الوفد: 18/7/2002
متى نتوقف عن الكذب؟؟؟
.. يبدو أنه قد آن الأوان لنقلب أوراقنا نحن، دون أن نهمل أو نغفل أوراق أولادنا وأهلنا هناك. بعض فضل أبنائنا الفلسطينيين هو فيما كشفته تضحياتهم من أنه “للكذب حدود”، وأن أى سلبية نستهين بها الآن فى أى مجال، لا بد أننا سندفع ثمنها نحن وأجيال من بعدنا إن آجلا أوعاجلا.
إننا لم نهزم سنة 1948 لأنهم كانو الأكثر عددا وعدة، إننا دفعنا ثمن سلبيات حكامنا، وأدائنا قبل ذلك.
إن هزيمة 1956 لم تكن إلا الوجه الذى أعلن الكذب الذى كان يجرى معظم الوقت قبلها. وأيضا هى قد أعلنت حقيقة تهميش الناس بعيدا عن أى قرار. سواء كان ذلك قرار تأميم القناة الذى أدى إلى الحرب، أم تمرير إسرائيل من مضايق إلا أن ذلك لم يحل دون إظهار بطولة شعب بورسعيد وشعب مصر.
ثم إنه لا داع لتكرار أن كارثة 1967 لم تكن بسبب خطإ سلاحنا الجوى أو خيبة وعود ذلك القائد وعبثية تقاريره (برقبتى يا ريس!!) لكنها كانت تعرية للجارى كله، لا أكثر ولا أقل. خمسة عشر عاما من الخطب والوعود والتباديل والتوافيق، والثللية والصراع، والتكتيم والتلويح، ثم حين دخلنا الامتحان ظهرت آثار كل ذلك، ورسبنا بجدارة، وما زلنا نعانى من أثار هذا الفشل رغم نجاحنا فى جولة أكتوبر الرائعة.
تهدئة اللعب ومحاولة البناء
لكن جهودا أهدأ تضطرد فى اتجاه الانتباه إلى ترميم أو ترسيخ معالم البنية الأساسية لدولة حديثة من جسور وطرق وشبكات صرف وإعلام وتليفونات، وبعض فرص التعبير الحر، وقيام رهط من الأحزاب والصحف والمجلات من كل لون ونوع. لكننا نشعر طول الوقت أنه ينقصنا شيء أساسي، شيء خطير وجوهري. نشعر أن كل هذه الإنجازات مهددة بشكل ما، من مصدر ما.
ثم تحتد أزمة فلسطين التى لم تخمد أبدا، ويواكب ذلك فى كل بلد عربى بلا استثناء إشارات إلى ما يجرى بها من سلبيات لا داعى لتعدادها. أكتفى بالتذكرة بثلاثة أمور أعلنت فى بر مصر مؤخرا، ولم نخرج منها بعد : تدهور الاقتصاد، وفساد وغش وسطحية التعليم، وغموض ومفاجآت قواعد التغيير الوزارى وغير الوزارى (لم أذكر تزوير الانتخابات، ولا تهريب االأموال، ولا تفليس المصانع، ولا تسريح العمال، ولا الدين الداخلي، ولا الدين الخارجي، ولا اهتزاز البورصة، ولا تراجع الاستثمار، ولا البحث شبه العلمي، ولا تسطيح التعليم الجامعى ولا انهيار القيم). السؤال الذى يواجهنا تعجبا من هذا الاستطراد يقول : ما علاقة هذا بذاك ؟ ما علاقة ما يحدث فى فلسطين بالتعليم فى مصر؟ ما علاقة ما حدث فى “جنين” بمظهرية البحث العلمى فى مصر؟ ما علاقة محاصرة عرفات وضياع الضفة وبجاحة شارون بتدهور الاقتصاد فى مصر.
هذا عن مصر، وهو ما يمكن أن يسرى على كل بلد عربى بلا استثناء. إن مثل هذه المصائب التى تبدو أنها ظلم صريح وقع علينا من الآخرين، وهذه الهزائم التى تنزل بنا فنكتفى لتفسيرها بأنها نتيجة لتآمر دول العالم علينا مع تدليلهم لإسرائيل وكلام من هذا، إن المصائب والهزائم تبدأ منا أولا، ثم إن مكوناتها تتراكم قبل أن تظهر على السطح تلقائيا أو بفعل فاعل، إنها تبدأ من كذبنا على أنفسنا، تبدأ من استسلامنا للتمادى فى أخطائنا، تبدأ من غياب آلية محاسبة من يتولى أمرنا، تبدأ من غموض قواعد إدارة شئوننا.
عين العقل ولكن
حين أثير همس يقول إنه لا ينبغى أن نتخلى عن إخواننا وأهلنا فى فلسطين حتى لو اضطررنا من جديد لحمل السلاح من أجلهم، ردت كل القوى العاقلة والرسمية والمسئولة تنصح بالتروى والحساب. نبهتنا هذه الأصوات أننا فى عرض الحفاظ على مصنع أو مشروع أو جسر بنيناه بعد أن خربت الحروب بيوتنا، ..إلخ. أقر وأعترف أننى فرحت بهذا الموقف العاقل، ليس للأسباب السالفة الذكر فحسب ، ولكن لأننى خشيت إذا نحن دخلنا امتحان الحرب أن تنكشف سلبياتنا المتراكمة فجأة، كما حدث من قبل. إن الأداء فى الحرب ليس مهمة الجيش المحارب فحسب. إن الجيش فى أى حرب ليس إلا الواجهة التى تدل على صلابة أو هشاشة ما يمثله فى العمق من معنويات الشعب، واقتصاده، وإنجازه، والتزامه، وأدائه وإبداعه.
مسئولية الناس
نحن ما زلنا نقدس الأفراد وننحى باللائمة عليهم حين نفشل، ونعزو لهم فضل الإنجاز حين ننجح، هذا تصرف طبيعي، وهو وارد حتى فى أرقى الدول وأكثرها ممارسة للديمقراطية الحقيقية، أو حتى الديمقراطية الموجهة بالشركات ومراكز القوى الظاهرة والخفية. أمريكا نفسها يختلف أداؤها مع كنيدى عن أدائها مع كارتر، كما يختلف مع كلينتون عنه مع دبليو بوش طبعا. لكن عند الأزمات، ومن أهمها الحروب، ومواجهات التحرير، والهزات الاقتصادية الجسيمة، يتكشف أداء النظام كله وليس الفرد الذى على رأسه فقط.
فى الدول الناشئة، أو النامية، أو النائمة المعتمدة الكسول، تصبح المصيبة أكبر حيث الزعيم لا ينطق عن الهوي، فإذا وقعت الواقعة ودخلنا امتحان الحرب أو الهزة الاقتصادية العظمي، رحنا نبحث عن أى مسئول آخر نبرر به فشلنا، مع أن الناس، كل الناس، مسئولون رضوا أم لم يرضوا. إن الذى فشل فى 1967 لم يكن عبد الناصر، ولا عامر، وإنما كان النظام الذى سمح لهما أن يظلا فى مواقعهما خمسة عشر سنة يتنافسان على إرضاء رجال الجيش الأبطال الضحايا، ويلوحان للشعوب العربية بحلم القومية الإمبراطورية.
التعرية العامة
الذى يحدث الآن فى فلسطين يعلن كارثة عامة لا تقف عند حدود فلسطين، يعلن أن النظم العربية مجتمعة تحتاج إلى إعادة نظر من الجذور. إننا نكاد لا نعرف النظام الذى يحكم أى بلد عربي، لكننا نعرف تماما رؤساء هذه النظم وقادتها، وقد نعرف قدراتهم ، أو توجيهاتهم، أو هواياتهم، أو شطحهم أو أحلامهم، أو طيبتهم، أو مزاجهم، وأحيانا بختهم هذا الأسبوع، أما النظام الذى ينتمون إليه، ويحكمون به، وهو النظام الذى يسمح لهم بالاستمرار فى موقع مسئوليتهم، فهذا أمر خاص بهم لا يجوز الحديث عنه، هذا عيب، وإذا زاد الحديث عن نية المحاسبة والعتاب، أصبح صاحبه معرضا للاتهام بمحاولة قلب نظام الحكم.
إن غموض وهلامية النظم التى تحكمنا، رغم حسن أداء بعض من يتربعون على قمتها، بعض الوقت، بالطيبة، أو بالصدفة، أو بالإخلاص، أو بدعاء الوالدين، هو المسئول عن ترجح مسيرة النمو والتعليم والإبداع والإنتاج والتصدير: مرة تصيب، ومرة تخيب ، ونسأل الله الستر فى كل مرة.
.. حتى الانتصار
خطر لى أننا لم نستفد بالقدر الكافى حتى من انتصارنا فى حرب اكتوبر، أو انتصارنا فى جنوب لبنان. نحن كسبنا هذين الحربين حين حارب الناس ممثلين فى الجيش المصرى مرة، والمقاومة اللبنانية المنظمة مرة. الجيش المصرى لم ينتصر إلا حين كان يمثل نبض الشعب عبر ست سنوات، ونشطاء حزب الله لم ينتصروا إلا لأنهم كانوا هم الشعب والجيش فى نفس الوقت. عجزنا أن نتعلم من النصر مثل عجزنا عن أن نتعلم من الهزيمة، لأن مرجعية النظام المسئول فى الحالين ليست واضحة بالقدر الكافي.
لا أحد يتعلم إلا من خلال نظام قابل للتعديل. إن الشعب الليبي، مثلا، مع كل تقديرى واحترامى ودعواتى بالتوفيق الممكن- يتمتع بفرص أكبر لإنجاز شيء ما فى وقت ما، لكن متي، وفى أى اتجاه، وإلى أى مدة، فهذه أمور تتوقف علي…، تتوقف على ماذا؟ الله أعلم. أتصور أن هذا الشعب العظيم بكل قدراته وثرواته وتاريخه يصحو من النوم وهو ينتظر الوحى الذى سوف يحدد له الخطوة التالية، أما الستر الذى يعيش فيه حتى الآن فهو نتيجة لوفرة الغطاء المادى النفطى الذى يؤجل إعلان حقيقة ما يجري. أتصور أنه إذا دخل هذا الشعب، مثل كل شعوبنا التى يتوقف مصيرها على إلهام رؤسائها، لو دخل هذا الشعب حربا مباشرة، أو امتحن باحتلال مجرم تحت أى دعوي، فقد نتعرف على مدى صلابة أو هشاشة النظام.
هل نستفيد من التعرية الشاملة ؟
الذى يجرى فى فلسطين الآن، وهو من أقسى ما مر بالشعوب والحكومات العربية، مهما كانت نتائجه، (عرفات لا عرفات، دولة لا دولة، تجميد المستعمرات أم تجديد المستعمرات) هو مفيد كله إن أحسنا فهمه والإنصات إلى ما يعني. هذا الذى يجرى هو فرصة حقيقية لإعادة النظر فى كل شيء: نظم الحكم ، ونظم التعليم، والبحث العلمي، وطريقة تديننا، وعلاقتنا بربنا، وبالناس، وبالحضارة ، وبالتاريخ. لا أريد أن أعود لتعداد صور الفشل بطول العالم العربى وعرضه. هذه نعابة لم، ولن تجدي. إذا كنا حقيقة نريد أن نتغير، وأن نحترم دم شبابنا الذين تنازلوا عن هذه الحياة الدنيا بكل بسالة وشجاعة ليعطونا فرصة لاسترداد الكرامة، فإننا نحتاج إلي”وقفة” تصحيح، ثم بدايات أخري.
ليتخذ مجلس الأمن ما شاء من قرارات، وليدلى السيد دبليو بما شاء من بيانات، ولتجتمع اللجنة الرباعية والخماسية والسداسية، ولتتغير، أو لا تتغير، قيادات السلطة الفلسطينية، لكن الأمر لا بد أن يعتمد أولا وأخيرا على طبيعة الرد على السؤال الذى يقول : هل تعلمنا بالقدر الكافي، وماذا تعلمنا تحديدا مما قد يجنبنا الهزائم القادمة؟
هل من بديل؟
لا أستطيع أن أدعي، مع احترامى لكل برامج الأحزاب على الساحة، (إلا الحزب الوطنى وحزب الأمة وحزب الدكتور محمد عبد العال ، نسيت اسم الحزب)، ورغم عدم معرفتى بأية تفاصيل، فإننى أتصور أن كل تلك الأحزاب لها برامج رائعة، ومع ذلك فهى غير قابلة للتطبيق أصلا. ماذا يجدى برنامج حزب الخضر أمام تصريح الدكتور فاروق الباز لـــ مفيد فوزى بأنه إذا استمر إهدار الأرض الزراعية هكذا، فإنه خلال ستين سنة لن يكون هناك شبر أخضر فى أرض مصر (أخبار اليوم 13 يوليو 2002)؟ ماذا يفيد البرنامج الديمقراطى المتكامل لحزب الوفد، أو البرنامج الاشتراكى المثابر لحزب التجمع. ما دامت فكرة تداول السلطة هى أبعد عن التطبيق من برنامج تغذية صغار النعام، فى قرية الأسد، بلبن العصفور؟
حقنا فى الاستفادة
ليس مطروحا أصلا أن نأخذ أى كلمة قالها هذا الدبليو مأخذا يلزمنا بتنفييذها، ومع ذلك فمن حقنا أن نستفيد من تعداده للمآخذ التى أخذها على السلطة الفلسطينية، لا لنسمع كلامه وننفذ ما يريد ، بل لنستفيد نحن ونبدأ من حيث ينبغي. هذا الدبليو لم يذكر هذه المآخذ لنصلحها، حرصا على مصالح الشعب الفلسطينى الذى يقتله ويحاول إذلاله هو وشريكه شارون طول الوقت. لو أن هذه السلبيات كانت موجودة بقدر يبلغ عشرة أمثال ما ذكر سيادته ، وكان القائمون عليها قد سمعوا الكلام فى واى بلانتيشن أو طابا، فإنى أراهن أن كل هذه المآخذ كانت سيصدر بها فرمان بوشوى يقول: إن هذه السلطة الفلسطينية، هى أحسن سلطة، وإن القائمين عليها (مثلهم مثل بيريز مشرف وآخرين) هم أحسن ناس. برغم كل ذلك فإنه من حقنا نحن، بعد أن ننحى أغراض هذا الوغد جابنا، أن ننتبه إلى المآخذ التى عددها. لعله حق أريد به باطل،
تعميم واجب
أول ذلك: أن ننتبه إلى أنها مآخذ ليست قاصرة على السلطة الفلسطينية دون كثير من السلطات الحاكمة فى عالم العرب المجيد. إن واجبنا إذا أردنا الوفاء لمن ضحوا بحياتهم من أجلنا لا ينتهى بكتابة قصيدة فى رثائهم، أو الإصرار على محاولة إثبات أنهم شهداء وليسوا انتحاريين عن طريق وسائل الإعلام الموجهة للعالم الغربى ..إلخ.إذا أردنا أ ن نوفيهم حقهم، وأن نستلم الشعلة منهم، وأن نكرمهم فى قبورهم، لا يكفى أن نواصل كفاحهم للنصر والتحرير، بل علينا أن نتعلم كيف نصلح أحوالنا التى أدت بنا إلى ما اضطرهم إلى تلك التضحية حين صارت السبيل الوحيد أمامهم.
تصحيح واجب
أول الطريق إلى ذلك هو محاولة مواجهة الأمر الواقع بتسمية الأمور بأسمائها، ثم تعديل أنفسنا حتى يتفق حالنا مع الاسم الحقيقى المناسب، ثم البحث عن بديل حتى لو لم يكن قد لاح بعد. إليكم بعض محاولات تصحيح الاسماء فحسب:
أولا : ثورة يوليو ليست ثورة من البداية .هى حركة مباركة، تثورت اجتماعيا بعد ذلك، ثم انعزلت شعبيا طول الوقت
الاسم التصحيح:”حركة الجيش المثورة الـمجهضة المستمرة”
ثانيا: نصر 56 ليس نصرا ، وإنما هو تنازل اضطرارى أعاد ولادة إسرائيل الحقيقية الممتدة بانفتاحها على أكثر من نصف العالم فى الجنوب والشرق (أفريقيا وآسيا)، إن حقيقة ماجرى آنذاك يتمثل فى :بطولة أهل بورسعيد والشعب المصري، مع تمادى النظام القائم فى الكذب.
الاسم التصحيح : بطولة شعب و كذب نظام (1956).
ثالثا: نكسة 1967 ليست نكسة ولا وكسة . بل هزيمة وكارثة. 0قيل فى ذلك ما لا داعى لإعادته.
الاسم التصحيح : تعرية نظام، ومأساة جيش، وإحباط شعب (1967).
رابعا: نصر اكتوبر هو نصر حقيقى للشعب وراء الجيش، فى نفس الوقت هو اختبار للقدرة على تصحيح لم يتم. فاهتز النصر لكنه يظل محتفظا باسمه.
الاسم التصحيح : نصر اكتوبر مع وقف التنفيذ
خامسا: أزمة الشرق الأوسط هى أزمتنا نحن لا الشرق الأوسط، هى مأساة طرد ونفى شعب من الوجود، سواء ظل مقيما على أرضه، أم هائما على وجهه فى المنفي.
الاسم التصحيح: مؤامرة العرب والعالم على شعب فلسطين.
سادسا: معاهدة كامب ديفيد ليست معاهدة سلام، لكنها تحديد واقع تضمن تحرير التراب لعله يعطى فرصة لتحرير البشر الذين ينتمون لهذا التراب.
الاسم التصحيح: معاهدة الفرصة لبناء وطن لم يتحقق
سابعا: حرب أكتوبر ليست آخر الحروب، هذه مغاطة ضد اللغة والمنطق والتاريخ والدين. الله وحده يعلم متى تكون آخر الحروب.
الاسم التصحيح : حرب الفرصة السانحة لتحديات أعمق
ثامنا :(باستثناء رئيسه وبعض رموزه المهمشين) الحزب الوطنى ليس حزبا أصلا، لكنه تجمع مغرض لاستغلال موارد البلد لصالح بعض أهلها ممن لم يسمعوا أصلا عن معنى ما هو “حزب” أو ما هو “وطن”.
الاسم التصحيح : “الهيئة التسهيلاتية للمصالح الثللية”
تاسعا: سائر الأحزاب ليست أحزابا ما دام تداول السلطة، ولو بعد قرون ، هو مرادف لقلب نظام الحكم، هى تجمعات مخلصة معاندة صحفية ناقدة، تجتهد للحفاظ على آمال سياسية غامضة، ربنا يسترها معهم، ومعنا، ومع المسلمين وغير المسلمين.
الاسم التصحيح: الجمعيات الخيرية الصحفية السياسية.
عاشرا: الإخوان المسلمون ليست الجمعية المحظورة قانونا، لكنها حزب الأغلبية الجاهزة الذى يستعمل الدوافع الدينية لأغراض سياسية، لكنه حزب حقيقى حسب قواعد الديمقراطية العالمية الحالية.
هو حزب الأغلبية، رغم أنه الحزب الذى يخشى البعض منه بإعتبار أنه سوف يصدر فرمانا سلطويا بعد تولى الحكم يقول: إن ما يسمى ديمقراطية هو مخالفة لما جاء فى الدين بالضرورة، وأن الشورى إنما تعنى أن يشاور الخليفة ابنه الخليفة القادم فى تعيين وزرائه (ربما).
الاسم التصحيح: حزب الأغلبية هربا إلى حلم الاسلام
حادى عشر: الديمقراطية القائمة فعلا فى مصر هى ديمقراطية خاصة، لكنها فى نهاية النهاية ليست سوى هامش للتفريغ، وديكور للنظام، مع بعض حسن النية، دون تهديد حقيقى لمصالح الجمعية السرية الحاكمة
الاسم التصحيح: الديمقراطية المصرية الهوامشية الكلامية الخاصة.
(أكتفى بهذه الأمثلة : دون تفصيل)
هل نبدأ بالكف عن الكذب ؟
أدعو الله، ولا يكثر على الله، أن يأخذ القارئ اقتراحاتى التى اقتصرت على تصحيح التسميات مأخذ الجد. علما بأننى لست ديمقراطيا جدا، كما أننى لست سياسيا محترفا. كل ما فى الأمر أننى تصورت أن استعمال هذه الأسماء التصحيحية، ولو من باب التجريب، قد يسمح لنا أن نتوقف عن الكذب على أنفسنا، أن نفهم لماذا يلجأ الشباب والنساء والرجال إلى الهرب إلى ما يشبه الدين فيتوقفون عن النقد والتفكير، ثم ينساقون – سياسيا – وراء ما يشبه الدين دون تفرقة. وبنفس القياس ولنفس الأسباب يهرب شباب آخر إلى المخدرات والاغتراب فيما ليس وطنهم ، وليسوا هم.
تساؤل:
مادمنا لا نعيش ديمقراطية تسمح بتداول السلطة، فلماذا نسمى نظامنا ديمقراطيا. الصين تتحدى أمريكا، وتؤكل مليارا وثلث من ناتج زرع أرضها، وتصدر الباقي، دون أن تدعى الديمقراطية. ما دمنا نخاف من أن تأتى الديمقراطية بمن يلغيها فى أول فرصة سانحة، فلماذا نصر على التلـويح بها كذبا؟
تراجع :
يا خبر أسود !!! هل معنى ذلك أن نعلن تنازلنا عن الديقراطية ونسلم الأمور للحزب الوطنى يحكمنا بوضع اليد؟ هأنذا أعلن تراجعى عن كل ما جاء بالمقال.
فلتكن الديمقراطية، وليأت من يأت، وليلغها من هو قادر على ذلك، ولينحمل مسئولية خرابنا الجديد.
كل ما أتمناه الآن هو أن نرى الجارى بحجمه، و أن نكف عن الكذب بأن نسمى الأشياء بأسمائها، وأن نعترف، وأن نتألم، وأن نبحث. وأن نعمل وأن نبدع حلولا أرقي.
وليستمر “وضع يد” الحزب الوطنى على أنفاسنا، وبالقانون، وبالديمقراطية المصرية المعدلة. هل حكم علينا أنه: “يستمر الحال على ما هو عليه، والمتظلم يلجأ إلى الإبداع”.؟