نشرة “الإنسان والتطور”
الأثنين : 3-2- 2014
السنة السابعة
العدد: 2348
الأساس فى الطب النفسى
الافتراضات الأساسية
الفصل الثالث: ملف التفكير (2)
اضطراب التفكير (والأفكار)
مقدمة:
بقدر ما يستطيع الفاحص أن يجد أجوبة مناسبة للأسئلة التى سنطرحها حالا، يمكن أن يصل إلى تقييم جيد لعملية التفكير سلامة واضطرابا
1- هل “عملية التفكير “ذاتها متماسكة؟ أى هل ينجح التفكير فى تكوين المفاهيم، وفى استعمالها، فى نسج منظومة مفاهيم متسقة مرتبطة ببعضها البعض بحيث تتوجه إلى هدف ما لتحمل رسالة ما، موجّّهة إلى “موضوع” ما؟
2- هل هذه الأفكار قادرة على أن تخرج – إذا ما أراد صاحبها- فى صورة تعبيرية متاحة لآخر (فعلا أو قولا أوغير ذلك).؟
3- هل عملية التفكير تسير بسرعة مناسبة تسمح بأن يتلقى نتاجها آخر يمكنه أن ينتفع بمكوناتها؟
4-كيف تتناسق “تيمات” التفكير فى تناسب مع الزمن الموضوعى وهى مرتبطة بالموقف الحالى؟
5- ماذا عن علاقة التفكير بالواقع ومدى تحمله اختبار المنطق السليم وقوانين الواقع؟
6- ماذاعن تصنيفات محتوى التفكير؟
7- ماذا عن نوعية التفكير ككل ؟ (ذاتى؟ موضوعى? انفعالى . .إلخ)
8- ماهى العلاقة بين التفكير وبين الذات (الشخص)؟ هل التفكير مغترب عن الذات؟ متكامل مع الذات؟ منتسب إلى الذات؟ (ملكية التفكير) هل الذات تتفاعل مع محتواه ؟
9- ما هى علاقة التفكير بقنوات التواصل والمعرفة الأخرى مثل الإدراك بمستوياته المتعددة؟
10- ما هى علاقة التفكير بالوظائف النفسية الأخرى مثل الوجدان والوعى والإرادة؟
اضطراب عملية التفكير : الاضطراب الجوهرى للتفكير
حين تفتقر عملية التفكير إلى التنظيم والجذب والترتيب والغائية، تتباعد الأفكار وبالتالى تفقد فاعليتها وقدرتها على التماسك الضام اللازم للوصول إلى الهدف، وهذا هو الخلل الأساسى فى هذا النوع الذى يعرف بـ “الاضطراب الجوهرى للتفكير” Formal Thought disorder.
وتسمية هذا النوع من الاضطراب باسم “اضطراب شكل الفكر”هو خطأ شائع، لأن المسألة ليست فى الشكل دون الموضوع، وإنما يسمى الاضطراب جوهرى حين يكون الخلل فى جوهر عملية التفكير من حيث هى عملية هادفة مترابطة غائية فى تبادل منتظم، فالأمر ليس مجرد تغير فى شكلها أو انحراف عن مسار معين.
الاضطراب الجوهرى فى التفيكر هو اضطراب أساسى يعلن أن عملية التفكير نفسها، بما تتصف به ويميزها، قد اختلـّت وبالتالى أصبحت عاجزة عن الوفاء بوظيفتها. وهذا الاضطراب الجوهرى للتفكير يعنى العجز عن تكوين المفاهيم وعن استعمالها فى منظومة تفكيرية تشمل احتواء المعنى واحتمال توصيله كما يدل على ذلك تماسك منظومة الأفكار حول الفكرة المحورية فى لحظة بذاتها.
ويلاحظ الفاحص هذا الاضطراب أثناء المقابلة بصفة عامة كما يمكنه أن يكتشفه بفحـص قدرة المريض على فهم واستعمال “الأمثال” (العامية أوالعربية)، كذلك يمكن قياسه-بدقة كافية- باستعمال اختبارات التفكير التجريدى.
الاضطراب الجوهرى (ضعف ترابط الأفكار)
تشير هذه المجموعة إلى الافتقار إلى الترابط الطبيعى فى سلسلة التـفـكير وتماسكه، حيث يضيع التوجه، ويختفى الهدف حتى يبدو أنه لا يوجد هدف أصلا، وبالتالى فلا وصول إليه. ومن غير المناسب أن يفترض الفاحص مثل هذه الفروض لمجرد أنه عجز عن فهم كلام أو تفكير أو مقاصد مريضه، ففى كثير من الأحيان يمكن رصد مثل هذا اللاترابط مع بعض المبدعين وخاصة فى الإبداع الذى يسمى “الحداثة” وما شابه ذلك، بل إن بعض التفكير الفلسفى قد يتصف بنفس الغموض الظاهر على الرغم من عظيم عمقه الحقيقى. ولذلك ففى الحالات الباكرة لا بد من بذل مجهود حقيقى وجاد مع أكبر قدر من الصبر قبل أن نحكم على ما لا نفهم أنه “لا ترابط”.
مفهوم “اللاترابط” بصفة عامة:
تـعتبر الدرجات الجسيمة من فقد الترابط أعراضا صريحة لها وصف وتسميات قد لا يختلف عليها، ولكن حين يكون تراخى الترابط يسيرا، قد يختلط الأمر، وقد يحتاج إلى تفرقة عما إذا كان ذلك ناتجا عن مرض أم أنه بداية إعادة ترابط على مستوى أعلى (إبداع: الملحق)
فى الإبداع، وخاصة فى مراحله الأولى توجد درجة من التباعد والتفكيك، وبالتالى: لا يمكن أن تؤخذ ظاهرة الترابط على أنها مرضية وهى منفصلة عن سياقها، وإنما يجب أن تؤخذ مع تاريخ الشخص، وإنجازاته فى الحياة العملية، وما إذا كان هذا الملاحظ هو فى الحياة العامة أم فى موقف الاستشارة المهنية. فليس مسموحا أن تصنف إنجازات الشعر (أن يسمى قصيدة النثر مثلا) أو الفلسفة وبعض القص على أنها مرضية أصلا، كذلك لا بد أن يؤخذ ناتج هذا التراخى المبدئى فى الاعتبار.
التفرقة بين اللاترابط الإيجابى (المرحلة الباكرة فى عملية الإبداع) وبين اللاترابط السلبى الذى يتمادى حتى التفسخ (فى حالة الفصام مثلا) هى تفرقة شديدة الأهمية وخاصة فى الحالات الباكرة، ويمكن التفريق بين الإيجابى والسلبى بما يلى:
أ) لا بد أن يفحص تراخى الترابط فى “سياقه”، و هل هو سياق مرضى أم سياق إبداعى؟
ب) لا بد من فحص المراحل التالية لهذا التراخى، هل نتج عنه إبداع قادر على التواصل أم تمادى حتى التفسخ والإعاقة؟
جـ) إن فحص الأعراض الأخرى المصاحبة لهذا التفكك تساعد على تحديد ما إذا كان إيجابيا أو سلبيا.
د) ضرورة التأكد إذ ا ما كان ثمة تواصل مع المتلقى، أو مع أى آخر أم لا، ذلك أن المصداقية بالاتفاق، تكاد تنفى التراخى السلبى أصلا. (أنظر الشكل: للتفرقة بين تراخى التربيط فى الإبداع، وبين التفكك المرضى).
ملحق النشرة:
أثناء بحثى فى أوراقى القديمة، عثرت على نسخة أكمل من هذا الكتاب واكتشفت أنه كان ثنائى اللغة (العربية والإنجليزية) طول الوقت، وكدت أتراجع إلى بداية تحديثه هنا فى النشرات حيث ظهرت نشره أو أكثر باللغتين: (نشرة 6-10-2010 الأساس فى الطب النفسى من منظور تطورى: منطلق ثقافى)، (نشرة 13-10-2010 الأساس فى الطب النفسى: الكتاب الثانى: السيكوباثولوجى الوصفى).
ففكرت من جديد أنه ما دام النص الأصلى جاهزا بالانجليزية هكذا، فلماذا لا أعاود النشر باللغتين، لكننى وجدت مقاومة شديدة أن أتنازل عن أن أفرض لغتى على من يهمه الأمر دون التعرض لإبطاء النشر حتى أواصل الترجمة التماسا لرضا أصحاب لغة أخرى.
ثم إنى عثرت فى نفس تلك النسخة على رسوم توضيحية أكثر سلاسة وأوضح خطوطا من التى وردت فى نشرة أمس، فقررت أن أضمنها هذا الاستطراد اليوم طالبا رأى الأصدقاء حتى أستقر على الاختيار الأنسب حين يحين أوان النشر الورقى .
وإليكم الشكلان: الأول ليس تكراراً لكنه يبين سلاسة التفكير حين تنجح الفكرة المحورية فى ترتيب الأفكار لخدمتها مع ترحيل سائر الأفكار الأخرى فى خلفية غير ظاهرة.
والثانى: هو الشكل الذى شمل بيان كل أنواع الأفكار معا فى علاقتها بالفكرة الجوهرية، ولكن بصورة أقل ربكة من الشكل الذى ظهر أمس.
وفى انتظار الرأى مع الشكر.
أولاً: الشكل الأول: الفكرة المركزية منفردة ضامة ما يتعلق بتواصل مسارها.
مفهوم الفكرة المحورية (الهادفة) وترتيب الأفكار المساعدة المنجذبة لها. فى لحظة بذاتها (فى الأحوال العادية) تنتظم سائر الأفكار (الموجودة النشطة والكامنة المحتملة النشاط) فى اتجاهها (ولخدمتها). الأفكار ليست بالضرورة فى دائرة الوعى أو فى بؤرته ويمكن أن تكون الفكرة قرارا غائرا، أو موقفا موجها أو ميلا محدداً. لا توجد فكرة محورية واحدة، فقد يكون هناك سلاسل من الأفكار المحورية التى تنتظم بشكل هيراركى مع (إلى) بعضها البعض فى سلسلة ضامّة، نحو فكرة محورية أكبر فأكبر حتى تصب فى الفكرة الرئيسية.
|
The concept of “central” (Goal Idea) organizing and attracting other “active” ideas towards its goal. The “central” idea in the middle is characterized by the ability to organize (attract) at a given moment, almost all other (existing or emerging) ideas to serve it to fulfill its goal. Such ideas are not necessarily conscious. They are not simple ideas in the sense of formed concepts or language symbols. It could be a decision an attitude or inclination. There is no one single central idea. A series of hierarchical central ideas could be so arranged at a particular moment to lead ultimately to the same order towards the direction of the central idea at a particular moment
|
ثانيا: الشكل الثانى:
أنواع الأفكار بالنسبة للفكرة المحورية (الهادفة) |
Types of ideas in relation to the central (goal idea). |
(1) الفكرة (المحورية الهادفة: هى الفكرة القائدة والمتجهّة إلى تحقيق هدف عملية التفكير فى لحظة بذاتها. | (1) The central idea having the ability to organize (attract) at a given moment, almost all other ideas serving to fulfill its goal. |
(2) الفكرة (الكامنة – المتنحية مؤقتا …الخ) | (2) The back ground (recessive-latent) idea. |
(3) الفكرة التابعة : مكمّلة، ومساعدة للفكرة المحورية. | (3) The following idea (all other accessory ideas). |
(4) الفكرة المضادة: (النقيضية) وهى كامنة ويمكن (مثلا : فكرة الأنيما والأنيماس عند يونج).. |
(4) The opposing idea (contradictory) ideas. It could be a whole organization e.g the anima <===> animus archetypes of Jung. |
(5) الفكرة الطفيلية: وهى ليست مضادة وإنما ثقيلة ومعطلة ومستهلكة للطاقة. |
(5) Parasitic idea: not necessarily opposing. |
(6) الفكرة ليست بالضرورة مضادة، لكنها خارجة عن السياقث مزعجة غالبا. |
(6) But usually away of the context and offense disturbing |