نشرة “الإنسان والتطور”
الأحد: 22-5-2022
السنة الخامسة عشر
العدد: 5377
مقتطفات من: “الطبنفسى الإيقاعحيوى التطورى”([1])
الكتاب الثانى: “المقابلة الكلينيكية: بحث علمى بمهارة فنية” (22)
استهلال:
نواصل اليوم هذا النشر المتقطع من هذا الكتاب وآمل أن تُقْرأ نشرة أمس قبل متابعة نشرة أمس التي سنقدم فيها ما تيسر من الفصل الرابع.
يحيى
الفصل الخامس
…عن تاريخ العمل بين الواقع والمعنى (2)
……………….
………………
(6) العمل صلاة:
استعمل كلمة “صلاة” تداخلا مع كلمة “دعاء” وأيضا مع ما هو طريق للإيمان والصحة، وفى هذا المقام أكون حذرا من خلط الأوراق برغم أنها متداخلة أصلا، فحتى الصلاة الفريضة الراتبة، فهى تعيننى – بطريق غير مباشر – فى توثيق العلاقة مع الايقاعحيوى الكونى، وأنا أبتعد فى النقاش حول جدواها من منطلق الثواب والعقاب، والجنة والنار، وأركز على توثيق الوعى الإيقاعحيوى الشخصى مع الوعى الكونى – بدون قصد إرادى أو تركيز فى بؤرة الوعى – وبدون خشوع مفتعل، أو حماس لفظى أو شرح نظرى.
العمل بالالتزام الموضوعى السالف ذكره بكل الشروط السابقة هو صلاة بالإضافة إلى دور العمل كبرنامج ثقافى لكل الأحياء من وجهة النظر التطورية الإيقاعحيوية “وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى”([2]) فكل الأحياء التى بقيت حافظت على بقائها من خلال برامج العمل الجماعى التطورى.
(7) العمل مُنطَلق إيجابى للطاقة الحيوية:
انطلاقا أيضا من الفكر الإيقاعحيوى التطورى وانتمائه لمفهوم المخ البشرى بأنه مفاعل للطاقة والمعلومات الأمر الذى سبق أن شرحناه تفصيلا.
ومع تناولنا الطبيعى “للعلاقة بالموضوع” وأن الطاقة التى تشحن الموضوع (الأخر) إيجابيا هى القادرة على دفع مسيرة النمو الشخصى نحو الآخرين معا،
أختم الآن بالتذكرة بأن العمل الحاوى لكل المواصفات السابقة يقوم باستقبال واحتواء واستعمال هذه الطاقة الحيوية ليس فقط فى إنجاز العمل وإنما فى إعادة التشكيل والإبداع وحفز النمو للذات، وبصورة إيقاعية مستمرة.
هامش: الأطفال بداخلنا:
يبدو غريبا أن ألحق هذا الهامش بفصل عن العمل، وقد هممت أن أنقله إلى موقع أكثر تناسبا، لكننى عدلت في آخر لحظة، وأنا أتذكر نشاط الطفل الهادف منذ البداية، وكيف يملأ وقته ويبنى نفسه وألعابه ثم كراساته وواجباته، وشعرت أن هذا مكان مناسب له يـُـعلى من موضع نشاط الطفل، ويخفف من التعامل مع العمل على أنه واجب قسرى مفروض طول الوقت.
“…..ومن منطلق الطبنفسى الإيقاعحيوى، فإن الممارس الذى ينتمى إلى هذا النوع من الطب والتطبيب إنما يتعرض – دون قصد غالبا – للتعرف على الأطفال بداخله، يحدث ذلك ليس فقط وهو يفحص المرضى الأطفال، ولكن أيضا وهو يتلقى المعلومات من وعى (وليس فقط من ذاكرة) المريض أيا كان عمره، وهو يتعمق إلى الغوص فى احتمالات مستويات الوعى الممتدة فى تاريخ الحياة، دون أن يسميها كذلك.
الأطفال داخلنا وخارجنا لا يمثلون نمطا واحدا من التواجد، بل هم ممثلون لكل تاريخ الحياة من ناحية ، وأيضا على مسار النمو الفردى المستعاد طول الوقت، والعلاقة الوثيقة بين تشكيلات الأطفال داخلنا وبين مراحل تطور الحياة هى بديهية حسب فروض الطبنفس الإيقاحيوى التطورى، وإن كنت لن أتطرق إليها بأية تفاصيل لأننى وجدت أننى إن أردت أن أفعل: فعلىّ أن أرجع بسِمات كل ضرب من الأطفال (داخلنا) إلى أقرب أصوله من تاريخ نوع معين من الأحياء، الأمر الذى لا أملك له وقتا حاليا ولا إمكانيات معرفة، ولعل تشارلز داروين حين لاحظ وكتب عن الانفعال عند الحيوان كان فى مثل هذا المأزق، وإن لم يربط بين الإيقاعحيوى ووجدان الحيوان، وبين دورات التطور ولا مراحل الطفولة بشكل خاص، وقد غامرت بحشر هذا الهامش في هذا الموقع أملا في تصالحٍ ما بين العمل واللعب وملء الوقت وملء الوعى!! ربما.
تشكيلات الأطفال المحتملة داخلنا (وخارجنا):
فى داخلنا، كما هو فى خارجنا، لا يوجد مبرر أو مجال للاستقطاب والاختزال، وقد عثرت فى أوراقى السابقة التى قدمتها فى ندوات علمية عن التعدد داخلنا مجموعة متنوعة من الأطفال توجد بدرجات مختلفة طول الوقت فى تفاعل وجدل خلاق عبر نشاط الإيقاعحيوى المتجدد أبدا، ومن ذلك:
(1) الطفل المطيع Obedient child |
(2) الطفل النموذجى Typical |
(3) الطفل المفرط النشاط Hyperactivity |
(4) الطفل المناوِر Skylights |
(5) الطفل المخرِّب Destructive |
(6) الطفل الملتذ (نكوصا) Hedonic |
(7) الطفل المتخلف Retarded |
(8) الطفل المُخَالِف Negativisic |
(9) الطفل الخيالىFantastic |
(10) الطفل المهرِّج (الأراجوز) Clown |
(11) الطفل العدوانى Aggression |
(12) الطفل المتآمر Conspiracy |
(13) الطفل المتحدّى Challenges |
(14) الطفل الحاِلم Dreamy |
المسألة التى أريد التنبيه إليها الآن هى أن كل هذه الأنواع ليست بالضرورة سمات لأطفال مختلفين فى العالم الخارجى ، بل إنها كلها – تقريبا – موجودة بداخل كل واحد منا بدرجات مختلفة (وهو يعمل وهو يلعب!! بل: وهو ينام).
وبعد
إننا لو لم نتعرف – ولو من بعيد لبعيد – على هؤلاء الأطفال داخلنا، وعن ما يشاع عن ما هو طفل، فلن نستطيع أن نتواصل بدرجة كافية مع من نقابلهم من مستويات الوعى فى محاولة إعادة بناء الأمخاخ المتواصلة عبر قنوات الوعى المتوازية والمتداخلة.
ولمزيد من التوضيح دون شرح: دعونا ننظر في بعض الأشكال دون تعليق!!
بعض تشكيلات الأطفال
ثم أختتم بهذه القصيدة بالعامية كما خطرت لى وأنا أرسم بعض حقوق الطفل مما قد يعين فى الإحاطة بما أريد من الفاحص أن يتذكره فى نفسه قبل مريضه.
(للأطفال داخلنا)
الحياة الحلوة: حلوة!
الحياة الحلوة تِحلى بْكُلّنا، إنتَ وانَا،
كل واحدْ فينا هوّا بعضنا،
بس مش داخلين فى بعض وهربانين،
زى كتلةْ قَشّ ضايعةْ فْ بحر طينْ.
كل واحد هوّا نفسُه
بس نفسُه هِـيّا برضهْ كُـلِّنا،
مالى نَفْسُه بربّنا
عوزْ وغامرْ
قولْ وخاطِـرْ
فى الحقوقْ … ما فيش خواطرْ
إحتفظْ يا بـْـنِـى بحقَّـكْ،
هوّا حقَّـكْ
واللى خَلَقكْ.
هوّا حقكْ، من زمانْ.
راح تنوله ما دمت متمسّـكْ وناوى،
…. مهما كانْ.
حقى إنى أكون “ضعيف”: جنب قدرة ربنا
حقى إنى أكون “قوى”: بس بينا كلــِّنا
مش ضرورى الصَّحْ يفضل”
هوَّا صحْ: عــّـالـى طول
كل صح نجرَّبُهْ يمكنْ “يقولْ”:
إنه صح نصْ نصْ
يبقى نـِتـْعـَلـِّمْ نبُصْ:
ييجى صَـحْ أصحّ مِنّهْ
غَصْب عَـنـُّـهْ
………………..
………………..
(ونواصل الأسبوع القادم)
_________________________________
[1] – انتهيت من مراجعة أصول “الطبنفسى الإيقاعحيوى التطورى” وهو من ثلاث كتب: وسوف نواصل النشر البطىء آملا في حوار، وهو (تحت الطبع) ورقيا، إلكترونيا حاليا بالموقع: www.rakhawy.net وهذه النشرة هي استمرار لما نشر من الكتاب الثانى: “المقابلة الكلينيكية: بحث علمىّ بمهارة فنية”.
[2]- القرآن الكريم، سورة النجم، الآية رقم (39).
المقتطف / وقد غامرت بحشر هذا الهامش فى هذا الموقع أملا فى تصالح ما بين العمل و اللعب و ملء الوقت و ملء الوعي
التعليق / مولانا الحكيم اعتقد أن حضرتك لم تغامر بوضع هذا الهامش فى هذا الموقع بل حضرتك قد وعيت برابطة هذا بذاك فقد كان فى أمل التصالح المذكور اختزال رائع شامل جامع للحياة
أو ليست الحياة التى هى لعب و لهو كما وصفها الله هى نفسها رحلة سعي كما أراد لها الله ….
” إنما الحياة لعب و لهو ” ….. ” و ان ليس للإنسان إلا ما سعى ”
يا مولانا الحكيم الحمدلله الذي هداك وعيا هاديا ، ألم أقل لك أني أراك من رواسي الأرض التى جعلها الله كيلا تميد بنا
ياسحر يا ابنتى واحدة واحدة، خفـِّفى من صدق نـَفـْخـِك وأنت تخافين علىّ أن أصدّق
أنا معك، والله معنا
حـَـمـْـل الأمانة صعب، ولكنه ممكن وإلا فعلى الإنسان أن يتلقى وعده: “…. إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا”.
صباح الخير يا مولانا:
المقتطف : فإن الممارس الذى ينتمى إلى هذا النوع من الطب والتطبيب إنما يتعرض – دون قصد غالبا – للتعرف على الأطفال بداخله، يحدث ذلك ليس فقط وهو يفحص المرضى الأطفال، ولكن أيضا وهو يتلقى المعلومات من وعى (وليس فقط من ذاكرة) المريض أيا كان عمره، وهو يتعمق إلى الغوص فى احتمالات مستويات الوعى الممتدة فى تاريخ الحياة، دون أن يسميها كذلك
التعليق : هذه واحده من إبداعات نظرية الايقاعحيوى التطورى ،فقد وجدت فى ما قرأته من نظريات ومدارس علاجية أخرى تناولات مختلفة للطفل الداخلى،لكن هذا التعدد والتنوع ،لم أجده سابقا ،وقد وجدت فى نفسى حيرة شديدة وانا أتلقاه ،فبالفعل رأيت هؤلاء الأطفال بداخلى ،لكننى أتساءل : لماذا تسميهم أطفال ؟ على الرغم من أننى أراهم بالفعل أطفال ؟
مادمت ترينهم أطفالا، فهم أطفال، وأنتِ خير العارفين أن الطفل ليس بعدد السنين التى قضاها بعد انطلاقه من داخل أمه، الطفل هو كيان==> تركيب نيوروبيولوجى==> حالة ذات (بل كيانات وحالات ذات متعددة داخلنا طول الوقت)، وعلينا أن نعمل حسابه – بل حساب كل الأطفال فينا- ونطلق سراحهم، ونعطيهم الفرصة للتعبير والتغيير والمثابرة.