الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / مقتطف من كتاب: “بعض معالم العلاج النفسى من خلال الإشراف عليه” الحالة: (28) “عن المؤسسة الزواجية والعلاقة بالموضوع” (1 من 2)

مقتطف من كتاب: “بعض معالم العلاج النفسى من خلال الإشراف عليه” الحالة: (28) “عن المؤسسة الزواجية والعلاقة بالموضوع” (1 من 2)

نشرة “الإنسان والتطور”

الأربعاء: 15-9-2021

السنة الخامسة عشر  

العدد: 5128

الأربعاء الحر:

مقتطف من كتاب: بعض معالم العلاج النفسى من خلال الإشراف عليه (1)

الكتاب الثانى الحالات: من (21) إلى (40)

تذكرة:

ننشر اليوم، وكل أربعاء، – كما ذكرنا – عملاً أقل تنظيرا وأكثر ارتباطا بالممارسة الكلينيكية العملية وخاصة فيما هو “العلاج النفسى”، فنواصل نشر الحالة (28) من الكتاب الثانى من سلسلة الكتب الخمس التي صدرت بعنوان “بعض معالم العلاج النفسى من خلال الإشراف عليه”، ولا يحتاج الأمر إلى التنويه إلى أن أسماء المتعالجين ليست هي الأسماء الحقيقية، وأننا حورنا أى معالم قد تدل على صاحبها احتراما لحقوقه وشكرا لكرمه بهذا السماح بما يفيد من قد يمر في مثل محنته، أو خبرته أو علاجه!

جزى الله الجميع عنا خيرا

****

الحالة: (28)

عن المؤسسة الزواجية والعلاقة بالموضوع (2)   (1 من 2) (3)

الاستشارة الأولى:

د.أحمد الشافعى: هى حالة سيدة عندها 28 سنة، التالتة من تلاتة، هى بتشتغل فى مهنة عالية بس هى حاليا واخدة إجازة ومسجلة درجة الماجستير وواخده الجزء الأول، وشغالة فى الرسالة حاليا، هى متجوزة بقالها أربع سنين من زميل فى نفس المهنة أكبر منها بسنتين وعندها ابن واحد عنده تلات سنين، والدها على المعاش، ووالدتها بتشتغل فى نفس مهنتها، وعندها أختين متجوزين وبيشتغلوا برضه فى نفس المهنة.

حضرتك حولتها لى من تمان شهور، كانت المشكلة إنها بتعانى من وسواس قهرى مستمر بقاله أربع سنين ما بيتغيرش فى الحدة بتاعته خالص، وهى جربت كل الأدوية، ولفّت على كل الدكاترة ومافيش أى تحسن خالص، من بداية ما جت هى ماكانتش منتظمة خالص، يعنى بتجيلى مرة كل شهر مثلا، أول ما أبدأ اشوف حاجه وأبدأ أعمل يعنى نظام يومى فى حاجة معينة، مثلا إنها تنزل الشغل، إنها تعمل مش عارف إيه فى البيت، تكمل رسالة الماجستير اللى هى مسجلاها، تهرب على طول وماتجيش، من شهرين تقريبا جت هى وجوزها وأنا أصريت فى الجلسة دى إن هما الأتنين يحضروها مع بعض، يعنى إن الزوج يبقى قاعد معانا يعنى يحضر معأنا الكلام والاتفاقات اللى حاتتم بينا، وأنا واجهته طبعا بطبيعة المشكله اللى عندها، وحجم الاعتمادية عليه اللى هى وصلت له، وإن ده لازم نشوف له حل، زى ما يكون هى مستغلة المرض ده فى تحديد نوع علاقتها بجوزها، يعنى جوزها شايفها مريضة ومقدر ده خالص، فشايلها بقى من على الأرض شيل، هو راجل طيب ومجتهد فى مهنتة، وبيمارسها فى الدور الأرضى فى نفس العمارة اللى هما ساكنين فيها، ومفروض إن لها مكتب معاه، ولها مواعيد وكلام من ده، بس ما بتنزلشى، ولا بتعمل حاجة، وكمان هو اللى يعنى بيعمل شغل البيت كله، بيجيب لها الطلبات وبيديها الدواء، وبياخد باله من العيل الصغير، وينزل الشغل بتاعه من الساعة تلاتة الظهر لغاية الساعة اتناشر أو واحدة بالليل.

د. يحيى: يا خبر!! وبعدين؟

د.أحمد الشافعى: هى مستغلة بقى يعنى حجم الدعم بتاعه ده بشكل سيئ جدا، وترضيه طول الوقت إن هى بتديه علاقة جنسية، وخلاص، هى مش حاسة فيها بحاجة وأظن إن هو كمان مش حاسس بيها.

د. يحيى: مش حاسس بيها؟ ولاّ حاسس إنها مش حاسة بيه؟

د.أحمد الشافعى: باين الإتنين، يعنى المعنيين، يعنى هى مش حاسه بأى حاجه خالص، وبتقعد طول الوقت تمثل عليه إنها مبسوطة وإن هى اللى عاوزاه.

د. يحيى: يعنى هو فاقس إن هى مش حاسه، ولا هوا بيستعبط وبيضحك على نفسه؟

د.أحمد الشافعى: ما أنا فى الآخر وصلت لاحتمال تقريبا إن لا هو حاسس، ولا هى حاسة، والإتنين عارفين، بس الكلام غير معلن يعنى

د. يحيى: فيه مثل بلدى ما يتقالش قدام الناس هنا، وإنت عارفة غالبا، عن عيان وميت وحاجات كده، عارفه؟

د.أحمد الشافعى: أيوه عارفة..، فالمهم أنا فعلا أنا كنت يعنى بعد المرات اللى هى متقطعة، أنا فعلا زهقت منها، يعنى كل ما احط لها خطة وحانعمل شغل وكلام من ده، ما فيش فايدة، هى مش ملتزمة بحاجة خالص لدرجة إن هى لما كانت ساعات تنزل الشغل مع جوزها تحت، كانت تطلع الشقة بتاعتهم فى الدور الرابع، وهى عاملة فيها أوضة مسمياها “أودة التطهير من التلوث”، تخش تغير فيها هدومها، وهى خايفة من الفيروس C وخايفة من الإيدز، ومن كل حاجة.

د. يحيى: السؤال بقى؟؟

د.أحمد الشافعى: اللى حصل إن أنا فى الجلسة الأخيرة إتفقنا على تنفيذ تعليمات واضحة، وإن ما ينفعش يبقى الدعم بالشكل ده وإنـِّـك حاتعملى وحاتسوى، وإنها لازم تنزل الشغل، ولازم تبدأ تجهز فى الرسالة بتاعتها، وتعمل شغل البيت وكده. المرة دى جوزها زى ما يكون ما صدّق، وهـُـبْ راح الدعم بتاعه قل تماما، يعنى وصل ما لا يتجاوز 10% من اللى كان موجود، وهى بدأت تمشى على الحاجات اللى إتفقنا عليها، بانتظام، يعنى بقالنا دلوقتى حوإلى شهرين حصل تقدم كبير جدا بالنسبة للحالة عموما، وحجم الاعتمادية عندها قل بشكل واضح، بس دلوقتى جوزها باين زودها فى التخلى، وبقت العلاقة بينهم سيئة، وبقى تقريبا سايبها معظم الوقت.

د. يحيى: إزاى يعنى؟

د.أحمد الشافعى: يعنى شال إيده، زى ما يكون خَلَع يعنى، وبقى طول الوقت مواجهها بتقصيرها وبحجم اللى هى فيه، وهى بقت متأذية منه، أنا ما اعترضتش وقلت لها: أنا شايف إن حتى لو ده الحاصل زى ما إنت بتحكى، ده أحسن لك، يعنى ده فى مصحلتك، وإنت مادام بتتحسني، وحتى لو حجم العلاقة اللى موجود بيقل، فإحنا ماشيين فى اتجاه الاحسن، وإن هوه لما يشوف منك حاجه أحسن، حاتبقى العلاقه متوازنة شوية.

لكن واضح إن الأمور زى ما يكون الراجل فضل متحمل أربع سنين، وجه دلوقتى يطلـَّع اللى عنده، لدرجة إن فيه تلميح دلوقتى بالانفصال، رغم التحسن اللى موجود.

د. يحيى: والدين؟

د.أحمد الشافعى: الإتنين مسلمين.

د. يحيى: قصدى علاقتهم بالدين، الممارسة اليومية، والإلتزام؟.

د.أحمد الشافعى: هو ملتزم جدا دينيا .

د. يحيى: “جدا” يعنى مزودها؟

د.أحمد الشافعى: لا أبدا، يعنى بيصلوا ويصوموا أنا باعتبر ده “جدا”.

د. يحيى: طيب إيه بقى اللى إنت عايزه؟

د.أحمد الشافعى:… أنا مش عارف أعمل إيه دلوقتي، أتدخل إزاى بعد كده؟ أنا يعنى خايف إن أنا ابدأ يعنى أحاول إن أنا اغير موقفه فيرجع يشيلها وترجع الاعتمادية وتشتد الأعراض، وفى نفس الوقت مش حابب ان الامور تمشى بالشكل اللى وصلنا له، أعمل إيه؟

د. يحيى: إنت زى ما تكون بترجـّعنا لفرويد وإبداعه، مع قصوره برغم كل الاحترام، حا نبتدى برؤية فرويد من حيث علاقة الوسواس بالمسألة الجنسية: تلاقى هنا مؤشرات للحكاية دى، لكنها مش كفاية، لكن إذا اتنقلنا من فرويد لبعض اللى طلعوا من عبايته، أقصد المدرسة الإنجليزية للتحليل النفسى، يعنى ميلانى كلاين وفيربيرن وجانترب والجماعة دول، نلاقى نفسنا فى حدوتة تانية، يعنى المسألة مش أساسا لخبطة فى الجنس، لأ دى مسألة إشكاليات “علاقة” بالآخر بصفة عامة، يعنى نبدأ من النظر فى العلاقة اللى أحد تجلياتها الجنس، أقصد “العلاقة بالآخر“، يعنى “الموضوع“، ونركزعلى العلاقة بالموضوع، ما هى إسمها مدرسة العلاقة بالموضوع، ما هى العيانة بالنسبة لزوجها موضوع، وهو كذلك هو بالنسبة لها موضوع، نلاقى نفسنا فى مواجهة الواقع بصفة عامة، وواقع ثقافتنا بشكل خاص، وهـُبْ نواجه المؤسسة الزواجية عموما، وفى مصر خصوصا، وبرضه فى البلاد العربية، هىَّ هىَّ تقريبا، ودى حدوتة تانية.

زى ما يكون الجنس اللى انت وصفته، وبرضه الأعراض، بيعلنوا مع بعض صعوبات العلاقة بالموضوع، بالآخر، حتى الفشل، كل المشاكل اللى انت قلتها، واللى ظهرت فى شكل أعراض هى موجوده فى طبيعة المؤسسه الزواجية فى مصر خصوصا، وفى العالم غالبا، لكن مش ضرورى تظهر بالشكل ده، ولا بالحجم ده، يمكن تظهر فى شكل خناقات على فلوس، على تربية الولد، على أى حاجة هايفة أو مش هايفة. يبقى الحالات دى بتجرجرنا لمواجهة واقع ما لوش حل سهل، يعنى إزاى نصنع من هذه المؤسسة الصعبة، نـِـصنـَّـعْ منها حياة حلوة وصادقة تليق باللى وصلت إليه البشرية أو المفروض أنها توصل له، إنت يا أحمد متجوز حديثا، مش كده، فأنا خايف اللى إحنا بنقوله ده يلخبطك بدرى بدرى، إنما هى مسئولية على أى حال، آه مسئولية ممتدة ممتدة ممتدة، وإن ماكناش نواجهها بكل صعوبتها سواء ظهرت فى صورة أعراض أو من غير أعراض، ونعرف إن الصعوبات ممكن تستمر حتى الموت بصراحة، نبقى مش واخدين الحكاية جد، أنا مش عايز أبالغ، لكن الجواز إن ما كانشى فيه حركة وشغل طول الوقت، طول العمر، حايبقى يا تلصيم يا كذب، أنا مش قصدى يبقى فيه حركة يعنى صراع، لأه، أنا قصدى تخبيط جاد، ومرة تصيب ومره تخيب، فإنت من غير تنظير ومن غير الكلام ده كله لمست كل حاجة بتلقائية جيدة، شفت الجنس، وشفت الاعتمادية، وشفت الاستعمال، وشفت الطهقان بعد الاستحمال، وشفت تهديد المؤسسة من أساسها، لكن ما حددتش أولويات كفاية، ولا محكات تقيس بيها واحد ورا التانى كفاية تقوم بقى تعمل ايه؟ إنت عندك مشكله ظاهرة اللى هى “العَرَض”، مش هوه الوسواس برضه اللى جابها للكشف والاستشارة، وبعدين لقيت نفسك بتشتغل فى خلفية شديدة الدلالة والأهمية: الخلفية اللى وصلتنى منك إنها من عيلة كلها بتشتغل مهنة واحدة، مهنة عالية، أصحابها فاهمين إنهم أحسن من الناس، يعنى نباهة وشطارة، وكليات قمة وكلام من ده، ودى واحدة تمثل العيلة دى، وآخر العنقود، وكلهم بنات، راحت متجوزة واحد من نفس المهنة برضه، راجل طيب، ومتدين، وما بيفكرش يهلس، وجعان بحقيقى زى أى واحد جعان، مش بس جعان علاقة، يمكن جعان كل حاجة، تيجى الست دى تشتكى وتتعب وتروح لدكتور نفسانى بعـَرَض معين، فإحنا لمَا نركز على العرَض يعنى الوسواس، ونعمل شوية شغل، يعنى سواء بالأدوية، أو بالعلاج السلوكى، أو بالإتنين، أنا باشوف إن دى بداية كويسة، وكتير بتجيب نتيجة معقولة على قد شكوى البنيـّة، بس يعنى إذا إكتفينا بكده لازم ننسى الحواديت اللى انت قلتها دى كلها، ونهتم بالعرض، وإسم المرض، وكلام من د ه وخلاص…، إنت ما عملتش كده.

د.أحمد الشافعى: أنا بعدت خالص عن المنطقة اللى فيها الوساوس وطلبت إن إحنا نظبّط بقية الحاجات يعنى ركزت على حجم الإعاقة الحقيقية اللى معطلة حياتها.

د. يحيى: كتر خيرك، أنا بقى زى ما أكون بادعوك دلوقتى للعكس، يعنى آن الأوان إن إحنا نبص للوسواس أكتر شويتين، يا ناخد معلوماتنا عنه بالقراية، يا بالخبرة، وبصراحة الإتنين لازمين، ونشوف له حل أسرع شوية.

د.أحمد الشافعى: أنا فكرت فى ده يادكتور يحيى بس أنا خفت عليها، خفت عليها فعلا من إن لو راح الوسواس بسرعة يمكن تتفك، يعنى يجيلها فصام زى ما حضرتك علمتنا إن الوسواس ساعات يكون دفاع ضد الفركشة، خصوصا إن الست دى عندها تاريخ عائلى إيجابى للفصام.

د. يحيى: مين فى عيلتها؟

د.أحمد الشافعى: خالتها على طول، فصام صريح.

د. يحيى: كده؟ لأ عندك حق، عندك حق أكتر مما لو كانت عيلتها خالية من الفصام بالذات، بس دى مش قاعده، وإلا حانسيب كل الأمراض اللى بنعتبرها دفاعات ضد الفصام، وإنت عارف رأيى إن أغلب الأمراض كده، يعنى لو مشينا ورا المخاوف دى يبقى نسيبها بقى ونقعد نتفرج عليها، عشان خايفين من الفصام.

د.أحمد الشافعى: إمال نعمل إيه؟ أنا فكرت فى ده برضه…

د. يحيى: طيب يا ابنى، ربنا يخليك، إنت فكرت تفكير فى الإتجاه السليم، بس ناقصُه التحضير والوقت والتوقيت، إنت بتقول إن كل المدة على بعضها تمان شهور، وهى ما انتظمتشى ربع ربع إلا من تلات شهور، باينهم حايرسوا على شهر.

د.أحمد الشافعى: يعنى، كلهم تمان شهور وآخر شهرين هما المنتظمين.

د. يحيى: شهرين، وضيف عليهم شهر متقطع أو أكثر فى المدة اللى قبل كده، يبقوا يرسوا على تلات شهور ونص، إيه رأيك؟

د.أحمد الشافعى: فعلا مش كفاية.

د. يحيى: يبقى إنت عملت عمل جيد لحد دلوقتى، أولا إنك قدرت تقلب عدم الانتظام فى حضورها الجلسات إلى انتظام، ثم إنك ركزت على تنظيم الأداء اليومى بدل ما تتسرع وتركـّز على الأعراض، وعملت علاقة بالزوج، وبقى يحترم كلامك، وهى كمان خدت بالها من النقلة، يبقى فاضل يعنى إنتقاء التوقيت المناسب للتدخل فى الأعراض بأقل ضرر ممكن، يعنى لا بد من المغامرة بعد شوية وقت تانيين، مش عارف قد إيه، واللى يحصل يحصل، ولو حصلت أى حاجة بعد ما عملتو مع بعض العلاقه الطيبة دى، الدنيا مش حاتتهد، هوا لما يقل الوسواس كدفاع ضد الفركشة، يمكن تظهر علامات خفيفة تدل على بداية فركشة، التفكيك الخفيف خفيف هو ضرورى فى عملية إعادة التشكيل لدفع عملية النمو، اللى هى هدف العلاج اللى بحق وحقيقى، فيبقى الفصام اللى انت خايف منه، وارد، إنما وارد قصاده فرصة حقيقية تستاهل، عشان كده التوقيت مهم، هى طول ما هى بتيجي، وبتتغير، والراجل مستحمل ومتدين ومافيش تهديد للمؤسسة الزواجية حتى بالمعنى التقليدى، يبقى الوقت لصالحنا، يعنى لو حوّد الزوج وشاف له تصريفه كدا ولا كده، حا تبقى المسألة محتاجة جهد أسرع وأصعب، إنما الحمد لله الراجل مافيش، هـُسْ هـًسْ، وهى برضه من الناحية دى هـُسْ هـًسْ، تبقى فيه فرصة أرحب شوية، لو كان الراجل أقل تدينا أو أقل التزاما، وراح يدوّر على حقه مع حد تانى، سواء بورقة أو من غير ورقة، كان ده حايمثل خـُرْم يسرَّب كل اللى إحنا بنعمله، إحنا دلوقتى عندنا وضع كويس بيسمح بشوية صبر زيادة، وبالاستمرار فى التحضير لمهاجمة العرض اللى هى جاية بيه، وإنت ماشى بحساب مظبوط لأنك واضع محكات لإيجابية العلاقة بتهديك للمرحلة اللى وصلتولها أول بأول، وللخطوة اللى جاية، الانتظام فى الحضور اللى تم مؤخرا ده بعد صبرك على عدم التزامها لا بالمواعيد ولا بالتعليمات، ده لوحده يعتبر نقلة كويسة، يعنى إحنا دلوقت وصلنا لحضورها شهرين بانتظام، كويس، لو حاننجح نخليهم تلات اربع شهور ثم ستة مثلا، خير وبركة، ساعتها تبتدى تشتغل زى ما انت عايز بالأدوية وغير الأدوية فى الأعراض، إنت عارف أنا بادّى الدوا إزاى، يعنى بنحط الحسابات دى كلها فى الاعتبار، هى بتاخد أدوية إيه دلوقتى؟

د.أحمد الشافعى: هى بتاخد ستيلازين وأنافرانيل بجرعة متوسطة.

د. يحيى: عليك نور، إنت عارف أنا باحترم الأنافرانيل فى الحالات دى قد إيه، باحترمه لأنه بصراحة بيجيب نتايج كويسة، وإنت عارف فكرتى اللى ورا الفرض اللى أنا حطيته وباشتغل بيه فى المنطقة دى، أنا باشوف إن الأنافرانيل زى ما يكون بيقطع حلقة نيورونية فى المخ أولها فى آخرها، يعنى حلقة مقفولة، ده اللى بيخلى الفعل أو المخاوف تتكرر زى ماهى، كل ما العيان يعمل حاجة، لأن الحلقة مقفولة، زى ما يكون مخه بيأخذ خبر إنه ما عملهاش، يقوم يعملها تانى، وهكذا، ييجى الأنافرانيل (وحاجات تانية حديثة زيه) يقطع الحلقة دى، يروح بقية المخ واخد خبر إن الحاجة اللى اتعملت اتعملت، يقوم ما يكررهاش، طبعا الأنافرانيل مش بيعمل كده لوحده، إحنا لازم نلقط قطع الحلقة دى بالدوا، وهات يا علاج سلوكى، وهات يا علاج معرفى، عشان الحلقة المقفولة تتفرد وتكوّن برامج جديدة تخلى اللى كانت حلقة تتقلب خط محنى قابل للامتداد، والتقدم، طبعا ده مش وقته لكل التنظير ده، والفرض ده لا يمكن إثباته بالتجارب العادية، إنما ما دام بيجيب النتايج اللى إحنا عايزينها، يبقى يتثبت وقت ما يتثبت، نييجى للدوا التانى اللى هوا الاستيلازين، ده دوا طيّب، وبرغم إنه هو من المهدئات الجسيمة (4) إلا إنه حنيـّن، طبعا أى دوا من النيورولبتات (5) ينفع لو ظبّـطت الجرعة المناسبة، فايدة النيورولبتات هنا إنها بتحجـِّم نشاط أى مخ قديم، وهوا ده المخ اللى إحنا خايفين منه ليكون متحفز للتنشيط المستقل أول ما الوسواس يقل، وده اللى انت كنت بتشاورعليه وتقول أنا خايف من الفصام، يبقى إنت بالشكل ده بتشتغل فى الوسواس وعينك على الفصام، ده من ناحية الدوا، والحاجات التانية ماشية زى ما انت ماشى وإتناقشنا فيها، يعنى حاتستمر فى كل ده وإنت عمال تشتغل فى العلاقة مع جوزها، ومع شغلها.

 بس خلى بالك ضبط جرعة الدوا أسهل من ضبط جرعة العلاقة مع جوزها بالذات، يعنى المسافة بينها وبين جوزها، مش عارف بقى حاتقدر تظبّطها إزاى مرحلة بمرحلة، يعنى تحط احتمال إن لو هى اتحسنت مش بس فى الوسواس، يعنى إتغيرت، يمكن جوزها يبعد أكتر، ويمكن أى حاجة تانية، طبعا ما تخليش الحسابات دى تسبقك، إوعى حساباتك تبقى وصية زيادة على خبرتك، وآدى احنا أهه مع بعض، أنا مش متأكد إيه اللى ممكن يحصل، لكن خلينا نشوف، وربنا يكون فى عونك ويجزيك خير، وتستحمل، ما هو ما دام إحنا عرّضنا نفسنا للشغلة دى يبقى لازم نستحمل الناس طول ما الناس بتيجى وتطلب اللى عندنا، نديهم اللى عندنا، واللى مش عندنا عند ربنا، ولا إحنا حانجيبه منين؟

د.أحمد الشافعى: شكرا

****

التعقيب والحوار: على “الاستشارة الأولى”

د. ناجى جميل:

تعجبت فى هذه الحالة من قبول الزوج ورضاه عن قيامه بكل أعمال المنزل ومسئوليات الزوجة أثناء شدة المرض، والعكس صحيح بعد بداية التحسن، لذا تساءلت عن احتمال افتراض أن الزوج كان على ما يبدو مستفيداً بأداء هذا الدور الشامل اللاغى للمريضة، وبالتإلى فقد كان داعما للمرض والدور السلبى للزوجة، وعند بداية التحسن، وتوقف الاعتمادية فقد دوره هذا، بدأ يفكر فى الانفصال.

 د. يحيى:

إضافة مهمة، كل شىء جائز يا ناجى أتصور أنها فكرة يمكن أن تفيد المعالج الزميل، وكل متدرب، لكننى متردد فى قبولها لمجرد أنها احتمال جيد، لابد من التعامل معها على أنها “فرض” يحتاج متابعة وتحقق ثم نرى.

د. مدحت منصور:

عندما نبدأ فى تأسيس المؤسسة الزواجية يكون السن أصغر وكذلك كل من الخبرة والثقافة وعمق النظرة، فحتى الاختيار يتم على مقاييس غير المقاييس التى تتطور طول الوقت، والأغلب أن الطرف الآخر لا تصله رسالة التغيرات طول الوقت أو لعله يرفض أن يصدق أو يرفض أن يتطور فتكون النتيجة هى مؤسسة جامدة باردة قامعة غالبا، أو على الناحية الأخرى وهذا نجده كثيرا كما قلت حضرتك مبنية على الكذب والتلصيم فإذا توقف الكذب أو سقط التلصيم غرقت معه المؤسسة فى الابتعاد والبرود. يعنى (مسئولية ممتدة ممتدة ممتدة) ونعرف إن الصعوبات ممكن تستمر حتى الموت بصراحة، نبقى مش واخدين الحكاية جد، أنا مش عايز أبالغ، لكن الجواز قصدى إن ما كانشى فيه حركة وشغل طول الوقت، طول العمر، حايبقى يا تلصيم يا كذب، أنا مش قصدى يبقى فيه حركة يعنى صراع، لأه، أنا قصدى تخبيط جاد، ومرة تصيب ومره تخيب، يعنى معاناة ومكابدة طول الوقت، ووقت كتير بيمر، ولحظات حلوة تقضيها وأنت تنتظر! لا تستطيع التراجع وتتذبذب بين التفكير فى التخلى وعدم فعله، يا نهار أبيض وعلشان إيه ده كله، طيب أقولها صراحة علشان حاجات ثانية منها الونس الذى قد تجده فى لحظة، تقعد تحسبها يا ترى لحظة صدق تساوى الحقيقة أنا اتلخبطت.

د. يحيى:

ليس تماما،

لكنك لقطت كثيرا مما ينبغى التقاطه.

د. عمرو دنيا:

ما قدرتش أفهم موقف الزوج والتغيير اللى حصل له وشفت كده إنه ما صدق ورمى الحمل اللى كان شايله ويمكن تكون هى دى الحركة أو التخبيط اللى حضرتك شاورت على ضرورته وأهميته فى الزواج بدلا من الجمود والضحك على الدقون والتمثيل.

 د. يحيى:

أنا لم أقصد ما أشرت إليه تماما، أنا أقصد الحركة الدالة على حيوية العلاقة، واكتشاف الاختلاف، من حيث أن الآخر هو موضوع مختلف، وأن كل طرف يتحمل الطرف الآخر مختارا مستمرا وهو مختلف، فتتحرك العلاقة، ومن ثمّ “التخبيط”، إلى أحسن، وهو عكس “رمى الجمل بما حمل”، وهو يعنى الانسحاب.. والتخلى إلخ.

أ. عبد المجيد محمد:

فهمت ضرورة مراعاة عدم جعل حساباتى كمعالج وصية على خبرتى، وأيضا كيف أن التفكك الخفيف ضرورى فى عملية إعادة التشكيل لدفع عملية النمو التى هى هدف العلاج اللى بحق وحقيقى.

د. يحيى:

هو كذلك.

أ.عبد المجيد محمد:

استفدت كثيراً من تعليق حضرتك على دور الأدوية (ستيلازين- أنفرانيل) فى هذه الحالة.

د. يحيى:

لكن “بتوع” الدواء لا يريدون أن يصدقوا أى فرض غير ما يروّجونه بأقل قدر من الممارسة الكلينيكية الفعلية والإبداع، مكتفين بالأرقام، والمقارنات المستحيلة، والتقييم الكمىّ السطحى.

أ. محمد اسماعيل:

حضرتك طول الوقت بتحذرنا من التعميم رغم كده عممت على كل المؤسسة الزواجية اللى فى مصر.

د. يحيى:

عندك حق، ربما،

 لكننى لم أقصد ذلك، ولا أعتقد ذلك

أنت على “وش” زواج كما أعلم،

 “تزوج وعش سعيدا”،

أظن أن هذا كان عنوان كتاب خفيف خفيف تصفحته منذ أكثر من خمسين سنة.

وأنا شخصيا لا أمانع، أنت وشطارتك

ما أمكن ذلك.

أ. محمد المهدى:

هو المعالج من حقه إنه يزهق من عيان؟! يعمل إيه لو حس بالزهق ده وإيه هىَّ المعايير اللى يقدر بيها ياخذ قرار عدم إكمال العلاج لأسباب قد ترجع إلى عدم التزام المريض دون أن يكون موقف المعالج هو تخلى من ناحيته عن المريض؟ أرجو الإفادة.

 د. يحيى:

أذكر يا محمد أننا ناقشنا ذلك قبل الآن عدة مرات، فأكتفى أن أذكرك بأنه لكل حالة حساباتها، وفى نفس الوقت تكررت الإشارة إلى ضرورة احترام مشاعر المعالج مهما بدت سلبية، وإلا فإنها سوف تصل إلى المريض رغما عن المعالج، وسوف تكون النتيجة فى غير صالح الإثنين غالبا، الاستمرار، الحل العملى المسئول يمكن فى الاشراف، والقياس بمحكات تحقيق أهداف متوسطة، وتحمل المسئولية، وربنا يسهل.

أ. محمد المهدى:

يبدو لى أننا فى حاجة إلى إعادة النظر فى الوسواس القهرى، والشغل فيه بدلاً من أن ينصب اهتمامنا على دفع المريض فى إتجاه عدم التحدث عن الأعراض، ذكرت حضرتك علاقة الوسواس بالجنس، فما موقف الدين من هذه العلاقة؟

د. يحيى:

أنا أشرت فقط إلى علاقته بالجنس مجرد إشارة، وأنّ هذا كان شغل فرويد الشاغل.

أما علاقته بالدين فقد أثبتت معظم الأبحاث التى أجريت لدينا فى مصر أن أغلب “محتوى الوساوس” هى محتويات دينية، وأعتقد أن هذا قد يرجع جزئيا إلى مغالاة بعض رجال الدين فى التأكيد على طقوس الطهارة مثلا، أو سوء تفسير الآيات الكريمة أو الأحاديث الشريفة المتعلقة بكلمة “وسواس” لست متأكدا.

هذا علما بأن المحتوى شىء، وآلية تكون الوسواس شىء آخر.

أ. رامى عادل:

أن يحتمى كل منهما بالآخر: استشارة، واسترشاداَ، وتلقيا، فتنبعث الحرارة بأوصالهم، يحفزهما الإلهام، وتسبقهم الأمانى.

د. يحيى:

على البركةّ

تمام التمام!

****

 

 [1] –  يحيى الرخاوى: “كتاب: بعض معالم العلاج النفسى من خلال الإشراف عليه، ” منشورات جمعية الطب النفسى التطورى (2018)، والكتاب موجود فى مكتبة الأنجلو المصرية وفى منفذ مستشفى دار المقطم للصحة النفسية شارع 10، وفى مؤسسة الرخاوى للتدريب والأبحاث: 24 شارع 18 من شارع 9 مدينة المقطم، كما يوجد أيضا حاليا بموقع المؤلف، وهذا هو الرابط  www.rakhawy.net

[2] – أعتقد أن الحديث عن المؤسسة الزواجية قد تكرر كثيرا، فيلتحملنا القارئ والمتدرب معا. هذه النشرة اليوم، هى الحلقة الأولى من حلقتين، ليس لأن الكلام فيها طال، ولكن الزميل المعالح عرض نفس الحالة فى مقابلات الإشراف مرتين، بينهما شهران كاملان. وكانت كل مرة بمثابة تقديم جديد لنقطة جديدة حسب تطور الحالة والحلقة هذه  ليست الجزء الأول من نشرة طالت، لكنها ما دار فى الاستشارة الأولى.

[3] – نشرة 4-1-2009 www.rakhawy.net

[4] – Major Tranquilizer.

[5] – Neuroleptics.

admin-ajaxadmin-ajax (1)