الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / مقتطف من كتاب:“بعض معالم العلاج النفسى من خلال الإشراف عليه” بقية الحالة:(32) فصام عن الجسد، وآلام الوصْل (2 من 2)

مقتطف من كتاب:“بعض معالم العلاج النفسى من خلال الإشراف عليه” بقية الحالة:(32) فصام عن الجسد، وآلام الوصْل (2 من 2)

نشرة “الإنسان والتطور”

الأربعاء: 27-10-2021

السنة الخامسة عشر  

العدد: 5170

الأربعاء الحر:

مقتطف من كتاب: بعض معالم العلاج النفسى من خلال الإشراف عليه  (1)

الكتاب الثانى الحالات: من (21) إلى (40)

مقدمة

برجاء قراءة أصل الحالة نشرة الأسبوع الماضى بتاريخ 20/10/2021

****

الحالة: (32)

فصام عن الجسد، وآلام الوصْل (2)

التعقيب والحوار:

د. مدحت منصور

أذكر أنني قد شاهدت برنامجا باسم “سلطان الخوف” كان يتحدث عن توجيه الشعوب بخلق شئ يخافونه وخرافة يؤمنون بها، فإذا كان سلطان الخوف يوجه شعوبا بأكملها فما المانع أن يوجه بنت عندها 14 سنة وأخ وأخت أكبر بقليل أظن مع قلة الخبرة وقلة الدعم ، أما المعتدي (المبتز) فيجرب وكلما نجح زاد من الضغط تدريجيا، وزادت سطوة سلطان الخوف تدريجيا أيضا واشتركت الضحية: ذنبه استسلم وكثير هم من يستسلم.

 رأيت في تكسير فوانيس السيارة ثأراً وغلا، والفضل يرجع لدعم كل من الطبيب ومجموعة الدعم فوجدت البنت من تستند عليه ولم تشعر بذلك الضعف الناجم عن الوحدة فالطبيب أيقظ مشاعرا قديمة انتهت بذلك الفعل والذي يقول “أنا مش خايفة منك أهه وبتحداك كمان”.

 د. يحيى:

أعتقد يا مدحت أن هذا تفسير مباشر أكثر من اللازم، أنا أيضا خشيت أن يكون هذا العدوان هو علامة على أن العلاقة – برغم شذوذها والظلم المحيط بها – مازالت تمثل شيئا خاصا داخل داخل هذه المريضة، أكثر من ظاهر الرفض والندم وعمق الألم.

د. محمد على:

أولاً، أحب أشكر حضرتك على الحالة دى، مهمة فعلا، ونفسى أتعلم من حضرتك كثير من خلالها وحتى انى باقترح ان مقدم الحالة يعود إلينا بما وصل له كل فترة علشان نتعلم كلنا، أنا مش عارف أتكلم على إيه ولا على إيه؟

د. يحيى:

أعتقد أننا سنعود إليها حسب حاجة المعالج أولا بأول، وأيضا حسب تطور الحوار

د. محمد على:

يبدو كسر الذراع والاغتصاب وكأنها عايزه لذة من النوع ده ولكن من غير ماتكون مسئولة، والدليل العلاقات اللى بعد كده اللى على البحرى.

د. يحيى:

لا أظن، ليس هكذا تماما، لا أوافقك.

د. محمد على:

أنا مش فاهم ايه علاقة كسرها لفوانيس اخينا ده.

د. يحيى:

برجاء قراءة ردى على د. مدحت حالا، وأثناء عرض الحالة.

د. محمد على:

حاجة ثالثة هو ايه اللى احنا عايزين البنت دى توصل له؟ يعنى إيه الهدف اللى احنا رايحين له؟

د. يحيى:

هو هو ما نرجوه لأية مريضة، وربما لأى إنسان.

د. رمضان بسطاويسى:

رواية دميان لهرمان هسه تفسر هذا الغموض في موقف الفتاة مِمّن يبتزها.

د. يحيى:

شكرا يا عم رمضان، أين أنت يا رجل؟

لقد سبق أن قدمنا رواية دميان هسه فى إحدى الندوات الشهرية بالمقطم، وكتبت عنها نقدا كاملا يا د.رمضان، أود أن أطلعك عليه فهو لم ينشر بعد، وأهمية هذه الرواية فى تقديرى هى علاقتها بفكر كارل يونج بالذات الذى قام أحد أتباعه بمساعدة هرمان هسه فى أزمته الشخصية،

أما ما أشرتَ إليه من ملاحظة على الحالة وربط بعض غموضها بما جاء فى دميان، فأنا أحتاج إلى تفصيل أكثر لرأيك، لأناقش وجه الشبه الذى أشرت إليه، لأننى أشعر أننى قد أتفق معك إلا قليلا.

د. رمضان بسطاويسى:

 هل العلاج فرجة من قبل الطبيب أو مسئولية.

د. يحيى:

أعتقد أن كثيرا مما نشر فى هذه النشرات تحت باب “التدريب عن بعد”، قد تناول مسألة الفرجة هذه بكل التفاصيل فى (نشرة 5-2-2008 “عن العلاج النفسى وطبيعة الإشراف عليه”،) و(نشرة 19-10-2008 “عن الطبيعة البشرية وخطوات وجرعة تنظيمها” ) وهو ما سيصدر قريبا فى كتاب أرجو ألا تبخل علىّ بقراءته حتى لو لم تعقب (3).

د. رمضان بسطاويسى:

…. وحينها يقول (الطبيب) لا أعرف، ويترك الأمور بدلا من التورط؟

د. يحيى:

يترك الأمور لمن؟ وأنت سيد العارفين!

د. رمضان بسطاويسى:

سألني طالب عن أصوات تحدثه بأمور علمية عميقة أشرحها لهم في المحاضرة ويجيب فيها عن تسساؤلات جادة، قلت له يذهب للقصر العيني ويطمئن على نفسه من تطور هذه الأصوات، لأنني غير متخصص وحين ذهب ورجع حكى أن بعض الأطباء لا يحبون شغلهم ويريدون أن يعرفوا لأنفسهم وليس لحاجة المريض.

د. يحيى:

أولا: أرجو – كما تعلمنا سويا – ألا تأخذ الرأى من مصدر واحد، من يدرى، ماذا جرى بالضبط، من وجهة نظر الطبيب؟

ثانيا: أنا أرحب بمثل هذه الأصوات التى يسمعها الطالب، أرحب بها مرحليا –خاصة إذا كانت جادة مثل هذه الحالة، تحكى ما تدرسه أنت له، أرحب بها- حتى لو كانت مرضا صريحا، فهى أصوات حقيقية، كل ما فى الأمر أنها صادرة من الداخل، يسمعها بأذنه الداخلية غالبا، فلابد من احترامها إذا كانت بقية حياته تسير سيرا حسنا ويمكن الرجوع إلى نشرة 4-12-2007 “العين الداخلية (والأنف الداخلية كذلك”) فقد تناولنا منها بعض ذلك، ولنا عودة.

وبعد:

لقد كنتَ فى وعيى يا رمضان طول الوقت حين بدأت كتابة هذه النشرة اليومية منذ حوالى عام ونصف، وكنت دائما أنتظر نقدك وتوجيهك وتصحيحك لها ولغيرها مما نشر لى مؤخرا.

لقد ترددت أن أرسل اعمالى الأخيرة إليك، كانت آخر مكالمة معك على ما أذكر حين أخطرتك برفض “عالم المعرفة” أن ينشر لى الكتاب الأهم بحجة أن هذه أمور لا تهم “عالم المعرفة”، وقد نشر نفس الكتاب لاحقا عن المجلس الأعلى للثقافة بعنوان “حركية الوجود وتجليات الإبداع”، لكن أحدا لم يتعرض بأية إشارة إليه لا من النفسيين (أطباء وغيرهم) ولا من النقاد ولا من المبدعين، فتصورت أن “عالم المعرفة” كان على صواب!!! مع أن هذا الكتاب ربما يكون علامة فى فكرى أكثر دقة من “دراسة فى علم السيكوباثولوجى” والذى عرّفك على فكرى منذ ربع قرن أو يزيد.

وسوف أحاول أن أرسل لك نسخة منه، فأنت من أجمل وأمهر من أطمع فى رأيه ونقده.

شكرا يا رجل،

 أوحشتنى.

أ.د. فائقة محمد بدر:

لم توضح العلاقة بين الوالدين، وظهر لي أن الأم كانت هي المسيطرة على الأب لذلك استسلمت البـِـنـَـيـَّـة للواد الأول ووجدت فيه ما افتقدته في والدها وكان خوفها من والدتها، وبعد وفاتها فتحتها على البحرى.

د. يحيى:

أظن أن الأمر ليس بهذه البساطة،

أنا أحذر عادة من مثل هذا التفسير بالارتباط السببى الخطى هكذا!!

أ.د. فائقة محمد بدر:

أعتقد أن المريضة لم تُغتصب كما تقول، وإلا لما أستمرت العلاقة بينهما بهذا الإصرار، يعنى ان هناك استمتاع من الطرفين ومن خبراتي، أجد أن بعض الحالات فيها مبالغة واستدرار عطف الآخرين.

د. يحيى:

لا أظن أن ثم استدرار عطف هنا بقدر ما هو أمل فى عون حقيقى، حتى لو كانت الفتاة قد شاركت فى الحدث طوال تلك المدة كما أشرنا فى نص الاستشارة والرد عليها، فأنا أعلن بوضوح أننى متحفظ طول الوقت ضد لهجة الاتهام هكذا على طول الخط هكذا.

أ. يامن نوح:

هى الحالة فعلا مثيرة..وتستحق التعاطف..انما الحقيقة من اول ماابتديت قراية الموضوع كان عندى مشكلة..وهى انه مفيش أعراض..يعنى لم يذكر فى سرد الحوار إيه هى الأعراض اللى ظاهرة على البنت او هى جت تشتكى من ايه المعالج هو قال انها بتشتكى من رهاب اجتماعى ولكنه قال انه مش مصدق ده..وبعدين الدكتور الرخاوى اتكلم عن رؤيته للـ “بنت” من كذا وجهة نظر لكن انا مالقيتش رؤية للـ “مريضة” او للـ “مرض”..او يعنى ببساطة..هو احنا فى الحالة دى المفروض نعالج ايه بالظبط؟

 د. يحيى:

اختزال المريضة إلى أعراض، لا يتفق كثيرا مع طبيعة العلاج النفسى، أنا لا أنكر أهمية الأعراض، وما ذكر منها يكفى، أما تطور أطوار وإمراضية (سيكوباثولوجية) الحالة هكذا، فهو الأخطر والأهم، وقد أخذ حقه فيما عرض.

ثم إننا فى هذا الباب – كما ذكرت حالا – لـ أ.د. فائقة إنما نناقش الجزء المعروض، لا نعرض حالة متكاملة لها أعراض وتشخيص وكلام من هذا.

أ. عبير رجب:

لا أعلم سر موافقة هذه المريضة على كل هذا الاستغلال والاستسلام، فلابد من وجود موافقة ضمنية منها، لا أعلم سببها وإن كنت أميل إلى كونها تحصل على مكسب ما.

د. يحيى:

لعلك لاحظت يا عبير أن كل الحوار الذى دار فى الإشراف إنما يشير إلى مشاركة المريضة فى المسئولية بمستوى معين من وعيها (لا أحب أن اسميه اللاوعى) الحديث عن المكسب والخسارة على هذا المستوى الذى جاء فى تساؤلك يبعدنا عن الموقف العلمى (الإمراضِى = السيكوباثولوجى) ويقربنا من الموقف الأخلاقى المسطح الذى لا يخلو من اتهام، لو اردنا أن نحسب المكسب والخسارة، فلابد أن نحسبها –الآن- على مستوياته المتعددة، أى على كل مستويات الوعى المتاحة والمفترضة، ثم نحسبها على المستوى الطولى أى بلغة النمو والتكامل، أى ماذا تكسب المريضة وماذا تخسر، هى “كلها على بعضها” فى نهاية النهاية؟

أ. إسراء فاروق:

تعرض هذه الفتاة لحادثة الإغتصاب فى تلك المرحلة التى يبدأ فيها تشكل الهوية – بشكل أكثر حساسية- أعتقد أنه من العوامل المنذرة بمآل سيىء.

د. يحيى:

عندك حق، ودعينى أقترح عليك أن تقرئى رواية “اسم آخر للظل” لكاتب شاب (أو كان شابا ولا أعرف رحلة تطوره الآن) هو حسنى حسن، وفيها يذكر خبرة البطلة فى هذه السن الباكرة وقد اغتصبها خالها، وهى خبرة فريدة تتفق مع رأيك بشكل يكاد يكون مطابقا.

أ. إسراء فاروق:

تورط هذه الفتاة فى علاقة أثناء مرحلة المراهقة، سواء كان بالغصب أو الرضا، واستكمالها لهذه العلاقة لمدة 4 سنين ثم البحث عن شىء ما، يغذيها من خلال علاقات جنسية أخرى، يجعلنى أتساءل: ما الذى يمكن أن يعطيه لها المعالج مقابل أن تتوقف عن تلك العلاقات.

 د. يحيى:

من هنا يا إسراء تزداد الصعوبة فعلاً، وهذا مبرر كاف للجوء المعالج الأمين إلى الاستشارة فى الإشراف.

د. نعمات على:

فى رأيى انه لايوجد شىء يحدث بالغصب والإرغام، لذلك فالبنت توافق بشكل غير معلن على هذه العلاقة، بالإضافة إلى انها دائما تبدو كأنها تريد أن تلقى المسئولية على الشخص الذى اغتصبها.

د. يحيى:

ليكن، ولكن برجاء أن نخفف من موقف المبالغة فى الاتهام هكذا.

د. نعمات على:

الشاب أو الفتاة الذين تعودوا على ممارسة الجنس من بداية مبكرة ولفترة طويلة أكيد الممارسة تعطى إحساسا معينا، لا أعرف ماذا نفعل فى ذلك عندما نتكلم عن ايقاف تلك العلاقة؟ ماذا يمكن أن نعطى بديلا عن هذا الإحساس وعن هذه الخبرة!!!

د. يحيى:

الصعوبة صعوبة، ونحن لا نعطى بديلا يمعنى “التعويض” أو المقابل اللّذى من مصدر آخر، وإنما يكون العلاج %8