نشرة “الإنسان والتطور”
الأربعاء: 22-9-2021
السنة الخامسة عشر
العدد: 5135
الأربعاء الحر:
مقتطف من كتاب: بعض معالم العلاج النفسى من خلال الإشراف عليه (1)
الكتاب الثانى الحالات: من (21) إلى (40)
الحالة: (28)
عن المؤسسة الزواجية والعلاقة بالموضوع (2) (2 من 2) (3)
مقدمة:
هذه النشرة هي تكملة للحالة (28) التي نشرت الأسبوع الماضى بتاريخ: 15-9-2021، والتي نشرت مع التعقيبات عليها ثم الردود على التعقيبات.
وبرغم أنه يمكن قراءة هذا الجزء الثانى مستقلا إلا أننى أنصح الزملاء والزميلات بالعودة إلى قراءة ما نشر الأسبوع الماضى (الأربعاء 15/9/2021) بالتعقيبات حتى تتم الفائدة.
والله المستعان.
الاستشارة الثانية (نفس الحالة 28) (4)
د. أحمد الشافعى: هى مريضة عندها 29 سنه بتشتغل……، إلخ
د. يحيى: مش هى دى الحالة اللى قدمتها لنا قبل كده؟
د. أحمد الشافعى: أيوه
د. يحيى: حوالى إمتى؟
د. أحمد الشافعى: من 5 أسابيع مثلا أو من 6 أسابيع .
د. يحيى: أظن أكتر، ما علينا، طيب، ممكن تقولنا السؤال كان إيه المرة اللى فاتت؟
د. أحمد الشافعى: كنت باقول لحضرتك إنى أنا كنت باشتغل معاها هى وجوزها فأنا كنت حاسس ان العلاقة ما بينهم صعبة، وهى فى الأول كانت معتمدة عليه اعتماد كلى، وهو قايم بالدعم تمام التمام، وبعدين هوه رفع إيده بعد تمان شهور ما كانتشى منتظمة فيهم إلا الشهرين الأخرانين، وجوزها عمل كده بناء على مقابلات معايا، وتعليمات مستمرة، وكانت هى مريّحة فى الأول على كده، فالوساوس كانت بتزيد، وكان رأيى إن اللى جوزها كان عاملة ده هوا اللى بيخليها تريح أكتر فى العيا بتاعها، وبعدين لما جوزها خلع هى إتحسنت شوية من ناحية المرض، لكن العلاقة ساءت بينها وبينه.
د. يحيى: السؤال كان إيه؟
د. أحمد الشافعى: السؤال كان أعمل إيه فى ده؟
د. يحيى: الجواب كان إيه؟
د. أحمد الشافعى: الجواب هو حضرتك الأول سألتنى إنت بتعالجها ازاي، يعنى الأعراض الأول ولا إيه، أنا قلت لحضرتك وقتها إن إحنا مع تحسن الأعراض زادت المسافة بينها وبين جوزها أو حاجة زى كده.
د. يحيى: طيب وبعدين؟
د. أحمد الشافعى: “……” ما أنا بافتكر النص اللى حضرتك قلته.
د. يحيى: نص إيه يا بنى، بالتقريب كده.
د. أحمد الشافعى: ما هو حضرتك قلت لى كمل شغل زى ما انت شغال معاها، وإن علاقتها بجوزها إذا كانت هى اللى حامياها شوية، يبقى يعنى إحنا ينفع نوفر لها قدر معين من الدعم من خلال العلاج، عشان يبقى فى إيدنا إننا نقدر نساهم فى تنظيم العلاقة واحدة واحدة.
د. يحيى: هى ليها عمل مستقل عن عملها مع جوزها؟
د. أحمد الشافعى: لأ هى كانت هى وجوزها شركاء، هى لها أودة فى شغل جوزها.
د. يحيى: كانت بتروح شغلها؟
د. أحمد الشافعى: كانت بتروح متقطع جدا، يعنى هى كانت بتقول هى تُعتبر ما بتروحش يعنى.
د. يحيى: ماشى، كمل بقى فى سؤال النهارده:
د. أحمد الشافعى: هوّا اللى حصل إن أنا لما بدأت أتدخل فى شكل العلاقة بينها وبين جوزها زى ما يكون قوّيت جوزها عليها فى البداية أنا اللى زودت وعيه شوية فى إن إنتَ بكم السماح والدعم اللى انت موفره لها كده، ده بتثبتّ المرض، بدليل ان هى لما بتروح عند أهلها ما بيلاحظوش عليها أى حاجه غير طبيعية، لكن معاك هى طول الوقت نايمه بالنهار وما بتشتغلش وقاعده تغسل فى إيديها بديتول، وتجيب الولد وتقعد تحميه، وتوقفك على الباب، وتقول لك تقلع الشوز فين وتغير الهدوم فين،…..، أنا كنت فى نفس الوقت باحاول أوصل للمريضة نفسها إن فيه تهديد إن العلاقة بينك وبين جوزك ممكن تتقطع لإنك إنتِ محمّلة عليه بزيادة، الجديد بقى إنى اتفاجئت من شهر أو شهر ونص تقريبا إن هى جت لى العيادة وبتقولى خلاص هو جوزى سمع نصيحتك وهو طلقني، رجعنى عند أهلي، وأنا اتطلقت، وحايبعتلى ورقة الطلاق، المهم يعنى أنا كملت: طـَـبْ وانت عند أهلك الدنيا ماشيه إزاى، الوساوس والشغل وبتاع، وحطيت لها نظام لغاية لما يبقى فيه إتصال مع جوزها.
د. يحيى: يعنى قاعدة عند أهلها دلوقتى بقالها أربع اسابيع؟
د. أحمد الشافعى: لأ ما هو ما حصلش، اللى حصل إنها بعد ما روحت بأسبوعين جوزها كلمنى وقال لى إنت إيه رأيك أنا ماعدتش مستحمل، أنا خلاص الدنيا ضاقت بى، قلت له إنت بقى لك فترة مستحملها، فترة طويلة، فإحنا نديلها فرصة أكتر، بس سيبها تستوعب الأمور شوية وتفضل عند أهلها فترة يعنى ما ترجعهاش دلوقتي، وفعلا سيبناها تقعد عند أبوها أسبوعين. فى الأسبوعين دول هى اتظبطت جدا ورجعت دلوقتى بيتها، جوزها رجعها البيت والدنيا ماشية أحسن.
د. يحيى: جوزها راح رجعها ولا هى اللى رجعت؟
د. أحمد الشافعى: لأ جوزها راح رجعها.
د. يحيى: وهى كان موقفها إيه؟
د. أحمد الشافعى: مافيش هى فى الأسبوعين دول كانت حاتموت وترجع له، ما كانتش مستحملة إن هو يطلقها يعنى كان بالنسبة لها كان أكبر تهديد ممكن يحصل إن هو يكمل ويطلقها، فلما راح يتكلم معاها يعنى قال لها حاترجعى بس أنا شايف إن اللى انت بتعمليه ده إن انت مزوداها، وإن ده مش عيا، حاترجعى وحاتلتزمى إنك تنزلى الشغل، وحاتروحى للدكتور، وحاتروحى فى المواعيد، لو موافقه على ده تعإلى نرجع وحاستحمل شوية زى محاولة أخيرة، مش موافقة خليكى فى بيت أبوكى وأبعت لك كل حاجتك لحد عندك، فهى وافقت ورجعت فعلا.
د. يحيى: من أسبوعين؟
د. أحمد الشافعى: لأ هى قعدت أسبوعين عند أهلها.
د. يحيى: ورجعت من قد إيه؟
د. أحمد الشافعى: يعنى تقريبا كده من تلات أسابيع، وهى لما رجعت الدنيا ماشيه كويس خالص يعنى الوساوس تقريبا شبه مختفية والجزء اللى باقى منها هى عارفه إنها حا تداريه حتى على جوزها عشان ما يحسش بأى حاجه، وأنا من ناحيتى خليتها تنزل الشغل، بس شغل بعيد عن مكتب جوزها، دلوقتى هى بتنزل كل يوم ولغاية النهاردة، يعنى من ناحية الشغل هى ماشيه كويس، من ناحية الماجيستير قدامها ست شهور وتخلص، وهى بتشتغل فى الرسالة وعلى وشك إنها تخلصها وحاتناقش فى خلال ست شهور.
د. يحيى: ما هو الشكل كدا باين تمام التمام، إيه بقى، فيه إيه؟ السؤال بتاع النهاردة بقى إيه؟
د. أحمد الشافعى: السؤال بتاع النهاردة أنا مش عارف أنا ماشى صح ولا غلط، أنا لقيت نفسى طول الوقت إنى ماشى على خط التهديد بالنسبة لعلاقتها بجوزها يعنى.
د. يحيى: تهديد بإيه؟
د. أحمد الشافعى: بالانفصال عن جوزها يعني، هى واصلها إن مجرد توقفها عن سَمَعَان الكلام كده، جوزها حايسيبها، بقى موقفها يعنى إن خلاص أنا حاكمل شغل، وحاكمل دراسه عشان يفضل جوزى معايا، وهو وصل له نفس الرسالة بشكل مبالغ فيه، وأنا خايف من ده كله، مش مستريح
د. يحيى: مش مسستريح من إيه بالظبط؟
د. أحمد الشافعى: زى ما يكون جوزها واصل له إن اللى هى كانت فيه، أو إذا كان حا يظهر تاني، إن ده دلع وإن هى يعنى بإيدها تقدر توقفه زى ما هى موقفاه دلوقتى، فالعلاقه بينهم واقفة على مدى التحسن اللى هى تقدر تكمل فيه، مش تحسن تحسن، لأ، يعنى الشكل اللى تقدر تظهر فيه قدام جوزها، يعنى أنا مش عارف أخلص من الموقف ده لأن أى محاولة إن أنا أحاول أفك الربطة اللى موجودة بين التخويف ده وبين التحسن الظاهرى، خايف إنها ترجع تتدهور تاني، يعنى الربطه بتاعت علاقتها بجوزها قد إيه قوية وقد إيه هى حاسة إن فيه حد داعم ليها، فإذا أنا حاولت أشيل شوية من الدعم ده أو ألوح بيه، الدنيا تتشال وتتحط، فهى بتتحسن أكتر لكن حاسس إنه مش هوا التحسن اللى نفسى فيه، باحاول أوصل لها إن التحسن ده لازم يبقى ليكى انت مش لحساب جوزك أو لحساب إبنك، وإن هدفنا إنك تتحسنى عشانك، وإنك إنت حتى لو إتطلقتي، حتى لو بعدتى عن الراجل ده فانت لازم تفضلى تتحسني، وده لمصلحتك، ما أظنش فيه حاجة من دى بتوصل، وأنا عشان افك الحسبه دى كلها من بعضها لقيتها صعبة جدا، فبحاول إنى اتدخل شوية فى نفس الاتجاه إن ما يهمهاش من سيبان جوزها، ألاقيها بترجع تتدهور تاني، بترجع الأعراض تزيد بشكل واضح.
د. يحيى: السؤال إيه بقى؟
د. أحمد الشافعى: أنا مش عارف أعمل إيه مش عارف أحل الموضوع ده إزاى.
د. يحيى: أنهو موضوع؟
د. أحمد الشافعى: أعمل ايه؟ إيه اللى ممكن أعمله؟ أعمل إيه تاني؟ هل أوافق على الحل الوسط اللى موجود ده وخلاص؟
د. يحيى: أنا شايف يا دكتور أحمد إنك انت فى مرحلة هامة جدا من تطورك اللى هى مرحلة الشطح والأمل، خلينا فى مهنتك، قصدى الشطح كمعالج، اللى انت بتعمله دلوقتى ده شطح، يعنى إيه كلمة شطح علميا هنا، يعنى بُعد عن الواقع بمساحة كافية للشك فى إمكانية الوصول لنتايج قابله للاستمرار، سمعت كل الجمله الطويلة دى يا ابنى.
د. أحمد الشافعى: آه.
د. يحيى: ماشى، مش إنت إتجوزت قريب، مش كده؟
د. أحمد الشافعى: آه.
د. يحيى: طيب ربنا يسعدك، مش إحنا اتكلمنا هنا فى موضوع المؤسسة الزواجية دى كتير جدا جدا ولا خمسين مرة، مش كده؟
د. أحمد الشافعى: آه.
د. يحيى: إنت بتلاحظ إنى كل ما اتكلم فيها باحس بحرج شديد جدا، مش بس حرج موقفى هنا وأنا مسئول عنى وعنكم وعن العيانين، لا دا الحرج بيمتد ساعات بينى وبينك، زى ما يكون حرج بالنسبة لجهلى بالتاريخ، أرجع أدور إمتى نشأت المؤسسة دى، قصدى الجواز يعنى، ألاقيها نشأت متأخرة بالنسبة للعلاقات الجنسية والاجتماعية عموما، وبعدين ألاقى إن مجرد نشوءها ده دليل على حاجة البشر إليها، لكن أبص حوالى، وفى مرضاى، وفى اللى بيوصلنى، ألاقى إنها مؤسسة برغم حداثتها، وضرورتها، إلا إنها غير قادرة على مواجهة الصعوبات اللى بنشوفها، زى ما يكون ناقصها حاجة مهمة كده، زى ما تكون نشأت لتحقق غرض كويس، لكن باين إنها فشلت لحد دلوقتى إنها تحققه، إحنا قلنا كتير قوى إن الإنسان بيتميز بإنه اكتسب اللى سميناه الوعى، والوعى بالوعى، وبرضه إنه ما يكونشى إنسان إلا فى مواجهة أو فى حضور بنى آدم حقيقى بياخد ويدى معاه، أنا ما أظنش على حد علمى إن أى حيوان أعرفه عنده الحكاية دى: قصدى “الوعى بالوعى” فى “حضور واحد من نوعه عنده وعى بالوعى زيه”، الحيوانات بيعملوا علاقات ما بينهم وبين بعض، إنما أظن من غير الوعى ده اللى إحنا بنتكلم عنه، ويمكن العلاقات الثنائية الممتدة، اللى أهم أشكالها الجواز عند الإنسان، هى اللى لوحت بفرصة لحاجة زى كده، يعنى إن إحنا نعمل علاقات مع بعض، فى وحدات منظمة، لها قواعد مهمة، وفى نفس الوقت تسمح باستمرار الوعى باللى جارى، يعنى إن كل واحد محتاج للتانى أو التانية، ومختلف عنه، ومستحمل، ومكمل، ده بيشمل مشاعر مش بسيطة أو مختزلة زى ما هو شائع، مرحلة الإنسان اللى هى احتاجت للمؤسسة الزواجية كده اللى لسه ما أثبتتشى نجاحها قوى لأنها ما حققتشى الغرض ده، هى مرحلة تحمُّل الغموض، واحتواء التناقض، يعنى مرحلة ثنائية الوجدان مع بعض، اللى هى قصاد الموقف التالت بتاع مدرسة العلاقة بالموضوع، الموقف ده بيسموه الموقف الاكتئابى، وأنا مابقيتشى مستريح للتسمية دى، لأنها على طول بتحسسك إن إحنا بنتكلم عن مرض، وده غير صحيح، المؤسسة الزواجية لما نشأت، كانت مشروع واعد بتحقيق إمكانية التواصل على المستوى ده، وده بيتطلب تنظيم وقواعد، هى اللى قلت لكم عليها ييجى عشرين مرة وأحسن اسم عجبنى هو “القواعد النحوية بتاعة الأسرة” (5)، يعنى المسموح، والممنوع، والأصول، واللى مش أصول، والحاجات دى، فإنت يا ابنى بتشتغل فى المنطقه دى مع الناس دول، يستحسن تتعرف على الصعوبات التاريخية من جهة، وتفرق بين المأمول والممكن من جهة أخرى، مش بس على مستواهم، لا من حيث المبدأ، بصفة عامة، ومن عظة التاريخ.
د. أحمد الشافعى: وبعدين؟
د. يحيى: وبعدين إنت متجوز قريب، وأنا شاورت لك على ده، ومش عايز أغوّط، لأن أى شغل فى المنطقة دى، لا بد حايسمّع فيك وفى علاقتك بزوجتك،….، فحتلاقى فيه حرج شديد حرج شعورى، وده مقدورعليه، لكن خد عندك بقى الحرج اللاشعورى، فإنت لو أمين، وإنت طبعا أمين لأنك صغير على الأقل، فحاتلاقى نفسك فى ملقف، حاتلاقيك بتشتغل فى المنطقه دى غصب عنك، تخاف ويمكن تتوجع، صحيح حاتبقى فى مهنتك أحسن عشان الأمانة اللى حا توصل للعيان، لكن المسألة صعب عليك وعلى أى حد، هنا ينبغى إن إحنا نتواضع، ونحسبها من بره بره شوية.
د. أحمد الشافعى: إزاى؟
د. يحيى: إنت عمال بتشتغل مع الست دى وجوزها شغل جيد جدا، اللى انت عملته ده تمام التمام، إنك تستحمل وتفوّت تمان شهور، ولا هى كانت منتظمة، ولا ملتزمة، إلا فى الآخر لما خافت من الطلاق يمكن، لكن إنت ما بطلتش، عملت قواعد سلوكية شوية، وتربوية شوية، والراجل جوزها ساعدك فى الأول بالذات، بس جه على الآخر، وزودها الناحية التانية، وإنت صابر وبتحاول، ومش راضى عن اللى كل الدكاترة بيفرحوا بيه، يعنى مش مكتفى بمجرد إختفاء الأعراض، وبتدور على حاجة لها عمر أطول،عايز إيه أكتر من كده، كتر خيرك يا شيخ.
نيجى بقى لموقفك الأخرانى ده، وهو موقف جيد أيضا، لأنك عايز البنية تتحسن ليها، مش مجرد سَمَعان كلام وخوف وخلاص، كل ده جيد جداً، تقريباً لا أنا ولا غيرى يقدر يعمل أكتر من كده، حانعمل إيه يعنى! برضه إنت واعى ومش راضى، يبقى لازم المقاييس بتاعتك تمتد جوه شوية أو شويتين عشان نعرف إحنا رايحين فين.
إسمح لى بقى أشطح زيك، ما هو الشطح فى مهنتنا ما لوش سن، فأنا بابص للمؤسسة دى باحترام وصبر، بس لا بتقديس ولا بتسليم، طالما هى مؤسسة ما نجحتشى لسة، بشهادة التاريخ والواقع، وطالما إن كل البدائل اللى حاولوها خصوصا فى الخمسين ستين سنة اللى فاتوا ما أثبتتشى إنها أكثر نجاحا منها، فلازم ما نستسلمشى لشكلها القائم ده، أنا باعتبرها لحد دلوقتى مؤسسة تجريبية بلغة التطور، بس ده بيفتح باب للاستسهال، يعنى للتراجع، للطلاق مثلا، بس إحنا اتفقنا إنى حاشطح زيك، أنا يمكن أسرح أكتر منك بكتير، فباقول إنها بالشكل ده لازم – عشان تعيش- تبقى مؤسسة دائمة التغير، مش تغير بمعنى الاستبدال، وإلا حاتكرر نفس السكريبت فى الغالب، لكن التغير بمعنى الحركة المستمرة، أول ما الجواز يستقر ويهدا تحس إن الأمور مش هيه، ولازم نسلم إن الحركة هى خطر من حيث المبدأ، طيب إزاى تبقى مؤسسة ضرورية وفى نفس الوقت الحركة جواها خطر؟ طب نعمل إيه، ما هو ده قانون التطور، ده برضه قانون النمو ياشيخ، لو انت استكفيت بالسكون الظاهر بتاع سَمَعان الكلام، واختفاء الأعراض كده، أظن تبقى غلطة كبيرة، إحنا مش واخدين بالنا منها، نرجع نفحَّر بالراحة فى الحتت الضلمة، أنا مش فاكر المره اللى فاتت أنا سألتك على العلاقه الجنسية بينهم ولا لأه.
د. أحمد الشافعى: تقريباً الإثنين كل واحد فيهم بيمثل على الثانى.
د. يحيى: ودلوقتى؟ بعد ما رجعت البنّية ضاربة تعظيم سلام؟
د. أحمد الشافعى: الأول كانت العلاقة بينهم كتير يعنى.
د. يحيى: ومع ذلك بتقول كل واحد بيمثل على الثانى، أنا مش باسألك عن العدد.
د. أحمد الشافعى: دلوقتى بقت على فترات أبعد.
د. يحيى: يعنى كل قد إيه؟
د. أحمد الشافعى: مرة كل أسبوع.
د. يحيى: الظاهر هم استحلوا التمثيل، ولاّ إيه؟.
د. أحمد الشافعى: بس يعنى العلاقة مش حقيقية.
د. يحيى: لازم نشوف نوع العلاقة أهم من كميتها يا شيخ، أنا حتى ما اقصدشى الوصول للذروة بالذات، مش ده لوحده اللى يبين نوع العلاقة زى ما أنا كنت متصور زمان، كنت معلق على الحكاية دى أكتر من اللازم، أنا باتكلم على حاجات تانية، مش بديلة عن الذروة، إنما حاجات بسيطة مهمه يمكن تساعدك تقرا العلاقة بلغة أخرى، الحاجات دى إتعلمتها من شغلى ومن خبرتى ومن قراياتى، ومن مراجعاتى ومن مرضاى، يعنى مثلا تشوف: هما بيبقوا أقرب لبعض ولا أبعد بعدها، يعنى المطالب اللى بيطلبها كل طرف من التانى بتيجى قبلها ولا بعدها، يعنى التفويت بيبقى أخبث قبلها ولا بعدها، يعنى الاهتمامات بالحاجات الصغيرة اللى تهم التانى، بتتضح أكتر بعدها ولا قبلها، ولا من غيرها، وحاجات زى كده، المسائل دى كلها تفرق، أظن عشان المسائل البسيطة دى ما بتتحطش فى الاعتبار، ولا يمكن تعميم دلالاتها، وعشان فى بلاد بره نفس المؤسسة الزواجية دى بقى عمرها قصير، ونسبة الطلاق هناك بتتراوح بين واحد من إتنين إلى إتنين من تلاتة، وفى بلاد جوه الكدب والجهل ماشى على ودنه، تلاقينا من الناحية العملية عند التطبيق محتاسين بحق وحقيق، أى مؤسسة حديثة العهد، وأنا قلت لك إن المؤسسة الزواجية بصورتها الحالية، وبحسابات التاريخ تعتبر حديثة العهد فعلا، لازم تستحمل مراجعات كتير.
نرجع مرجوعنا لمهنتنا، إحنا وإحنا بنعالج عيانين، بنتناول حالة واحدة، إحنا بنعالجهم واحدة واحدة، حالة حالة، لا بنعالجهم بالتاريخ، ولا بالإحصاء، ولا بنحط نظريات، لكن بنستفيد من أى معلومات بنعرفها، فيه دى معلومات مهمة فى المنطقة دى ما تخليناش نشطح قوى، يعنى لما نبص للناس المتقدمين عنا يعنى فى أوربا نلاقى الحكاية ما نجحتشى أكثر، نيجى نبص للبلاد المتخلفة، نلاقيها ما نجحتشى برضه، لكن بصورة مختلفة، بس العيان بتاعنا ما ينفعشى نقول له كده، لازم نشتغل معاه شخصيا على مية بيضا، هى صحيح المؤسسة دى ما فيهاش فرصة حقيقية لتجديد الاختيار، إنما كمان مين قال إن الاختيار الجديد حايبقى أسهل أو أوضح أو أكثر موضوعية تسمح بنجاح عمل علاقة مختلفة عن التجربة اللى فشلت، الأديان حاولت تنظم الحكاية دى، اللى قال لك ما فيش طلاق من أصله، واللى قال لك اللى يطلق ما يتجوزشى تانى، واللى قال لك هى مش لعبة كفاية عليك تلات مرات، كل دى تنظيمات بتحاول بجد أننا نعامل المؤسسة دى بصبر، يمكن بتدى فرصة لنَفَسْ أطول، لكن ما أثبتتشى إنها صلّحت قصور المؤسسة دى من حيث إنها بقت قادرة على عمل علاقة حقيقية بين اتنين مختلفين فعلا، وعندهم الوعى بالاختلاف ده، والإصرار على الاستفادة منه مش إلغاؤه، كل ده وإحنا بنعمل تنشيط وتقليب ناحية الحركة الصحيحة.
أنا آسف أنا طولت، بس حبيت أوريك إنك مش كفاية تكون معالج مخلص وأمين كده، لازم تكون واقعى وعالم فى نفس الوقت، الحكاية الأصعب جدا لما تقيس اللى انت بتعمله بمدى نجاحك شخصيا فى حياتك الخاصة، أنا قلت لكم مرة عيان قاللى بمنتهى الشجاعة، “هو انت عايزنا نعمل اللى انت فشلت تحققه بنفسك لنفسك”،(6) أنا سكتّ واحترمته، وقلت له يمكن، وده مش عيب، بس ما كنتش حاسس، ولحد دلوقتى، إن ده رد كافى، أنا آسف، نرجع مرجوعنا للبنية دى وجوزها.
د. أحمد الشافعى: يا ريت.
د. يحيى: أنا شايف إنك عملت اللى عليك، وحاتعمل أحسن منه، مثلا إنت انتبهت إنها ما ينفعشى تشتغل فى نفس المكان اللى بيشتغل فيه جوزها، ده زى ما تكون بتشتغل عنده، وده مش كويس عادة، وبعدين إنت قدرت واحدة واحدة تخلق عندها اهتمامات غير المذاكرة والماجستير والتفوق اللى هو باين كان القيمة الأولى والأخيرة فى حياتها عشان تدخل كلية القمة دى زى أخواتها وأمها، ولازم تاخد وقتك يا أخى خصوصا إنها انتظمت فى حضور جلسات العلاج، وإن جوزها اشترط عليها عشان يرجعها، إنها تبطل وساوس، وفى نفس الوقت إنها تكمل علاج وتجيلك بانتظام، يبقى إتهامه لها بالدلع مش إتهام مطلق، هو انت يعنى بتعالجها من الدلع ولا إيه، كل ده لازم يمشى واحدة واحدة مع بعض، وانت بتقيس شغلك بقى مش بالأعراض بس زى ما نبهنا من الأول، لأن الأعراض دلوقت اختفت تقريباً، وبرضه ما اتعلقشى قوى على نوع العلاقة الجنسية، من ناحية لأنه صعب التحقق من ده، أهو كل واحد بيقول شوية كلام، وبمعنى آخر لأن يمكن تحسنها فى ذاته يكون نتيجة لتحسن العلاقة بينهم، ومش العكس.
د. أحمد الشافعى: طيب ولحد إمتى أقعد أقيس كده؟ على طول؟…
د. يحيى: بصراحة، طول ما هى بتييجى أديك بتعمل اللى عليك، باللى عندك، وإوعى تطلب من نفسك أكتر من كده، ثم إذا كانت المسألة بدأت بالطمأنينة لك، منها هى وجوزها، بدليل الانتظام، وحرص جوزها على الحضور فى المواعيد، وضغطه عليها عشان تنتظم فى العلاج، يبقى المسألة محتاجة وقت، وكمان خلى بالك إن يمكن جوزها يتغير إلى أسوأ لو أتصور إنها رجعت له نِفْسها مكسورة، وتبقى مصيبة لو هو تمادى فى الناحية دى، أعمل معروف إلا ده، إذا شميت ريحة ندالة من النوع ده، لازم تشتغل فى المنطقة دى بالراحة مش بس عشانها، لأ عشانه هو كمان، هو لو يستمرىء الندالة هوا الخسران بينى وبينك، حايبقى إنسان أقبح، كله إلا الكرامة.
د. أحمد الشافعى: المسألة كده بقت أصعب، هوّأ، إزاى يعنى حا يتغير؟
د. يحيى: ما هو انت خليته يتغير فعلا يا أخى من الأول، مش انت اللى خليته يبطل إنها تعتمد عليه للدرجة دى، بس هوّا عدّاك وراح الناحية التانية، ثم خلى بالك إوعى حكاية التغيير دى تبقى هدف فى حد ذاته، إوعى هو يتصور إنك حاتغيرها له لحد ما تبقى على مقاسه، ولا هى تستعملك عشان تغيره بحيث تضمن إنه ما يطلقهاش، التغيير عموما هو نتيجة لحركة فى الإتجاه الصحيح، يعنى ما يصحش يبقى هدف فى ذاته لصالح أى طرف من الأطراف على حساب التانى، ثم إن إحنا ما نعرفشى التغيير ييجى إزاى فى عملية النمو أصلا، دى عملية شديدة التعقيد، عشان كده العلاج له ظاهر وباطن، وساعات الباطن ده بيحصل من خلاله حاجات كتير جدا إحنا ما نعرفشى حصلت ازاى، ولا بناء عن إيه، فيه حاجات فى العلاقات البشريه بتشتغل لوحدها، أنا أظن إن هى فى الأغلب المسئولة عن التغير الحقيقى، مش معنى كده إن إحنا نسلم نفسنا للمجهول، لأ، بس ندى الأولوية للنتائج، إذا جت النتائج هى اللى نفسنا فيها، خير وبركة، إذا ما كانشى تبقى المراجعة واجبة مع احتمالات التصحيح ما دامت الحركة شغالة، بس على شرط الحركة تكون مش فى المحل.
الجهل الإيجابى، والمحكات العملية على أرض الواقع، هما دول رأسمال العملية العلاجية، وهما دول رأسمال التطور، بس مش حاقدر أطوّل فى شرح حكاية الجهل الإيجابى والحركة الصحية أكتر من كده. العلاج النفسى ده مهنة، والمهنة تسمح بالجهل طول ما المهارة بتزيد، فتسيب الحاجات تتحرك وإنت تبقى عامل من ضمن العوامل اللى بتتحرك وبس، وبلاش تحط مقاييس ثابتة لو سمحت، كل حالة لها مقاييسها، وكل ثقافة لها مقاييسها، لأنك انت لو شطحت وحلمت إن الناس دول، الست دى وجوزها، حا يبقوا سعداء ومش عارف إيه، حاتقيس سعادتهم بإيه؟ بسعادتك انت يا ابنى؟ حاتضر نفسك، ده ماينفعش، يعنى حاتبص تلاقى إنك رايح جاى عمال تحاسب نفسك: هو أنا كذاب؟ طيب أمال إيه بقى؟ طب أنا عايز لهم اللى أنا مش قادر عليه ولا إيه؟
إنت بتشتغل وانت عارف شوية حاجات، وبرضه وانت مش عارف حاجات أكتر، والنتائج والإشراف والحاجات دى هى اللى بتبين إحنا فين، وبتهدينا للخطوة اللى بعد كده، وهكذا.
د. أحمد الشافعى: حضرتك كده صعبتها علينا.
د. يحيى: ربنا يستر، ما هى شغلتنا هى اللى صعبة.
****
التعقيب والحوار: على الاستشارة الثانية
أ. يامن نوح:
عندى تعليق وسؤال فى نفس الوقت يخص مسألة أن المؤسسة الزواجية التى على حد تعليقكم “لم تحقق الغرض منها حتى الآن”.
طيب السؤال..هوه ليه الافتراض من المؤسسة انها “هى” التى تؤدى ذلك الدور فى “تحفيز شخصين مختلفين فعلا للاستفادة من الاختلاف لا لالغاؤه”..؟
ربما يحوى ذلك الطموح فى المؤسسة شطحا فى حد ذاته..أو هروبا من طلب ذلك من انفسنا..وكأن التعديل على قوانين المؤسسة كفيل بتوفير ذلك يوما ما..
ثانيا..لوضربنا مثل بمؤسسات العمل مثلا وإلى نشوئها فى البداية يضع “بعض الاشخاص” قوانين “جامدة” بالضرورة لضبط علاقات الأشخاص داخل المؤسسة.. وفى البداية تكتسب هذه القوانين شرعيتها من قوة الأشخاص الذين يقومون بفرضها..ثم بعد ذلك تنفصل القوانين لتكتسب قوة فى حد ذاتها وكأنها تحولت إلى شخص وهمى له شرعية فى حد ذاته.. ولكن برغم ذلك يظل وجود “الرقباء” شرطا لإطالة عمر إلتزام الأفراد بقوانين المؤسسة وبدون الرقباء على النظام المؤسسى تنهار المؤسسة بعد فترة كافية ليكتشف الأفراد فيها خدعة “الشخص الوهمى” للمؤسسة..أقصد من ذلك إن قوة الشرعية فى الدائرة الصغيرة تكون للأشخاص وفى دائرة أوسع تنتقل إلى المؤسسة فى حد ذاتها ولكنها فى الدائرة الأوسع تعود للأشخاص من جديد..
وبتطبيق ذلك على مؤسسة الزواج فإن مرحلة اختراع قوانين المؤسسة هى مرحلة تخطتها الإنسانية (فى إطارها العام إجرائيا وشكليا) ومرحلة تحول تلك القوانين إلى شخص وهمى على ما أظن هى المرحلة الحالية..ولكن المشكلة الآن أن ذلك الشخص الوهمى- وهو فى مثالنا هذا يمثله المجتمع-لم يصل بعد فى مراحل نموه إلى المرحلة التى تمكنه من ضبط تلك العلاقة أو حتى الانفتاح عليها..وهذا يحيلنا إلى المرحلة الأولى (والتى تتطابق فى جوهرها مع المرحلة الثالثة) أى مرحلة نضج الأفراد للرقابة على المؤسسة وليس العكس..
د. يحيى:
أهلا بك يا “يامن” ضيفا جديدا كريما هادفا متسقا.
لقد تناولتَ تَطور المسألة بشكل يتجاوز مجرد تحديات المؤسسة الزواجية، وقد وصلنى باعتباره تعميما جيدا يصلح للنظر فى تاريخ تطور أية مؤسسة بما فى ذلك المؤسسة الدينية، وليس فقط المؤسسة الزواجية.
الرد عليك يحتاج تفصيلا طويلا لا أجد فسحة من الوقت له الآن، وأعتقد أن تعقيبك فيه الكفاية، من حيث المبدأ.
دعنى أقبله ترحيبا وتفهماً.. وأكتفى بذلك الآن.
د. مدحت منصور:
بالنسبة للعلاقة بالموضوع فى الجنس : يحدث أن يتوقع طرف من الآخر شيئا ما أقصد على المستوى الحيوى لا الآلى: فلا يجده، فيعبر عن ذلك بأنه لا يشعر بشئ، يحدث ذلك أحيأنا وأظن أن الطرف الآخر يوصل له شيئا ولكن غير المنتظر، لهذا لا يمكن الحكم بسرعة أنه لا يصل شيئا تماما فى حالة زوجين مستمرين فى العلاقة داخل تلك المؤسسة. ما لمسته حضرتك من أن مقاييس العلاقة الجنسية من القرب بعد اللقاء أو التفويت الأخبث أو الاهتمام بتفاصيل صغيرة تهم الآخر وهى مقاييس حيوية ولمست حضرتك ما قبل اللقاء ما يذكرنى برقص الطيور أو الحيوانات قبل التزاوج فيحدث أيضا نفس الشئ من قرب أو إحساس بالقرب أو التفويت أو الاهتمام كدعوة للقاء.
مسألة أخرى كثيرا ما يفشل الزوجين فى التعبير عن نوع الاحتياج على المستوى الحيوى إما لعدم إدراك نوع الاحتياج أو صياغته فى كلمات تعبر عنه، كما أن الالتزام بأداء احتياج ما يستتبع الكثير من الجهد نظرا لعدم التأكد من الاحتياج المطلوب. يعنى هل أنا ماشى صح هل ما أقدمه يصب فى منطقة احتياج الآخر.
د. يحيى:
أشعر عموماً أنه قد وصلك الإشكال، لكننى أحذرك من إعطاء الألفاظ، قدرا أكبر مما تستحق وتستطيع، وأنت تصف تحريك عمق هذه العلاقات، وكذا وكيت، كما أن المسألة ليست “صح”، و”غلط” بقدر ما هى إبداع وتواصل، أم عمى واستعمال.
أ. حسن سرى:
الطبيب المعالج تسبب فى حالة طلاق وأرى ان ذلك اسوأ مايمكن فكيف يا أستاذنا الكبير لم تعلق على هذا وتبارك للطبيب المعالج وانه قام بواجبه على أحسن ما يرام.
د. يحيى:
هذا لم يحدث، الطلاق ليس بسبب (أو بفضل) الطبيب، ثم لماذا اعتبرت الطلاق أنه أسوأ ما يمكن؟ لماذا أحله الله إذن؟ أنا لا أشجع عموما على الطلاق لأنى لا أحب لابنتى أو ابنى أن يطلق أحدهما؟ ومرضاى هم أولادى وبناتى فلا أحب لهم ذلك أيضا، لكن هذا لايعنى أننى ضد الطلاق على طول الخط، خاصة وأن البديل هو طلاق آخر – فى جولة قادمة– عادة أو ما يسمى “طلاق على ورقة زواج”.
ثم فى هذه الحالة لم يحدث طلاق فعلىَّ، وإنما هو ما يسمى “غضبت فى بيت أهلها” لا أكثر. (ربما يصلح له تعبير “طلاق تجربتى”!)
فلماذا هذا الانزعاج؟
أ. محمد اسماعيل:
كيف يكون التغيير عن طريق الحركة، رغم أن الحركة خطر باستمرار.
د. يحيى:
وهل هناك حركة حقيقية دون خطر، حركية المشى فى الطريق فيها مخاطرة!! من يرفض المغامرة بالحركة حتى إلى مجهول، عليه أن يستسلم لعدم التغيير، لا يوجد شىء اسمه “التغيير الآمِن” 100%، تتناسب المغامرة مع قدر الحسابات الناقصة، وهذا وارد فى أى محاولة إبداع نحو التغيير.
أ. محمد اسماعيل:
هناك بعض المؤسسات الزواجية تحقق النمو لكن من الممكن أن يكون نمو الزوجة أكبر من نمو الزوج وتكون واعية أكثر فتفشل المؤسسة أيضا، فمتى تنجح هذه المؤسسة؟
د. يحيى:
العكس أيضا صحيح فقد يكون نمو الزوج أسرع.
ثم إن هذه المؤسسة تنجح حين تستمر عملية النمو طول الوقت، بوعى مشارك، ليس فقط من الطرفين، ولكن بمباركة مجتمع محيط طيب مسئول.
أ. عبد المجيد محمد:
حضرتك شاورت فى اليومية إن لازم نسلم إن الحركة هى خطر باستمرار، وفى نفس الوقت شاورت إنها مهمة لأنها بتساعدنا على المراجعة مع احتمالات التصحيح على شرط تكون الحركة مش فى المحل، ماذا تقصد تحديدا…؟
د. يحيى:
كما قلت حالا كل فعل حقيقى جاد هو خطر محتمل، لكنه يستحق المخاطرة إليه وبه، وهذا فقط هو ما يمكن أن يثمر ما نحن – البشر– أهل له، هو خطر بقدر ما هو رائع.
أما “الحركة فى المحل” فهى حركة زائفة حيث أنها لا تؤدى إلى تغيير، الحركة فى المحل هى وهم الحركة دون تغير كيفى، هى بالضبط “محلك سرْ”، جرّبها كما كنا نعمل ونحن فى الابتدائى، أو وأنت فى الجيش، أما الحركة المخاطرة، فهى الإقدام حتى لو لم نعرف المآل، فقط علينا أن نحسب التوجه”
ياه!! يبدو أننى صعّبتها، بدلا من أن أشرح “ماذا أقصد”، عذراً
أ. محمد المهدى:
هل يمكن فهم دور الزوج هنا أنه كان يقوم بدور “المضحى” فى حالة وجود الأعراض، ومع اختفائها تضاءل هذا الدور؟!
د. يحيى:
لا أظن أن المسألة هى “تضحية” أو “لا تضحية”، أنا عموما لا أحب هذه القيمة التى تسمى تضحية، لأنها عادة تخفى وراءها نوعا من الفوقية، وطلب مقابل خفى. العطاء الحقيقى هو أخذ رائع، فأين التضحية؟
أ. محمد المهدى:
ورد فى الحوار أن المؤسسة الزواجية ضرورية رغم عدم تحقيق الهدف منها، لابد وأن تكون متغيرة ومتحركة طول الوقت ولابد من قبول خطر الحركة بداخلها.
ولكن سؤإلى هو ماذا يفعل أحد الطرفين، إذا ما كانت حركيته وتغيره تسبق الآخر بمراحل هل يستحمل، وهل يقبل هذا المقدار من الاختلاف فى درجة التغير، وهل يكون قبوله لهذا الفرق فى التغير والحركة هو من شروط استمرار المؤسسة (قبول الآخر)؟
د. يحيى:
القبول شديد الأهمية، لكن القبول غير التسليم، القبول الإيجابى هو بداية وليس نهاية، لهذا فالمسألة صعبة، وسوف تظل صعبة إلى مدة ليست قصيرة.
أ. منى أحمد فؤاد:
أنا معجبة جدا بـ “القواعد النحوية للأسرة” (7)
أول مرة أقرأها، بس لازم حاأحاول أتعرف عليها أكثر.
د. يحيى:
وأنا أيضا أعجبت بهذا “المصطلح” جدا حين قرأته أول مرة خصوصا لما قرأت “الممنوع من الَصرْف” مقابل “الممنوع من الجنس” (بقصد تحريم مضاجعة المحارم)، وسوف أعود إلى ذلك غالبا، وقد كان هذا أساس فروضى فى نقد ما يسمى “عقدة أوديب” (8)
أ. منى أحمد فؤاد:
أنا شايفة إن اللى وصل له المعالج مع هذه المريض مرحلة جيدة جداً، اللى وصلنى إنى وأنا باعالج لازم أفكر فى الحل البعيد الأفضل للمريض، وليس الحل الوقتى.
د. يحيى:
هذا تفكير فى الاتجاه السليم طبعا.
أ. منى أحمد فؤاد:
أنا شايفة إن ما وصل إليه الزوج حاليا هو أفضل بكثير من العلاقة الأولى التى هى من وجهة نظرى تعنى التمثيل، أنا شايفة إن المعالج محتاج يشد على الزوج حتى لا يتحول للأسوأ وإنه مايزودهاش أكثر من كده.
د. يحيى:
لا أشاركك الرأى فى الجزء الأول، كما أنى لا أرى أن المسألة هى مسألة “شدٌّ” على هذا أو ذاك، فهو علاج، وليس تهذيبا وإصلاحا.
أ. محمود محمد سعد:
هل يحق للمعالج النفسى أن يتدخل فى العلاقة الزوجية إلى هذه الدرجة؟ أقصد أن المعالج يطلب من الزوج أن يبقى الزوجة فى بيت أبوها لمدة أسبوعين مثلا، وفى هذه الحالة ومن يتحمل عواقب الفشل؟
د. يحيى:
طبعا يحق، طالما هو مسئول، والعلاقة مستمرة.
المعالج – خصوصا فى ثقافتنا– والدٌ كما قلنا ألف مرة، فقط عليه أن يلتزم بالإضافة إلى ذلك بالقواعد المهنية بما فى ذلك مواصلة ممارسة الإشراف وقبول النقد فالتعديل.
ا. محمود محمد سعد:
حدوث الشفاء للمريض قد يؤدى أحيانا إلى إشكالات أسرية أو زواجية وعلى المعالج أن ينتبه إليها.
د. يحيى:
هذا هو.
أ. هالة حمدى:
د. أحمد الشافعى بذل مجهودا مع الحالة ويمكن لو كنت مكانه كنت هاتحطّ فى الموقف المحير ده، بس اللى أنا مستغرباه هو موقف جوزها يعنى لما تيجى تتحسن كان المفروض يحمد ربنا ويفرح ويحميها ويساعدها.
د. يحيى:
هو موقف يبعث على الاستغراب،
لكنه ليس غريبا،
هكذا علمتنى خبرتى .
أ. هالة حمدى:
مضايقنى فى الزوجة استسلامها للدرجة دى، زى ما يكون فيه إحساس بالقهر، بس رغم الإحساس ده جه معاه تحسن فى الحالة واختفاء أعراض.
د. يحيى:
أنا معك، جزئيا،
مع أننى لا أشاركك الطمأنينة إلى اختفاء الأعراض فحسب.
أ. رامى عادل:
متهيألى، إن ربنا مصبرنا على بعض، على البلاوى المستخبية، اللى بنحاول نداريها، وكل ما مصيبة تطلع تنط لنا، نقوم هات يا تفويت، مش عارف إيه الحكاية، خايف نكون بنلعب استغماية، لحد ما واحد فينا يطب، يتمسك، التانى يقفشه فى الضلمة، إحنا الاتنين بنكشف بعض لبعض، بس ساعات بيكون الجرح مر وصعب، مبستحملش أشوفه، أشوف الوجع.. ده، وهى مابتستحملنيش ضعيف، مسكين، مين فينا الضعيف ومين المسكين؟ يا ترى ربنا هيسامحنا؟ بيسامحنا؟ مش عارف.
د. يحيى:
يا جدع انت،
“ماتعقلشى قوى كده”!!.
طبعا بيسامحنا مادام بنعمل اللى نقدر عليه!
[1] – يحيى الرخاوى: “كتاب: بعض معالم العلاج النفسى من خلال الإشراف عليه، ” منشورات جمعية الطب النفسى التطورى (2018)، والكتاب موجود فى مكتبة الأنجلو المصرية وفى منفذ مستشفى دار المقطم للصحة النفسية شارع 10، وفى مؤسسة الرخاوى للتدريب والأبحاث: 24 شارع 18 من شارع 9 مدينة المقطم، كما يوجد أيضا حاليا بموقع المؤلف، وهذا هو الرابط www.rakhawy.net
[2] – أعتقد أن الحديث عن المؤسسة الزواجية قد تكرر كثيرا، فيلتحملنا القارئ والمتدرب معا. هذه النشرة اليوم، هى الحلقة الأولى من حلقتين، ليس لأن الكلام فيها طال، ولكن الزميل المعالح عرض نفس الحالة فى مقابلات الإشراف مرتين، بينهما شهران كاملان. وكانت كل مرة بمثابة تقديم جديد لنقطة جديدة حسب تطور الحالة والحلقة هذه ليست الجزء الأول من نشرة طالت، لكنها ما دار فى الاستشارة الأولى.
[3] – نشرة 4-1-2009 www.rakhawy.net
[4] – نشرة الإنسان والتطور: 11/1/2009 www.rakhawy.net
[5] – Grammar of the Family.
[6] – استشهدت بهذا المريض فى الباب الأول.
[7] – Grammar of the family.
[8] – يحيى الرخاوى كتاب (“عقدة أوديب” مضاجعة المحارم أم حمل أمانة الوعى) تحت الطبع.
المقتطف :إحنا قلنا كتير قوى إن الإنسان بيتميز بإنه اكتسب اللى سميناه الوعى، والوعى بالوعى، وبرضه إنه ما يكونشى إنسان إلا فى مواجهة أو فى حضور بنى آدم حقيقى بياخد ويدى معاه، أنا ما أظنش على حد علمى إن أى حيوان أعرفه عنده الحكاية دى: قصدى “الوعى بالوعى” فى “حضور واحد من نوعه عنده وعى بالوعى زيه”، الحيوانات بيعملوا علاقات ما بينهم وبين بعض، إنما أظن من غير الوعى ده اللى إحنا بنتكلم عنه، ويمكن العلاقات الثنائية الممتدة، اللى أهم أشكالها الجواز عند الإنسان
التعليق : كنت قريت لحضرتك قبل كده تعقيب عن فقه العلاقات البشرية و ازاى وصل البنى آدم للعلاقات الواعية اللى احنا اتدبسنا فيها دى وانا بقرا النشره حضر جوايا كلام حضرتك .. اللي هو
“إن البنى آدم متورط فى حكاية العلاقات دى، لا هو قادر يرضى بالمستوى الحيوانى، ولا عارف يشتغل فى المستوى اللى يخليه إنسان بحق وحقيق، “
هذا يطمئننى إلى أن الرسالة وصلت لأصحابها