الأهرام 25-12-1998
منظومة القيم في النظام العالمي الجديد!!
في المؤتمر الإفريقي ـ الدولي الأول للطب النفسي الذي عقد في القاهرة في الفترة من16 ـ18 ديسمبر الجاري بمبادرة من مركز الطب النفسي جامعة عين شمس, وفي محاضرة افتتاحية كنت ألقيها صباح يوم1998/12/16, عن المضاعفات( والتحديات) التي تواجه العالم النامي( أو المتخلف) في محاولته أن يتبع حرفيا تصنيف وتشخيص الأمراض النفسية كما سادا في الولايات المتحدة الأمريكية( التقسيم الأمريكي الرابع), وبدرجة أقل كما اتفق عليه عالميا( التقسيم العالمي العاشر) أكدت أنه علينا ألا نكتفي بأن نعرف أن الفروق بين الثقافات المختلفة هي في شكل هذا العرض المرضي أو ذاك, كما أنها ليست في اختلاف نسبة تواتر الاضطراب الفلاني هنا وهناك, وبالتالي ينبغي علينا أن نغوص إلي الفروق الجوهرية التي تميزهم أو تميزنا, وهي التي توجد أساسا في ثلاثة أبعاد جوهرية, ألا وهي(1) منظومة القيم(2) واللغة(3) ونوعية الحياة.
ومساء اليوم نفسه, وأنا عائد إلي بيتي قرب منتصف الليل عرفت من إذاعة لندن أن العراق سيضرب بعد قليل, وقد كان, وفجأة ربطت بين ما قلته في المحاضرة هذا الصباح, وما حاولت أن أعيشه مع هذه الأحداث الجارية هكذا علي عينك يا عالم, وتساءلت: أي قيم تلك التي سمحت لهذا الشعب الأمريكي( وليس فقط قيادته) أن يفعل فعلته تلك, وأي قيم جعلت صدام حسين يجر علينا وعلي شعبه كل هذه السلسلة من الامتحانات والمحن والإهانات والخراب, وأي قيم تتحكم في تفاعلاتنا وانفعالاتنا شعوبا وحكومات, هنا وهناك؟ وما هي حقيقة الفروق بين منظومة القيم التي تتحكم فينا فتصل بنا إلي هذه المهانة وتلحق بنا هذا الذل, وبين منظومة القيم التي تسمح لهم بكل هذا الطغيان وهذا التبلد؟ وهل صحيح أنها مسألة مصالح اقتصادية بترولية أمريكية, أو مصالح إسرائيلية احتكارية استغلالية هي التي تتحكم في مثل هذه القرارات أيا كانت؟ وكيف زعمت هذا الصباح أن قيمنا تختلف عن قيمتهم أساسا دون أن أتمعن ففي هذا الاختلاف؟ وهل كنت أقصد أننا أسوأ, أم أحسن, أم ماذا؟ كل ذلك راح يراودني وأنا في حال, وكأن الصواريخ تسقط علي رأسي شخصيا, أو كأنها تعري سوأتي وخيبتي وعيي, أو كأنها تواجهني بعجزي ودعائي.. إلخ. فاقترب قلمي مني يعرض خدماته لعله يخفف عني, أو يلقي ببصيص نور يهديء روعي وينفي عني بعض لوم نفسي.. هكذا.
أمسكت بالقلم لعله يخلصني من بعض ما أعاني, لكنني شعرت أنني أكتب ببطء بليد, وكأن أطنانا من بقايا الجحيم المنصهر وقد صارت شظايا باردة قبيحة: تغلف وعيي, فكرهت ما أفعل, وكرهت الكتابة, وكرهت اللوم, وكرهت التفسير, وكرهت نفسي( وأظن أنني سأمزق كل هذا قبل أن أرسله لأي جهة للنشر, ما لم ينقذه وعدي للصديق أحمد يوسف القرعي بالكتابة إليه كلما عن لي ذلك).
أنا أعرف خيبتي البليغة حين أتفاعل مع الأحداث وكأني مسئول عنها, ظالما أو مظلوما, معتديا أو ضحية, وأعرف أن هذه المبالغة قد تكون نوعا من الهرب بشكل أو بآخر, لكنني اعتدت أنني من خلال هذا الهرب ـ لو كان هربا ـ أعود منه مختلفا, أكثر جدية, وأكثر مثابرة, وأكثر إصرارا, هذا ما كنته عادة في مثل هذه المواقف: كنت إذا عايشت أحداثا مثل التي تجري الآن, امتلئ غيظا حتي أعيد النظر في كل شيء, وأصرخ في من حولي صرخة صلاح عبد الصبور انفجروا أو موتوا, انفجروا أو موتوا, وكنت أتعجب من راحة بال بعض زملائي الأصغر وطلبتي, وهم بعد شباب في مقتبل العمر أو رجال( ونساء) في أوسطه, حين أري كيف يريح الواحد منهم نفسه, مثلما تفعل إذاعتنا وتلفزتنا, فبعضهم يكبر دماغه مقتديا ببعض أعضاء مجلس الشعب, وبعضهم يشتري رأسه مستلهما لغة الشارع الجديدة, وأظن أن هناك فروقا تفصيلية بين من يشتري رأسه ومن يكبر دماغه, لكن النتيجة واحدة, وهي أنني أجد نفسي وحيدا تماما مع إذاعة لندن اللحوح وهي تعايرني ـ دون قصد طبعا ودون مؤامرة ـ أنني عربي ابن كذا, ولم أتعلم أبدا أنه لا فائدة من هذا الذي أعمله وأعيشه مع الأحداث, وأن هذا الذي أكتبه يمكن أن يكون تفريغا كاذبا, أو تسكينا تبريريا, لا يصل إلي أحد, فإذا وصل إلي البعض, فإنهم قد يفرحون بصياغة الكلمات أو حسن النية, وهات يا نكت, ويا نقاش, وهات يا سجائر, وهات يا قلة مفيش. وخلاص, فأثور أكثر وأنا أواجه لا جدوي الكلمات, وحين أعود إلي نفسي أجدني مثلهم تماما, فأتساءل: ماذا فعلت أنا بكل هذه الأحاسيس وكل هذا الصراخ وكل هذا الألم؟ كلما اغتصبت امرأة في البوسنة رحت أطمئن علي الغطاء حول زوجتي, أو أهاتف ابنتي لأطمئن أنها في بيتها, أو أحتضن حفيدتي خوفا عليها منهم يوما ما, وكلما دفنوا أحياء في سربرينتشا في البوسنة, أو دكوا منازل بمن فيها في كوسوفا, شممت رائحة التراب تغلف وعيي.. وكلما قتلوا شابا في غزة, تلفت حولي إلي كل أم قريبة أعتذر لها وكأنني كنت أملك أن أبلغ جهة ما لتحول دون ثكل الأم في هذا الشاب الفلسطيني الذي هو ابن كل هؤلاء الأمهات!! لكن كل هذا كوم, وما يجري هكذا هذه الأيام كوم آخر.
في اليوم السابق مباشرة لبدء هذا المؤتمر سالف الذكر( أي في يوم15 ديسمبر) كنت ألقي محاضرة في المجلس الأعلي للثقافة, ضمن نشاط لجنة الثقافة العلمية عن الوظيفة الجنسية من التكاثر إلي التواصل, وكان الدافع لإلقاء هذه المحاضرة حدثان شغلا العالم خلال الأشهر الستة الماضية, وهما اكتشاف الفياجرا ومسلسل كلينتون ـ مونيكا, وقد حاولت في هذه المحاضرة أن أبين فروق القيم بين ثقافات ثلاث, وكيف استقبلوا الأحداث المتعلقة بهذا الكشف وذلك الحادث, فرحت ابتداء أتقمص كلينتون لأتصور: ماذا كان ينقص هذا الرجل علي قمة العالم ليعمل ما عمل, ويطلب من هذه الآنسة!!! ما طلب, ويتصرف كما تصرف, لا يمكن أن تكون اللذة وحدها هي الدافع, ولا جمال الست المصونة( لأنها ليست جميلة), وقلت في المحاضرة: إن للجنس لغة ينبغي أن نحسن الإنصات لها لنفهم احتياجات الناس وطبيعتهم, ومن ثم نفهم تركيبهم وتصرفاتهم, ضمن لغات أخري, وهذا الفهم هو الذي يسمح بتفسير كيف خاطر هذا الحليوة بمستقبله هكذا, ومن هنا لم أتصور أنه ضرب العراق ليؤجل محاكمته, وربما هو ضرب العراق لأنه هو هو الشخص نفسه صاحب الاحتياج الذي دفعه إلي هذه المخاطر؟ وإذا كانت شخصيته تسمح بالاعتذار للشعب الأمريكي ولأسرته, وللست مونيكا, المرة تلو المرة: بأنه لم يستطع أن يمسك نفسه( ولا مؤاخذة), وأنه أخطأ وكذا وكيت, فهل ينفع اعتذاره للشعب العراقي, وشعوب العالم, لو أدرك( يا عيني) أنه قد أخطأ أيضا حين ضرب العراق؟
نعود إلي اختلاف القيم في الثقافات المختلفة, لنري كيف ركزت الثقافة الأمريكية( إزاء هذا الحادث) علي الحنث باليمين وتضليل العدالة, دون أي انتباه للغة الجنس ودلالات هذه الممارسات, وكيف تعجبت الثقافة الأوروبية من هذا التدخل المشبوه في الحياة الخاصة للناس, رؤساء أو غير رؤساء, وكيف ركزنا نحن هنا.. مصر والعرب, وربما العالم الإسلامي.. علي الممارسات الجنسية وتصانيفها, وأشكالها ولا أخلاقياتها, وضرورة التستر عليها, دون الاهتمام بمسألة تضليل العدالة أو الحرية الشخصية.
ولكن ما العلاقة بين هذا كله وضرب العراق؟
أقول إن الواجب يحتم أن ننتبه إلي ما يصاحب ما يسمي النظام العالمي الجديد من قيم جديدة, أو من إحياء قيم قديمة وحشية أو غبية أو لا إنسانية, ذلك أن هذا النظام ـ الذي لم تتحدد معالمه بعد ـ لا تتوقف آثاره علي الاقتصاد والسياسة, ولكنها لابد أن تمتد إلي تغيرات قيمية لا شك ستؤثر في الاقتصاد والسياسة كما أنها تتأثر بهما.
خذ مثلا ما يجري في العراق الآن:
هل هذه حرب أم بلطجة؟ فإذا أجمعت الأغلبية علي أنها بلطجة, فهل كان يمكن أن تظهر هكذا بكل هذه الوقاحة والبجاحة إلا بعد الاطمئنان إلي عجز روسيا عن أن تصدر إنذارا مثلما الذي أصدره الاتحاد السوفيتي سنة1956 ؟ ولا يقتصر الأمر علي تغير القيم عند الرؤساء المسئولين عن اتخاذ القرار, بل إنه يتغلغل إلي عامة الناس, فكثيرون شاهدوا في بعض تسجيلات الـ( سي. إن. إن) ردود فعل في الشارع الأمريكي تظهر كيف أن كثيرين من عامة الأمريكيين قد أعلنوا فخرهم بالهجوم, أي والله, أي فخر يمكن أن يخطر علي بال بشر وهو يري دولة تملك قوة بلا حدود, لا تعلن حربا وإنما ترسل صواريخ, لا تتصرف بفروسية المحاربين, وإنما بنذالة اللصوص وانقضاض قطاع الطرق, كنا زمان حتي في الأفلام نري الفارس ينتظر غريمه حتي يلتقط سيفه قبل أن يواصل المبارزة, وأحيانا يلتقط هو السيف ويعطيه لغريمه ثم يستكمل المبارزة, أما هذا الذي يجري ـ ويفخر به المواطن الأمريكي العادي ـ فلابد أنه قيمة أخري غير الفروسية قيمة تسمح بقتل الأبرياء شريطة ألا يجرح طرف إصبع جندي واحد من جنود الابادة المغيرة عن بعد, هذا إن كان ثمة حاجة للجند أصلا, فهذه الإبادة النذلة لم تعد تحتاج إلا لمجرد ضغط كمبيوتري علي أزرار بعيدة ليتحقق التدمير, ويحل الخراب, وتتمادي الإهانة, ويتم الإذلال ثم يتبجج من فعل ذلك وتسمح له قيمه ونوعية انسانيته ان يسمي ذلك عمليات جراحية, وأن يدعي أنه يحمي جيران صدام من صداميته( وكأنه أوقف الزمن عند سنة1990) ثم يدعي أنه لم يقتل إلا كذا من المدنيين, وكأن قتل شخص واحد ظلما وعدوانا, من منطلق قيمي وديني, ليس مثل قتل شعب بأكمله( من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الارض فكأنما قتل الناس جميعا) أي قيمة وأي لغة يمكن أن تسمح لأهلها بأن يسموا هذا الذي فعلوه باسم تدليل( دلع) ثعلب الصحراء وكأنهم يتبارون حول مائدة ورق للتسلية, وأي ضمير سمح لهم ان يفعلوا كل ذلك ويتركوا إسرائيل تفعل كل مايفعله صدام, وأكثر, وتهدد جيرانها وغير جيرانها, بل انهم لو أدركوا حقيقة ماينتظرهم منها لعلموا أنها إسرائيل إنما تهدد أمريكا وأنجلترا شخصيا, ثم لايفعل رئيس العالم الجديد إلا أن يدللها, ويعلن المتحدث الرسمي باسمه بين الحين والحين, أن إسرائيل إذ تحنث في عودها, وتخالف المجتمع الدولي, وتقتل الاطفال وتزيل المنازل, وتصنع القنبلة الذرية وتخزنها, يعلن في تصريح شديد اللهجة… ان هذا الذي تقوم به إسرائيل لايساعد علي استئناف مسيرة السلام(!!!) هكذا!! ؟ أكثر الله خيره!! وكأن هناك احتمالا أن يكون هذا الذي تقوم به إسرائيل مما يساعد علي مسيرة السلام, فيسارع السيد المتحدث الرسمي للخارجية الامريكية ليطلق عليها وعلينا ـ مشكورا ـ صاروخا من الكلام الفاتر الذي لايصل حتي إلي مرتبة تحصيل الحاصل, نفس هذه السلطة وهذا البيت الأبيض, والبنتاجون ومعهم التابع الأنجلوساكسوني عبر الاطلنطي, العايق الآخر بلير, هم الذين يرسلون الصواريخ تبيد بلا حرب أصلا, يبيدون شعبا جردوه من السلاح والطعام والدواء, ويريدون تجريده هو ومن يقف معه من الكرامة, ومن الشرف, ثم من الوجود أصلا.
فرحت أبحث وأنا في حال جديدة عن هذا الذي كان يتملكني من غيظ في مثل هذه المواقف فلم أجد ما اعتدته, إذ يبدو ان الجاري لايسمح حتي بالغيظ, بل انني أفتقدت فرط الألم الذي كنت أطمئن بمعاناته أنني مازلت أشعر بالناس حتي مع العجز أن أمد يدي إليهم, لا الغيظ ملأني ولا الألم اعتصرني فخفت علي نفسي أن أكون قد تبلدت بدوري, فرحت أعتذر ـ في نفسي ـ لهؤلاء الذين كنت أسلخهم لوما إذا هم لم يشاركوني مثل هذا الغيظ, وبدأت أتبين حقيقة كنت أطبقها علي مرضاي دوني, وهي أن البلادة( التي تسمي عين العقل في حالة السواء) هي الوسيلة الوحيدة المتبقية لنا لنبقي أحياء, نأكل ونشرب ونتناسل( حفاظا للنوع لا استمتاعا باللذة) وتصورت أن الشاعر العربي الذي امتلأ جسده بالنصال حتي لم يعد ثمة مكان لنصال جديدة كان يصف هذا النوع من البلادة,( فصرت إذا أصابتني سهام, تكسرت النصال علي النصال) حتي استشهادي بهذا الشعر العربي اعتبرته من مسهلات البلادة, مثله مثل اللجوء إلي الاستشهاد بالأمثال, إذ يبعدنا هذا وذاك عن مسئولية الوعي ببؤرة اللحظة الراهنة, وقد يشير هذا الذي اعتراني من أنني اقترب رويدا رويدا من الاقتناع بقيمة أخري من قيم النظام العالمي الجديد, وهي قيمة يتولون تسويقها بمعرفتهم, إذ هي ضمن قيم طقوس الدين الجديد المسمي حقوق الانسان إذ يبدو أن البلادة أصبحت هي الاخري من حقوق الانسان, أسوة بما نشاهده علي وجوه وزراء الخارجية ومندوبي الدول في الأمم المتحدة وليس أحد أحسن من أحد.
والحل ؟
طبعا مع كل تمتعي بحقي في البلادة, باعتبارها من حقوق الانسان الجديد ـ ومع افتقادي الغيظ الذي كنت أشرف به, بدا لي ان الحل من واقع خبرتنا الأخيرة في العراق, هكذا, هو العصيان ثم العصيان ثم العصيان, إذ أنه ثبت من التمادي في الاستجابة لطلباتهم والخضوع لشروطهم سواء في التفتيش عن الأسلحة المزعومة, أوفي المفاوضات من أوسلو حتي مزرعة الواي, ثبت انهم لايشبعون طاعة, فليكن العصيان هو الحل, ولنتجرع البلادة مع المياه الملوثة مع شروط القروض, ولنتناول حبوب منع الغيظ, لنتمادي أكثر في الرقاد في الخط, فلا انتاج ولا استثمار ولاشئ, ما دام كله قد ينهار هكذا فجأة تحت ضربة عشوائية من رئيس جديد للعالم تكون الست الرفيقة الجديدة وقد أبت أن تدلك له ظهره مثلا, وهكذا نصبح عالة عليهم مائة في المائة, فيكملون جميلهم ويموت أغلبنا إما بصواريخهم أو نموت جوعا أيهما أقرب, فيزدادون طغيانا وظلما, فنضيع عليهم جدل العبد والسيد( هيجل) فتتضخم قيمهم الجديدة إلي أي مدي!
وبما أن هذه القيم, كما هو واضح بلا أي زيادة هي غير صالحة للاستهلاك الآدمي أصلا, فسوف يتعسون, ثم يخدرون بمزيد من الغرور والطغيان وبعض اللذة وكثير من الاستهلاك, ثم يأكل بعضهم بعضا حتما فينقرضون.
وهكذا يرث الانسان الحقيقي ـ ممن تبقي منا هنا وهناك ـ الارض وماعليها, وتعود قيم المبارزة ومعني الفروسية في الحرب والسلم.
…………..
ياه
يالشدة مانحن فيه حتي أقول هذا الكلام؟
الحمد لله علي كل حال, ومازال رمضان كريما والله موجود قطعا مهما كان.