يحيى الرخاوى طبيب نفسى
نشرة “الإنسان والتطور”
الخميس: 15-12-2016
السنة العاشرة
العدد: 3394
منتدى النقد:
فى رحاب نجيب محفوظ
ضيف اليوم: حسنى حسن (3)
الظل هو الأصل
وهل يحتاج تسمية؟!
نبذة عن ما نشر!!:
فى النشرتين السابقتين أشرت إلى عزمى أن أواصل المقارنة بين “السراب” وهذه الرواية “اسم آخر للظل” لكننى عدلت عن الإسراع فى ذلك وخاصة أن هذه الرواية الأخيرة مجهولة للكثيرين، فما بالك بأصدقاء وزوار الموقع، وقد بدأت نشر نقدى لهذه الرواية الأخيرة مع رجاء أن من يريد أن يتابعنا عليه أن يقرأ الرواية أولا، ومع أن أملى ضعيف فى متابعة النقد أصلا ناهيك عن متابعة المتن فقد أبرأت ذمتى بهذه التوصية .
فى الحلقة الأولى كشفت عن صدفة قراءتى لأعمال متقاربة فى نفس الوقت، وهى أعمال تغرى بالمقارنة(1) بالاضافة إلى كتاب نقدى لكاتب الرواية الحالية(2)ثم طرحت أسئلة عن هذا الجيل ومبرارت المقارنة، كما قدمت بعض الفروض عن تعدد المستويات فى الكتابة الإبداعية، وحركية العلاقات وتكثيف الحضور، وعن الأدب وقدرته على الاسهام فى إعادة تشكيل الوعى البشرى وعلاقة ذلك بما يسمى الحداثة وما بعد الحداثة وخاصة بالنسبة لثقافتنا المعاصرة ومثقفينا .
في الجزء الثانى (النشرة التالية) لم أتطرق إلى مناقشة هذه التساؤلات وهذه الفروض وإنما رسمت صورة للمؤلف من خلال انطباعاتى عنه فى محاولة الربط بين روايته هذه وكتابه النقدى المتميز “يقين الكتابة“، وألمحت إلى احتمال تأثره بموضوع هذا الكتاب وهو عن أعمال “إدوار الخراط” وشخصه مبدعا، وذهبت أبحث عن العلاقة بين دوره “ناقدا”، ودوره “روائيا” وتيقنت من نفى أى احتمال تقليد الكاتب/الناقد لكاتبه المفضل “الخراط”، وأيضا انتفت عندى أية وصاية للناقد حسنى حسن على الكاتب حسنى حسن.
واليوم أبدأ بمناقشة ما وصلنى عن الاسم ومغزاه .
1/2
الإسم والمحور الأساسي
التقط الدكتور على الراعى فى نقده للرواية دلالة الإسم، قائلا “أقف أخيرا عند عنوان الرواية” إسم آخر للظل وأحدس أن الكاتب يقصد بالظل هنا “البعد عن جلائل أعمال لا يقدر على التصدى لها”(3).
وهذه بداية طيبة، قد تفسر لنا العمل، أو على الأقل روح العمل، لكن علينا أن نقف طويلا أمام الألفاظ وإختيارها تحديدا هكذا من جهة، ليس فقط ألفاظ عنوان العمل برمته، وإنما عناوين الفصول كذلك: ”كنت لكم”،- “أطرق الباب”،- “سناء”، علما بأن الكاتب ليس ملزما بوضع عناوين لفصوله، فإن فعل فهو يقصد ما يفعل حتى لو لم يتضح للقارئ، بل حتى لو لم يتضح له .
نبدأ بعنوان الرواية فأتفق مع الدكتور الراعى فى التوجه وأختلف معه فى أن من هو فى الظل ليس بالضرورة (أ) بعيدا عن جلائل الأعمال ولاهو (ب) عاجز (لا يقدر) عن التصدى لها، فتعبير جلائل الأعمال يحتاج إلى مراجعة فى عصرنا هذا وخاصة فى بلدنا هذا، متى يسمى العمل جليلا؟ هل يكون كذلك
حين يكون (أ) ظاهرا، مشهورا، ذائعا.
أو حين يكون (ب) بطوليا خارقا فارسا.
أو حين يكون (جـ) مثاليا فى التضحية والإيثار.
أو حين يكون (ء) وطنيا قوميا جماهيريا.. إلخ.
وبم يقاس العجز عن التصدى لكل هذا؟
بأنه لم يذكر إسمه ضمن قائمة من ذا الذى Who is who
أو لم ينل جائزة الدولة
أو أنه ليس عضوا فى اللجنة المركزية للحزب …
إن قضيه الرجوع إلى الأصل قبل الانبهار بالسطح أصبحت الشغل الشاغل للناس أمام التحديات الجديدة، وبعد أن مات البطل، وتعرى ميكانزم استعمال الطبقات الأفقر لتأكيد تميز الأظهر، وحتى بالنسبة للثورات – فإن “سكان الظل” هم صناعها الحقيقيون، ثم ينفذها الأذكى أو الأشجع أو الأكثر تهورا أو لؤما .إلخ، ليرثها الأخبث والأكثر انتهازية وذاتوية، ودور المبدع الآن هو أن يعالج هذه المعادلة الصعبة ليعيد تنظيم مفرداتها، فالاهتمام بتسمية المفاهيم بحقيقتها الموضوعية، من واقع إبداع يسري، ثم من واقع فعل يُـمَارس، هو مهمة إبداعية فى المقام الأول، إن كان للإبداع أن يقوم بدوره فى التغيير الفعلى القادر على الصمود، فسكان الظل هم الوعى الجماعى القادر على تسيير الحياة، والذى بعض مظاهرها ما يفرز على السطح ممن يقال عنهم : القائمون بجلائل الأعمال.
وبألفاظ أخرى:
إن هذه الوحدات المجهولة من البشر هى التشكيل الأساسى للحياة الذى يظهر على سطحه هذا أو ذاك الآن أو من قبل أو فيما بعد من الشخوص الظاهرين للعيان. فهم (سكان الظل)-إذن- ليسوا ظلا للبطل وإنما هم الوعى القادر على إفرازه، والوعى لا يوصف بالتصدى أو البعد عن كذا وكيت من جلائل الأعمال، ولا هو يوصف بالعجز والفاعلية بالمعنى البطولى الجليل، وإنما هو يوصف بما هو من نوع علاقاته وحيوية إحاطته وأعماق طبقاته.
2/2
لم يأل المولف جهدا فى إيضاح ما يقصده بالظل، وقبل أن استشهد به لابد وأن أعترف أننى قرأت العنوان لأول وهله على أنه “وجه آخر للظل” وليس “إسم آخر”، ثم تبينت خطئى ودلالته، لأن الكاتب لا يبحث عن وجه آخر مشرق أو لامع مثلا، لما يظن أنه باهت أو خفي، أو لما يبدو ثانويا، فيذهب ليؤكد أن هذا الذى يقال عنه فى التراث “ليس بشيء” هو الشيء الأولى بالنظر لو نظرنا إليه بما يستحق، وبالتالى لو تعمقنا فى فهم أبعاده وتشكيلاته ونوع حضوه وكياناته، وهذا الأمر وارد فى التراث الصوفى خاصة، وفى التراث الدينى عامة (الأشعث الأغبر الذى لو أقسم على الله لأبره، أو ذلك الذى إذا حضر لم يستشر وإن غاب لم يسأل عنه ..إلخ).
إذن فالبحث عن إسم آخر هو إعتراف موضوعى بالظل: حقيقته وزخمه وأصوله وعلاقاته وقدرته وتنويعاته حتى لا يظل منسيا أو خفيا إذا نحن أصررنا على أن نسميه “ظلا”.
فماذا بالله يمكن أن نسميه؟
هل أسبق الأحداث لو أننى عرضت بعض الأسماء التى خطرت لى بعد انتهائى من قراءة هذا العمل أول مرة ؟ هو فعلا سبق للأحداث، لكن يبدو أننى أعمله عمدا، ذلك أنه قد خيل إلى – بشكل شخصي-أن هذا العمل قد وقع بؤرة اهتمامى بما هو ” الشخص العادي”، ليس من قبيل ادعاء التواضع أو الرشوة لغالبية معروفة أو مجهولة (سواء أسميناها الشعب، أم الجماهير، أم البروليتاريا أم القاعدة أم غير ذلك) وقد عانيت هذا الهم بما هو “الشخص العادي”، وبالذات بماهية إبداعه وحقيقة إسهامه، فى أعمالى السابقة وخاصة حين اعتبرت الحلم – فى نظرية كاملة – هو الإبداع اليومى له فى عملى “الإيقاع الحيوى ونبض الإبداع”، ثم ما تلى ذلك من اعتبار حالات العادية، والإبداعية، والجنون مجرد أطوار متبادلة يمر بها كل الناس،(جدلية الجنون والإبداع) (4) وحتى حين دعيت فى المحاضرة الأولى لموسم هذا العام فى جمعية النقد الأدبى (تحديدا لعام) وكان موضوعها القارئ العادى ناقدا” فجاء استكمالا لهذه السلسلة الملحـة على طول الوقت، والمتصلة بالبحث عن، أو بالكشف عن الدور الحقيقى للشخص العادى (فى الظل).
ثم يأتى هذا العمل لا ليكشف عن دور، وإنما ليقوم بدور أهم وأسبق، وهو سبر غور كيان يبدو لأول وهله أنه ليس موضوعا يستأهل.
ذلك الكيان الذى يقبع فى الظل
3/2
إذا لم يكن الظل ظلا (بمعنى البعد عن جلائل الأعمال وفقد قدرة التصدى لها كما يقول د.الراعى)، فماذا يكون؟
هذا ما حاول الكاتب أن يعرفنا به من خلال أدق أداة يمكن أن تقوم بهذه المهمة، ذلك أنه راح يغوص فى طبيعة وجذور الطبيعة الإنسانية بشكل جذري، ليقول لنا إجمالا إن الظل:
هو الذى يعلمنا ماهية العلاقات الإنسانية الصعبة والمستمرة فى تحد لا يهمد،
وأنه المحاولة والخطأ فى توجه الحياة والموت بما يستمر ويعاود
وأنه التعثر والإفاقة على طريق اليقظة فى كل حدس اللحظات.
ثم إن الكاتب يوحى لنا – دون تحديد – أنه إذا أفـرز كل هذا ما ظهر للعيان، فيكون هذا الذى ظهر هو ناتج كل هذه التفاعلات، ولا تكون كل هذه التفاعلات هى ظل لهذا الذى ظهر.
قبل أن أقدم ما خطر لى من اسماء “أخري” للظل تعالوا نقرأ معا:
ص (14) “لم أوهب مثلا ملكة أن ألهم أحدا فعلا خارقا أو جذريا، أن أسهم فى تغيير حياة الآخرين، أو حتى فى تعديل رؤاهم لهذه الحياة، باختصار أن أكون مؤثرا فى وجود ولو إنسان واحد فقط”
ثم نقرأ رأى الآخرين، فنجده هو هو نفس الرأي، يقول له مجاهد فى خطابه ص (21)
”أو ربما كنت مجرد عاشق صغير فاشل قد يدرك يوما حضن فتاته المنتظرة، فيستريح ويريح، أما جيفارا أو تروتسكى فليذهبا إلى حال سبيلهما فليس لك فيهما حاجة”
هكذا منذ البداية، وحتى قرب النهاية
”يستحوذ على أحيانا شعور بأننى قد صنعت حياتى عندما توهمت فى نفسى مواهب وقدرات لا وجود لها، واصطنعت لى حلما أكبر من طاقتى الروحية فرحت أنتظر مالن يجيء”. ص 148
ثم اعتراف أصرح (ص 149) :
”ألم يكن من الأفضل لى أن أنزوى فى ركن بعيد، أكدح بيدى كما يكدح أى عامل من الصباح إلى المساء متحررا من الطموح ومن العطش إلى المجد، وقانعا بتربية طفل يأتى من دمى ومنتظرا الموت فى سلام”
(ملحوظة: وهذا بعض مافعله وهو يعمل فى تنظيف المحال والمطاعم آخر الليل ولكنه لم يعمله كعامل بسيط، بل عمله وكأنه يُفَعْلِنْ (5) كتابة تمنى ان يكتبها، فلما عجز عن كتابتها، راح يمارسها: هكذا!!).
وأيضا- فى النهاية-يعلن موقعه فى الظل من خلال رأى الآخرين مرة أخرى:
سناء: ص (149)
“لماذا لا تعترف ببساطة أنك أجبن من أن تقامر بحياتك فى لعبة واحدة، ربما كان نصيبها من الربح معدوما” (6)
وكلمة بساطة استعملها الكاتب بشكل جيد فى أكثر من موقع، وهى ليست وصفا مباشرا لمن هم” فى الظل”، كما تبدو لأول وهلة، فمن ناحية كانت سناء تصف نفسها بشكل متكرر بأنها بسيطة، ومن ناحية أخرى كانت البساطة تبدو آلية دفاعية (ميكانزما) تخفى موت الطموح ودنو الهمه(7):
تقول سناء -مؤكدة نفى إيجابيات البساطة، رغم تكرارها أنها ليست إلا كذلك، تقول بضيق (ص 149):
.. أراك الآن تبحث عن وهم جديد تشغل به نفسك وتموه عليها إحساسك بالهزيمة، ….. فتنسج أسطورة عن الشخص البسيط السعيد، وأنت أول العارفين أن هذا الشخص لا وجود له إلا فى الأغانى وحواديت الأطفال”
4/2
ويستمر تعرية الوجه السلبى دون الإيجابى – للظل، حتى يعاير الراوى بفقد الرجولة.
(سناء) ص 149
- لا أستطيع أن أحمل همك طول العمر، لماذا لا تريد أن تصبح رجلا؟
وبعد كل هذه الأعترافات من ناحية والتجريح والتعرية من جهة أخرى هل يمكن أن يكون الاسم الآخر هو: التنحي، أو الهزيمة، أو فقد الطموح، أو الطفيلية، إلى آخر ما يمكن أن توحى به مثل هذه الإشارات؟
الجواب النهائى هو بالنفى، لكن لا بد من صياغة تبرر كل هذا الوصم والتهوين بمن هم فى الظل، وأحاول أن أصيغ الجواب – بالنفي- كالتالى:
إنه إذا ظل الظل ظلا كما تصوَرّونه، كما تحسبون، كما تدعون فهو ليس إلا هذا السلب كله”
فهل هذه حقيقة الرسالة التى حملها هذا العمل، أما أنها مجرد تنبيه مبدئى يحمل تحذيرا ضمنيا، أظن أن الاحتمال الأخير هو الأرجح، فمن ناحية لم نر بديلا (للظل) من شخوص آخرين وهو يتراءى لنا لامعا ناجحا قادرا سعيدا محبا فاعلا، لا فى السرد الكحائى عن بطولات الماضى (بما فى ذلك الحديث عن الحركة الطلابية،حتى فى أحلامهم المستقبلية، أو خلفيتهم السياسية، أو طموحاتهم الجماعية، ولا فى أشخاص الرواية الآخرين الحاضرين فى وعى الراوى.
وقد حدد الكاتب موقفه الإيجابى من البحث عن إسم آخر للظل منذ البداية فى موقفين:
الموقف الأول
ص 22 “من يجرؤ على الظن أن عشب الأرض الطرى – ذلك العشب الذى تدوسه الأقدام وتهرسه هرسا – أقل شأنا لحياة الغابة من السرو والكافور والسنديان الرهيب”
وقد وصلنى من ذلك أنه إذا ظل الظل ظلا فى وعينا بمعناه السلبى فقط، فإننا سوف نمضى فى هرس الأعشاب حتى لا يكون الظل إلا ما يلقى على الأرض شبحا يزحف وراء الشخص الماثل أمامنا فى المقدمة، ذلك لأن هذا العشب لن يكون إلا نبتا شيطانيا لابد من التخلص منه أولا بأول،
الموقف الثانى
يبدو واضحا فى نصيحة مجاهد (الذى يبدو أنه لم يحققها شخصيا حين تصوف شاذليا فى النهاية) تلك النصيحة التى همس بها مجاهد فى خطابه الباكر (ص 22)
(هل أهمس لك بكلمة أخيرة؟
”كن ما أنت عليه، وحسب”
فهل هذا هو الحل؟
5/2
”كن ما أنت عليه، وحسب”
هذه خدعة أخري، ليست أقل تضليلا من خدعة أشجار السرو والكافور إذ تحتكر الغابة، وهى هى الخدعة الشيكسبيرية القديمة التى بالغنا فى تقديسها “أكون أولا أكون”، وكأن فعل الكينونه هو غاية ساكنة كافية فى ذاتها، أنظر كلمة “فحسب” وهى تـنهى المسألة، بل تنهى الحياة “كن ما أنت عليه !! وحسب”
لكن رغم هذا الاعلان من جانب مجاهد، فإن الرواية راحت تعالج قضية سكان الظل من خلال بعد ين أساسيين يتجاوزان هذا الوهم الكينونى الساكن:
البعد الأول:
أن الانسان لا يكون ما هو عليه الا حالة كونه فى علاقة بمن حوله (بما هم عليه)، وهذه آلية جدلية متحركة دائما.
البعد الثانى:
إن هم الرواية كما بدا لى كان - دون قصد واع- هو أن تشطب كلمة “فحسب” فى جملة كن ما انت عليه وحسب! باعتبارها مستحيلة ما دمنا بشرا نعيش مع بشر آخرين، فسوف يظل “الظل” يتحرك ليتشكل ويعاد تشكيله باستمرار لتنقلب المسألة إلى:
كن كما أنت، أى كما يمكن أن تكونه، حالة كونك مشتبكا مع الآخر، وهو يفعل نفس الشيء “لتصبحا”.
فتنقلب القضية إلى:
أكون أو أصبح، بل: أكون/ نكون، أو نصبح هو × أنا (نحن)
لكن ثمة تحذيرواجب من الاختباء فى كتلة هلامية، سواء بالتوحد فى المجموع (الخبرة التى حكى عنها مجاهد عن ذكرياته مع الحركة الطلابية)، أو كان ذلك بأوهام التصوف أو ادعاء إنكارالذات لصالح الآخرين
1 / 5 أكتفى بهذا المدخل عن مناقشة مغزى الاسم لأخلص إلى الفرض الأساسى الذى يتمثل فى اقتراح ما يقابل العنوان ويوضحه بشكل أو بآخر أخرى للظل،
. جمر التجلى يلمع تحت تراب “العادية”
. زخم الكسل
. مشاريع الإبداع حالة كونها تجهض ظلما.
. ملء الدنيا بما لا إسم له)”
هذا بالاضافة إلى أوصاف أكثر خفوتا وسخفا مثل:
الوجود الحى داخل تدريبات التشكل فى صفقات العلاقات العادية
بانوراما الشخص العادى غير المتميز (ولا الممتاز)
وما دمنا قد أفضنا هكذا فى عنوان الرواية، فثمة فرض خطر لي، لا يجوز – أيضا – أن أبدأ به، لكن ما باليد حيلة، فلاحْذُر حذو الراوى وأخترق الزمن قائلا:
ولسوف أكتشف أن “كنت لكم” إنما تعنى أننى تنازلت عن ذاتى لأتشكل كما تريدون ففقدت كينونتي، يصدق هذا سواء فهمنا كنت كفعل ناقص أو كامل (يشير إلى الماضى أو إلى الكينونة) ثم حين لا يصلح هذا التسليم، يبدأ فى تحسس طريقه إلى العلاقة بالموضوع (أنظر بعد) فإذا بهم ينهرونه ليستأذن فيتراجع ليسمع الكلام “أطرق الباب” فيظل يطرق، ولكن يبدو أن أحدا لا يفتح أما الفصل الثالث المعنون “سناء” فيبدو أنه قد جسد قضية العلاقة فى كيان حى مفرد ليرينا مدى الصعوبة مع سناء بالأصالة عن نفسها ورمزا للموضوع ككل.
[1] – خلال شهر (أو أقل) كنت أقرأ فى وقت واحد كلا من (1) المـبتسرون (أروى صالح) (2) السراب (نجيب محفوظ) (3) طقوس الإشارات والتحولات (سعد الله ونوس- بعد حضور المسرحية) ثم (4) إسم آخر للظل.
[2] – يقين الكتابة لـ “حسنى حسن” المجلس الأعلى للثقافة 1996
[3] – الإيقاع الحيوى ونبض الإبداع.
[4] – جدلية الجنون والإبداع
[5] – Acting Out
[6] – ولعل هذا يرجع بنا إلى صورة أخرى إزاء معنى كلمة شخصية Personality، وأنها الكيان المائل ظاهرا أمام الإدراك، وقد بلغت المناقشة مداها حول ماهية الشخصية وقوتها وحضورها ثم تطور النقاش بحق إلى ضرورة إعتبار أن هذا الماثل ظاهر الوجود، وبالتالى ملقيا “ظله” وراءه، ليس هو الوجود الأولى بالنظر فيه متبوعا بظله، وإنما الذى يهم هو الوجود المركب من الشخص وظله فى مشتبكات الوعى الخاص والعام.
[7] – حتى فى الأغاني، الشعبية المصرية ثمة تعرية لـ ميكانزم ادعاء البساطة (الطيبة) بشكل مباشر فى أغنية “والنبى دا طيب، والرد (الكورس) : دالا هو طيب ولا حاجة دا اهبل وعبيط، ياجماعة واطيب : دا لا هو طيب ولا حاجة دا اهبل وعبيط، ثم يضاف : وريالته نازلة على صدره أربع قراريط … إلخ].