأمل شبكته –شبكتنا- الرائعة بشكل كلىّ وبسرعة، أو خبرتى شخصيا بعد سنة وشهر وبضع شهر من بداية النشرة .
د. أميمة رفعت : لو كنت أعرف إن الموضوع كده …. (مستشفى المعمورة)
د. جمال التركى : لو كنت أعرف إن الموضوع كده …. (الشبكة النفسية العربية)
د. يحيى الرخاوى : لو كنت أعرف إن الموضوع كده …. (نشرة الإنسان والتطور)
……. إلخ
- ما يحضر، أو لا يحضر فى ذهنك، “هو المطلوب” و”هو الموضوع” دون أن تدخل فى تفاصيل الذكريات، المهم أن تكمل الجملة بصوت عال، وبسرعة مناسبة
- يمكن أن تعملها جماعة، كما حدث فى هذه الجلسة الختامية لهذه المجموعة العلاجية، أى أن تخاطب صديقا أو أكثر تتصادف جلستكم معاً، مع دعوتهم للمشاركة وتسجيل الاستجابة (فيما بعد)
- يمكن أن تمارسها كتابةً، وهذا أسطح (على شرط أن تثبت ذلك فى تعقيبك أوردّك، إلينا.
- كل ما عليك – مرة ثانية – هو أن تقول لنفسك أو لصديقك ” لو كنت اعرف إن الموضوع كده كنت …….” وأن تكمل بتلقائية بصوت عال ما أمكن ذلك.
- خلاص.
الجلسة الأخيرة
كانت هذه هى الجلسة الأخيرة لمجموعة العلاج الجمعى الذى يعقد للتدريب والعلاج والتعليم فى قسم الطب النفسى، قصر العينى (مجانا) وهذه المجموعة بدأت فى الأربعاء الأول من أغسطس 2007 لتنتهى فى الأربعاء الموافق 25 يوليو 2008 (هو يوم هذه الجلسة) .
تحديد المدة فى هذا العلاج بهذا الوضوح هو جزء أساسى من التعاقد لمدة عام كامل، وهو تحديد معلوم لكل أفراد المجموعة دون استثناء، وإن كان الوعى به، ومناقشته، والتخوف مما يترتب عليه، يظهر أكثر فأكثر كلما اقترب عمر المجموعة من النهاية(1) تنتهى المجموعة فى الموعد المحدد وإن كانت العلاقة بالمرضى لا تنتهى ، فيستمر من حقهم التردد على أى من المعالجين بما فيهم المعالج الرئيسى، للمتابعة ، والتأهيل وغير ذلك.
كانت هذه هى آخر جلسة لهذه المجموعة، وعادة ما تكون المسألة واضحة وصعبة فى نفس الوقت، وقد يطلب أكثر من فرد استمرار المجموعة، وقد تظهر مشاعر طيبة، وأخرى اعتمادية مثل أى وداع لمجموعة إنسانية استمرت تتقابل أسبوعيا بانتظام لمدة عام لفترة ساعة ونصف ساعة فى نفس الموعد، باختيارها (فى أغلب الأحوال) فمن أهم ميزات هذا التدريب أنه يجرى على مستوى “العيادة الخارجية” ويحضر أفراد المجموعة كل أربعاء الساعة 7.30 صباحا حتى الساعة 9.00 تماما، (وهو أمر مختلف تماما عما إذا كان العلاج يتم لمرضى داخل المستشفى، يحضرون العلاج باختيار مشكوك فيه، وبعقدٍ غير محدد المعالم مثلما كنت أمارسه فى مستشفى خاص، أو مثل ما بلغنى من اجتهاد د. أميمة رفعت الرائع فى مستشفى المعمورة).
نظريا: كنا نتوقع قرب نهاية كل عام عبر أكثر من خمس وثلاثين عاما، كنا نتوقع ونحن ننهى العلاج أن نعايش آلاما ومضاعفات وإلحاحا طلبا للاستمرار –مثلا- كالذى نراه فى الحياة العادية لأى جماعة التقت لمدة عام بهذا الانتظام، إلا أن ذلك لم يحدث إلا من أفراد معدودين خلال الأسابيع الأخيرة بعض السنوات، لم يكن ذلك لأن العلاقة كانت بين المرضى والمتدربين أقل حميمية، وإنما ما رجحته شخصيا، هو أن المجموعة تصبح –عادة- أكثر نضجا (بالمعنى الحقيقى)، من خلال هذه الخبرة الهادفة الملتزمة.
كانت هذه المجموعة تعرف تماما أن هذه هى الجلسة الأخيرة، وقد ناقشنا هذا الأمر بصراحة فى الأسابيع القليلة التى سبقت هذه الجلسة، ثم جرى التفاعل فى هذه الجلسة وجميع من حضروها يعرفون أنها آخر جلسة، وتطرق التفاعل إلى محاولة النظر “هنا والآن” بما أسماه بعضنا “فى هذه الورطة”، كما قد سخر البعض واصفا إياها أنها “الورطة المهببة” التى أتاحت لنا هذه الفرصة، بمالها وما عليها.
جرى التفاعل بين د. ميادة ، ود. يحيى عما وصل خلال هذا العام، وأنه غامض ومفيد، وصعب، ومهم، ومرفوض، وثمين، ونادر، ومقبول، وربما لا يمكن الرجوع فيه. لا يمكن ذكر كيف كان ذلك تفصيلا لأن عرضه وشرحه قد يحتاج إلى عشرات الصفحات، ولأن التعبير لم يكن فقط بالكلمات .
البداية :
سوف أكتفى فى هذه النشرة الأولى من هذه الرباعية بعرض كيف نشأت هذه اللعبة التى اخترعتها د. ميادة بالصدفة لتحيط بما حدث، أو بما تبقى، لديها مما عايشته وخبرته على طول هذه الخبرة الممتدة، وامتد الحوار كما يلى:
د.يحيى: يلا يا دكتورة ميادة
د.ميادة: نعم ؟
د.يحيى: مش انت اللى جبتيه لنفسك، وقلتى أنا لو كنت أعرف إن الموضوع كده ، ياللا كملى، اتفضلى يادكتورة ميادة
د.ميادة: فعلاً؟؟!!
د.يحيى: هوا احنا بنهزر؟! طبعا فعلا، أول مرة زى آخر مرة، وبرضة ملتزمين بالقاعدة “أنا وأنت وهنا ودلوقتى” ، واللى حايسرى عليكى حايسرى على الكل، وخلى بالك ما فيش ليكى حق فى النور الأحمر انت ولّعت النور الأخضر من زمان(2) (أنظر يومية 6 فبراير 2008أيضا)
د.ميادة: طيب، أمرى لله: أنا لو كنت أعرف يا دكتور يحيى …..(تتوقف)
د.يحيى: كمّلى خليكى جدعة دا احنا بقالنا سنة
د.ميادة: يادكتور يحيى أنا لو كنت أعرف أن الموضوع كده كنت جيت من زمان
د.يحيى: يالله كملى مع كل الناس .
د.شكرى: (زميلها المتدرب: يؤكد باسما، أو شامتا ) مع كل الناس !!!
د.يحيى: أنا لو أعرف إن الحكاية كده، يلا اتفضلى يا دكتورة ميادة
د.ميادة: فعلاً ؟!!
د.يحيى: فعلاً
د.ميادة: طب حالعبها مع كام واحد يعنى؟
د.يحيى: زى مانتى عايزة.
د.شكرى: ما احنا قلنا مع كل الناس
د.يحيى: لا، دى باينها حاتِحْلَوّ، تبقى فعلا تلعبيها مع كل الناس.
د.شكرى: كملى
د.ميادة: ما أنا حاكمل، وأنت برضه يا شكرى حاتكمل برضه مع كل الناس
د.ميادة: (للدكتور يحيى تكرر:) مع كل الناس ولاّ أختار ؟
د.يحيى: إحنا بنفاصل، ما قلنا مع كل الناس
ملاحظة عابرة واستغراب:
أكتشفت وأنا أكتب هذه النشرات الآن وأحاول قراءتها، أن الذين حضروا هذه الجلسة الأخيرة من أفراد المجموعة من المرضى كانوا كلهم إناثا، بالإضافة إلى محمود الذى تحضره والدته بانتظام، وكأن والدته هى صاحبة الفضل فى حضوره حتى النهاية، وقد خطر لى عدة خواطر بهذا الشأن:
أ- إما أنها مصادفة بحتة
ب – أو أن المرأة – وفى هذه الطبقة المتواضعة، وربما عموما– هى أكثر حرصا على الإلتزام ببنود العقد واحتمال الفائدة والاستعداد لمواصلة النمو والالتزام حتى آخر لحظة.
ج – أو أن الرجال (أو الذكور عامة) قد انسحبوا حتى لا يواجهوا هذا التقييم أو القطع الحاسم، فعلوها، وهم الرجال، استسهالا.
ولم أصل إلى أى ترجيح لأى احتمال من هذه الاحتمالات
ويظل التنبيه إلى أن التعميم غير جائز أصلاً.
فلو انتبهنا وراجعنا المجموعات السابقة أو التالية فلربما وجدنا آخر جلسة فى مجموعة أخرى كلها أو أغلبها من الرجال.
وغداً نعرض تعريفا موجزا جداً (بأفراد المجموعة أطباء ومرضى، ثم استجاباتهم دون تعليق).
[1] – لم يكن الأمر كذك حين بدأنا هذا العلاج فى قصر العينى 1971، فقد اختلفت هذه النقطة فى التعاقد حسب تطور ظروف الأطباء المتدربين، كانت المجموعة تبدأ بقيادتى،مع إشراك طبيبين للتدريب، (نادرا ما يكون طبيب ومعالج نفسى غير طبيب، حدث هذا مرة واحدة، لكنها لم تتكرر إلا فى مؤسسة أخرى أكثر سماحا كنت ومازلت مسئولا فيها عن التدريب أيضا) تستمر المجموعة بقيادة المدرب لمدة عام (أنظر التفاصيل فى يومية 6 فبراير 2007)، بعد انتهاء العام كانت نفس المجموعة تستمر مع المتدربين اللذين تدربا أثناء العام فصار كل منهما معالج مشارك Co-therapistليصبحا مسئولين عن المجموعة منفردين بعد انسحاب المعالج الرئيسى، ليبدأ مجموعة جديدة مع متدربين جدد، ويتم إعادة التعاقد مع المجموعة القديمة بالوضع الجديد، وتستمر تلك المجموعة للمدة التى يحددونها معا، حسب ظروف المجموعة ومرحلة نموها واحتياج المرضى…إلخ، ويناقش الجارى إذا لزم الأمر مع المدرب أثناء جلسات الإشراف أسبوعيا، أو بين الأقران Peer supervision، أسبوعيا أيضا.
وقد اضطررنا لتغيير هذا النظام حين لم تعد هناك فرصة للمتدربين للاستمرار فى نفس المؤسسة لمددٍ أطول (فرصة التعييين الدائم فى قصرالعينى)، لكنه كان اضطراراً ثبت أنه مفيدا، لأننا لاحظنا أن المجوعات التى التزمت بعام واحد استفادت تقريبا نفس الفائدة التى لاحظناها فى المجموعات التى امتدت أكثر من عام، بل ربما استفادت أكثر فى بعض الأحيان (باستثناءات فردية طبعا)
[2] – سبق أن أشرنا أن المتدرب بمجرد أن يتنازل عن حقه فى التحفظ على المشاركة بعد أن يطمئن، أى يتنازل عن حقه فى إضاءة الضوء الأحمر ويستبدله بإضاءة الأخضر مرة واحدة، فليس من حقه أن يرجع أبدا عن هذه الخطوة.