نشرة “الإنسان والتطور”
6-10-2009
السنة الثالثة
العدد: 767
اعتذار عن تأجيل نشرة شرح “أغوار النفس”:
حين كتبت مسودة الحالة الخامسة، وغيرت العنوان عدة مرات، كان العنوان الأول هو “..البركة؟” أما عنوان الشرح الذى جاءنى أولا فقد أصبح “مناورات مستويات الحب”، ثم تغير بدوره، أقول حين كتبت المسودة انزعجت من غموضها ومما تحمله نهايتها من احتمال التيئيس أو التعجيز، التيئيس من إمكان عمل علاقة إنسانية قادرة بين البشر، وبالذات بين الرجل والمرأة، والتعجيز حين تجلت استحالة ذلك غالبا أو دائما، وبما أن هذا هو ليس موقفى، كما أنها ليست رسالتى، فقد فزعت.
رحت أراجع وأقلب فى العمل كله “أغوار النفس”، فإذا بأغلبه يحمل هذه الجرعة من المرارة أو الإمرار (إحداث المرارة)، قررت أن أكتب مقدمة لهذه النشرة لأشرح ذلك وأبرره، طالت منى المقدمة وبلغت بضعة صفحات، وإذا بها تصلح مقدمة للعمل كله، قلت لعلى أقوم بنقلها إلى البداية فى النسخة الورقية إن كتب لها الظهور، ثم إنى ألحقتُ هذه المقدمة العامة بمقدمة للنشرة فإذا بها تطول أيضا وتطرح فروضا أساسية تحتاج نظرا جادا وحوارا متصلا، قرأت كل ما كتبت ، وفكرت أن اكتفى به لنشرة اليوم، لكننى وجدت أنه لا يصلح نشره بعيدا عن المتن وشرحه بفارق أسبوع.
وهكذا قررت أن أستأذن القارىء فى شغل الثلاثاء والأربعاء هذا الأسبوع بنشرتين تعرضان حالتين من حالات “التدريب عن بعد: (كله فى العلاج النفسى) مقابل أن ننشر الأسبوع القادم المقدمة العامة ثم المقدمة الشارحة للمتن يليها مباشرة شرح على متن القصيدة المعنية.
وحتى تصدقونى ، إليكم مقتطف من مقدمة نشرة الثلاثاء القادم لتروا بأنفسكم المدى الذى وصلت إليه الرؤية، ومن ثم بعض الفروض كما يلى:
(ثم لعل ذلك يفيد فى الاستعداد لتلقى ما تورطت فيه من غموض واستطراد).
عنوان النشرة حتى كتابة هذه السطور هو:
مناورات ومخاوف الذوات داخلنا
(فى ملعب الحب والحياة)
……….
الفرض الذى استلهمته انطلاقا من متن القصيدة يزعم أن للحب مستويات متصاعدة ومتفاعلة كالتالى:
المستوى الأول: الجذب النداء والانجذاب الذاهل .
المستوى الثانى: اللذة المشتركة.
المستوى الثالث: اللعب الحر معا.
المستوى الرابع: تبادل الطمأنينية (والاعتمادية، والدعم).
المستوى الخامس: انتشار الفرحة تواصلا إلى محيط أوسع فأوسع من البشر.
المستوى السادس: الابتعاد دون بعد (مع تنشيط حركية برنامج الدخول والخروج)
المستوى السابع: جدل النمو
المستوى الثامن: الامتداد حمْدًا.
المستوى التاسع: الألم الخلاّق كدْحا إليه.
المستوى العاشر: الإشراق فى رحابه لجولة إيقاع حيوى جديد (إعادة الولادة).
وبعد
بالله عليكم هل يجوز الحديث عن تحقيق بعض مثل هذا الفرض بعيدا عن المتن الذى استلهمتها منه بفترة أسبوع كامل؟
فلتقبلوا عذرى، وشكرا:
ثم هيا إلى نشرة اليوم المُقْحَمة :
التدريب عن بعد:
الإشراف على العلاج النفسى (59)
…. ماذا يقول لمن يخطبها؟
د. ماجد: هو شاب عنده 29 سنة الرابع من اربعه، إخواته الثلاثه كبار وبنات، أبوه على المعاش، ووالدته على المعاش هو شغال معيد فى معهد عالى كويس فى قسم مافيش فيه حد غيره يعنى هو الدكتور الوحيد اللى فى القسم ده
د.يحيى: هوّا المعيد دكتور يا جدع انتَ؟
د. ماجد: أصل هو المعيد الوحيد اللى فى القسم
د.يحيى: يقوم يبقى دكتور؟ معيد يعنى ما أخدشى دكتوراه
د. ماجد: بس معيد وشايل القسم
د.يحيى: أيوه، لكن مش دكتور
د. ماجد: حاضر
د.يحيى: أصل ساعات الناس دول بيستعملوا لقب دكتور بدرى بدرى، وأنا شايف إن ده له دلالته فى شغلنا، بيحقق كل طموحاته بكلمة بدون مقابل، قبل الهنا بسنة، ساعات الواحد، أو الأهل، يروح لازق كلمة دكتور قدام اسمه، وهو لسه طالب طب فى سنة أولى، مثلا، وده مش كويس، هو العيان اللى قال لك ان اسمه دكتور فلان؟
د. ماجد: ما هو المعيد الوحيد اللى فى القسم
د.يحيى: تانى؟! طيب هوّا أخذ الماجستير
د. ماجد: لأه لسه شغال فيها
د.يحيى: يا راجل!! عنده 29 سنة، ولسه ما أخذش الماجستير وبيسمّى نفسه دكتور! يبقى إيه بقى؟
د. ماجد: ما هوْ مافيش حد فوقيه ولا تحتيه فى القسم الجديد ده، يعنى هو الوحيد اللى بيدرّس فى هذا القسم، هو المشكله إن هو أخر جلسه كان جايب والده معاه بيقول إن هو…
د.يحيى: (مقاطعا) هى كانت اول جلسه إمتى الأول
د. ماجد: من 7 شهور كان بيتابع مع الدكتور(أ..) زميلنا، لحد ما مسافر انجلترا، وبعد كده قطع وراح لزميلنا التانى الدكتور (ب..)، من المقطم برضه، لحد ما سافر السعوية، هو كمان، السعودية، والدكتور (ب ….)، ده هوّا اللى حوله لى قبل ما يسافر
د. يحيى: انتو بتشقطوا لبعض من برّه بَرّه من ورايا ولاّ إيه؟! طب والله دى حاجة كويسة فعلا، دى حاجة تفرّحنى، المهم المشكلة بقى؟
د. ماجد: هو دلوقتى عنده 29سنة، ولسه ما خلصش الماجيستير بتاعته، دى تالت سنه فى التمهيدى ماجستير، اه وشاف عروستين، فوالده جه يسألنى نفس السؤال اللى بنكرر مناقشته هنا، العيان بيسأل برضه: هو أنا حاقول للى حا تقدملهم دول انى انا مريض وباتعالج ولا لأ
د. يحيى: هو له تشخيص محدد؟
د. ماجد: أيوه، نوبات وجدانيه حادة، ثنائى القطب يعنى
د. يحيى: كام نوبه، وكل مرة النوبة هى هى ولاّ بتتغير؟
د. ماجد: بيجيلوا مرة نشاط، ومرة كتمة، مش بانتظام وهوه بيخرج من واحده، بعد شوية يخش فى الثانيه، اه، يعنى، وساعات يطلع من ديه يخش فى ديه، وساعات يبقوا مع بعض.
د. يحيى: ويقعد كويس بينهم قد إيه؟
د. ماجد: ساعات شهر، ساعات شهر ونص شهرين، حاجه كده
د. يحيى: هو أول مرة دخل المستشفى امتى
د. ماجد: من 9 سنين
د. يحيى: ودخل كام مرة فى التسع سنين دول
د. ماجد: مرتين
د. يحيى: يعنى مرة واحدة بعد أول مرة
د. ماجد: أيوه
د.يحيى: طيب، تحديداً: إنت عايز إيه دلوقتى؟
د. ماجد: ما انا قلت، هوّا عمال يسألنى: هى للى حا يتقدملها دى، يقول لها انه هو تعبان وبيتعالج ولا لأ؟
د. يحيى: هو عنده 29 سنة ومعيد ومغرور طبعاً، معى انه فى تمهيدى اللى هى سنة ولاحدة بقاله ثلاث سنين فراح مختصر السكة ودَكترْ نفسه، مش كده؟
د. ماجد: يعنى
د. يحيى: والدواء
د. ماجد: حاليا ماشى على قرص واحد بالليل
د. يحيى: نومه كويس
د. ماجد: بينام مش بطال، يعنى لو هو ما واراهوش شغل بينام، إنما لو فيه زنقة شغل او حاجه ممكن ينام مثلاً اربع او خمس ساعات بالكتير قوى فى اليوم
د. يحيى: انت اتجوزت قريب، وخلفت، مش كده
د. ماجد: ايوه
د.يحيى: ولد ولا بنت
د. ماجد: بنت
د. يحيى: أحسن
د. ماجد: ليه؟
د. يحيى: تجِّوزها له؟
د. ماجد: لسه بدرى، دى عمرها شهور
د. يحيى: تغمض عينك وتفتحها تلاقى عندها 25 سنه، تجوزهاله؟
د. ماجد: ما هو ده اللى باسأل علشانه
د. يحيى: أنا باسألك بصحيح عشان تشغّل خيالك، يعنى إوعى تفكر ان ده مقياس نظرى، انا متصور انه هو مقياس مهنى وأخلاقى ودينى فى نفس الوقت
د. ماجد: انا لما باحط نفسى مكان أهل البنت، ومكان البنت باقول لأه، لما باحط نفسى مكانه هو ووالده، باتلخبط
د. يحيى: يعنى انت تفضّل تجوز بنتك لواحد رخم مابيحسش وبيكسب ومش هنا، ورايح جاى، وهم مكملين وخلاص، مش قصدى قوى كده، بس أنا باحاول أوريك الناحية التانية، السؤال اللى انت بتسأله جيد جداً وفى محله، لأن احنا مسؤلين عن الإجابه عليه دينياً أولاً، وأخلاقباً وعلمياً ثانياً، إحنا مسئولين عنه، وعن البنت اللى حايرتبط بيها برضه، فى الحالة دى احنا لازم نرجع نفحص بدقة معلوماتنا عن البنت المشروع دى، لازم تعرف سنها وشهادتها، وشغلها إذا كانت بتشتغل،
د. ماجد: يعنى كونُهْ يقولها أو ما يقولهاش، دا يتوقف على معلوماتنا عنها
د. يحيى: لأه مش قصدى، إنت بالتاريخ اللى انت قلته ده، لازم يقول لها أيا كانت هى مين، ويقول لأهلها كمان، بس مش يقول لها اسم مرض سمعه منك أو من أى دكتور بينى وبينك، اسم المرض مالوش أى معنى محدد حتى عند الدكاترة، المهم التفاصيل، الكلام الأهم هنا بيبقى فى مسار المرض يعنى التكهن Prognosis والمآل Outcome، وده أصعب وعادة احنا ما عندناش معلومات حاسمه للرد على الحاجات دى، لأن الحسبة العلمية المنشورة التى فى الكتب المراجع، بتبقى للمجاميع، يعنى كذا واحد من المرض الفلانى من مية % خفوا تماما، وكام واحد، أما بالنسبة للحالة الفردية فما تقدرش تجزم بتوقع نهائى لحالة بذاتها،
د. ماجد: طيب، وبعدين أعمل أنا إيه؟ أقول له إيه؟
د. يحيى: يبقى يقولها أنا باروح للدكتور فلان، وإذا كانت تيجى تقابلك أو تقابلنى أهلا وسهلا!! قابلتك لوحدك إنت تتكلم معاها أو حتى مع أهلها بس قدامه 100%، مافيش أى معلومة عنه تتقال من وراه، وأظن احنا اتناقشنا فى الموضوع ده قبل كده، إنما بنعيد ونزيد فيه عشان كل حالة مش زى التانيه زى ما انت عارف، ومن خلال مقابلتك للبنت، فى حضوره، حاتلاقى فرصة توضح الأمور أحسن، ويمكن تقدر تحكم عليها وعلى شخصيتها، وعلى حبها إذا كان الارتباط على أساس الحب، وتشوف بنفسك وتحكم إذا كانت البنت دى ممكن تبقى سند له ولاعبء عليه، ويا ترى حاتساعده فى تكملة علاجه ولا حاتعايره، وكلام من ده.
د. ماجد: أحكم عليها ازاى يعنى؟
د. يحيى: الجواز عقد مهم متعدد المستويات بما فى ذلك الفلوس، بما فى ذلك الحب، وهى من حقها تسأل اللى هى عايزاه قبل ما توثق العقد، وانت ترد عليها زى ما انا بارد عليك دلوقتى
د. ماجد: صعب علىّ
د. يحيى: ما احنا مع بعض، احنا بنقول العلم بيقول كذا، ودا معناه كيت، إنما كل حالة مش زى التانيه، انت تقول لها الكلام واضح وبس، وبرضه ممكن تحدد لها دورها: وبرضه تفهمها دورك حيكون كذا وكذا،
د. ماجد: طيب وإذا طلبت ضمانات وكلام من ده
د. يحيى: ضمانات إيه يا جدع انت، كده يبقى هى بتحكم على نفسها باللى هى عاوزاه، انت تقول لها انا ماقدرش اوعدك بحاجه، عاجبك عاجبك مش عاجبك انتى اللى حاتكمل لى أو لأ، انما لا المرض النفسى عيب ولا هو خطر عليكى قوى زى ما بيشيعوا، ولا انا اقدر احكم أكتر من كده
د. ماجد: طب وإذا سألت عن الوراثه والعيال
د.يحيى: ترد برضة بالعلم، وإن احتمال كدا حايطلع من العيال كذا واحد ما أعرفش إيه، والاحتمال الأكبر إنهم يطلعوا سلام أو حتى أحسن من العاديين، واللى يسرى عليهم يسرى على أبوهم.
د. ماجد: وهى حاتفهم كل ده؟
د. يحيى: كل واحد وعلامه، لحد ما ربنا يسهل له بواحدة تفهم، ما هو من حقه يعيش وياخد فرصة زيها وزى اى حد، وبعدين لازم تدخل فى الحسبة بقيه مقومات الصفقه الاجتماعيه والعاطفيه والجسديه وكل حاجة.
د. ماجد: ازاى يعنى؟
د. يحيى: يعنى كل حاجة تتحسب بجدية، ولو بالتقريب، من أول الفلوس لحد احتمال النكسات، تتحسب بهدوء ووضوح، وأنت تجاوب على قد ما هى تسألك.
د. ماجد: يعنى هى اللى تسأل وبس
د. يحيى: غالبا، وساعات اهلها همّ اللى يسألوا، وده حقهم برضه، انت ترد رد علمى أساسا، على الجميع بمسئولية فظيعه.
د. ماجد: وإذا سألتنى اسئلة ما اعرفش إجابتها
د. يحيى: تبقى انت أمين وجدع، حكاية ما أعرفشى دى مش عيب، ده واقع وعلم، وانا موجود، وانا برضه من حقى ما اعرفشى، هوه مش انا اللى محولهالك؟
د. ماجد: لأه، دى حالة من المستشفى
د. يحيى: ما هى مسئوليتى برضه
د. ماجد: واذا هى طلبت ضمانات
د. يحيى: تانى ضمانات؟!! لا يا عم احنا مش بتوع كلام من ده، احنا مش شركة تأمين
د. ماجد: وإذا هو مارضاش يقول لها أو يجيبها عشان أقابلها واعمل كل ده.
د. يحيى: هوه حر، تبلغه كل ده، وتبلغه استعدادك واستعدادى وإذا كان عارف إن إحنا بنناقش الحالات بدون أسماء تلخص له المناقشة دى، وبعد كده هو يتحمل مسئولية قراره، طبعا.
د. ماجد: شكرا
د. يحيى: العفو ربنا معاك