نشرت فى الدستور
6-9-2006
لِمَ قُـلتَها شيخِى: “كَفى” !!
ماذا جرى؟
كيف جرى؟
قد كنتَ فينا رائحاً أو غادياً تخطو بنا نحو الذى قد صاغَنَا،
وجعلتَ إيقاع الحياة له صليلٌ مثل نبض الكون سعيا للجليل،
حتى حسبنا أنها لا تنتهى،
وظللتَ تخطرُ هامساً كالطيفِ، كالروحِ الشفيفِ، كظلِّ رب الكون فيما بيننا،
وجعلت تنحت جاهدا لتعيد تشكيل البشرْ:
حُـلماً فحلماً: واقعاً منّا، لنَاَ،
نسعى إلى عمق الوجود ليلتقى فينا بنا،
“لتَعارَفُوا“
هذا “طريق الزعبلاوى”، نحو وجه الحق، نحو النور، نحو العدل، نحو الله فينا حولنا.
ومضيتَ تقهرُ كلَّ عجزٍ، كلَّ ضعف، كلَّ هَم،
حتى دعْونا ربنا أن تقهر الساعات تسحَـبُنا إلى المجهولِ إذْ تخفى العدمْ,
حتى نسينا أننا بشرٌ لنا أعمارُنا
***
لم قلتََها شيخى : “كفى”؟
الآن؟ كيف الآن ؟ شيخى !؟ ربنا !؟ بالله ليس الآن،
إرجعْ عقارب ساعتكْ،
لا،
نحن لسنا قدْرها,
ليستْ “كفى”
لا ،
ليس هذا وقتُـها ،
أفلستَ تعلم أننا فى “عِـز” حاجتنا إليك؟
أفلستَ تعرف ما جرى؟
أفلستَ تعرف كيف تنهشنا السباعُ الجائعة؟
أفلستَ تعرفُ أن ما يأتى بدونك لهْوَ أقسى ألف مرة ؟
لو كنتَ أقسمتَ عليِه،
من أجل خاِطِرنا،
لأبرّك الله العزيز بقدر ما وعد الذين هـُمُـوا كمثلك.
لمَ قلتََها شيخى: “كفىً؟
كنا نريدك دائما تخطو جميلا بينناَ،
كنا نريدك خالدا فى قرة العين هنا،
كنا نريدك مثل أطفالٍ أبوْا أن يُفطموا من حلو ما نهلوا عطاءك، مثلنا،
كنا نريدك نحتمى فى دفء بُرْدِكَ من برودةِ عصرنا.
لكنَّ خاتمة الكتاب تقررت، فسمعتّهَا،
وكتمتََهَا حرصا علينا،
وانسحبتَ برقةٍ وعذوبةٍ،
وتركتَنَـا.
لمّ هكذا؟
علـّمتنا شيخى بأنا قد خُـلقنا للحلاوةِ والمرارةِ نحملُ الوعى الثقيل نكونُـه سعيا إليه.
فاجـَـأْتَنَا،
ورحلتَ دون سَؤاِلنَا
وبكى الخميسُ لقاءَنا،
وتركتَ بيتىَ خاويا فى كل جُمعةْ.
***
ماذا جرى؟
كيف جرى؟
هل يا تُرى : قد كان همسا من وراء ظهورنا يدعوك سرًّا:
ورجوتَ أن تلقاه شيخى بعد ما طال العناءْ؟
فاستاذن الجسدُ العليل بشجّةٍ فى الرأس كانت عابرة؟
لا لم تكن أبدا مصادفة ً، ولم يشأِ القدرْ،
كانت نذيراً بالوداعْ،
قطعتْ حباَلَ وِصَـالنا
فتهتك العهدُ القديمُ وحرَّرَ الجسدَ العنيدْ،
والشيخ درويشُ “الزقاقِ” يقولها:
“لا شىء دون نهايةٍ”
وهِجاؤها:
“قد حان وقتٌ للرحيل”.
***
عَّلمتنا شيخى الجليل:
أن الخلودَ بهذه الدنيا عدمْ،
والموتُ لا يُنهى الحياةََ لكلِِّ من أعطاها مثلَك نفسَهُ،
الموتُ ينقلها إلى صُـنّاعها من بعض فيضك،
قد كنتَ رائدَ حملها
يا للأمانة !!
يا ثقلها !!!
هل جاء من أنباكَ أنّا أهلُها؟
حتى الجبال أبيْنَ أن يحِمْلنَها.
كيف السبيل, وكل هذا حولها ؟
***
لكنَّ ما قدّمتَ علَّمنا “الطريق” إليه عبر شعابها:
لمّا عرفتَ سبيل دربك نحوه،
كدحاً إليه :
ودخلتَ فى عمق العباد تعيد تشكيل الذى غمرتْه أمواجُ الضلالْ، حتى تشوّه بالعمى والجوع والجشع الجبانْ،
***
شيخى الجليل:
ما دمت أنتَ فَعَلتْهاَ
فانعم بها
واشفعْ لنا
أن نُحمل العهدَ الذى أوْدَعْتنَاَ
شيخى الجليل:
نمْ مطمئنا،
وارجع إليه مُبْدعاً،
عبر البشر،
وادخل إليها راضيا،
أهلا ً لهاَ.