الوفد: 17/1/2002
مخدرات سياسية” مضروبة”
حين قرأت بيان الحكومة الأخير، بعد أن اعتذرت لنفسى عن سماعه أو مشاهدته من باب الوقاية، تمنيت ألا تيأس المعارضة والمعارضون وكل من يحب هذا البلد فيقول فى أمره رأيا، ألا ييأس كل هؤلاء من الاستمرار فى التنبيه على الحكومة أنه “ليس هكذا”.
تحضرنى الأمثال العامية المصرية بشكل ملحّ فى مثل هذه المواقف، مع أننى أرفض الاستشهاد بها عادة لأنها كثيرا ما تجهض الموقف بحكمة ملقاة، ودمتم. لكن هذه الأمثال إذْ تحضرنى، ولو بينى وبين نفسى، تفيدنى فى التخفيف من آلام السياسة، وهى تذكّرنى بوعى الناس الذين أنتمى إليهم، وأنهم المصريون الطيبون الحكماء الذين يعرفون الأحوال، ويستوعبون الأزمات، فيلقون الحكمة التى تنفعهم فى حينها. فهل تنفعنا الآن؟
كنا إذا سمعنا البيانات الحكومية فى السنوات السابقة يحضرنا المثل القائل “أسمع كلامك أصدّقك، أشوف عمايلك أتعجّب”، كانت المسافة أيامها بين ما تقوله الحكومات وما تفعله بعيدة، لكنها لم تكن لا نهائية كما هى الآن، لهذا كنا نسمح لأنفسنا بأن نصدقها، ولو على سبيل “خلّيك ورا الكذاب لحد باب الدار”. مع أن الحكومة ليست كذابة على طول الخط، فقد كنا نعتبرها غير آخذة بالها فحسب. لكن الأمر تفاقم فى البيان الأخير، زاد وفاض. انقلبت المسافات بين الحكومة والناس، بين الأقوال والأفعال، بين التصريحات والواقع، إلى برازخ غير قابلة للعبور أصلا. هذه المرة الأخيرة لم يعد من الممكن أن نصدق أى حرف مما قاله البيان ونحن نعيش فى واقع لم يعد يحتمل الانتظار حتى نطابق بين ما نسمع، وما يجرى.
حين يصل الأمر إلى هذا الحد يتعجّب أى مواطن حسن النية من جرأة هؤلاء الأفاضل على التحدث بهذه الطريقة، يتعجّب الناس وهم يسمعون الأرقام، والوعود، والتلويح بالترضيات هكذا.، يتعجب السامع للبيان فيتساءل للمرة الكذا ألف وعشرة: أليس عند الحكومة خبر ؟ ألا تقرأ الحكومة الصحف؟ ألا ينزل رجالها إلى الأسواق؟ ألا يوجد لديها جهاز لرصد نبض الناس تحت أى بند حتى لو كان للتجسس عليهم؟
حين وصل بى الأمر إلى هذه الحال، خشيت أن نعامل الحكومة بالمثل، خشيت فعلا أن يبلغ بنا اليأس مبلغا يحول بيننا وبين الكتابة، و التنبيه، والصراخ، و التحذير. خشيت بصراحة أن نيأس حتى من إبداء النصح ما دامت الأمور قد وصلت إلى هذا الحد الذى سمح بأن يعلن مثل هذا البيان الأخير الذى يقول ببساطة : إن الناس الذين هم فوق قد انفصلوا نهائيا عما يجرى فى الشوارع والبيوت والمدارس والمصانع والحقول.
نحن الذين ندفع الثمن
حين يتأكد الإنسان المصرى من أن صديقه أو أخاه لا يستمع للنصح، وأنه يضرب عرض الحائط بأى تنبيه أو تحذير أو محاولة إفاقة، يدرك أنه لا فائدة من التمادى فى التحذير والإرشاد والتوجيه،، فيقرر أن يكف عما يفعل، وهو لا يتركه ليخبط رأسه فى الحائط فحسب، بل إنه ربما يوافقه على خطئه، ولو من باب السخرية والإغاظة . إنه بذلك يجعله يدفع ثمن تماديه فى غيّه، يقول المثل المصرى المؤلم وهو يصف هذا الموقف العميق: “إنصح أخوك من الصبح للضهر، إنْ ما سمعشى، غشّه بقية النهار”، المثل يقصد أن الذى لا يقبل النصيحة لهذه الدرجة العمياء، دعه يدفع ثمن عناده وتماديه فىما يفعل، إنه مَثَلٌ حكيمٌ قاس، لكنّه حين قفز إلى وعيى انتبهت إلى مغزى خشيتى أن يُـلجئنا اليأس إلى أن نكف عن إبداء الرأى أصلا، فنترك السادة الحكام فيما يفعلون حتى يدفعوا ثمن صممهم. ذلك أننى اكتشفت أنهم لن يدفعوا شيئا، نحن الذين ندفع، وسوف ندفع الثمن. طردتُ المثل من ظاهر وعيى، وأمسكت القلم واسترجعت أمثالا أخرى كانت تطيّـب خاطرى فى مثل هذه المواقع.
كان يحضرنا مثل أطيب حين كانت البيانات أقل اغترابا، وأكثر واقعية، حين كانت تقدم تبريرات معقولة لسلبيات اضطرارية، حين كان بها إشارات متواضعة لإيجابيات حقيقية . كنا كلما ضاقت بنا السبل نعتقد يقينا بفرج قريب، وكان الفرج يأتى بشكل أو بآخر، مرّة بانفراجة فى السياحة، وأخرى باكتشاف بئر بترول، وثالثة بالانتصار على قوى الإرهاب المخربة، وكانت الأمور تسير والسلام. كنا نتصوّر أننا نسير من حسن إلى أحسن، وأن الحكومة صاحبة البيان تلو البيان تعمل غاية ما فى وسعها وهى تتحمل أخطاء ليست كلها من صنعها. نتيجة تراكمات خمسين عاما، أو نتيجة لأحوال عالمية مثلا. كان كل هذا يجعلنا ننتظر أن تنفرج بشكل أو بآخر. لكن المسألة هذه المرّة كانت أصعب من التبرير والتصبير بمثل أو بغيره. لم يعد ينفع أن نكرر أنه: “ماضاقت إلا لمّا فرجت”، وهو مثل له ما يقابله بالشعر العربى، وكذلك له مثيله فى كل الثقافات، حتى الآية الكريمة تبشرنا أنه :..إن بعدالعسر يسرا” ثم تؤكد أنه “..إن بعد العسر يسرا”. لكن الأمر هذه المرة تجاوز كل ذلك .
يبدو أن الحكومة لا تريد أن تعترف بالعسر صراحة حتى ندعو الله أن ييسرها بفضله. لم يكن أحد ينتظرمن بيان الحكومة أن تعلن الحلول الفورية لأزمات الناس فى وقت يعانى فيه العالم كله من مآزق موازية، كان أغلب الناس مستعدين أن يتحمّلوا صراحة الحكومة لو أنها أعلنت حقيقة ما وصلنا إليه، وهى تعزو بعضه إلى أخطاء الماضى، والبعض الآخر إلى تجاوزات الحاضر، والباقى ترميه على السيد دبليو بوش أو السيد بن لادن، أو أى “سيد” بعيد والسلام، وتمشى الحكاية. لكنها لم تفعل أيا من ذلك، بل فعلت العكس تماما، وتصورت أنها يمكن أن توزع علينا المسكنات السياسية المعتادة، التى وصلت إلى درجة التخدير، لكن يبدو أننا لم ننجح أن نعتادها حتى نقبلها بعيوبها ومضاعفاتها. خاصة بعد أن ثبت هذه المرّة يقينا :أنها “مضروبة (أنظر بعد).
لا خوف على الحكومة أصلا
لماذا لم تواجهنا الحكومة بالأمر الواقع مهما كان مؤلما والجميع يعرفونه؟ إن بداية أى إصلاح هى أن نرى الأمور كما هى (دعوة السيد البدوى : اللهم أرنى الأمور كما هى). الأمر الواقع مر أشد المرارة، منذر بأعظم المخاطر. لم يعد يصلح معه أى إخفاء أو تأجيل أو وعود أو تخدير، امتد الفساد من حضانة الأطفال إلى مراكز البحث العلمى مرورا بتمثيلية الديمقراطية وإهدار الأحكام القضائىة، ثم أتى الوضع الاقتصادى ليكمل علينا . ماذا يمكن أن يخفى على الشخص العادى بعد ذلك؟ ماذا ينتظر حكامنا حتى يعلنوا ما يعرفه الجميع ؟ هذا الأمر الواقع يمكن أن يرصده أى عابر سبيل يسير فى شارع قصر العينى أو حارة السكر والليمون، يكتشفه أى شخص يدخل أى عمر أفندى أو محل أقمشة فى باب الخلق. حقيقةُ ما آلت إليه هيبة الدولة وأعراف الفساد تتجلى لأى عابر من أول منظر يد عسكرى المرور وهو يأخذ (أو يطلب) سيجارة من سائق عربة فخمة ومعها ما معها،حتى منظر التربيطات والتوصيات التى تتحكم فى الجوائز والمنح والعطايا والمناصب. الأمر الواقع يتجسّد فى فهم معنى اهتمامات الناس بالحاج متولى دون مقتل الفلسطينيين الأبرياء يوميا وتجويع من تبقى حيا. الأمر الواقع هو الذى يفسرتزاحم الملايين على أرقام التليفونات التى تعِد بجوائز الملايين، ما دامت الوسيلة الوحيدة للاحتفاظ بالأمل قد أصبحت الصدفة، أو الحظ، أو تحضير الجان .
“الفقر الدكر” و”قلة مافيش”
حين أعلنت الحكومة عن أزمة السيولة، لم يفهم الشخص العادى معنى الكلمة لأول وهلة، هل هى سيولة الدم، أم سيلان الأشياء الأخرى ولا مؤاخذة، ثم اكتشف رجل الشارع بعد قليل أن أزمة السيولة ليست سوى التعبير الشعبى الشائع “قلة مافيش”، وهو التعبير الذى يعلن مباشرة عن حقيقة “الفقر الدكر”، (باعتبار أن الفقرالأنثى أرحم وأرق حاشية، لست أدرى كيف ؟). تواترت بعد ذلك الأحداث والتفليسات والاستغناء عن العاملين حتى تيقن الناس من حسن ترجمتهم لأزمة السيولة باعتبارها ” فقر الحكومة الدكر، وقلة مافيش الشعب”، ثم جاءت مصيبة سبتمبر، ونحن لسنا ناقصين، فأكملت على الجميع حين عرّت الذىن كانوا يتسترون بالستر، بل إنها هددت الأغنياء والمرتاحين، حتى وصل التهديد إلى أغنياء الأمريكيين أنفسهم. على الرغم من كل ذلك . جاء بيان الحكومة أن الحال هو: “ميتْ فُــلْ، واربعتاشر” !!!!!
إنجازات ولكن
لماذا لم تصارحنا الحكومة بما نعرف؟ لماذا؟ نحن لا ننكر إنجازات هذه الحكومة أو غيرها. لا أحد يستطيع أن ينسى مكتبة الأسرة، أو المشروع القومى للترجمة، أو تحديث شبكة الصرف، أو إقامة شبكات الطرق والكبارى فى العاصمة وخارج العاصمة. أو ما جرى ويجرى بالإسكندرية. كل ذلك كان مؤشرا على أن ثم فكرا حضاريا مسئولا يحاول أن يصلح أخطاء الماضى بشكل أو بآخر، لكن يبدو أن هذا الفكر كان ومازال اجتهادات فردية لا يمكن أن تستمر أو تستقر لمجرد أنها أعمال صالحة ولا زمة يقوم بها مخلصون مجتهدون حقا. إن المسألة أكبر من ذلك . إن هذه الإنجازات إن لم تنبع من نظام مؤسسى حضارى مسئول تصبح محدودة الفائدة قصيرة العمر. بل إنها قد تنقلب إلى مسكّــنات تؤجل المواجهة .
الذى حدث أننا اعتمدنا على استقرار مبنى على قانون الطوارئ، وأيضا معتمدٍ على هدوء طبع أهل الحل والربط، وبُعدهم عن حلول الصدمات الكهربائية، إن هذا وذاك يمكن أن يُطمئِن بعض الناس بعض الوقت، لكن رأس المال أذكى من حسن نية هؤلاء البعض من الناس. رأس المال يعتمد على القوانين التى لا تتغير بهذه السرعة، و هذه الصورة، رأس المال يريد أن يعرف قواعد اللعبة حتى إذا دخلها عرف طريق المكسب وهو يحسب – ويقبل أحيانا – احتمالات الخسارة، لأن نفس القواعد هى التى ستعوضه خسارته إذا حدثت، أَمَّا أن يُبنى الاستقرار على اجتهاد أفراد زائلين مهما صدقوا، وعلى قهر سلطوى للمخالفين من العامة دون الخاصة، وعلى إعلان أرقام عجزت عن الوقوف أمام اختبار الزمن أو التسميع على أرض الواقع، فالنيتجة هى ما آل حالنا إليه.
مرة أخرى : لماذا جاء بيان الحكومة هكذا مخالفا لكل ما انتظره الناس ؟ كانت الأمة مستعدة أن تتحمّل أكثر، وتثق أكثر، إذا ما لاح بعض الصدق، أوتبيّنت معالم تخطيط آخر غير ما اعتادته فى بيانات سابقة، لكن الذى حدث أن هذا البيان جاء أكثر فجاجة من أى بيان سابق. هل معنى ذلك أن الحكومة انتبهت إلى أن الشعب قد تغيّر فلم يعد يكتفى بالاعتراف بالخطأ، وقد يسارع بالاستجابة بالمطالبة بحساب المخطئ؟ لماذا لم تطمئن الحكومة إلى أننا ما زلنا أبعد من هذا بكثير. منذ أن اعترف الرئيس جمال عبد الناصر (الله يرحمه) بخطئه ومسئوليته عن كارثة يونيو 1967 وكان جزاؤه أن يبقى على رأس المسيرة، لم يعد المعترِف بالخطأ يخشى أى لوم أو محاكمة أو عقاب. فما الذى جعل هذه الحكومة تتجنب المصارحة هكذا إلى هذه الدرجة ؟ هل تغيّرت الحسبة ؟ هل تصورت الحكومة أن الأخطاء هذه المرة قد بلغت مبلغا قد يترتب عليه أن تقدم استقالتها، بعيدٌ الشر؟ أو على الأقل أن يقدم بعض رجالها استقالتهم بشجاعة ومسئولية ؟ هذا احتمال غير وارد أصلا، عبر خمسين عاما لم نسمع عن وزير أو مسئول كبير استقال لأنه أخطأ، حتى حلمى مراد، وأحمد رشدى، كانت استقالتهما شرفا لم يتكرر. تعلّمنا من مسار الأحداث كيف تأتى الاستقالة، أو التوصية بالاستقالة، أو التنحية (بالركل إلى أعلى – خذ بالك) حين يجتهد أحدهم و يعمل ويخلص بشكل يجعل له شعبية تلقائية، فيترتب على عمله وإخلاصه هذا تهديد لمن لا يعمل مثله، فيُستبعد المسئـول العامل المخلص بهدوء فى أول تغيير(!!) ليحل محله من هو أقل كفاءة وأكثر تلاؤما مع “السيم” الجارى. إذن لا خوف على الحكومة من الاعتراف بالحال، وإعلان الأمرالواقع، وطلب العون من أى مخلص يخاف على هذا البلد، ويريد له الخير.
المخدرات السياسية “المضروبة”
كيف لم تتبين الحكومة ما ينتبه إليه أى مدمن حين يكتشف أن المخدر الذى يتعاطاه لم يعد له نفس المفعول السابق؟ لم يعد يعمل له “الدماغ” “الذى هو”؟ الذى كان يعمله، سابقا؟َ إن اكتشاف المدمن لغش التاجر له قد يكون خيرا وبركة، لأنه قد يدفعه إلى المبادرة إلى سؤال النصح فالعلاج. ظلّت الحكومات تخدّر الناس بمثل هذه البيانات والوعود والأرقام، وكان الناس يصبرون ويرددون أنه “طولة العمر تبلغ الأمل”، أو يأملون فى أن يحلها الله من عنده حين يرزق الحكومة برزقنا من أى مصدر كان. لكن يبدو أن الحكومة استَحْـلَـتْها و لم تنتبه إلى احتمال تغير الناس وفساد الصنف، فـظلت تقدم لهم نفس الجرعات الفاترة من البيانات والأرقام .
كيف لم تنتبه الحكومة من احتمال أن يواجهها الناس بأن مخدراتها أصبحت مضروبة ؟ قال لى أحد أصدقائى المدمنين ممن لا يزالون يتعاطون مخدرات غير مضروبة، أنه لو كان رئيسا للوزراء لصارح الناس، فى بيان مقتضب، بكلمات قليلة وهو واثق أنها كانت ستجعلهم يلتفون حوله أكثر. سألته أى كلمات ساحرة هذه ؟ قال : كنت سوف أقول لهم “أنتم عارفون كل حاجة، قولوا لى ماذا نفعل؟ يدى على يدكم”. تعجبت من كفاءة المخدر الذى يتعاطاه صديقى هذا مقارنةً بالمخدرات الحكومية المضروبة.
ومع كـل ذلك
لن أسمع كلام المثل الذى استهللت به المقال، “إنصح أخوك من الصبح للضهر، إن ما سمعشى غـِشُّه بقية النهار”، نحن إذا غششنا الحكومة ونافقناها فإنما نغش أنفسنا. ما دامت الاستقالة غير واردة، والتفكيرفى تداول السلطة هو من قبيل خدش الحياء السياسى، والتغيير يتم بطريقة “هل تكسب المليون”، فليس أمامنا إلا الاستمرار فى النصيحة، وما دام النظام السياسى القائم لا يسمح بإعداد من يتولى أمرنا إذا ما سقطت هذه الحكومة، علينا ألا نكف عن النصيحة ونحن ندعو “اللهم إنا لا نسألك رد القضاء، ولكن نسألك اللطف فيه”.
من هنا أنهى المقال بأن أبلغ الحكومة بعض ما بلغنى من رجل الشارع بعد بيانها الأخير، اللهم فاشهد:
أولا : إن فلاح كفر الهنادوة (أحمد رجب / مصطفى حسين) لا يقول نكتا للتسلية !!!
ثانيا:إن الحكومة هكذا تعلن أنها بعيدة كل البعد، ليس فقط عن نبض الناس، ولكن عن المنطق البسيط السليم.
ثالثا: إن المخدرات السياسية الحالية مضروبة، سواء جاءت فى صورة تصريحات، أو أرقام، أو وعود، أو علاوات.
رابعا: إن الأمر إذا زاد عن هذا الحد، وانفجر الناس، فلن نتغيّر إلى أحسن لأننا سوف نبدأ من الصفر. نحن ندعو لهذه الحكومة بطول البقاء فعلا لأن إنجازاتها ليست صفرا على أى حال. ولأنها جاءت واستمرت نتيجة لمغامرة البداية من صفرٍ صنعوه، وأخشى ما نخشاه أن نعيد الكرّة لنصف قرن آخر، ثم يصدر نفس البيان.
خامسا: إن التمادى فى إهمال رأى الناس، والاستهانة باستجابة رجل الشارع لهما حدود قد وصلت أقصاها
سادسا : إن البدائل المطروحة الآن غير جاهزة لتولى الأمر، فلا شعارالإسلام هو الحل يصلح، لأن أغلب الذين يرفعون هذا الشعار لم يرتقوا إلى مسئولية ما يعنيه حين يكون الإيمان العملى المتجدد الموضوعى هو السبيل لصياغة تميزنا مبدعين،(وسوف يلصقون أخطاءهم بشرعٍ مفصَّل على مقاسهم، لا بأخطاء يعتذرون عنها)، ولا اليسار هو الحل، (لم يعد له وجود إلا فى مجالس بعض الكتبة والصحفيين) ولاالمثفقون هم الحل، ولا السابقون الثوريون هم الحل. (هل كل ذلك هو الذى شجّع الحكومة على إصدار هذا البيان ؟ عيبٌ كذا!!).
سابعا: رغم قدرة الشعب المصرى على صبر بلا حدود إلا أن الناس تتغير، والصبر ينفد مهما قيل عكس ذلك.
هل نستطيع أن نصبر أكثر ؟ قولوا لى كيف ؟