الدستور
1-7-2009
تعتعة
مايكل جاكسون، و.. باراك أوباما !! ( 1من 2)
هل هناك وجه شبه بين المرحوم مايكل جاكسون، وبين الرئيس الجليل باراك أوباما؟ كلاهما نجم، وكلاهما أمريكى، وكلاهما أسود (يعنى). ظهر نجم أوباما منذ شهور، ولمع عندنا منذ أيام، ومات مايكل جاكسون أول أمس، فقفزت إلىّ صورة دوريان جراى (أوسكار وايلد)، فما الحكاية؟ لكن دعونا نبدأ من البداية :
كنت أنوى أن أعود للكتابة عن أوباما بعد أن شاهدت فيلم “أوباما : الخدعة“، وهو فيلم وثائقى رائع، شديد الأمانة، بالغ المصداقية، أخرجه المخرج والمذيع الناشط السياسى ” جونز أليكس”، إنتاج مستقل، سنة 2009 فى محاولة إفاقة العالم من خدعة تغيير الشكل لصالح خدمة نفس الموضوع. الخطر ليس فقط فى استمرار نفس سياسة أمريكا الإمبراطورية الاستغلالية الاستعمارية تحت عنوان النظام العالمى الجديد، الذى هو أشرس وأخبث من النظام الاستعمارى الإمبراطورى القديم، وإنما الأخطر هو تصوير منظومة القيم المعروضة على البشر المعاصرين بأسماء براقة (الحرية كما يصنفوها، حقوق الإنسان المكتوبة بمعرفتهم..إلخ) باعتبارها التطور الطبيعى لصالح البشرية، مع أنه قد يثبت أنها تخدم العكس تماما. لو صح ذلك، فهى خدعة أكبر لا تهدد ناس العالم دون أمريكا وحلفائها فحسب، وإنما، هى تهدد الجنس البشرى بالانقراض الكامل، وليس فقط بالدمار الشامل القابل لإعادة الإعمار مهما كان.
تساءلت كثيرا، وكتبت مرارا، عن ماذا يفيد هذه الشركات التى تحكم العالم من القضاء على البشرية هكذا؟ هذه الشركات تعين رؤساء الدول سرا وعلانية، بالديمقراطية الملعوبة وبالثورات الشوارعية الملونة، ثم إنها تلمّعهم وتحفـّظهم أدوارهم قبل وبعد أن يعتلوا العرش، حتى إذا أساء أحدهم أداء دوره، أو ثبت لهم أنهم أساؤوا اختياره، (مثلما حدث فى غلطة دبليو بوش)، فإنهم سرعان ما يصححون أخطاءهم بممثل أقدر، وقد يغيرون المخرج، لكن يظل الهدف هو الهدف.
التساؤل الساذج الذى يلاحقنى يقول : أى مكسب سيكسبه أصحاب أو مدراء هذه الشركات شخصيا إذا انقرض الإنسان ضمن 99.9 % من الأحياء الذين انقرضوا عبر التاريخ؟ هل هم يتصورون أنهم سيبقون دوننا جنسا آخر؟ لم أنجح أبدا فى تقمص هذه القوى التحتية التى تحكم العالم، وفرحت بذلك لكننى ازددت حيرة وجهلا، ثم ازددت غضبا وألما، يبدو أننى أحب هذا النوع الشهير باسم “الإنسان” حبا جمّا، وبالتالى أنا أستخسره فى الانقراض، هو لا يستأهل، يكفى الدم الخفيف لبعض أفراده مثل شارلى شابلن، أوكليفتون ويب أوهالة فاخر أونجيب الريحانى، تكفى المصداقية التى أخرَجَ بها جونز أليكس أو مايكل مور أفلامهما !! تكفى حلاوة لقاء أربعة أعين لاثنين من البشر فيتحاوران دون إشارة أو لفظ واحد، كيف نسمح بانقراض هذا النوع الفائق الجودة (البشر) لمجرد أن فئة غبية انفصلت عنه وراحت تمارس غرائز بدائية تحطيمية أدنى من غرائز النمل البقائية أو حتى الصراصير، (تذكرة: النملة والصرصور الحاليين هما من ضمن الواحد فى الألف الذين نجحوا فى الاستمرار جنبا إلى جنب مع الكائن البشرى)، أعتقد أن أى صرصور وحيد هو حريص على بقاء نوعه، وليس فقط ذاته، أكثر من حرص هؤلاء الناس الحكام التحتيين الحقيقيين على بقاء حياتهم وحياتنا واستمرار نوعنا.
كنت أنوى أن أوجز فيلم أوباما فى هذه التعتعة الحالية، لكن موت جاكسون جعلنى أؤجل ذلك لصالح هذا الاستطراد، ثم إننى اكتشفت أننى سبق أن أوجزت ما جاء فى الفيلم فى تعتعة سابقة بتاريخ 7 مارس، بعنوان “لكن دس السم فى نبض الكلام، قتلٌ جبان”، قلت فى آخرها : “… إن علينا أن نحذر تماما، وأكيدا، ودائما، من نسيان القواعد التحتية التى تحكم العالم فعلاً، سواء على رأسه بوش أم تاتشر أم ميركل أم أوباما،” لم تمض أسابيع حتى تحقق حدسى هذا فى جامعة القاهرة، برغم أننى تركت لحسن النية مساحة محدودة فى تعقيبى على خطابه فى تعتعة لاحقة (بتاريخ : 10/6)، وقد أنهيتها بقولى: ” إن من السهل علينا وعلى أى أحد أن يكره ذاك الدبليو بوش ويحذره، أما أنت (يا أوباما) ، فإذا استعملوك، حتى من وراء ظهرك، فسوف تكون أخبث وأخطر”، ثم رجح لى من هذا الفيلم الرائع، أنهم لا يستعملونه من وراء ظهره، بل هو مشارك أساسى فى اللعبة، حتى لينطبق عليه ما جاء فى شعرى “الحلمنتيشى” فى تعتعة أسبق حين قلت: ” صلّ الجمعة بينا إمامَا…وارقص فى سيرك الإعلامَا”، يبدو أن الطبخة كانت متقنة حتى اختفى السم فيها أخبث دهاء، وألذ مذاقا.
أما علاقة كل هذا بمايكل جاكسون وموته، و صورة دوريان جراى، فهو ما سوف نعود إليه فى الأسبوع القادم.