نشرة “الإنسان والتطور”
الأربعاء: 10-11-2021
السنة الخامسة عشر
العدد: 5184
الأربعاء الحر:
مقتطف من كتاب: بعض معالم العلاج النفسى من خلال الإشراف عليه (1)
الكتاب الثانى الحالات: من (21) إلى (40)
تذكرة:
ننشر اليوم، وكل أربعاء، – كما ذكرنا – عملاً أقل تنظيرا وأكثر ارتباطا بالممارسة الكلينيكية العملية وخاصة فيما هو “العلاج النفسى”، فنواصل نشر الحالة (34) من الكتاب الثانى من سلسلة الكتب الخمس التي صدرت بعنوان “بعض معالم العلاج النفسى من خلال الإشراف عليه”، ولا يحتاج الأمر إلى التنويه إلى أن أسماء المتعالجين ليست هي الأسماء الحقيقية، وأننا حورنا أى معالم قد تدل على صاحبها احتراما لحقوقه وشكرا لكرمه بهذا السماح بما يفيد من قد يمر في مثل محنته، أو خبرته أو علاجة!
جزى الله الجميع عنا خيرا
****
الحالة: (34)
إلى أى مدى نسمح للمريض باستعمالنا؟(2) (1 من2)
هذه الحالة قدمت مرتين خلال شهرين ونصف تقريبا، وقد فضلنا أن نقدمها مجتمعة لما فى ذلك من دلالة مفيدة غالبا.
الاستشارة الأولى:
أ.جيهان: هى عيانة عندها 28 سنة لها أخ واحد أصغر منها بتشتغل موظفة فى شركة، هى جت لى عن طريق بنت خالتها بتجيلى العيادة، كانت متزوجه ولد مدمن، ومطلقة دلوقتى تقريبا، كانت من ساعة ما اتجوزته وهى يجيلها يعنى اكتئاب وخنقه وضيقه وتقلبات مزاج وقلة نوم وحاجات كده، جت لى بعد ما أخدت أدوية، وما نفعوش، وما كملتشى، وهى من ساعة ما شفتها كانت خلاص ماشية فى قصة الطلاق، يعنى رافعه قضية خلع وكل حاجة، هى جت لى يعنى مرتين كده وبعدين قطعت شهر ونص/ وبعدين جت تانى من شهرين واستمرت، لكن بحكايه تانية: إن فيه حد فى الشغل يعنى عايزها، عايز يتجوزها يعنى، بس الشخص ده متجوز وعنده عيال، وهى زى ما يكون المرة التانية دى، جاية عشان تتجوز وتلاقى حد موافق على الجوازة دى، غير أهلها يعنى، ما هو أهلها ما كانوش موافقين على الجوازة الأولانية، الشخص ده أنا طلبت اقابله، أنا فى الأول كنت شايفة إنها شخصية مش ناضجة، يعنى انفعالاتها عيالى وعماله تتنقل فى عواطفها من فوق لتحت، وبتبالغ، وكده
د. يحيى: إنت بتقولى مرتين فى الأول، وقطعت، وبعدين انتظمت شهرين، الشهرين دول شفتيها كام مرة فيهم
أ.جيهان: مره كل اسبوع، هى ما قطعتشى فيهم غير مرة واحده بس
د. يحيى: يعنى اتنين وسبعة تسع مرات
أ.جيهان: آه، تقريبا المره التانيه دى هى جايه وانا عندى فكرة مسبقة على حالتها، يعنى شايفاها طول الوقت مش ناضجة، هى اتخطبت تلات مرات، واتجوزت الولد المدمن ده من غير موافقة أهلها، فأنا فى الاول كنت رافضه خالص أوافق لها، يعنى عماله افهمها انها ازاى بسرعه كده يا دوب ماشية فى قصة الطلاق، وهات يا علاقة وهات يا مشاريع جواز، أقول لها نستنى شويه ونفكر شويتين، ثم إن الراجل متجوز وعنده ولد، وأصريت إنى على الأقل اشوف الشخص ده بنفسى، فهى جابتهولى، وقعدت معاه، بصراحة استغلبته أكتر منها.
د. يحيى: استغـ …إيه؟
أ.جيهان: استغلبته، يعنى حسيت إنه هو غلبان اكتر منها
د. يحيى: غلبان يعنى إيه
أ.جيهان: برضه يمكن مش ناضج، وبيمشى ورا احتياجه، وخلاص
د. يحيى: أنا مش عارف كلمة غلبان دى يعنى ايه علميا، فيه “غلبان” وفيه “غير ناصج” وفيه “عيل”، قصدك إيه بالظبط؟
أ.جيهان: يعنى قصدى كنت فاكرة إنه بيستغلها، لقيته أبدا
د. يحيى: يبقى غلبان؟ ولا طيب؟ ولا قفل ؟
أ.جيهان: مش الفكرة، يعنى لقيته مش واحد لعبى، وعايز يستغل ظروفها وكلام من ده، هو يعنى برضه علاقته بمراته مش مظبوطه، بيقول إن أهله كانوا جابرينه عليها، ومراته على كلامه مش مهتمه بيه، فا اللى انا عملته بعد ما شفته إنى إديته فرصة يتكلم، ويسأل، فهو برضه سألنى عنها، يعنى ما هو برضه شايف تقلبات مزاجها، وشايف شكـها فيه طول الوقت، هى طبعا خبراتها السابقة كلها خبرات سيئة، سواء مع الناس اللى اتخطبتْ لهم، أو مع الراجل اللى اتجوزته، ده كان بيبهدلها وبيضربها وياخد فلوسها وياخد دهبها ويبيعه، يعنى اتبهدلت معاه جامد قوى فهى طبعا بتشك فى الجدع الجديد ده قوى، وتقوله انت بتحبنى كده ليه وحاجات كده يعنى، فهو كان جاى بيسألنى عن ده ففهمته شويه عن درجة وطبيعة قلة نضجها والاحتياج اللى عندها واللى بيخليها تشك، وكده.
د. يحيى: السؤال بقى…
أ.جيهان: ما هو اللى حصل دلوقتى إن انا لما شفته تراجعت شوية، أنا فهمته برضه اللى وصلنى : يعنى شوية حاجات عنها، قدامها طبعا، زى ما فهمتها هى شويه عنه، برضه قدامه واديتهم الفرصه يفكروا
د. يحيى: طيب السؤال بقى؟
أ.جيهان: ما هى مورطانى أنى أنا أوافق، فأنا دلوقتى مش عارفة يعنى أعمل إيه
د. يحيى: يعنى إيه مورطاكى إنك توافقى، بتعمل لك إيه
أ.جيهان: يعنى بتلف وتدور وعايزة موافقة صريحة منى
د. يحيى: يعنى إيه بتلف وتدور، احنا بنلعب؟ دى أسرة!! مؤسسة ما يعقده الرب لا يفسده العباد، مش عندكم كده ولا إيه، دى لو كانت مسيحية زيك ما كانتش عرفت تتطلق، وكنا ريحنا دماغنا، طبعا عارفة إنى باهزر، بس حبيت أفهمك ليه الأديان مصعبة حكاية الطلاق كده، عشان الناس تبذل جهد وما تستسهلشى لا فى الجواز، ولا فى الطلاق، الحب مش كفاية عشان يخلى المؤسسة دى تستمر من غير جهد، إن شالله يكون إيه، روميو وجوليت الحمد لله انتحروا، لو اتجوزوا كانت حاتبقى فضيحه بجلاجل ولا قصص ولا سلـِّم ولا بلكونه ولا أى حاجه، فاخلى بالك أن عدم أو تصعيب الانفصال له فكره عشان المجتمع الإنسانى يكمـِّل بما وصل إليه، البنت دى اظن زادت عدم نضج من الخبرة المهببة دى لما اتجوزت الواد المدمن ده، بس زى ما أنت عارفة فى الحالات دى “إعادة النص” (السكريبت) بيتكرر أتوماتيكى غالبا، يعنى تلاقيها بتدور على جوازة معرضة للفشل مرة واتنين وتلاتة، المرة اللى فاتت مدمن، المرة دى هايف، إوعى تفتكرى إن المدمن مش هايف، دا مافيش أضعف من كده قدام المخدر، وغير المخدر، والمرة دى إنت بتقولى إن الراجل غلبان، ومحتاج واحدة ست من النوع ده،
أ.جيهان: آه، وهى حلوه كمان
د. يحيى: حلوه وأنثى، ولا حلوة بس
أ.جيهان: حلوة وأنثى، آه، ومعاها فلوس كمان.
د. يحيى: أعتقد إن تحفظك على إنك توافقى لازم يكون متماسك عن كده، مش بس عشان عدم النضج اللى أنتى شايفاه هنا وهنا، إنت لازم تحطى فى حسابك المؤسسة التانية اللى هى قائمة بتاعة الراجل ومراته وعياله، لو عملتى كده، حاتلاقى المشروع الجديد عمره الافتراضى بيقل أكتر فى أكتر، باين عليكى بتتعاطفى مع الراجل ده شوية، مش عاملة حساب كل حاجة، وبعدين فيه حته انسانيه برغم كل القواعد العلميه دى، لما تشوفى واحد وتتعاطفى معاه ده حاجة شريفة، ما يصحش ننكرها على نفسنا ولا عليه لمجرد إن العلم بيقول حاجة تانية، تبقى عارفة أن ده يمكن يكون غلط، إنما تقابلى الراجل وتلاقيه بنى آدم طيب، يبقى بنى آدم طيب، وخلاص، حاتعملى ايه؟! دى حاجة كويسة إنسانيا، إنما مش كفاية نبنى عليها قرارات ،.. …. ،
نرجع نحسبها من أول وجديد، بعد ما نحترم تعاطفنا، ونشوف إيه مصلحة كل واحد على حدة، وإيه مصلحة الطرف التالت اللى ما شفناهوش، قصدى مراته وعياله، وتحاولى تقابلى الجدع ده مرة واتنين، وتعيدى النظر سواء فى تعاطفك أو فى معلوماتك، بس خلى بالك إن البنيـَّة الشكاكة دى يمكن تحس إنك بقيتى عزول، وما ترضاش تخليه يقابلك تانى، إنت خايفة لتكون بتستعملك بدال أهلها عشان تاخد موافقة من سلطة والسلام، عايزاكى بديل لأهلها، لما تيجى أنت ما توافقيش، وفى نفس الوقت تعملى علاقة معاه لصالحه ولصالحها، يمكن تبقى بالنسبة لها منافسة من نوع تانى، وبالتالى هى يمكن تنقطع عن الجلسات، ويمكن تلعب لعبة تانية مش كويسة عشانها، وإنت حريصة على كل الأطراف، بس هى مش عايزة تشوف إلا احتياجها شخصيا، وباين عليها مستعجلة، ومسرْبَعَاكى عشان توافقى، أنا شايف إن اللحظة دى، وبعد المدة القصيرة دى، الموافقة – إذا كان لنا حق الموافقة – مالهاش أى شكل علاجى ولا بنائى ولا حاجة،
الكلام ده مش من منطلق أخلاقى، يعنى إحنا ما بندافعشى عن الزوجة المهجورة ولا عيالها، لأ، باين إن منطلق الولد ده نفسه شكله هش، وبعدين مصلحة البنت العيانة بتاعتك، بعد ما وصفتيها كده، مصلحتها إنها تكبر، مش إنها تعيد السكريبت عمال على بطال، السكريبت بالشكل ده إن شالله 100 مرة ما يكبّرش، ابدا، ده بيثبت الخايب، فإنت علاقتك معاها ما تستعجليش فى الرفض، وإلا حا تبقى زى أهلها ويمكن تتجوزه تحدى ليكى، بس إنت عليكى تلمّحى إن الامر واضح بالنسبة لك، وهى لمّا تثق إن قرارك مهم بالنسبة لها نتيجة لاستمرار العلاقة واستمرار الدعم والإحاطة، حا تخاف من إنك تتخلى عنها زى أهلها، ممكن تشرطى عليها ساعتها إن ما فيش حاجة تتم إلا بموافقة كتابية منك على روشتة، أنا ساعات باعمل كده وبتنفع، بس أنا كبير، وسهل إنى أتصرف كأب مصرى واضح، وباعتمد على درجة الثقة ومتانة العلاقة اللى باعملها قوام قوام، لكن فى حالتك المسألة تختلف، إنت فى سنها أو أصغر منها، ثم إنك ممكن تستعينى بحد من قرايبها غير أبوها وامها، مش انت بتقولى إن اللى قالت لها عليكى بنت خالتها، طيب، ما تحاولى تخليها تجيبها لك وتشوفى موقفها، وتحصلى على معلومات بعلمها طبعا يمكن تنور طريق قرارك. إنت لسه ليكى علاقة ببنت خالتها؟
أ.جيهان: آه
د. يحيى: طيب، تقدرى تدخليها فى الموضوع بهدوء وتخلى بالك إن بنت خالتها ممكن تاخد موقف اخلاقى حكمى فوقى فاتفهميها ان المسأله مش مسألة حب وغرام جديد وبس، هى بنت خالتها عندها كم سنة؟ ومتجوزة ولا إيه؟
أ.جيهان: بنت خالتها ماتجوزتشى وعندها 42 سنه
د. يحيى: آدى مقلب تانى، هى قعدت معاكى قد إيه بنت خالتها دى
أ.جيهان: حوالى 4 شهور كده يعنى، وبعد كده ما بقيتش منتظمة قوى قوى
د. يحيى: المهم يمكن تستفيدى منها، بعلم العيانة طبعا، نتيجة لثقتها فيكى، تستفيدى بإنكم سوا سوا، توصلوا لقرار كويس، بس تعملى حسابك برضه وتخافى من الغيرة الخفية حتى من بنت خالتها ناحيتها، على مستوى لا شعورى عشان هى ما تجوزتشى
أ.جيهان: لأ دى طيـّـبة خالص
د. يحيى: يعنى حاتفرق إيه؟ مش يمكن اللاشعور، ولا أى مستوى من الشعور اللى بالى بالك، كل ماتتكلموا فى الموضوع ده يقول لها “جتنا نيلة فى حظنا الهباب، إشمعنى أنا”؟
أ.جيهان: لا أبدا ،بالعكس، دا يمكن هى مشجعاها على الارتباط
د. يحيى: يا خبر، ده يودينا الناحية التانية، لحسن تكون عايزاها تتجوز نيابة عنها، باللاشعور برضه، أو عايزاها تفشل من جديد، فتبرر نصاحتها قال إيه، وإنها كده أحسن بقلة الجواز، وكلام من ده. عندنا مثل عامى فى بلدنا مش حاقولهولك، عشان قليل الأدب، معناه فى الموقف ده إن لو بنت خالتها شاطرة كده فى الحاجات دى ما تتشطر لنفسها، مش خدتى بالك إن الموقف ما فيهوش حاجة تبرر التشجيع الجاهز ده، بتشجّعها على إيه يا خىْ!!؟ أنا آسف، طلعت بنت خالتها مش عامل مفيد زى ما كنت متصور، زى ما تكون مش موضوعية قوى، هى بتشتغل
أ.جيهان: مين؟ بنت خالتها؟
د. يحيى: آه
أ.جيهان: آه، بتشتغل شغل واخد كل وقتها يعنى
د. يحيى: وهى بطلت تجيلك
أ.جيهان: تقريبا
د. يحيى: طيب، خليها بقى على جنب ونرجع مرجوعنا للبنية بتاعتنا، هى بتقابل زميلها ده كتير دلوقتى؟
أ.جيهان: آه، وأنا حاولت أمنع ده يعنى، أو أقلل منه شوية
د. يحيى: إنت ما تقدريش تمنعيها بالمعنى البلدى، العلاقة مع الجدع ده ممكن تبان على إن المسألة أسهل، مش محتاجة طلاق مثلا، عشان ما فيش جواز من أصله، هى بتنام معاه؟
أ.جيهان: لأ طبعا، بس يعنى
د. يحيى: يعنى إيه؟
أ.جيهان: يعنى إزاى أنا واقفة فى سكة منع الجواز، على الأقل دلوقتى، وفى نفس الوقت زى ما يكون باسمح بحاجه تانيه، ما هو ده برضه محيرنى
د. يحيى: يابنت الحلال هوا انت وصية على تصرفاتها؟ وبعدين إنت بتقولى هى مش ناضجة، يبقى المسألة عايزة وقت
أ.جيهان: ماهى بعيدة، وزى ما يكون مش واصل لها حاجة كفاية .
د. يحيى: عموما إنت ما تقدريش تمنعيها بالبساطه دى، إنت بس توريها انها مش بتصلح الغلط اللى عاشته باختيارها الأولانى، دى بتلبخ أكتر، وإن احنا محتاجين وقت قبل ما نتدبس فى أيها حاجة جديدة، وإنه، برغم طيبة الجدع ده، ولو من الظاهر، يمكن يطلع كذاب، أو يثبت إنه عيل زيها، أو ألعن منها، زى ما يكون هى محتاجة، وعمالة تتنطط، وعايزة تصلح الغلطه اللى فاتت بغلطة زيها ويمكن ألعن، فلازم تــِـبـْـقـِـى حازمة فى المنع، أو على الأقل فى التأجيل، وتفضلى جنبها، وتعرفى معلومات أكتر وأكتر عشان الوساوس الأخلاقية اللى عندك دى، وهى مهمة برضه، يعنى تعرفى التفاصيل من غير حرج، يعنى تبقى عارفه مثلا بيتقابلوا فين؟ فى مكان عمومى ولا فى شقة؟ مع ناس ولا لوحدهم؟ ومدة المقابلة قد ايه، وحاجات كده، وبيتكلموا فى إيه غير إنت بتحبينى، لأه دا أنا اللى باحبك، يعنى تخشى فى تفاصيل التفاصيل، لأن غير كده ممكن تتمادى منهم العلاقه وانت واقفه تتفرجى أو تتقرطسى ومش عارفة مستنية إيه، ولامؤخذة.
****
الاستشارة الثانية: بعد ثلاثة أشهر (تقريبا: تعمدنا عدم ذكر التاريخ)
أ.جيهان: هى عيانة أنا كنت قدمتها قبل كده بس فيه حاجات جدت فكنت عايزة أسأل عنها (هى عيانة عندها 28 سنة … ثم لخصت ما سبق أن قالته وناقشناه فى الاستشارة السابقة إلى أن قالت:
أ.جيهان: قدمناها من حوالى شهرين مثلاً قبل ما أطلع تقريباً الأجازة (إجازة قامت بها المعالجة للزواج) من شهرين شهرين ونصف، وأثناء أجازتى والدتها اتوفت
د. يحيى: والدتها اتوفت إمتى بالضبط؟
أ.جيهان: يعنى من شهر مثلاً
د. يحيى: والدتها كان عندها كام سنه؟
أ.جيهان: والدتها كانت يعنى 64- 65 جالها ورم ومالحقتش تتعب
د. يحيى: اتوفت فجأه ولا كانت وفاة متوقعة.
أ.جيهان: هى مالحقتش تتعب حتى، يعنى التعب أخذ شهر شهرين، يعنى هى كان عندها ورم صحيح لكن كانوا متوقعين إنها تتحسن، يعنى تعتبر ماتت فجأة، دخلت المستشفى ماتت، فالبنت جت لى تانى بقى مافيش حد عمل لها دعم غير الراجل اللى متجوز اللى عايز يتجوزها ده اللى احنا أجلنا حكايته، وهو برضه عمل حاجة فى المدة دى، طلق مراته وبعدين قال للعيانة بتاعتنا دى أنا مضطر أرجعها تانى عشان حاجة كده لها علاقة بالفلوس، كلام أنا ما فهمتوش قوى، بيقول عشان ماتستغلهوش فى الفلوس، أو حاجة كده
د. يحيى: المهم ،رجّع مراته؟
أ.جيهان: آه، قال لها أنا حارجعها عشان السبب ده بس
د. يحيى: سبب مش سبب، المهم رجعها
أ.جيهان: آه، أنا مش فاهمة أصل وفصل المعلومات دى أوى
د. يحيى: كل ده وانت فى أجازة جوازك، باين جواز وشـّه مش كويس عليهم، الدنيا بقت تضرب تقلب، الولية امها راحت ميته، والراجل طلق ورجع، ألف مبروك، فين المشكلة الجديدة بقى؟
أ.جيهان: … فهى جت الأسبوع اللى فات، وراحت زنقانى، زنقانى أوى إن هى خلاص مالهاش حد غير الجدع زميلها ده، بتخرج معاه بقى للساعة 10 بالليل، هى كانت صريحة مع مامتها فكان ده بيوقفها شوية، لكن هى مخبية كل حاجة عن باباها. والدتها كانت بتسمح لها وتوقفها فى نفس الوقت، يعنى على الأقل كان فيه حد عارف بيوقف المشاكل ما تتماداش قوى، والدتها كانت بتقف قصاد باباها برضه، فدلوقتى هى وباباها عايشين مع بعض بس، أصل أخوها بيشتغل فى شركة بعيد يعنى، بيشتغل فى حته بيجى كل شهر كده يومين تلاتة، هى عايشة هى وباباها وبس، وطبعاً علاقتهم وحشه جداً ببعض، بتنزل الشغل من الصبح ماتروّحش غير بالليل الساعة 10، وتقريباً صاحبها ده، اللى هوا زميلها، معاها طول الوقت، وهو حاول يتعرف على باباها وقت العزا وكده، لكن الأب رافض تماماً إن هى ترتبط بشخص عنده المشاكل دى كلها، فهى جت لى عشان أزنقه، يعنى أقعد بقى أجيب باباها وأتكلم معاه، وان خلاص مفيش بديل غير كده، هى حاسه إن مافيش بديل غير ده، بس انا من جوايا شوية ابتديت أحس إن أنا مالى، ما أسيبها تجرب تانى وخلاص، ما هو حايتجوزها، مش أحسن ما يتنيهم كده على طول، ويا ترى إيه اللى حايحصل بينهم من غير جواز؟
د. يحيى: إيه اللى حا يحصل تفتكرى؟
أ.جيهان: ما هو أحسن إنه يتجوزها إذا كان جد، ما باين عليه مش بيلعب، وعايز يتجوزها
د. يحيى: مش هوا لسه مع أم ولاده اللى رجّعها لأسباب مادية زى ما بيقول؟
أ.جيهان: آه آه، أنا كل اللى عملته يعنى إنى طلبت باباها تانى
د. يحيى: المرة اللى فاتت، لما عرضتيها قبل كده، كنا انتهينا لسؤال إيه وإجابة إيه
أ.جيهان: كنا ابتدينا بسؤال إن العلاقة دى حا نعمل فيها إيه؟ فاتفقنا إن احنا حانأجلها شوية لحد ما هى تفكر بشكل تانى مع مساعدة العلاج وكده، وفعلاً ده حصل، وهى وافقت بس لما جت ظروف والدتها، الأمور ما عدتشى تستحمل انتظار تانى من وجهة نظرها
د. يحيى: بس احنا مالحقناش نأجل مدة كفاية، المهم: السؤال بقى المرة دى هو نفس السؤال؟؟
أ.جيهان: انا من جوايا شوية ابتديت أحس إن انا عايزة أوافق، بس مش عارفة أعمل إيه مع والدها، هو والدها معترض تماماً، أنا جبته واتكلمت معاه واتفقت معاه إنه حتى يماين معاها يمكن ما تتماداش فى العناد، إنما هو طول الوقت رافض موقفها عشان الجوازة الأولانية، وإن هى اللى أصرت على الجوازة الأولانية وطبعاً فشلت تماماً
د. يحيى: هى ما معندهاش عيال من الأولانى؟
أ.جيهان: لأه، دى مالحقتش تتجوز، ده كان مدمن، وبيستغلها وبيضربها وبياخذ فلوسها ودهبها
د. يحيى: الجدع الجديد ده وعدها إنه لما يحل الأمور المادية مع مراته، حايكمل الطلاق؟ ولاّ حايتحفظ بالاتنين؟
أ.جيهان: حايكمل الطلاق
د. يحيى: ما يمكن كذاب؟
أ.جيهان: ما أنا باقول كده برضه، بس هو انا قابلته يعنى، وشفت فيه حسن النية
د. يحيى: إزاى؟
أ.جيهان: هو فعلاً رجّع مراته رسمى، بس لسه مقيم عند أخته، مش قاعد عند مراته
د. يحيى: وده تفتكرى بيسهل المسألة يعنى؟
أ.جيهان: لأه الحسبه لسه صعبه، العيانة بتاعتى بقت مسكينة أكتر لما أمها ماتت، ما عادشى لها غير الأب وهو صعب أوى أوى، أنا ماباستحملوش لما بشوفه، ماباستحملوش بجد، وأمورها المادية بقت زفت، فاندفعت أكتر للجدع الجديد ده، مع إنها لسه منتظمة على العلاج تمام التمام
د. يحيى: قصدك الفقر زود احتياجها ليكى واحتياجها للراجل ده فى نفس الوقت، فبقت المسألة أصعب، طيب نرجع للمسئولية بتاعتنا احنا، بعيد شوية عن الحب والاحتياج والكلام ده دلوقتى، ياللا نحسبها بعيد عنهم الأول فى الحالة دى بالذات، ما هى كانت بتحب الواد المدمن ومحتاجه له ولاّ انت نسيتى، ثم ما تنسيش برضه إن انا محتاج وأنتى محتاجة، واهى ماشية، هوا فيه حد مش محتاج، إحنا ما بنحسبشى حياتنا بمسطرة احتياجاتنا من بره، المسألة فى النهاية واقع حوالينا، واحتمال امتلاء من جوه لبره، وبالعكس، مش كله من بره بره، وبعدين نشوف: ده مشروع بداية مؤسسة، صحيح اسمها جواز، بس هى مؤسسة، لازم تتحسب موضوعيا، يبقى برضه دورنا إن احنا نساهم بالرأى بوضوح، لكن ما ناخدش قرار بدالها، ولا نوافق على اللى احنا مش موافقين عليه، يعنى نقول رأينا ونرجع لورا خطوتين ولاّ اكتر، ونسيبها تدبر أمورها، يعنى إحنا ما لناش دعوة فى نهاية النهاية باتخاذ القرار الفعلى، إلا لو الثقة بتاعتها فينا خلتها تعتمد علينا قوى كده، برضه ما نتجرجش، إحنا ما نقعدشى نحسبها باحتياجها واحتياجه، وننسى الباقى، البنت لسة صغيرة، لسه قدامها عمر بحاله، لسه 27 سنة، وليها خبرة سابقة فيها إحباط شديد، واحتياجها دلوقتى بعد موت امها اشتد جدا جدا، موت امها هنا مش بس خلاها تعيش فقد مصدر كويس، حتى لو هى كانت متوقعة موتها، المسألة بتختلف، لما بيحصل موت واحنا فى أى سن بيحرك جوانا حاجات إحنا ما نعرفهاش، ساعات بيبقى واحد عنده ستين سنة، لما تموت أمه يشعر مشاعر عيل بيرضع وكأنه اتفطم من غير تحضير، فخلى بالك الأم أم مهما كان سن أولادها، فقد الام له دلالة خاصة، وبالذات فى مجتمعنا، يمكن عشان مجتمعنا ما بيفطمناش صحّ، فقد الأم بيحرك حاجات مختلفة، عند كل واحد شكل، ساعات يزق ناحية النضج، زى ما يكون بيعلن، مهما جه الإعلان متأخر، إن كفاية رضاعة بقى، أصل ساعات الأم ما تعرفتش تفطم ابنها او بنتها طول ما هى عايشه، حتى لو إنها ناوية تعمل ده، فلما تموت يحصل فطام قهرى، بس طبعا فطام واحد عنده خمسين سنة، غير تلاتين، غير سنة وكام شهر، ثم إن فطام الراجل غير فطام الست، وهكذا، فخلى بالك يمكن تحتاجى تعامليها زى ما تكون بتمر بخبرة الفطام، ثم إن الحزن على الميت ساعات بيبقى نوع من العدوان عليه، حاجة شبه ما يكون احتجاج على الترك، زى ما يكون الواحد بيقول لامه: انت سبتينى ليه؟ سيبتنى دلوقتى ليه؟ ده بيحصل مهما كانت علاقتهم ببعض، كل ده ينبهك إن ده حايأثر على اتخاذ البنت لقرار الارتباط فى الوقت ده بالذات.
نرجع بقى للجدع ده، الجدع اللى طلق ورجع عشان أسباب مادية ومش مادية، مش دى برضه حاجه تخليكى تعيدى النظر فى شخصيته لما قلتى عليه غلبان ومحتاج وكلام من ده، إحسبيها يمقياس تانى زى مقياس المسئولية مثلا، مش الحب برضه رعاية ومسئولية زى ما بنعيد ونزيد عمال على بطال؟ الجدع ده شخصيته بعيد عن علاقتة بعيّـانتك بتقول إنه مسئول ولا مش مسئول؟ لازم ترجعى تفحصى الحكاية من جديد، هو عايز إيه من مراته الأولانية، هى مراته بتديله ايه وناقصه ايه؟ وهو بيعمل لها إيه،.. فإحنا عايزين وقت ومعلومات وتأجيل، ووقت ومعلومات وتأجيل، بأى طريقة، مباشرة أو غير مباشرة، وإلا “السكريبت” حا يتكرر غالبا، ده غير الخراب اللى حا يحصل الناحية التانية، فى الأسرة التانية، مش هى لسه برضه منتظمة فى مواعيدها معاكى؟
أ.جيهان: مش قوى، هى بتيجى لما بتتزنق يعنى، هى زى ما تكون المرة دى مش مِدّيـانى فرصه اقرر معاها، عايزانى اوافقها والسلام، وبس
د. يحيى: ما انت شطورة اهه، خدتى بالك من لعبة طلب الموافقة من بدرى، حتى لما قدمتيها المرة الأولانية
أ.جيهان: بس هى مش مديانى فرصه اعمل حاجة حقيقية مهما أجلنا، عايزانى بس إنى أساعدها انها تكمل فى اللى هى فيه، وبأسرع ما يمكن.
د. يحيى: ما هو ده بقى الخطر، إنها تعمل اللى هى عايزاه، وتلزقها فينا، ما انا قولتلك ان احنا حانوضح موقفنا ونعلنه بمنتهى الصراحة، وهى بقى تتخذ القرار اللى هى عايزاه، وتتحمل مسؤليتها، وماتستعملناش إلا بخـُـطرنا وعلانية
أ.جيهان: هى فعلا بتستعملنى شويه، خصوصا فى مواجهة باباها
د. يحيى: مافيش مانع تستعملك، بس وانت واعية وراضية.
أ.جيهان: بس انا مش قادره برضه اقف قصاد باباها، أصله صعب جدا زى ما قلت.
د. يحيى: أظن إنت سمعتينى عدة مرات باقول: “من خدعك فخُدعت له فهو مخدوع”، ده كلام قديم، وانت عارفة ما باحبش الحِكَمْ”، المهم إن المسائل تبقى فى النور، اللى عايز يستعمنا يستعملنا، بس بخـُطرنا، ورضانا، يعنى هم العيانين بيجولنا ليه، ما هو عشان يستعملونا بطريقتهم، والشطارة إن احنا نخليهم يستعملونا عشان مصلحتهم، مش عشان اللى هم جايين عشانه، سواء بقصد أو وهما مش واخدين بالهم، العيانين من حقهم يستعملونا زى ما هم عايزين، فاضل بس لما نلاقى إن فيه ضرر، نقول عندك!!، بعيد عن شنبك، السكة السليمة أهه، وهو حر بعد كده، مش كده ولا إيه؟!!!
أ.جيهان: كده
*****
ثم نكمل الأسبوع القادم “التعقيب والحوار“
[1] – يحيى الرخاوى: “كتاب: بعض معالم العلاج النفسى من خلال الإشراف عليه، ” منشورات جمعية الطب النفسى التطورى (2018)، والكتاب موجود فى مكتبة الأنجلو المصرية وفى منفذ مستشفى دار المقطم للصحة النفسية شارع 10، وفى مؤسسة الرخاوى للتدريب والأبحاث: 24 شارع 18 من شارع 9 مدينة المقطم، كما يوجد أيضا حاليا بموقع المؤلف، وهذا هو الرابط www.rakhawy.net
[2] – نشرة الإنسان والتطور 15-3-2009 www.rakhawy.net
المقتطف: إن المسائل تبقى فى النور، اللى عايز يستعمنا يستعملنا، بس بخـُطرنا، ورضانا، يعنى هم العيانين بيجولنا ليه، ما هو عشان يستعملونا بطريقتهم، والشطارة إن احنا نخليهم يستعملونا عشان مصلحتهم،
التعليق :. توضيح موقف المعالج من الاستعمال افدني جدا .. انا باعتبره انه استعمال للاستعمال ..
على البركة
المقتطف :عادشى لها غير الأب وهو صعب أوى أوى، أنا ماباستحملوش لما بشوفه، ماباستحملوش بجد، وأمورها المادية بقت زفت، فاندفعت أكتر للجدع الجديد ده، مع إنها لسه منتظمة على العلاج تمام التمام
التعليق:
العلاقة بالاب اظن محتاجه فحص اكثر من المعالج .. ومش عارف الي اي مدي سيفيد اشراك الاب في العملية العلاجية !
هذا يتوقف على تطور العلاقة طبعا
شكرا.
المقتطف : ما نقعدشى نحسبها باحتياجها واحتياجه، وننسى الباقى، البنت لسة صغيرة، لسه قدامها عمر بحاله، لسه 27 سنة، وليها خبرة سابقة فيها إحباط شديد، واحتياجها دلوقتى بعد موت امها اشتد جدا جدا، موت امها هنا مش بس خلاها تعيش فقد مصدر كويس، حتى لو هى كانت متوقعة موتها، المسألة بتختلف،
التعليق:
وصلني إلحاح احتياج العيانه وجوعها للاخر حتي لو كان مسمما ، وصلني ايضا مأزق المعالج المتأرجح بين ميله لسد هذا الجوع رغم خطورته وبين صعوبة كسر النص المُعاد (السكريبت)
موت الام اظن صعب الموضوع علي العيانه وعلي المعالج واعطي فرصه اكبر لاستعمال الشخص ده لجوع العيانه..
عندك حق
لكن هذا ليس نهاية الطريق على أية حال