نشرة “الإنسان والتطور”
الأحد: 28-10-2018
السنة الثانية عشرة
العدد: 4075
من حالات الإشراف على العلاج النفسى (1)
مقدمة:
للتذكرة: اليوم الأحد هو يوم المقتطفات الإكلينيكية والعملية والإشراف.
ولا أجد مبررا للاعتذار عن طول الحالة وصعوبتها، لعل محتوى حوار الإشراف يستأهل.
الحالة: (5)
تفاصيل الواقع، والتعاطف الحذِر…!
بعض ملامح الحالة:
* إعلان التخوف من فرط تعاطف المعالج
* العلاج النفسى وتوصيل الطلبات للمنازل
* المشاكل الاقتصادية وتداخلها فى المأزق العلاجى
* اختلاف معنى “التحرش”، وغيره
* فرط اعتمادية أسرة المريض عليه
* موقف المعالج من استغلال الآخرين لمريضته.
د.فوزى شحاتة: هى عيانة عندها 28 سنة خريجة تجاره، بتشتغل صاحبة شركة، ليها أخّين، كانت جت من حوالى سنة ونص وقعدت 5 شهور، وقطعت.
د.يحيى: جاتلك مباشرة، ولا أنا حوّلتها لك؟!
د.فوزى شحاتة: لأ عن طريق عيانه كنت بعالجها، قعدت 5 شهور او 6 شهور وبعد كده قطعت، وبعد كده رجعت تانى من حوالى 3 شهور فى خلال الـ5 شهور الأوّلانيين كانت بتيجى مرتين فى الأسبوع
د.يحيى: ابوها بيشتغل إيه؟
د.فوزى شحاتة: ابوها كان بيشتغل مقاول، بس زى ما يكون تقاعد كده، بيشتغل قليل دلوقتى
د.يحيى: ترتيبها إيه فى اخواتها؟
د.فوزى شحاتة: هى اكبر اخوتها هى من منطقة شعبية، وهى بنت عاديه خالص، وكانت اشتغلت فى شركة قعدت فيها 4 سنين، اتعلمت الشغلانه، فراحت فتحت شركه شِرْك مع اتنين كمان، بعد سنتين الشركه الجديده دى زى ماتكون وقعت، هى شالت الشركه بخسايرها، يعنى شالت الخساير قصاد انها تاخد الشركه لوحدها.
هى لما جت فى الأول الشكوى بتاعتها كلها كانت حاجات جسدية، وكلام فى الاتجاه ده، وكانت بتروح لدكاترة باطنه ودكاترة عظام كانوا بيدوها مسكنات، هى زى ما يكون فى الـ5 شهور اللى قعدتهم معايا، كانت دايما الحاجات سخنه طول الوقت وعمـّاله تشتكى، وانا ما كنتش باعرف اعمل حاجة غير إن أنا اعمل لها دعْم وأقف جنبها، وأحاول أفهم وبس، وهى كانت مانعانى تقريبا إن أنا اقابل حد من أهلها، كانت مش عايزه تقوللهم خالص انها بتتعالج. قعدت الـ5 شهور دول وقطعت، وبعدين رجعت تانى زى ما قلت، فى الـ5 شهور دول كانت هى مخطوبه لواحد كان متدين، وكان بيشتغل عندها فى الشركة، كان موظف تحت إيدها فى الشركة، وكان متدين قوى، فكانت هى محجبة، وكانت ملتزمة قوى فى الوقت ده، لما رجعت تانى بعدما قطعت رجعت مش محجبه، وكانت فكت خطوبتها مع خطيبها ده، وعملت علاقة جديدة، يعنى برضه المرة التانية ديه اكتشفت فيها إنها فى الشركة الأولانية اللى كانت فيها كان المدير بيتحرش بيها، وبعدين كانت عامله علاقة لمدة 4 سنين مع صاحب الشركة، علاقة يعنى علاقة متينة، بس ماكملتشى.
د. يحيى: إيه بقى المشكلة؟
د.فوزى شحاتة: أنا مشكلتى معاها إن أنا طول الوقت متعاطف معاها، وفى نفس الوقت مش عارف أحرك حاجة فيها فى اتجاه العلاج، مش عارف آخد موقف غير التعاطف، قصاد موقفى ده باشوف أى حد من اللى حواليها بالاقى موقفه مش كده خالص، هى تقريبا مسئولة ماديا عن بيتها كله، تقريبا بتصرف على البيت من حوالى 6-7 سنين، يعنى حتى من أيام ما كانت بتشتغل بس مش صاحبة شركة، هى دلوقتى الشركه بتاعتها عليها مشاكل مادية كبيره قوى، قضايا وشيكات وحاجات كده، يعنى تقريبا حاتدخل السجن، وسالفة من خالتها فلوس بضمان أمها، وعامله لها مشاكل إنها لازم ترد الفلوس، حوالى 70-80 ألف جنيه، موقف أمها وحش منها طول الوقت، وطول الوقت بتقولها إنت غرقتينا، وانت اللى ودتينا فى داهيه، بالرغم من إنها بتصرف عليهم ومعّيشاهم فى مستوى أعلى من اللى كانوا طول عمرهم عايشين فيه، وهى لها أخ أصغر منها ما بيشتغلش، يعنى خلّص وما بيشتغلش، وهى برضه بتصرف عليه، أى حد فى المحيط بتاعها من اللى بيشتغلوا لو محاسب ولاّ محامى أو كده بلاقيه بيستغلها، يعنى دايما تيجى تقول مثلا إن المحاسب عمل كذا، ودخّلنى فى موضوع كيت، وبعد كده سابنى ما عملش حاجه، الثلاث اربع محامين يستغلوها وما يكملوش معاها، حتى القضية الأخرانية بتاعت الشيك دى المحامى وعدها إن هو يحل القضيه وزى ما يكون يعنى خد موقف كده إنه كان ينفع يعمل حاجة تسهل الموضوع وتعمل تصالُحْ، لكن بعد شوية قالهـّا لأ أنا حاسيبلك القضيه وكده، لحد ما اتحكم عليها، خطيبها الأولانى دا، يعنى لما كان خاطبها، هو الوحيد اللى قدرت اقابله مرة واحدة بس، كان موقفه منها وحش برضه، هى كانت فى الفترة الأولانية اللى كانت بتيجى فيها كانت بتاخد حبوب، كانت يعنى بتاخد بكميات، وساعات كانت بتاخدها بنية الانتحار، يعنى فيه مرة منهم كنت بعتها هنا المستشفى عشان تدخل، فزميلتى “د…..” قابلتها وقابلت مامتها أيامها، ولقيت قالت لى إن مامتها طيبه، ومش بالشكل اللى هى بتوصفها بيه، مش صعبة قوى، ولا بتضغط عليها طول الوقت.
فى الفترة اللى هى سابتنى فيها دى كان بيجيلها دكتور من العباسية كانت بتقول لى إن هو ماعندوش عياده، فكان بيروح لها المكتب يعمل لها علاج نفسى هناك فى الشركة بتاعتها، دى فترة حوالى 4 شهور.
د.يحيى: طيب وده ينفع؟
د.فوزى شحاتة: ما اظنش، بيتهيألى لأ ماينفعشى.
د. يحيى: طبعا لأه، العلاج النفسى مافيهوش توصيل الطلبات للمنازل.
د.فوزى شحاتة: اللى حصل.
د. يحيى: وبعدين؟
د.فوزى شحاتة: بس أنا لقيت نفسى فى زنقة لما رجعتْ تانى، أنا موقفى بقى اقوى شوية رجعت باحاول أقف معاها يعنى، مثلا العلاقة اللى هى فيها دى دلوقتى شايف برضه إن فيها استغلال من الطرف التانى، فاباحاول إنى أخليها تقف، تحاول تواجهه، وكده، وهى بقت برضه منزعجة من الموقف بتاعى ده، لكن أنا برضه فى نفس الحته المتعاطفة، وبرضه مش فاهم ليه هى دايما الدنيا واقفه ضدها فى كل الاتجاهات كده، وإن اللى حواليها ماحدش منهم بيتعاطف معاها خالص، وأنا المتعاطف معاها بس يعنى.
د.يحيى: السؤال بقى إيه؟
د.فوزى شحاتة: السؤال هو عن الفرق بين موقفى وموقف اللى حواليها كلهم، ده أنا مش فاهمه، وعايز أعرف هوّا صح كده؟
د.يحيى: خلى بالك إن مش أنا اللى حولتها لك، تبقى العلاقة على ميَّهْ بيضا، بصراحة الحالة صعبة، يعنى الكلام كده فيه تناقض داخلى، وبرضه ظاهرى، الحاجات ملخبطة، يعنى هى مستلفه، وحاتخش السجن، وهى اللى بتصرف على أهلها، دا إيه ده!! بتصرف على أهلها من الشيكات اللى من غير رصيد؟!! وعندها 28 سنه!! وعندها كل التاريخ ده من النجاح والفشل، والنجاح والفشل، والنجاح والفشل فى كل المجالات، ففيه حاجة فى الحدوتة على بعضها، حاجة جامدة يعنى، الحكاية مش واضحة، أنا ما باعرفش الأسامى دى بتاعة البزنس والكلام ده، لكن باين المسألة صعبة.
د.فوزى شحاتة: أنا شاكك إن أخوها التانى يعنى بيستغلها برضه كده على خفيف، ده من الوصف اللى هى وصفته.
د.يحيى: عموما المعلومات مش كافيه إنها تخليك تاخد موقف أحسن من اللى انت واخده، حتى إذا كنت بتشوفها مرتين أسبوعيا لمدة 5 شهور، وبعدين 3 شهور انقطاع وبعدين رجعت دلوقتى والمشاكل عمالة بتزيد، تلاحظ إن العمليات الخارجية اللى هيه مش مرض مرض، بقت أكبر من مسئوليتنا المباشرة، المسألة بقت فيها سجن وقضايا، وتفليسه، وتهديد، المسائل الواقعية دى لازم تتحسب بالورقة والقلم، دى أكبر من العلاج النفسى والكلام ده، إنت بتقعد معاها ساعة بتتكلموا فى إيه؟ فى الفلوس ولا فى العَيَا؟ ثم مش إحنا قلنا إن احنا بنتقمص الموقف والمريض عشان نفهم أحسن؟! هل تصورت نفسك مطرحها وهى عندها 28 سنه، إنت عندك كام سنة؟
د.فوزى شحاتة: 31 سنة.
د.يحيى: طب تصور إنت كده من3 سنين يا بنى وعندك كل الهالومّه دى، يبقى الوضع إيه؟ الهالومّه المادية أساسا مش الهالومّه النفسيه، دى حاجة مزعجه جدا، أنا علاقتى بالحاجات دى طول عمرها صعبه خالص، أنا عمرى ما أخدت قرش من بنك، ولا عمرى أعرف أستلف، ولا أعرف فى الحاجات دى، أنا دايما مرعوب كده وماليش دعوة بالحكومة ولا بالناس بتوع الفلوس اللى بيحيّرونى فى فهم حكاية السلف والمغامرات اللى بيعملوها دى، يمكن عشان كده مش قادر أتقمصها وأفهم اللخبطة بتاعتها دى كلها، أنا ما بافهمش الناس الكبار اللى بيقولوا أستلف مش عارف كام 100مليون وهرب، ليه الغلبان ده ليه بيستلف؟ ويقولك دى شطارة إنه مابيسددش، أنا مش عارف يعنى إيه شطارته إنه مابيسددش، دى شطاره ولاّ خيبة؟ أنا مش عارف هوه بينام إزاى ده.
د.فوزى شحاتة: هى بتقولى إن ده شائع فى الشركات دلوقتى.
د.يحيى: أنا مابفهمهاش يابنى والله العظيم، أعمل إيه؟ عشان كده مش قادر أستوعب الحالة، أنا يكون عليا 16 جنيه أقعد قلقان لحد ما اخلّى حد يوديهم البنك فى خلال 24 ساعة، إحترام الاختلاف ده يخليك حريص على إنك تتعلم من الحدوته دى، تخليك تفترض إنها يكون ليها خبره بالواقع أحسن منّا، إحنا بنتعلم من عيانينا فى المجالات اللى مالناش خبرة فيها عشان نقدر نساعدهم ونفهم العيانين اللى بعدهم، المعلومات الواقعية اللى تقدر تقيس بيها العيان وأحواله وتفاعلاته ضروريه فى العلاج النفسى، المسألة مش كلام فى كلام ساعة فى الأسبوع وخلاص، إنت لما تعرف التفاصيل، من ناحيه حاتتعلم منها، ومن ناحية حاتقدر تقيّم المسألة، ما يجوز كل السلف ده نجاح، حد مرّه قالى: إن رجل الأعمال اللى مش سالف ما يبقاش ناجح، عشان هوّا بيستلف مثلا بـ10% مثلا لازم يطلـّع 20% كده يبقى ناجح، فيستلف بقى كتير قوى عشان يبقى الفرق كتير قوى، وكلام من ده، إنما أنا ماجربتش، ومش حاجرّب، أنا ما أقدرشى أعملها، تيجى بقى لعملية إنها بنت، وحكايتها مع الجدع الأولانى، والمش عارف إيه، وهى دلوقتى عندها 28 سنه، الحاجات دى تدخلنا فى المنطقة اللى تبعنا أكثر، تسهل لنا إننا نفهم أكتر وأكتر، التصرفات دى يا مـَـرَضـِـية، يا أخلاقية، وفيه وصلة بينهم، إنت بتعرضها علينا فى الإشراف دلوقتى عشان تقولنا إزاى إنت متعاطف معاها، وغيرك مش متعاطف؟ مش كده؟ حكاية استغلالها الأولانى مثلا أنا سمعتها على إنها بدأت بحاجة زى التحرش، أنا مش عارف يعنى إيه تحرش عندنا لحد دلوقتى، خصوصا بعد الجدع وزير خارجية باكستان ما تحرش بكونداليزا رايس، قريت الخبر ده ولا لأ؟ هو راجل فاهم نفسه فِتِكْ كده يعنى فقام بص لها بصة زيادة مش عارف ولاّ إيه، وهوّ الظاهر معروف عنه حاجات من دى، ففضحوه فى أوروبا، وأنا مش عارف إزاى شخصوا البصّه دى إنها تحرش، أهو اللى حصل، قالوا تحرش، وهو باين بص لرجليها، مع إنى متصور إن رجليها وحشه، وأنا مش متأكد هو بص لأنهى حته فيها، أنا رأيى إنها شخصيا أوحش من رجليها وأوحش من خلقتها، ولاّ ماخدتش بالك؟!
د.فوزى شحاتة: ماخدتش بالى.
د.يحيى: أنا باقولك الكلام ده ليه، عشان تاخد بالك إن الكلمات ساعات بيبقى لها معانى مختلفة عند ثقافات مختلفة، لازم تدقق وتخش فى التفاصيل، إنتَ عارف تحرش – مثلا- يعنى إيه، ولاّ زيى، طيب هناك لو مافيش تحرش ومافيش بصصان، أمال حيصاحبها إزاى من غير ما يتحرش يعنى هوا لازم يكتب لها: وتفضلوا سيادتكم بقبول فائق التحرش، ما هو الحاجات اللى احنا مش فاهمينها عموما أو خصوصا، نقف عندها ونتعلم، إحنا لازم نعترف باللى مش فاهمينه زى ما نفرح باللى فاهمينه، فا إزاى الست بتاعتك دى عماله تعمل البيزنس ده كله والناس بيستغلوها ماديا، وبيتحرشوا بيها، وبيحاولوا يستغلوها جنسيا وخصوصا إنها كانت عاملة علاقة مع رئيسها، ومش عارف إيه، والله أعلم فيه إيه تانى؟!
د.فوزى شحاتة: لأ بره التلات علاقات دى، بره الخطوبة والعلاقتين دول اللى هى الأولانية، واللى موجودة دلوقتى، لأ ما فيش حاجة.
د.يحيى: هى أساسا بتحصل على احتياجاتها العاطفية الأساسية منين، باقول العاطفية، بلاش الجنسية دلوقتى وطبعا بلاش المادية.
د.فوزى شحاتة: ماهى العلاقة الأولانية دى كانت بتعمل اللازم،…!
د.يحيى: بس دى خلاص، ما هى خلصت.
د.فوزى شحاتة: ماهو جزء من اللى حاصل دلوقتى إنها مافيش حد بيديها حاجة، يعنى احتياجاتها فاتحة عالآخر.
د.يحيى: طب ماهى دى عملية أساسيه فى العلاج، خلّى المشاكل الواقعية اللى مانعرفشى فيها على جنب شوية دلوقتى لحد ما نعرف عنها أكثر، يبقى حانلاقى نفسنا فى المنطقة بتاعتنا أكتر وأكتر، يمكن دا اللى مخليك تتعاطف معاها كده، لأنك حاسس إنك إنت المصدر النضيف اللى تقدر تغذى الحتة المحتاجة اللى فيها، وهى طبعا ست باين عليها إنها ناجحة وذكية وقوية وبتاخد قرارات جامدة ومستقلة، وهى عندها 28 سنة، وباين عليها إن لها حضور، على الأقل حضور عملى فى الحياة.
د.فوزى شحاتة: هى بتقول إن الناس اللى هى بتشتغل معاهم بيقولوا انها شاطره فى الشغل.
د.يحيى: شاطرة من غير مكسب؟
د.فوزى شحاتة: هى بتكسب جنب الخسارة برضه.
د.يحيى: ماهى دى لازم تفحصها قوى، لما تفحصها بدقة، يمكن تفهم أكتر، يعنى لما حد يقولك أحمد بهجت سالف 600 مليون دولار يمكن بيكسب 800 مليون دولار، يبقى مالناش دعوة، هنا لازم ترجع تفحص الحكاية بدقة كل شوية عشان نتعرف على مستجدات الواقع باستمرار، ساعتها تبقى عارف أكتر وأكتر، إنت بتشتغل مع مين، وكلام من ده، لما تقيس الشخصية والواقع والظروف المحيطة بالفلوس فى السن دى، 28سنة، لازم تندهش وهيه ست فى مجتمع زى ده، بتشتغل من سن 22 سنة، إنت أكبر منها بـ3 سنين. وأديك أهه: “ربى كما خلقتنى”، تقوم يمكن تتعلم إزاى تستلف وتروح فى ستين داهيه، يمكن تكتب شيك بدون رصيد وإنت ما انتش عارف يعنى إيه شيك من أصله (ضحك).
أنا أظن يا ابنى دى حالة صعبة فعلا ومع ذلك: طالما هى بتيجى، أديك بتدى اللى عندك، وإلاَّ حيتفضلّها إيه يعنى؟! إنت حاتكمل، وتعاطفك معاها أنا شايفه إيجابى لحد دلوقتى، برغم كل الظروف، يعنى يا أخى كمان انت مش حاتتعاطف إنت كمان؟ أنا شايف إن ده مخوّفك أحسن يمكن ده يزود سلبياتها، ويمكن اعتماديتها. عندك حق، لكن ماهو ده حقها برضه، حتى أهلها بياخدوا منها، مابيدوش، وإنت قلت هى اللى بتصرف على البيت، يعنى ما ينفعش تنتظر منهم حاجة كبيرة، مش حايدوها حاجة أساسية هى محتاجاها، فانت موقفك طبى محترم، وده موقف جيد، موقف علاجى جيد، وطيب، لما تخاف أكتر لحسَنْ يحصل مضاعفات من موقفك ده، يعنى إنها تسئ فهمه مثلا، أو تسئ استعماله بإنها تبرر اللى هى بتعمله بإنها عيانه مثلا، هنا يبقى نرجع نقف ونتساءل من أول وجديد، فى الإشراف هنا برضه، دا اللى يحتاج التساؤل من جديد، ما هو مش معقول فى الظروف الصعبة الحالية أحاسب نفسى كده هو أنا أتعاطف ولا ما اتعاطفش، أمال مين اللى حايتعاطف! لكن عندك حق فى التساؤل يمكن خايف تكون بتحبها أكثر من سماح المهنة، وده وارد، ومع الزمن حاتقدر تتعامل معاه وتكبر من خلاله ما دمنا مع بعض.
وأدى إحنا موجودين وتبقى تقولنا اللى إنت عايزه لما يجد جديد.
****
التعقيب والحوار:
د. ماجدة صالح:
أعتقد إن تعاطف د. فوزى مع المريضة (الجيد مهنيا) غير كاف لرؤية المريضة بطريقة موضوعية خاصة إن المعلومات المتاحة من طرف واحد بها كثير من التناقض، فمثلا: أنا متحفظة بعض الشىء على وصف المريضة على أنها ناجحة وذكية وقوية. فنجاحها مشكوك فيه بدليل الأزمات المالية والقانونية الموجوده. وهى ليست ذكية بهذه الدرجة حيث أنها قليلة التعلم من المواقف السابقة (العلاقات الفاشلة المتعددة) وليست بهذه القوة بمعنى هشاشة وسطحية علاقاتها.
أظن إن التعاطف المحترم الشخصى من الدكتور فوزى قد يعيق رؤيته الموضوعية لهذه المريضة ويبعده عن الهدف الحقيقى للعلاج.
د. يحيى:
عندك حق يا د. ماجدة من حيث المبدأ.
لكننى أتصور أنها يجوز أن تمتلك هذه الصفات التى وصفها بها المعالج أو أقل قليلا، لكن ليست بالضبط كما وصلتْ لك، كلاكما عنده حق.
د. تامر فريد:
مش قادر أفهم هوه تعاطف ولا قلة حيلة.
د. يحيى:
يمكن “الاثنان معا”.
أ. مياده المكاوى:
اعترض على أن التفاصيل الواردة عنها فى الاستشارة تدعو للحوسة والتساؤل أكثر من التعاطف، وإن كنت لا أعترض على التعاطف معها إلا أننى أجده فى هذه الحالة معطلا للمعالج عن رؤيتها وإمكانية مساعدتها.
د. يحيى:
التعاطف لا يمنع التساؤل، والعكس صحيح، أما نقص المعلومات، فهو من طبيعة هذا الباب، نحن نناقش ما يثار فقط، وننتظر المزيد من المعلومات مع استمرار العلاج والعودة إلى الإشراف.
أ. عماد فتحى:
أنا شخصيا ما قدرتش أتعاطف نهائيا مع المريضة، وحاولت أتقمص دور زميلى المعالج ولم أستطع إن أتخذ موقفه.
د. يحيى:
إعلان هذا الموقف المختلف جيد على مسار نمو المعالج، لك، وله ولى.
د. ناجى جميل:
أعتقد إن د. فوزى شحاته لم يكن موضوعيا بدرجة كافية فى تعاطفه مع المريضة ولم يكن حريصا أيضا فى ذلك، حيث أن هذه المريضة ربما لديها ما يسمى بالوجود المثقوب، الذى ناقشناه مرارا، فهى لا ترتوى أبدا من أية عاطفة فهى جائعة بصفة مستمرة دون شبع، مما يؤدى إلى اضطراب شديد فى العلاقات.
كل هذا يشكك فى موضوعية ما تطرحه هذه المريضة، وذلك ما لم ينتبه له المعالج فانحاز لروايتها بصورة غير حذرة .
أيضا: كثيرا ما تثير مثل هذه الحالات احتياجات المعالج العاطفية بل والجنسية (لاشعوريا) وقد تتلاعب المريضة بهما (دون قصد واعى) .
أوافق على احتمال نقص تفاصيل الإلمام بالواقع لدى المعالج بشدة، واعتقد إن المريضة تدعم ذلك حتى تكون فى وضع المتحكـِّـم.
د. يحيى:
تفسير مفيد، لا أوافق على بعض تفاصيله، لكنه يفتح أبوابا أخرى للنقاش حول مدى نضج المعالج واحتياجاته، وربما ما يسمى بالطرح المقابل Counter transferece، وهو ما انتهى إليه الحوار فى الإشراف.
أ. محمد المهدى:
اليومية دى وصـّـلت لى حاجة طمنتنى شوية، أحيانا بيبقى عندى عيان بيشتكى من مشاكل واقعية، وانا مش قادر أعمل له حاجة فيها، وأوقات كتير تبقى دى شكوته الأساسية، ساعتها أنا باحس بالتقصير لأنى مش قادر أساعده فى حلها، واليومية دى علمتنى إزاى أعرف أفرق بين موقفى العلاجى الداعم واللى أحيانا بيكون فى أوقات كفاية وفى نفس الوقت إنى مش مطالب بحل مشاكل واقعية يستحيل حلها، أو ربما حلها بيكون خارج نطاق تخصصى والوظيفة اللى بأديها للعيان.
د. يحيى:
كل هذا هو ضمن روعة ومسئولية العلاج وأمانة المعالج .
د. محمد أحمد على:
أنا مش فاهم مضاعفات إيه اللى انتوا خايفين منها، فى أى اتجاه هذه المضاعفات؟
أنا لى تعليق على موضوع الأهل، لابد –كما أرى- أن تتم مواجهة الأهل وإعطائهم درس فى هذا الوقت إنه “مش علشان هيه ضعيفة تدوسو عليها” دول ناس بتبص لمصلحتها وبس… البنت دى تقف معاهم ليه بعد ده كله؟
د. يحيى:
انفعالك جيد، وقد يكون فى الاتجاه السليم، مع أننى أشك فى ذلك، ثم دعنى أذكرك أن العلاج هو أن تقلب هذا الانفعال إلى مسئولية أو حركة عادية على أرض الواقع لصالح المريضة، نعم، مع الحذر من تصديقها على طول الخط.
أ. أيمن عبد العزيز
ألاحظ هنا إن المعالج غرق فى المشاكل الخاصة بالمريضة وتعاطفه معها حرمه من فرصة رؤية الجانب الآخر وهو دور المريضة فى ذلك، وأفَترض إن المريضة هنا تلعب دور الضحية والمستَغَّلة من الجميع.
د. يحيى:
عندك حق، مثل د. ناجى حالا وغيره من المعقبين.
د. أسامة فيكتور:
موقف د. فوزى المتعاطف الذى هو عكس الموقف الاستغلالى الذى اتسم به أغلب المحيطين بها، هو موقف مفيد، وقد وجدتنى أيضا أفعل مثله مع كثير من مرضاى فى العلاج الفردى، لكننى لم أكن أقصد ذلك تماما، كنت لا أدرى أننى أعمله.
د. يحيى:
هذا ضمن فوائد الإشراف، إن نقيّم نوع، وقدر، وتوقيت مانسميه “تعاطفا”، ثم أن نقيس معاً نتائجه وجدواه أولا بأول، ونفرح بأننا نعمل أشياء طيبة وإيجابية حتى دون تخطيط مسبق، ونراجع أنفسنا باستمرار، كل هذا هو المحور الذى يدور حوله الإشراف والتدريب.
أ. هيثم عبد الفتاح:
حاسس إن تعاطف المعالج مع المريضة كويس مش وحش، وأنا كمان متعاطف معاها، لكنى اتلخبطت، ووصلنى إن فيه تناقض من اللى العيانة بتوصله مثلا عن أمها وبين اللى شافه الدكتور فوزى، مش عارف أحط ده فين، وده فين؟
د. يحيى:
التعاطف دائما مفيد،
لكنه مجرد بداية، وأرى أن استمرار العلاج سوف يوضح الموقف، وفرصة نضج المعالج واردة ومتجددة طالما الحوار متصل والمراجعة جاهزة.
د. نعمات على:
هل يمكن أن يصل تعاطف المعالج مع المريض على إنه موافقة غير مشروطه على أفعال المريض!! وإذا شعر المعالج بذلك ماذا يفعل إذا كان لايقدر أن يغيره موقفه؟!
د. يحيى:
كل شىء ممكن،
نمو المعالج المستمر فى التدريب والإشراف وراد دائما فالنمو سوف يسمح له، إن عاجلا أو آجلا أن يفرق بين التعاطف والموافقة غير المشروطة، وكلما اضطرد النمو زادت القدرة على تغيير المواقف، وكلما حصلنا على معلومات أوفر، أصبح حكمنا أكثر موضوعية، وإن لم ينم المعالج بدرجة كافية، فالإشراف موجود، علما بأن النمو عملية بلا نهاية.
أ. هالة نمّر:
لم يصلنى فقط من تعاطف الطبيب الحذر خوفه من أن يسبب تعاطفه هذا فى تفاقم سلبيات المريضة، ولكن أيضاً وبالأساس تلك الحيرة والزنقة التى نقع فيها حين نتعاطف فى لحظة مع آخر، ولا نجد من الوسط المحيط تعاطفاً يدعم تعاطفنا فنأتنس ونطمئن بذلك التعاطف الجماعى ونركن عليه. الأقرب حينها أن نتشكك فى موضوعية أو صدق أو احتمال ما نراه (يا إمّا شايف غلط،، يا إمّا مش شايف كل حاجة)، كيف أصدق حدسى بيسرعندما أجد نفسى وحيدة/ متورطة/ متحملة مسئولية المغامرة؟ كيف أشحذ نفسى لكى أدفع ثمناً ما لذلك وحدى؟
د. يحيى:
هذا هو طريقنا يا هالة معا: الاجتهاد، والحذر، والمراجعة، والحوار، والزمن، أليس هذا هو العلاج النفسى؟ أليس هذا هو دور الإشراف، فلماذا حكاية “أدفع الثمن وحدى” هذه.
أ. هالة نمّر:
… أرى إن تعاطف الطبيب (لو أدرنا زاوية النظر) توَلّد عن موقف يستحق التقدير؛ بمعنى إن تعاطفه هنا فى هذا السياق غير الداعم قد يحمل قدراً من الحساسية والحدس الإنسانى الجميل ومغامرة إن الإنسان يتشاف على بعضه، كما قد يشير أيضاً إلى عدم استسهال الطبيب واعتماده المفرط على ترمومترات خارجية وتحمّل شجاعة وأمانة أن يرى الراقات الأعمق والاحتمالات الأخرى رغماً عن محدودية المتاح…، ولذلك أتصور إن التفات الطبيب (والتفاتى) للزوايا المختلفة وراء موقف التعاطف، قد يكفى مبدئياً لطمأنته واتكاله على وصله هكذا دون إسقاط المؤشرات الأخرى المختلفة أو حتى المضادة من حساباته، وحقه فى المطالبة بالونس.
د. يحيى:
لو أنك راجعتِ معظم التعليقات الآن لوجدت أن أغلبها هى مكملة لرأيك مع أنها ليست مماثلة تماما، ولعل هذا يفيدك فى أن تعيدى النظر فى حماسك لهذا النوع من التعاطف، أنا لا أدعوك لاتباع رأى الأغلبية، ولكننى أعرض عليك تقليب النظر، كما أعرض على الأغلبية الاطلاع على رأيك.
ما رأيك؟
[1] – من كتاب (“بعض معالم العلاج النفسى” من خلال الإشراف عليه (1 إلى 20) منشورات جمعية الطب النفسى التطورى (2017)، والكتاب يوجد فى الطبعة الورقية فى مكتبة الأنجلو المصرية وفى منفذ مستشفى دار المقطم للصحة النفسية شارع 10، وفى مركز الرخاوى للتدريب والبحوث: 24 شارع 18 من شارع 9 مدينة المقطم، كما يوجد أيضا بموقع المؤلف، وهذا هو الرابط www.rakhawy.net ، ونكرر التنويه أن كل الأسماء مستعارة.