نشرة “الإنسان والتطور”
الأثنين: 8-9-2014
السنة الثامنة
العدد: 2565
الأساس فى الطب النفسى
الافتراضات الأساسية
الفصل الخامس:
ملف الوجدان واضطرابات العواطف (20)
من عاطفة “البهر” إلى تخليق الإبداع
أول ما يظهر من عواطف عند الطفل حديث الولادة هو ما أسموه “عاطفة” (بل وجدان) ” orientation وهو ما ترجمتُه شخصيا إلى “البَهـْـر”، وسوف أخص نشرة اليوم، لهذا الوجدان وما تفرع منه من فروض.
تظهر هذه العاطفة قبل انفعال السقوط من أعلى إذا فقد الطفل الدعم، وقبل فزع الطفل من الصوت العالى ” البَهْر”، وقد فهمت – بعد صعوبة- لماذا تعتبر هذه العاطفة البدئية ، عاطفة أصلا، ولماذا لا تُدرج تحت تطور القدرات المعرفية وليست القدرات العاطفية (الوجدانية)، ويبدو أن هذا الفهم قد أنار لى الطريق إلى ربط الوجدان بالوعى بالمعرفة، ومنذ الولادة (إلى الموت أو الإبداع) الأمر الذى لم أتمكن من التنظير فيه إلا مؤخرا، وخاصة حين استعنت بعمنا جوجل (1).
الفرض
- بمجرد خروج الطفل من بطن أمه تواجه حواسه، وخاصة البصر، ما لم يسبق لها مواجهته، فتظهر فى عينيه أساسا وفى وجهه عموما، وفى جسده أحيانا بعض مظاهر هذه المواجهة مما اعتبروه – ولا أتذكر المصدر حاليا- أول انفعال عاطفى للرضيع حديث الولادة، يأتى قبل “الخوف من السقوط نتيجة فقد الدعم”، وقبل “الفزع” من الصوت العالى كما ذكرنا……إلخ
- هذه العاطفة الأساسية – البهر- هى مزيج من الوعى والمعرفة والوجدان، وهى تقوم بوظيفة معرفية وجدانية بقائية، وتتطور مع النمو إلى تشكيلات متصاعدة
- تتطور هذه العاطفة إلى ما يمكن أن يسمى عاطفة الدهشة، وكتبت عنها للأطفال أرجوزة نشرت فى نشرة سابقة (نشرة 14-10-2012 “الإدراك، ودهشة الأطفال ومعرفة الله!!”)، كانت مديحا خالصا.
- بصفة مبدئية يقول هذا الفرض أن هذه العاطفة – البهر – تتطور مع النمو إلى الدهشة، إلى حب الاستطلاع، إلى الاستكشاف إلى المخاطرة الإبداعية ، إلى فرص الجدل إلى قدرات التشكيل وإعادة التشكيل
- فى الأحوال السوية : تتكرر هذه الدورات فى إيقاع دورى (حسب النظرية الإيقاعية التطورية) مما تظهر ملامحها بشكل مباشر أو غير مباشر (يتم استنتاجه قياسا أو نتيجة إيجابية) فى نوابية النوم والأحلام، وفى ما يسمى بالميكروجينى (2) (فرنر) فى دورات التفكير، وخاصة التفكير الإبداعى.
- فى حالة ضيق مساحة السماح، وفشل ضبط الجرعة ، تتحول المسيرة سلبا إلى عواطف الخوف، والرعب والهلع والتوجس، بدرجات قد تصل إلى الإعاقة، فهو المرض
أتوقف عند هذه المرحلة، لأسمح بالأسئلة الضرورية (التى ليس عندى إجابات حاسمة عليها غالبا) أن تنطلق، أورد بعضه كأمثلة كالتالى :
- هل هذا التسلسل هو تسلسل عاطفى أساس، أم تسلسل نمائى عامة
- هل هو يجرى النمو بهذا الترتيب تلقائيا دائما أم أن الترتييب قد يتغير
- هل يوجد احتمال (أو احتمالات) لارتداد المسيرة ، ولو لفترات محدودة
- هل يمكن أن تتداخل المراحل مع أو بدون تغيير الترتيب
- ألا توجد مراحل بينية بين كل عاطفة وأخرى على سلم النمو
- لماذا نسمى كل ذلك عواطف وليست قدرات أو وظائف معرفية أو غير ذلك
ليست عندى إجابات عن أى من هذه الأسئلة، (ثم إنى فى انتظار أسئلتكم أكثر)
لكن أبدأ بنفسى فقد أثارت هذه الأسئلة عندى فروضا فرعية على الوجه التالى :
(1) هل هذا التسلسل هو تسلسل عاطفى أساسا، أم تسلسل نمائى عام
بالنظر إلى مسار هذا المدخل فى هذا الملف الذى سمح بعودة العواطف لتأخذ دورها الأهم والأسبق فى المعرفة، بدءا من “العقل البيولوجي” Biological Mind وحتى “العقل الاعتمالى العاطفى”، Emotionally Processing Mind فإن البدء من منطقة العواطف المتناغمة مع الوعى، ومع البيولوجى هو المدخل الأقرب إلى الاتساق، لكن فى نهاية النهاية هو تسلسل نمائى عام
(2) هل يجرى النمو بهذا الترتيب تلقائيا أم أن الترتييب قد يتغير
الترتيب قد يتغير، وقد تتداخل المراحل، وقد تتواكب فى نفس الوقت في حركية دائبة، لكن المحصلة غالبا ما تكون فى نفس الاتجاه وبنفس التصعيد
(3) هل يوجد احتمال (احتمالات) لارتداد المسيرة ، ولو لفترات محدودة؟
توجد كل الاحتمالات، لكن فى غير حالات الإعاقة والمرض، يكون الارتداد تمهيدا للتقدم
(4) هل يمكن أن تتداخل المراحل مع أو بدون تغيير الترتيب
أعتقد أن هذا السؤال سبقت الإجابة عليه فى الإجابات السابقة
(5) ألا توجد مراحل بينية بين كل عاطفة وأخرى على سلم النمو؟
الأرجح أنه توجد عشرات أو مئات المراحل والعواطف ،لكن هذا لا يحتاج إلى تسمية منفصلة، أو تقييم كمى
(6) لماذا نسمى كل ذلك عواطف وليست قدرات أو وظائف معرفية مثلا؟
لانه الانسب لهذه المرحلة ونحن نتناول ملف العواطف، فنكتشف دورها المعرفى، واصولها التطورية، ومدى خطورة اختزالها إلى وظيفة جانبية، أو دوافعية، أو مساعدة
وبعد
ننتقل الآن إلى التجريب، وسوف أقدم اليوم ما حصلت عليه – مؤقتا – من تشكيلات واحتمال تصعيد عاطفة البهر فى الرضّع وبعد ذلك بقليل، فقد انتقيت عددا من الأطفال من فيض عمنا جوجل، وحاولت ترتيب عاطفة “البهر” على وجوههم، بما ترى.
فماذا ترى؟
(1) |
(7)
[1] – أفضل أن أجعل مناقشة استعمال اللفظ orientation وتبرير ترجمتى له إلى “البَهْر” إلى الأسبوع القادم.
[2] – شرح microgeny