نشرة “الإنسان والتطور”
الأربعاء: 2-3-2022
السنة الخامسة عشر
العدد: 5296
الأربعاء الحر:
مقتطف من كتاب: “بعض معالم العلاج النفسى من خلال الإشراف عليه” (1)
الكتاب الثانى الحالات: من (41) إلى (60)
تذكرة:
ننشر اليوم، وكل أربعاء، – كما ذكرنا – عملاً أقل تنظيرا وأكثر ارتباطا بالممارسة الكلينيكية العملية وخاصة فيما هو “العلاج النفسى”، فنواصل نشر الحالة (48) من الكتاب الثالث من سلسلة الكتب الخمس التي صدرت بعنوان “بعض معالم العلاج النفسى من خلال الإشراف عليه”، ولا يحتاج الأمر إلى التنويه إلى أن أسماء المتعالجين ليست هي الأسماء الحقيقية، وأننا حورنا أى معالم قد تدل على صاحبها احتراما لحقوقه وشكرا لكرمه بهذا السماح بما يفيد من قد يمر في مثل محنته، أو خبرته أو علاجه!
****
الحالة: (48)
العلاج النفسى بعد الستين!!، و”إدمان العمل” (2)
د.عادل شريف: هو عيان عنده 63 سنة ومتجوز وعنده بنتين وبيشتغل حر، صاحب مصنع، ناجح فى عمله جداً.
د.يحيى: عمرهم كام البنتين ؟
د.عادل شريف: واحده 28 وواحده 24، الاتنين خلصوا الجامعة، الأولى بتشتغل والتانية لسه.
د.يحيى: وأمهم؟.
د.عادل شريف: أمهم لأه، ست بيت، هو أبوهم مهندس وهوه مسيحى، حضرتك حولتهولى من حوالى خمس شهور
د.يحيى: حولتهولك عشان انت مسيحى؟
د.عادل شريف: لأ طبعا، ما احنا اتعلمنا، ما حضرتك حولت لى محجبات كتير
د.يحيى: وباقول لهم من الأول إنك مسيحى، مش كده؟
د.عادل شريف: عادى
د.يحيى: لأ مش عادى، إحنا عملناها ونفعت، أنا مش فاهم إحنا حا نخبى على عيانينا إيه، ولاّ حا نضحك على بعض لحد إمتى ؟ الحكاية دى لسه شاغلانى، وباحس إنها بتفقس كل مدع، العيانين هنا، والمؤسسة دى علمتنا إننا نتعرى قدام بعضينا، ويانقبل يا ما نقبلشى، إحنا بنتفاهم مع عيانينا بخلايانا، مش بالبطاقة الشخصية، حصل ولا لأه؟
د.عادل شريف: حصل
د.يحيى: إوعى تكون خايف منى، وبتوافقنى وخلاص، ما حدش بيصدقنى إن كده أشرف وأصدق
د.عادل شريف: ما عادشى ينفع إنى أوافق حضرتك وخلاص
د.يحيى: نيجى بقى للسن: بقى هوه أنا معقول أحول لك حالة علاج نفسى فى السن دى؟
د.عادل شريف: ما انا استغربت شوية، أصل هو كان جاى لحضرتك وبيقول أنا عاوز اتكلم، يعنى حد كان شار عليه بكده، إنه محتاج يتكلم مع دكتور نفسى
د.يحيى: قصدك انا مش غلطان، هو اللى غلطان!! يا راجل حرام عليك، لازم فيه حاجة، ما هى حكاية إن علاجنا شوية كلام دى مصيبة، واحنا الدكاترة النفسيين مسئولين جزئيا عنها، الناس فاهمين إنها “مَكْلـَمة”، و”طلّع اللى جواك”، “وفـَـضـْـفـَـضْ” وكلام من ده، إحنا زى ما انت عارف إحنا مش سوبر ماركت، بندى الزبون طلباته وخلاص، هوه كان بيشتكى من إيه؟
د.عادل شريف: هو أصلا كان جاى يقول إنه ماعندهوش حاجة
د.يحيى: يا ساتر يا رب، الحكاية دى بتتكرر كتير، وأنا ساعات أصدمهم من أول لحظة لما حد يبتدى البداية دى ، وأقول له خلاص خد فلوسك وروّح، وساعات أقول له هوّا انا أخصائى الـ”مافيش حاجة”، طيب، ولما جالك يا عادل يا إبنى لقيت إيه ؟
د.عادل شريف: أنا شخّصته إن هو شخصيه وسواسيه بارانويه مع شوية ميول درامية كده، ما حصّلتـْشى أعراض هستيرية واضحة، يعنى خلطه كده يعنى، بس ماشى الحال
د.يحيى: تلاقينى أنا شخصته “ماشى الحال “، السؤال بقى ؟ هوه بقاله معاك قد إيه؟
د.عادل شريف: حوالى خمس شهور
د.يحيى: منتظم ؟
د.عادل شريف: هو منتظم آه، بس هو قطع أسبوعين علشان كان مسافر إنجلترا بيشترى حاجات للشغل وكده، هو بقاله معايا خمس شهور تقريباً مافيش تغيير، هو شكوته الأساسيه إنه بيتعصب جامد أوى، ومش راضى عن حال البلد، ومش راضى عن حال الناس، ومش راضى عن القيم اللى باظت، ومش راضى عن الشغل، ولا عن الناس اللى عنده فى الشغل
د.يحيى: هو مش شريف، وشغال، وبيكسب ؟
د.عادل شريف: آه، جدا، بس هو مش راضى عن كفاءة الشغل، ولا عن أداء الناس اللى بيشتغلوا تحتيه، ودايماً عاوز أحسن، بيقول إنه ماحققش طموحاته فى الشغل رغم إنه ناجح جداً بالنسبة للتخصص بتاع مصنعه، مقارنة بكل اللى بيشتغلوا فى التخصص ده؟
د.يحيى: السؤال بقى؟
د.عادل شريف: هو السؤال: أنا ممكن أعمل معاه إيه فى المرحله دى وعمره فوق الستين.
د.يحيى: هو ليه أنا قلت لك “يمكن أنا غلطان إنى حولته لك”، وبعدين رجعت قلت لك “يبقى الظاهر هو اللى غلطان”؟
د.عادل شريف: اللى وصل لى إن حضرتك حبيت تستجيب له حسب طلبه، عشان يشوف إن الحكاية مش كده بس، وحبيت تعلمنا الحاجات اللى بتقولها لنا بطريقة عملية
د.يحيى: هوه احنا قلنا إيه عن علاقة السن بالعلاج النفسى؟
د.عادل شريف: قلنا إن فرصة النمو والتغير للشخص العادى يعنى فى السن دى ضعيفة عادة، فما بالك لما يكون الواحد عيان
د.يحيى: الله يفتح عليك، ما هو احنا اتفقنا أهه، على الأقل فى المدرسة بتاعتنا دى، إن العلاج النفسى الحقيقى هو المساعدة فى تحريك وتسهيل عملية طبيعية، إحنا مش مفروض بنجيب حاجة من عندنا، العملية الطبيعية هى النمو، وبنفترض هنا عندنا، أو بنشتغل على أساس إن النمو يعنى التغيّر، والتغير ده بيستمر دورات بعد دورات طول العمر، مش ده اللى بنسميه الإيقاع الحيوى! هو ماحدش بيتغيّر فى خط مستقيم، حكاية الإيقاع الحيوى دى بتفسر لى كل حركية النمو تقريباً، يعنى طول ما احنا عايشين أدى احنا بننبض، إذا كانت حصيلة النبض لِقُدّام ، يبقى بننمو، نطلع سلمتين ننزل سلمة، أو نطلع سلمة، ونستريح على البسطة شوية، وهكذا، ييجى بقى واحد مننا يتكعبل وهوه طالع، ولاّ وهو نازل، نسميه عيان، ناخد بإيده عشان يكمـّل، وبرضه لو واحد جه وقف على بسطة السلم، وطالت الوقفة وبقت نهاية الطلوع، نسميه باسم مرض أو اضطراب تانى، مع إن معظم الناس بينى وبينك بيستريحوا على أول بسطة، بَلاَ وجع دماغ، أما ييجى واحد بقى فى السن دى، وتطول وقفته على البسطة، وبدال ما يريّح لحد كده حتى لو ناجح مية ميه، يتنيه حاسس إن فيه طاقة وإنه لازم يتحرك، ما هو إيقاع مستمر بقى، يبقى فيه كلام تانى.
د.عادل شريف: أنا حسيت كده، يمكن حضرتك حولتهولى عشان كده
د.يحيى: بس خلى بالك ، مجرد الحفاظ على استمرار دفع الحركة ده مش هدف كده لوحده، إلا لو هوّا يقعد واقف ويبقى كل اللى عليه إنه يزن، ويشتكى، ويلف حوالين نفسه، ولا يطلع ولا ينزل، ولو ان بينى وبينك، اللى ما بيطلعشى، يبقى بينزل.
د.عادل شريف: إزاى ؟
د.يحيى: معظم الناس فى السن دى، يقعد يتسلى بتكرار الكلام عن عدم الرضا،والشكوى من اللى جارى، وخراب الذمم، وضياع القيم، والمصمصة على أيام زمان، وكأنه بالشكل ده عمل اللى عليه، بس ده مش بيريح كل الناس، فيه ناس من داخلها تبقى عارفه إن مش كده قوى، إن فيه حاجة تانية، تبقى عايزة تتصرف، ومن ضمن التصرف ده إنها تروح لدكتور نفسانى، ولما تروح يبقى ما عندهاش حاجة غير إنها تتكلم، وتقعد تردد اللى بتقوله بره، وخلاص
د.عادل شريف: الظاهر ده اللى حصل مع العيان ده
د.يحيى: إعمل معروف يا عادل يا ابنى ما تستعجلش وما تعممشى، الراجل بقى له معاك خمس شهور، ساعة كل أسبوع، مش معقول قعد طول الوقت ده يقول أنا مش راضى أنا مش راضى، لو كده بس ما كنتش انت استحملته، لازم فيه حاجة هيه اللى خلتنى أحولهولك ضد القاعدة تقريبا، وهى الحاجة دى اللى خلته ينتظم معاك المدة دى، وخلتك تسمعه لحد النهارده، وأديك مهتم بيه، وبتقدمه لنا عشان نناقش حالته مع بعض أهه.
د.عادل شريف: يجوز..، فعلا
د.يحيى: شوف اما أقول لك، إحنا ما ينفعش نقف عند أول طلب يطلبه البنى آدم اللى جاى لنا نساعده، ونحاسبه عليه، ونعامله على أساسه وبس، ثم إن ما فيش حاجة اسمها قاعدة مقدسة لا يمكن استنثاءها، القاعدة تبقى مفيدة ، وموضوعية لما نعرف إمتى نكسرها وازاى، وهى تسمح بكده، لما يبقى فيها استثناء.
د.عادل شريف: إزاى يعنى؟
د.يحيى: يعنى لما نقول إن العلاج النفسى ما ينفعشى لكبار السن، لازم نفهم يعنى إيه كبار السن، ويا ترى هوه السن بشهادة الميلاد ودمتم، ولا بحاجات تانية، يعنى صاحبك ده اللى شغال، ولسه طموح وما همدشى- أنا ما افهمتش منك إن طموحه ده طمع وبس، يمكن الجدع ده جه، وعايز يتكلم، مع بنى آدم يسمعه عشان يكملّ، مش يمكن الحكاية كده؟ نقوم إحنا نسأل نفسنا هوّه سنّه كام سنة غير اللى مكتوب فى شهادة الميلاد، يا راجل دا فيه عيال دلوقتى ما حصّلوش العشرين، وسلموا النمر: بقوا كهول متجمدين، وضاربين تعظيم سلام من بدرى بدرى، بذمتك انت مش شايف أن الراجل ده جاى عشان يكمل حقيقى بشكل تانى زى ما يكون شاب فى أول حياته؟
د.عادل شريف: يكمل إيه؟ مش هوه قال لحضرتك إنه جاى عشان يتكلم وخلاص؟
د.يحيى: يا راجل حرام عليك، طيب هوه قال لى كده فى خمس دقايق، قمت حولتهولك، قال لك انت بقى إيه فى خمس شهور، المريض يقول اللى يقوله، وانت تدور على حقيقة اللى هوّه عايزه، انت مش صاحب محل بقالة خايب، واحد جى يطلب حلاوة طحينية، تقول له ما عنديش وخلاص، أو تقول له روح للبقال اللى جنبى، لأه، إنت صنايعى صاحب صنعة، تبص فى عنين الزبون وتشوفه صحيح عايز حلاوة طحينية وبس، ولا هوه ما عندوش فكرة عن بقية الحاجات اللى عندك، تقوم انت تاخد وتدى معاه فى الكلام لحد ما تساعده يعرف هو جىْ لك انت بالذات ليه، ما هو الكلام يمكن موجود عنده فى كل حتة، فى الشغل، فى النادى، فى أى حتة، هو سمع ان الكلام عند النفسانى حاجة تانية، فجه يشوف، إللى خلاه يقعد معاك خمس شهور فى السن دى، وهو مشغول فى شغله جامد زى مابتقول بالشكل ده، إنك دوّقته حاجة تانية غير الحلاوة الطحينية، حتة جبنة بيضا استنبولى ما حـَـصـَـلـِـتـْـشـِى، شوية زتون اسود، الراجل استطعمهم، وقال لك عايز من ده، وكّمل
د.عادل شريف: بس انا ما اديتوش حاجة تانية، أنا باسمع له وبس، حتى هوه ما احتاجشى منى نصايح أو قرارات، هو ناجح فى شغله وف بيته على ما يبدو مش محتاج مشورة حد ، انا ما اديتوش حاجة.
د.يحيى: لا يا شيخ ؟؟! إيش عرفك، العيان بياخد اللى هوه عايزه، حتى لو كان غير اللى طلبه فى الأول، حتى لو المعالج مش واخد باله هوه إدى إيه أو إمتى أو ازاى ، البنى آدم ده حاجة روعة، إحنا بنصدّر الكلام على الوش، إنما اللى بيجرى فى الواقع، وفى العلاج اللى هوّه واقع مصنوع، فى الغالب من خلال حوار الوعى مع الوعى، حتى من ورانا، اللى بيسموه الوعى البينشخصى، وهو اللى بيفضل غالبا، وهو اللى بيخلينا نكمل وكده
د.عادل شريف: نكّمل إيه ؟
د.يحيى: نكمل مع بعض، مش انت مكمل معاه اهه !!
د.عادل شريف: أيوه، بس مش عارف مكمل إيه، أنا مش شايف إن فيه حاجة حقيقية بتتغير، بس بصراحة أنا ملاحظ إن لهجة السخط عنده اللى كان جى بيها، السخط على الجميع والناس والحكومة والقيم قلـّت شوية، أو شويتين.
د.يحيى: إنت عارف يا عادل يا إبنى إن التغير الحقيقى بيحصل من ورانا، وببطء شديد فى العادة، فما بالك يا راجل فى السن دى، بس إنت برضه خوفك فى محله، لحسن يكون خدك بديل عن الحركة اللى اتحركت فيه حتى فى السن دى، وحايقف، ويوقفك انت وهوه على بسطة السلم دى تلفُّوا حوالين بعض، وخلاص.
د.عادل شريف: ما هو عشان كده أنا باسأل، هوه انا ماشى صح؟ إيه اللى أقدر أعمله؟
د.يحيى: فيه ناس كتيرة بتتكلم بدال ما تتحرك، يعنى بلغتنا: بدال ما تنمو، وفيه ناس بتتكلم عشان تساعد الحركة اللى حست بيها جواها إنها تعمل حاجة صح، والناس دى بتبقى عايزة تتبين طبيعة الحركة وتوجـُّـهاتها عشان تكمل
د.عادل شريف: وانا اعرف ازاى ده من ده؟
د.يحيى: أول حاجة إنك ما تستعجلشى، تديله فرصة وبتتدى لنفسك فرصة فى نفس الوقت، وماتتسرعشى فى الحكم، طول ما هو بييجى، وما بينضرِّشى من إنه بييجى، يبقى فى الغالب فيه حاجة كويسة بتحصل حتى لو ما بانتشى على السطح، وبعدين إنت حاتحط محكات للمشوار تقيس بيها، حاتحددها معاه، وبرضه حاتحددوا سوا اللى بنقول عليها “أهداف متوسطة”، لكل مرحلة، وده يمكن يخليك تنسى السن شويتين، وطول ما هو بيتحرك أهو بيتحرك
د.عادل شريف: بس الراجل ده عارف أهدافه كويس قوى، كلها طموح ونجاح فى الشغل، وهوه اللى بيجرجرنى ناحية أهدافه، يعنى بيقيس نجاح العلاج بأهدافه، هو ملتزم بالشغل بطريقه فظيعه لدرجة ان انا طلبت منه ان هو ياخد يوم إجازه، لكن تقريبا ماوافقشى، يعنى الشغل بالنسبه له زى ما يكون عبادة.
د.يحيي: إظبط، أديك مسكت أول الخيط ، شاطر والنعمة، اللى عليك بقى إنك تحط حاجات بسيطة تانية بعيد خالص عن الشغل تقيسوا بيها اللى بتعمله انت وهوه، أنا حاقول لك كلام فارغ، بس والله ممكن يكون حقيقى، هوه عيب إنى اسمّى اللى حاقوله لك كلام فارغ، بس الأول إنت لازم تشوف اللى حاقولوا لك إنت شخصيا عارفه ولا لأ، عايشه ولو شوية صغيرين ولاّ لأ، تصور بقى لما تقيس اللى بتعمله معاه، بإنه بيصحى من النوم مختلف عن زمان ولا لأه، باتساع الضحكة التلقائية، بإنه شايل هم ناس ما يعرفهمشى من أصله ولا لأه، وكلام من ده، مش برضه ده يبان زى ما يكون كلام نظرى، عشان كده أنا سميته كلام فارغ، عشان ما ترددهوش وبس.
د.عادل شريف: بس الجدع ده انا لو قلت له كده يمكن يضربنى، يبطل ييجى فورا
د.يحيى: شفت ازاى، يبقى انت فاقس الفولة أهه، بس اوعى تتمادى فى توقعاتك السلبية دى، وإلا ما كانشى جالك من أصله، ولا انتظم كده، هوا فى الأغلب جوا جواه، نـِـفـْـسه فى حاجات صغيرة أصيلة هوه مش واخد باله منها، بس المصيبة إنك انت كمان تكون مش واخد بالك منها، مع إن عمرك نص عمره.
د.عادل شريف: بصراحة آه، مش واخد بالى قوى.
د.يحيى: برضه دى علامة كويسة، إنك تشوف نفسك وتقيس بنفسك قبل ما تطلب من عيانك حاجات صعبة، مع إنها بتتقال فى كلام سهل وحلو،
د.عادل شريف: طيب وبعد ما اشوف إنى مش واخد بالى، وإنه هو برضه مش واخد باله، هل أكمل فى السن دى؟ دا 63 سنة!! ولا أعمل إيه؟.
د.يحيى: تكمل ونص، احنا قلنا إنه طول ما هو بييجى، وطول ما انت بتتعلم، وهوه كمان بيتعلم، وطول ما فيش ضرر، ولا هوه اعتبرك بديل عن الحياة الخارجية بتاعته، يبقى فى الأغلب الدنيا ماشية فى الاتجاه المظبوط، ثم أنا شايف إنك عايز تكمل، وده معناه إنك شايف حاجة بتتحرك، وإنك بتحبه، وبتحترمه، وهو كمان…..، عايز إيه أكتر من كده
د.عادل شريف: السن! السن، مش برضه يخلى الواحد ما يتوقعشى كتير من اللى احنا بنقوله؟
د.يحيى: مش احنا قلنا إن ما فيش قاعدة مقدسة يا أخى، إنت عمال تقول السن السن زى ما تكون بتشاور علىّ، ما انت عارف سنى وعمال أخبّط أهه، أنا مش عايزك تقيس بىّ ولا بيك، المريض هو الأصل، وهو مقياس نفسه، بنحترم طلبه الأولانى، ومش بنحققه بحرفيته، وبنسرقه لنفسه عشان يشوف الطلبات اللى جوه، وبنعرض عليه الممكن، وبنحذر ليكون بيستعمنا عشان يثبت موقفه مش عشان يتحرك فى السن دى، وده حقه ، ومع ذلك مش من حقه إنه يستعملنا فى حاجة إحنا مش شايفين إنها حا تنفعه قوى، كانت نفعته من غيرنا، وما تنساش إن فيه حاجة إسمها “إدمان العمل”، وده ممكن يتعالج زى أى إدمان، ولا يهمك.
د. عادل شريف: يعنى إيه إدمان العمل؟
د.يحيى: يعنى الراجل ده لو بطل شغل بالشكل ده، يمكن ييجى له “أعراض انسحاب”، تلاقيه فى الأجازات حتى الأسبوعية متنكد أكتر، أنا ساعات باكتب على الروشتة أمر بأجازة بالساعة، وتتنفذ زى ما يكون بياخد دوا بالساعة، وساعات أكتب بعض تفاصيل اللى لازم يحصل فى الأجازة، مثلا ياخد موبايل، ولا ما ياخدش موبايل، حاجات كده، وييجى يبلغك عمل إيه فى الإجازه زى ما بنقول للعيال اللى بيذاكروا يذاكروا كام ساعة، ويلعبوا إمتى، وكده،
د.عادل شريف: بس دول صغيرين، بيسمعوا الكلام
د.يحيى: بذمتك؟
د.عادل شريف: قصدى يعنى بنتوقع إنهم يسمعوا الكلام
د. يحيى: أيوه كده، ماتيلا بقى نتصور إن الراجل الطيب الناجح بتاعك ده حايسمع الكلام، فيه حاجه اسمها الاختبار الطبيعى، يعنى ايه؟ يعنى بنعرض بضاعتنا على كل الناس من كل الأعمار والأنواع، واللى يكمل يبقى عايزها، اللى ما يكملش يبقى امرنا لله، السن لوحده مش “فيتو” ضد العلاج النفسى، ولا هو حاجز ثابت يوقف النمو، بس الواحد يبقى متواضع فى التوقعات عشان ما يرهقش نفسه ويرهق العيان، وانا شايف انك إنت وهوه ما شيين كويس
د.عادل شريف: على الله
د.يحيى: كله على الله .
****
التعقيب والحوار:
أ. سميح
تعليقا على انه تم التغيير بنص الحوار الاصلى يا دكتور، بصراحه شعرت بغضب عندما قرأت تعليقك باخر المقال على انه تم التغيير!! وتساءلت لماذا اذا كان معظم القراء من يقرأون لك فبالغالب انهم يفهمون ما تقوله عن فكرة النمو او العلاج النفسى بناء على ذلك … ثم انه انت دائما تقول انه بما معناه نقول الفكره او الافكار وليصل ما يصل فلتدع ما يصل يصل ليس مهم ان يصل كله بنفس المستوى عند الكل.
ثانيا: تعليقا على ما وصلنى من المعالج فقد وصلنى شعور انه زهقان من الحاله ويتمنى لو يخلص منه ..ولكن وصلنى ايضا ان حضرتك لم تطرق لذلك بقصد وكأنك تود منه ان يستمر معه ليتعلم..
هناك حالات لا نحب ان نعمل معها او نستمر معها او ان تتحول لنا اصلا، انا شخصيا اجبر نفسى ان اقبلها، لأنى اؤمن ان هذه الحالات بالذات هى التى تعلمنى وهى التى تعرفنى على نفسى اكثر وهى التى انمو بسببها اكثر
شكرا جزيلا.
د. يحيى:
عندك حق يا سميح يا إبنى من حيث المبدأ
أطمئنك أن التغيير كان محدودا جدا جدا وأنا أفضل أن يكون محدودا أكثر.
لكن علينا أن نحترم أن توصيل التدريب بشكل شفاهى مباشر، غير توصيله كتابة، والأمانة هى أن تؤدى الأمانة مع احترام الأداة واختلاف التلقى فى كل حال.
ثم دعنى أنبه ألا يكون العلاج هو لمجرد أن أتعلم أو حتى يتعلم المبتدىء منه، وإلا فنحن نستعمل مرضانا دون مبرر، الممارسة الصحيحة المسئولة تحت إشراف تـُعـِّلم الممارس الجاد ولو غصباً عنه، المهم أن ننتبه إلى نفى أى أضرار أو تعطيل أو فرص أفضل للمريض، ثم نرصد النتائج بالأهداف المتوسطة المتتالية مع انتظام الحضور.
والشافى هو الله بالمعنى الذى كررته مراراً عن تواصل فاعلية دوائر الوعى إليه.
وأكرر شكرك على ملاحظاتك الطيبة المسئولة
د. مدحت منصور
حاركز على سؤال المعالج، أنا شايفه حاطط السن عائق وبقوله مش دايما السن يحد حركية النمو بشكل فظيع يعنى أنا مش حاسس بسنى (48) ولما ركبتى توجعنى أقول إجهاد بكرة تخف ولما ما تخفش أقول حتخف بعد بكرة، أنا حاسس لو أحيانى الله ممكن أوصل وانا كده، يبقى ما نحرمشى واحد من فرصة حركة وواضح إن المعالج باسم الله ما شاء الله وضع إيده على حاجات زى إن العمل زى الدين فيه طقوس عبادة ويمكن الطموح الشديد فى السن ده مخبى وراه حاجة تانية يعنى يمكن خايف يبطل شغل يقوم يموت مثلا أو يتوقف عن الحياة أو إن الشغل هو حياته ومش شايف غيره.
د. يحيى:
نتحرك، نحاول، نعيش، نتجدد
من كلٍّ حسب حركته، ولكلٍّ حسب وعيه
ثم يأتى العلاج والمعالج حسب حركية الوعى البينشخصى تحت مظلة المعلومات الأساسية المتاحة أولاً بأول.
أ. زكريا عبد الحميد
نعم دكتور يحيى كرر مثل هذه الترشيدات الهادفة إلى توصيل الرسالة .فرغم اننى ممن يألفون العلاج النفسى الا أننى استفدت كثيرا من مثل هذه الحالات ، ربما أيضا لكونى على عتبات الستين
د. يحيى:
تكرر يا زكريا كثيرا حكاية “عتبات الستين” “عتبات الستين”
طيب يا أخى، ما هو أنا على عتبات الثمانين
يا رجل خلّ الطريق مستور
د. مروان الجندى
إحنا بنتفاهم مع العيانين بخلايانا مش بالبطاقة لكن إذا كان العيان عايز يسيب المعالج عشان مختلف عنه فى الديانة هل أعمل ده على طول ولا أحاول أتفاهم معاه وأقنعه يكمل يمكن يلاقى حاجة تخليه يكمل ملهاش علاقة بالدين؟
د. يحيى:
هذا من حق المريض تماما، لكن علينا ألا نتعجل حتى نتعارف، ربما لو أتيحت له الفرصة لمدة أطول بهدوء، ثم استمر معك بحريته، يكون أفضل لكما، لكن يظل له الحق طول الوقت أن يفعل ما يشاء، وقتما يشاء
د. مروان الجندى
العيان اللى بييجى يقول أنا جاى أتكلم وافضض ومش عيان، لمجرد إن حد قال له إتكلم مع دكتور، هل أوافق مبدئيا على كلامه لحد ما تتكون علاقة تسمح إنى أعرض عليه أن فيه وقفة محتاجة شغل؟ ولا من الأول أكون واضح معاه وأعرفه أنه طالما جاى لدكتور يبقى فيه مرض ومحتاج مساعدة؟
د. يحيى:
أنت غيرى يا مروان، أنت من حقك وواجبك معا أن تصبر عليه، وهو من حقه أن يبدأ بفهم خاطىء تصححه له بالتدريج ثم إن رفض أن يكون حضور المريض للكلام لا يعنى أن يكون البديل هو الاسراع بلصق لافتة المرض عليه، لكن تحديد العلاقة على أنها علاقة علاجية مشتملة يتطلب – فى الوقت المناسب – التأكيد على أنها علاقة طبية مهنية لها قواعدها وأبجديتها وأدواتها، وليست مـُكـْلـمـَـة، ولا مجرد تفريغ وفضفضة ولا حلّ للمشاكل الظاهرة.
د. مروان الجندى
العيان اللى بيفضل يقول أنا مش حاسس إن فيه حاجة اتغيرت أثناء الجلسات، وسنه صغير، التعامل معاه صعب، فإذا كان العيان سنه كبير أكيد التعامل أصعب، إزاى أتعامل معاه وخاصة إن فرصة الحركة عنده أقل؟
د. يحيى:
تصبر عليه أيضا طالما عندك الوقت، وأنت تمارس مسئولية مهنية شريفه، فإذا زادت المسألة عن الحد، لابد أن يفهم المريض أن المنطق البسيط يملى عليه ألا يستمر فيما لم يستفد منه، وأحيانا يكون ذلك دافعا له أن يفتش أعمق فيجد أنه تغير، وهو لا يدرى، أو قد يكتشف أنه يريد أن يلغى (يمحو) ما حدث، وقد يجد طريقا لعلاج آخر مع معالج آخر، وهذا لا ينقص من كفاءتك أو مهارتك ولا حتى من فرصة المريض فى العلاج بمنهج آخر فى موقع آخر.
[1] – يحيى الرخاوى: “كتاب: بعض معالم العلاج النفسى من خلال الإشراف عليه، ” منشورات جمعية الطب النفسى التطورى (2018)، والكتاب موجود فى مكتبة الأنجلو المصرية وفى منفذ مستشفى دار المقطم للصحة النفسية شارع 10، وفى مؤسسة الرخاوى للتدريب والأبحاث: 24 شارع 18 من شارع 9 مدينة المقطم، كما يوجد أيضا حاليا بموقع المؤلف، وهذا هو الرابط www.rakhawy.net
[2] – نشرة الإنسان والتطور: 10-11-2009 www.rakhawy.net
المقتطف بس انا ما اديتوش حاجة تانية، أنا باسمع له وبس، حتى هوه ما احتاجشى منى نصايح أو قرارات، هو ناجح فى شغله وف بيته على ما يبدو مش محتاج مشورة حد ، انا ما اديتوش حاجة
التعليق : ما يمكن اديته ونس !! .. في حاجات البيت والشغل مقدروش يدوها .. حسيت ان العيان مغترب ووحيد
عندك حق
فيه ناس كتيرة بتتكلم بدال ما تتحرك، يعنى بلغتنا: بدال ما تنمو، وفيه ناس بتتكلم عشان تساعد الحركة اللى حست بيها جواها إنها تعمل حاجة صح، والناس دى بتبقى عايزة تتبين طبيعة الحركة وتوجـُّـهاتها عشان تكمل
التعليق:. وصلني ان الحركة الجادة تسبق الكلام ..وهو اما ان يعطلها او يوجهها ..
ليس هكذا تماما أو بصورة دائمة
لكنه أحد الاحتمالات!!
المقتطف: إحنا بنصدّر الكلام على الوش، إنما اللى بيجرى فى الواقع، وفى العلاج اللى هوّه واقع مصنوع، فى الغالب من خلال حوار الوعى مع الوعى، حتى من ورانا، اللى بيسموه الوعى البينشخصى، وهو اللى بيفضل غالبا، وهو اللى بيخلينا نكمل وكده
التعليق: في لغه غير منطوقه بقت مصحباني يا دكتور يحيي علي العيانين اكتر .. في حوار جاري فعلا ورا الساعه اللي بنقعدها مع العيانين واثناءها وبعدها ..احيانا بعد فترة بلاقي العيان فاكر كلمه او ايماءه وتكون سمّعت في حاجه عندهاو الاقيها نورت ف حته ظلمه عنده يجي بعد فتره يقولي انت قولتلي كذا احس وكان اول مره اسمعها مني فتنور ف حته ظلمه عندي برضو…
هذا صحيح
بارك الله فيك
، المقتطف : إنت صنايعى صاحب صنعة، تبص فى عنين الزبون وتشوفه صحيح عايز حلاوة طحينية وبس، ولا هوه ما عندوش فكرة عن بقية الحاجات اللى عندك، تقوم انت تاخد وتدى معاه فى الكلام لحد ما تساعده يعرف هو جىْ لك انت بالذات ليه، ما هو الكلام يمكن موجود عنده فى كل حتة
التعليق: عندك حق يا دكتور يحيى .. كمان بحس ان العرض بيجيب العيان لحد العياده لكن اللي ورا العرض بيكون دورنا احنا حتي لو العرض راح ..يا تري راح ع حساب ايه هروب ولا تغيير .
هذا طيب
وفقك الله