الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / مقتطف من كتاب: “بعض معالم العلاج النفسى من خلال الإشراف عليه” الحالة: (27) “احتمالات التحسن السريع!”

مقتطف من كتاب: “بعض معالم العلاج النفسى من خلال الإشراف عليه” الحالة: (27) “احتمالات التحسن السريع!”

نشرة “الإنسان والتطور”

الأربعاء: 8-9-2021

السنة الخامسة عشر  

العدد: 5121

الأربعاء الحر:

مقتطف من كتاب: بعض معالم العلاج النفسى من خلال الإشراف عليه  (1)

الكتاب الثانى الحالات: من (21) إلى (40)

تذكرة:

ننشر اليوم، وكل أربعاء، – كما ذكرنا – عملاً أقل تنظيرا وأكثر ارتباطا بالممارسة الكلينيكية العملية وخاصة فيما هو “العلاج النفسى”، فنواصل نشر الحالة (27) من الكتاب الثانى من سلسلة الكتب الخمس التي صدرت بعنوان “بعض معالم العلاج النفسى من خلال الإشراف عليه”، ولا يحتاج الأمر إلى التنويه إلى أن أسماء المتعالجين ليست هي الأسماء الحقيقية، وأننا حورنا أى معالم قد تدل على صاحبها احتراما لحقوقه وشكرا لكرمه بهذا السماح بما يفيد من قد يمر في مثل محنته، أو خبرته أو علاجة!

جزى الله الجميع عنا خيرا

****

الحالة: (27)

احتمالات التحسن السريع! (2)

د. مصطفى مدحت: عندى عيان عنده 29 سنة (3)، غير متزوج، من محافظة من بحرى، موظف فى شركة الصبح وبعد الظهر بيشتغل مؤذن فى الأوقاف.

د.يحيى: هى شغلانة المؤذن اللى هوّه فيها دى بالتعيين؟ ولاّ جدْعنة؟ يعنى هى الأصل؟

د. مصطفى مدحت: أيوه هو متعين، بس حصل عليها بطريقة معينة، يعنى زى واسطة، هوّا متعلم لغاية تالتة إعدادى، قعدتْ معاه علاج نفسى “سبع جلسات”، هوّه جإلى يشتكى بأفكار بتلح عليه إن عنده الزهرى، وتغيير فى حجم العضو التناسلى، وإنه خايف إنه ممكن يتقلب ست.

د.يحيى: إيه اللى فكرّه بالزهرى “بالذات”؟ ماعادش حد بيتكلم عنه دلوقتى.

د. مصطفى مدحت: هو فعلاً ماكانش عارف يعنى إيه زهرى، وكان تقديره: إن أى راجل يقرب منه فى الأتوبيس يبقى ده مصاب بيه، ويبقى حايـِـتـْـعـِـدِى منه، غير كده: هوَّ كان عنده أعراض اكتئاب، يعنى: قلة النوم، وقلة الأكل، عدم الانتظام فى العمل، وكده… فى الجلسة الثانية على طول، حاولت أشرح له يعنى إيه زهرى، ومراحله، وكلمته خفيف خفيف عن الإيدز قمت لقيته فى الجلسة الثالثة جه يشتكى من أفكار عن الإيدز وقلّ كلامه عن الزهرى.

العيان له تاريخ جنسى مليان، بدأ بانتهاك، واستعمال، وهوّا عنده خمس سنوات من أحد الجيران (واحد سنه 18 سنة) لكن ده حصل مرة واحدة، وبعدين العيان بيقول إنه بدأ العادة السرية وهو عنده خمس سنوات برضه.

د.يحيى: متأكد؟

د. مصطفى مدحت: أيوه، وبعد كده ألعاب جنسية خفيفة من الظاهر مع عيال قده، ولما بقى عنده عشر سنوات بدأ ممارسة مع الحيوانات، وبالذات القطط.

د.يحيى: اشمعنى القطط يعنى؟ دى أصعب حيوانات فى الحكاية دى؟ تفتكر تفرق؟ المهم، إنت عارف إن فى الأرياف حكاية الحيوانات دى كتير لدرجة إنها ساعات تبقى مرحلة عادية بيمر بيها العيال، وهى يمكن لها علاقة باللى بيشوفوه بين الحيوانات، فيه حاجة تانية؟

د. مصطفى مدحت: أيوه، هوّا برضه عمل مع طفل عنده تسع سنوات بس مش كتير.

د.يحيى: هه، وبعدين؟

د. مصطفى مدحت: ابتداءَ من عند 16 سنة بدأ ممارسة مثلية بالتبادل مع أولاد فى سِنـّه.

د.يحيى: كانت ممارسات كاملة؟

د. مصطفى مدحت: أيوه..، هو بيقول كل الممارسات دى استمرت لغاية ما بدأ التعب من 8 سنين

د.يحيى: يعنى من سن 5 لحدّ سن 21 سنة عمال يتنقل بالشكل ده؟ مابطلشى؟.

د. مصطفى مدحت: بالنسبة للتعب اللى بدأ من 8 سنين كانت زادت ممارسته للعادة السرية، وفى مرة أثناء ما بيعملها حس بِكَرْشِهْ نَفَس، وألم فى منطقة الشرج، ودى كانت بداية التغير.

د.يحيى: إنت بتقول إنه شغال مؤذن.. هل بيؤم الناس فى الصلاة؟

د. مصطفى مدحت: لأ.. ما حصلش.. هو بيأذن وبيقوم بأعمال النظافة بَسْ.

د.يحيى: بقاله قد إيه متعين مؤذن؟

د. مصطفى مدحت: تقريباً 10 سنين.

د.يحيى: يعنى قبل بداية العيا بسنتين؟

د. مصطفى مدحت: لما كلمته عن شغلانة المؤذن دى.. قال لى: هو ممكن يبطل أى شغلانه إلا الشغلانه دى.

د.يحيى: سألته ليه؟

د. مصطفى مدحت: قال إنها بتقربه اكتر من ربنا، بيحس إنه فيها بيلاقى نفسه.

د.يحيى: مش فيه تناقض برضه بين الشغلة دى والمعلومات التانية اللى انت قلتها لنا عنه؟

د. مصطفى مدحت: أيوه، بس هوّا ما جابشى سيرة لأى قلق من أى علاقة بين ده، وده.

د.يحيى: السؤال بقى..؟ السؤال بالنسبة للإشراف؟، دى حالة زحمة قوى يا راجل!

د. مصطفى مدحت: أنا مستغرب إن فى الفترة القصيرة دى “7 جلسات” بس، رحت شايف إن العيان اتلمّ بسرعة أكتر من اللى كنت متوقعها من أعراضه، ومن تاريخه المليان ده، فبقيت قلقان من اللى حصل كده يعنى مثلا ماكانش عنده أمل إنه يتزوج خالص وماكانش منتظم فى الشغل لدرجة انه كان عايز يبطله، بعد شهر واحد لقيت إن العيان بدأ “يتحرك”، ويعمل حاجات ماكانش بيعملها: يصلح حاجات فى البيت، يعامل الناس كويس، بينتظم فى الشغل، بيفكر فى مستقبله، وفى جوازه، أنا استغربت.

د.يحيى: تقصد العيان مش بس اتحسن بالنسبة للأعراض، دا كمان بقى يبادر فى حاجات، بدل ما حد يقول له، إنت زعلان ليه بقى؟

د. مصطفى مدحت: أنا يعنى مش مصدق! هل ممكن يحصل ده كله فى فترة قصيرة زى دى؟

د.يحيى: البركة فيك يا أخى، لكن قل لى: هل موقفك العلاجى حايتغير لو كانت إجابتى “نعم” أو “لا”؟

د. مصطفى مدحت: أظن موقفى من المريض كمعالج، أنا شايف إنه مش حايتغير.

د. يحيى: أيوه كده، يبقى ليه السؤال، يعنى إنت حاتعالجه حاتعالجه، وحاتكمل سواء أنا قلت لك ممكن التحسن يحصل بالشكل ده أو مش ممكن؟

د. مصطفى مدحت: أيوه، طبعا.

د. يحيى: بصراحة فيه حاجات مهمة نتعلمها من العيان ده، ومنّك، أول حاجة هى انتظام العيان فى العلاج وماتنساش هوّا بيجى منين، من محافظة بعيدة شوية، دى لوحدها علاقة إيجابية فى علاقتك بيه، تانى حاجة: تفاصيل التاريخ الجنسى دى عايزة وقفة، ولو إنى فلاح وعارف المسائل دى بتمشى إزاى، بس أنا مش متأكد إيه فى كل اللى قاله ناخده على إنه حقيقة، وإيه على إنه خيال، يجوز كله صح أو جزء منه صح، مثلا حكاية القطط دى مش مألوفة فى الفلاحين، زى ما يكون المسألة عايزة مراجعة، هوّا عموما فى الفلاحين الحكايات دى عندهم عادية، وبتعدى المسألة من مرحلة لمرحلة، وما بتعلقشى كتير، لكن مش بالكثرة دى ولا التعدد ده، ولا بالتنوع ده، أنا مش متأكد، وبعدين بالنسبة للعادة السرية مثلا اللى بدأت عند سن 5 سنين هل كان فيه “ذروة” (أورجازم)، طبعا مافيش قذف فى السن دى، إنما فى البنات الصغيرات ساعات يبقى فيه حاجة زى “ذروة”، لكن فى الأولاد مش متأكد.

د. مصطفى مدحت: كان فيه انتصاب من غير قذف، إنما هوّا بيقول كان فيه “ذروة”.

د. يحيى: الانتصاب ممكن، بس الذروة واسعة شوية، ثم إن الكلام ده بداية من سن خمسة، ودى الفترة اللى فرويد بيقول فيها إنها فترة كمون، إنما الجدع ده ما بطلشى، حسب كلامه، وزى ما يكون الجنس عنده قعد نشط طول الوقت بدرجات متفاوتة لكن ما أظنش لدرجات وأنواع الانحراف اللى هوّا حكاها، وبرضه يمكن ده خلاّه قعد يكبر من غير استقطاب بين هوية ذكورية وبين هوية أنثوية قوى، فقعد مِمَشى نفسه يا إما بالخيال يا إما بشوية واقع، لحد ما بدأت الوساوس والرهابات تنبهه إنه كده ما ينفعش.

د. مصطفى مدحت: أيوه مع بداية العيا هوه بطل كل ده.

د. يحيى: والله ما أنا عارف بطل ممارسة ولا بطل تخيل، الظاهر إن النمو الجنسى بتاعه مِشِى متوازى فى كل الإتجاهات، ومش بس النمو الجنسى دا باين نمو “القيم” أيضا، يعنى هو مؤذن وبيلاقى نفسه فى شغلته الدينية دى اللى بتخليه “يقرب من ربنا”، وفى نفس الوقت هو موظف بعد الضهر فى شركة، ولا عمره ربط مشاعره، ولا الحكاوى اللى بيحكيها بشغلة المؤذن، أو بصورته وهوّا على المادنة بيأذن، أو وهوه بيقيم الصلاة، ولا عمره حكى لك عن شعور بالذنب وهو عمال بيأذن ولا هُو همّه.

سواء كان اللى حكاه ده حقيقى، أو جزء منه حقيقى، فالظاهر إنه قعد كده لحد سن 21، أنا شايف إنه ما دخلشى مع نفسه معارك وصراعات وكلام من اللى بيحصل فى المراهقة وقبلها وبعدها، يعنى الحكايات مشيت جنب بعضها لحد ما لقاها كفاية كده بقى، قام حاول يلم نفسه ما قدرش، فظهرت الأعراض النفسية قلق واكتئاب ووساوس ورهابات وكلام من ده، أنا بافترض إنها ظهرت علشان يساعد نفسه إنه يمتنع، راح لجأ لأقرب حاجة تمنعه من الممارسات دى. فخّوف نفسه من إنه يمرض بالزهرى، وبعدين لما انت طمنته على حكاية الزهرى دى، نقل على الإيدز.

زى ما يكون هوه راح عامل ضمير أو والد من خلال المرض عشان يحوش نفسه، ويحوش خيالاته برضه، يعنى استعمل المرض كمرحلة، وبعدين ما صدّق لقى العلاج شبط فيه، لأن المرحلة الظاهر كانت جاهزة للنقلة، عشان كده إنت تلاحظ رغبته فى العلاج، وإنه بيجيلك بانتظام. سفر ساعتين كل أسبوع، يعنى المرض هنا عمل عنده دور إيجابى، وبعدين لما جالك وشعر بالسماح منك، وإنك ما حكمتش عليه، فاتلّمّ أكتر وراح عاملها وخافف، فإنت اتخضيت.

د. مصطفى مدحت: أيوه استغربت.

د. يحيى: المسألة اللى خضتك لما اتحسن فجأة دى مسألة مهمة، لأنها ممكن تكون حاجة من اتنين: يا إما هرب فى “شبه الصحة” (4) يعنى اتوكّل، وراح مستعمل ميكانزمات جديدة وكتّم عالخبر عشان يبقى “عادى”، يا إما يكون نموه كان بيتحرك طول الوقت، وانحرافاته ما كانتش تثبيت ووقفة، زى ما تكون كانت تجريب وتْعدّى وتعلّم من تحت لتحت، فهو جالك جاهز وكانت حركية النمو عنده لسه نشطة، فلما اطمأن لك وصدّق سماحك، راح عاملها وقال لك يا واد ما فيه سكة أمان أهه، واختار العلاج وإنه يكمل نموه، بدل كل الهيصة دى، وبدل الحل بالمرض النفسى كبديل برضه.

د. مصطفى مدحت: طيب وإزاى أعرف إنه هرب بالميكانزمات فيما يشبه الصحة، ولاَّ إنها فرصة نمو وهو لقطها وحايكمل زى ما حضرتك بتقول؟

د. يحيى: ما هو حاييجى غالبا، فإذا لقيته انطفأ وبطّل يحكى بسهولة وطيبة، وبعدين ابتدأ يستصعب المشوار، ويفاصل فى المواعيد، يبقى فى الغالب التحسن ده دفاعات، إنما إذا كانت الطيبة لسه منتظمة، والعلاقة معاك بتنمو رغم اختفاء الأعراض، يبقى فيه احتمال نمو بصحيح، وما تخافش من سرعة التحسن لأنه ماعملشى كده فى سبع أسابيع، لأ، دا جايلك محضَّر نفسه ثمانية وعشرين سنة، وإنت جيبت فنّشت الحكاية، بطيبتك وجهلك الجميل، عشان إنت صغير، وواخدها جد فى نفس الوقت.

***

التعقيب والحوار:

د. مدحت منصور:

هل تكون فرصة الانتكاسة أكبر مع التحسن السريع على فرض إنه تحسن حقيقى؟

د. يحيى:

أولاً، أحب أن أنبه أن الحكم على التحسن إن كان حقيقيا، أم هربا بالدفاعات، هو أمر صعب جدا، وعلى ذلك فعلينا أن نفحص الأمر بهدوء، والاجابة تتوقف على ما يصلنا:

إذا كان “هربا فيما يشبه الصحة” باستعمال مزيد من الميكانزمات، فإن الانتكاسه محتملة ليس فقط بمثل المرض الأول وإنما فى صورة أى اضطراب آخر حسب الظروف اللاحقة.

أما إذا كان التحسن السريع هو نقلة نمائية كان المريض مستعدا لها، فجاء العلاج ليسمح لها أن تتم وتظهر نتائجها فى هذه المدة القصيرة، فالانتكاسه أقل احتمالا.

 وكل هذا كان وارد فى الرد على المعالج فى سياق الإشراف كما جاء فى النشرة.

د. نرمين عبد العزيز:

أعجبتنى الحالة كثيراً لأنى شاهدت مثل هذه الحالات التى عندما تشعر بالأمان والتسامح مع المعالج يهدأ كل شىء فوراً وتستطيع أن تكمل الخطوة الأخيرة فى العلاج أو زى ما بنقول “بِتْتَلم بسرعة”.

د. يحيى:

جميل تعبير “بتتلمّ بسرعة”، وجائز استعماله ليس بالضرورة مع وجود الفركشه، لأن تعبير يتلم يستعمل – بجمال– فى الحياة العادية، وأنا أحب أغنية من بلدنا لا يعرفها الكثيرون تقول “اتشعطر وأنا المّك،.. يا غصن البانْ”.

 أ. محمد المهدى:

هل هناك معايير تستطيع بها أن تعرف على وجه التحديد ما إذا كان تحسن المريض هو تحسن فِعْلى ونمائى أم أنه تحسن زائف؟ أرجو الإفادة.

د. يحيى:

نعم، لكنها معايير اكلينيكية غامضة عادة، إن المعايير السلوكية (مثل اختفاء الأعراض أو العودة للعمل، أو التفاهم مع المحيطين) وحدها لا تكفى للتمييز فى هذه النقطة بالذات، المعايير التى تسأل عنها تظهر أحيأنا فى أوصاف عادية حين نقول مثلا: المريض أصبح “أقرب”، “أصبح “أكثر نضرة”، أصبح “أحسن استماعا”، أصبح “مشاركا إيجابيا فى كذا أو كيت”، “زادت مبادراته أو طالت مثابرته”. كل هذه المعايير هى التى تصف التحسن الحقيقى أكثر وهى لا توجد فى التحسن الدفاعى.

أ. محمد المهدى:

… وعلى ذلك: فإننا يجب ألا نقلق من التحسن السريع فى بعض الأحيان وألا نشكك فيه على طول الخط، بل علينا أن نفحصه بعناية ودقة.

د. يحيى:

نعم، نعم.

د. عماد شكرى:

هل توجد علاقة بين حضور الجنس والدين بمعناه الحيوى (ربما الفطرى) والتحسن السريع فى هذه الحالة.

د. يحيى:

آسف لأن صياغة سؤالك وصلتنى صعبة جدا، فنحن نحتاج كتابا بأكمله لنفسر تعبير “حضور الجنس بمعناه الحيوى” (وليس فقط ممارسة الجنس) وربما ليس أصلا ممارسة الجنس، أما “حضور الدين بمعناه الحيوى” فهو توجه وجدانى/معرفى/ مشتمل أصعب وأصعب، ثم إن صفة “الفطرى” هنا لا تزيد الأمر وضوحا، ويمكنك الرجوع إلى محاولات تعريف الفطرة فى يوميات سابقة (5)، وفى هذه الحالة (وغيرها) لا يمكن الحكم على أى من ذلك إلا بعد فترة طويلة ومحكات دقيقة، ونقد مستمر.

د. نعمات على:

هل عمل المريض كمؤذن هو الذى كان يحميه طوال الوقت من الإحساس بالذنب!!

د. يحيى:

لا أظن، بل لعله كان أوْلى أن يُشعره بالذنب، لكننا لاحظنا أنه لم يشر إلى أى تناقض أو صراع نتج عن هذا التباين الواضح.

أ.محمد إسماعيل:

ليه حضرتك اعتبرت السلوك الجنسى مع الحيوانات عادى عند الفلاحين، أنا معترض على ده؟ ده أنا لحد دلوقتى مش عارف أقبل الممارسة المثلية، حاقبل ده؟

 د. يحيى:

أنا لم أعتبر ذلك أمراً عاديا بمعنى أنه شىء سليم أو مسموح به، ولكن بمعنى أنه أمر متواتر وليس نادرا كما نزعم فى ظاهر أحاديثنا (نحن: أهل البندر!!).

ولك كل الحق أن تعترض كما تشاء، لكن عليك أن تتذكر أنه ربما لم تتح لك الفرصة لتشاهد  بنفسك هذه الظاهرة فى الريف خاصة لتعرف ما يجرى فعلا، وكان العظيم عباس العقاد يشير إلى أن هذه المشاهدات تسهم فى تقديم طبيعى لما يسمى “الثقافة الجنسية” عند الأطفال فى الريف.

 أما عدم قبولك الممارسة المثلية فأنا أفهمه جيدا، وأنا شخصيا مازلت أتابع زيادة انتشار هذه الظاهرة فى الغرب (وفى التاريخ) ولا أفهمها بدرجة كافية، وقد أفهمها يوما ما، من يدرى؟

أ. هالة حمدى:

حاسَّه بالتناقض الفظيع بين تاريخ هذا المريض الجنسى الملىء وبين تمسكه بوظيفته كمؤذن، أشعر بلخبطة جوايا.

د. يحيى:

عندك حق، ولقد جاءنى فرض يقول أنه ربما كان هناك تصالح بينه وبين تاريخه وبين وظيفته هذه، وفى حدود المادة المتاحة من العرض للإشراف لم يلحظ المعالج ما يدل على ذلك، ولا ذَكَر المريض، ما يشير إلى أى شعور بالتناقض داخله، كما أن تاريخه الجنسى الملئ، هو ملئ لا أكثر، لكننا لم نتأكد إن خيالا أو واقعا نسبيا أو كليا.

 أنا شخصيا لم أشعر – مثل المريض – أن التناقض كان موجوداً وفظيعاً كما وصلك، وهذا وارد في هذه الثقافة الريفية البدائية.

أ. هالة حمدى:

أنا برضه لو مكان الزميل المعالج كنت حاتخض من التحسن السريع ده، كنت حاسة، إن فيه غلط، بس فيه حاجة كده وصلتنى من كلام حضرتك إنه فعلاً ماصدّق لقى العلاج وشبط فيه، وعشان كده منتظم على العلاج.

د. يحيى:

هذا ما تصورت أنه التفسير الأقرب، برغم غرابة سرعة التحسن.

أ. رامى عادل:

إذا تسامح الآخر، وتلطف، يهون كل صعب، ويتراكم رصيد حى من المشاعر، ثم يأسركما اشتياق جارف فلا تختبيء النوايا سالكين طريق المشاق معا بيسر، وقلبكم معلق، نابض، مشمس، فتذوبان ثمالة، ونكهة الورد تملأ جوارحكما، برغم الندوب وبرغم النزف!

د. يحيى:

ما أحلى التمنى،

وأجمل الشعر وأيضا ، يا رامى! وخاصة وجهت خطابك إلى أعتنى المريض والمعالج معاً

ما أصدق حدسك وأعمق رؤيتك يا رامى

 

[1] –  يحيى الرخاوى: مقتطف من “كتاب: بعض معالم العلاج النفسى من خلال الإشراف عليه، ” منشورات جمعية الطب النفسى التطورى (2018)، والكتاب موجود فى مكتبة الأنجلو المصرية وفى منفذ مستشفى دار المقطم للصحة النفسية شارع 10، وفى مؤسسة الرخاوى للتدريب والأبحاث: 24 شارع 18 من شارع 9 مدينة المقطم، كما يوجد أيضا حاليا بموقع المؤلف، وهذا هو الرابط  www.rakhawy.net 

[2] –  نشرة الإنسان والتطور: 28-12-2008 من حالات قصر العينى www.rakhawy.net

[3] – من حالات قصر العينى.

[4] – Flight into psendo health.

[5] – روز اليوسف 16-9-2005، هل تعرف أن لك جسدا (ولا مؤاخذة) ؟. www.rakhawy.net

– نشرة الإنسان والتطور: 6-11-2007: عن الفطرة والجسد وتَصْنيم الألفاظ

–  نشرة الإنسان والتطور: 4 – 11 -2007….الفطرة، والقشرة والانشقاق

– نشرة الإنسان والتطور: 11-5-2011 عن الفرحة والفطرة والبراءة والحذر

 admin-ajaxadmin-ajax (1)