نشرة “الإنسان والتطور”
الأثنين: 15-6-2020
السنة الثالثة عشرة
العدد: 4671
من ديوان: “سر اللعبة” (1)
مقدمة
بعد أعتذارى أمس قررت أن أصالحكم بجرعة قديمة حديثة، عزيزة على نفسى أيضا كما أتصور، فهى أول شعر أكتبه من وحى ما وصلنى من مهنتى وأنا أفاجأ بهذه الروعة المرعبة المفرحة التي وصلتنى من مرضاى وهم يتعرون أمامى فأتعرف من خلالهم على نفسى وناسى وربى!.
هذا الديوان لم يكتب كديوان شعر لكنه خرج “هكذا” حين وصلنى الوجود البشرى كأصعب وأجمل وأخطر قصيدة، وإذا به يكتب منى بكل ما حمل ويعنى!!.
صدرت الطبعة الأولى سنة 1977 والطبعة الثانية 1978 أما الطبعة الأخيرة وهى الثالثة فقد صدرت سنة 2017.
هذا الديوان كان هو المتن الذى حفزنى لكتابة شرح عليه هو عملى الرئيسى حتى الآن وهو “دراسة في علم السيكوباثولوجى : شرح سر اللعبة” ومازال هو العمل الرئيسى في كل انتاجى حيث بلغ مئات الصفحات، وصدرت منه طبعة واحدة وأنا في سبيل إصدار الطبعة الثانية ولكن في عدة كتب لأن المسألة أصبحت لا تحتمل الانتظار.
عذرا مرة أخرى حتى نصحح الخطأ الجسيم الذى كان
والله المعين
افتتاحية
هل يعرفُ أحدكمُو ما يحمل داخِلـَهُ من جِنـّة؟
هل يقدرُ أىّ منكمْ أن يمضِـىَ وحدهْ…،
لا يذهبُ عقلـُهْ؟
كيف يصارعُ قهرَ الناسْ …… ،
والحب الصادقُ يملؤ قلبهْ؟
كيف يروّض ذاكَ الوحشَ الرابضَ فى أحشائـِهْ،
دون تشوّه؟
كيف يوائم بين الطفلِ وبين الكهلِ وبين اليافعْ،
داخل ذاته؟
كيف يحاولُ أن يصنعَ من أمسٍ قاهرْ …،
قوة حاضـِرِهِ المتوثـِّبْ،
نحو الإنسان الكامل؟
-2-
هل يعرف أحدكمو كيف يضل الانسانْ؟
كيف يدافع عن نفسهْ، إذ يغلقُ عينيهِ وقلبهْ؟
إذ يقتلُ إحساسَهْ؟
كيف يحاول بالحيلةِ تلو الأخرى أن يهرب من ذاته،
ومن المعرفةُ الأخرى ؟
كيف يشوّه وجه الفطرةِ، إذْ يقتلهُ الخوفْ؟
كيف يخادعُ أو يتراجعْ؟
وأخيرا يفشل أن يطمسَ وجه الحقْ،
إذ يظهر حتماً خلف حُطام الزيفْ؟
-3-
ترتطمُ الأفلاكُ السبعةْ،
يأتى الصوتُ الآخرُ همساً من بين قبورٍ عَفِنَةْ،
…يتصاعدُ … يعلو … يعلو… كنفير النجدةْ
………..
وأمام بقايا الإنسانْ،
أشلاءِ النفس ورائحة صديدِ الكـَذِب وآثارِ العدوان،
تغمرنى الأسئلةُ الحيرى:
لِمَ ينشقُّ الإنسان على نفسهْ؟
لِمَ يُحرمُ حقّ الخطأ وحقّ الضعفِ وحقّ الرحمهْ؟
لِمَ يربطُ عقلهْ… بخيوط القهر السحريةْ؟
يمضى يقفزُ يرقدْ يصحو ..
بأصابعهمْ خلف المسرحْ،
ويعيد الفصلَ الأول دون سواه ،
حسْب الدور المنقوشْ،
فى لوحٍ حجرٍ أملسْ،
رسمته هوامٌ منقرضَةْ
فيضيع الجوهرْ،
ويلف الثور بلا غاية،
وصفيح الساقية الصدِئَةْ،
يتردد فيه فراغ العقلِ، وذل القلبِ
وعدمُ الشىْء،
…… ونضيعْ.
- 4 -
لكن هواءً مثلوجا يصفع وجهى،
يوقظُ عقلى الآخرْ،
ويشلُّ العقل المتحذلقْ،
يلقى فى قلبى الوعىْ
بحقيقة أصل الأشياء،
……….
يا ويحى من هول الرؤية!!!
[1] – يحيى الرخاوى: ديوان “سر اللعبة” (الطبعة الأولى 1977، والطبعة الثانية 1978 والطبعة الثالثة 2017) والديوان متاح فى مكتبة الأنجلو المصرية وفى منفذ مستشفى دار المقطم للصحة النفسية شارع 10، وفى مركز الرخاوى: 24 شارع 18 من شارع 9 مدينة المقطم، كما يوجد أيضا بموقع المؤلف www.rakhawy.net وهذا هو الرابط.