الوفد: 4/4/2002
لا تعقدوها مرة أخرى لا عادية ولا استثنائية
أقر وأعترف أننى توقفت عن مشاهدة التليفزيون منذ عدة شهور. هذا تقصير لا أقرّه، ولا أفخر به، ولا أستطيع حتى أن أعتذر عنه، إنه هرب قبيح . لكنى شيخ (أو على الأقل هذا ما أحب أن أدّعيه) لى طاقة تحمّل محدودة، وعلى ّ واجبات أنا حريص أن أؤدّيها. وقد وصلتْ بى الحال، حتى قبل الأحداث الأخيرة، أننى كلما شاهدت ما يجرى لأولادى وبناتى وسائر أهلى فى فلسطين، أن أظل صامتا متجمداً بعد الأخبار مدة تطول حتى أتصور أنها لن تنتهى. وقد يتفاقم الأمر أكثر من ذلك مما لا أحب أن أذكره لأن به من الخجل والتقصير ما لم يعد ينفع أن يقال فى مجرد كلمات، وهو ولا يشرف أحدا.
لكننى إذا كنت قد نجحت فى تجنب التلفاز !!! هكذا، فإننى ما زلت أطالع الصحف ، وأشاهد الصور التي تنشر فيها بين الحين والحين. ومن ضمن ما طالعت مضطرا : بيان القمة، ومن ضمن ما شاهدت صارخا من الألم صورتين يأتي ذكرهما فى نهاية المقال.
نبدأ بقراءة فى بيان القمة :
بعد أن أوصيت في المقال السابق بعدم إصدار بيان أصلا اكتفاء بالأفعال إن شاء الله ، صدر البيان طبعا مما أعادنى إلى الواقع، وأنه على أن أتراجع وأقرأ البيان باحترام جدير بمن أصدروه. فوجدته بيانا متوازنا رصينا فصيحا دمثا مهذبا واقعيا يرضى جميع الأطراف حتى أمريكا. (يعنى). أما ما يترتب عليه فهذا أمر بعيد عن اختصاص القمة، ما دامت الأسلحة عند كل الحكومات العربية – الثرية خاصة – مخزنة حتى ينتهى عمرها الافتراضى استعداد لأى احتمال غير الاحتمال الجارى !!.
أسارع مرة أخرى بالتأكيد على أنها ليست دعوة لحرب نظامية ، ولكن ربما تضمن هذا التلميح الأخير ألا نُحكم إغلاق مخازن هذه الأسلحة جدا جدا، ربما يأتى لص شريف يوصلها لمن ينتفع بها رغما عنا، هذا قضاء لا رادّ له، ولا يؤاخذ عليه أمين المخازن.
قلت أيضا فى ذلك المقال إن الحرب قائمة فعلا، وأن علينا أن نختار إلى أى الجانبين ننحاز، وأنه حتى موقف الحياد هو يحتاج إلى إعلان فورى ممن عنده شجاعة إعلانه، وهو أفضل من الاكتفاء بالبيانات والمطالبات. وحين تذكرت ما قاله هذا الكلب السافل الأبله المسمّى دبليو بوش من أنه “من ليس معنا فهو علينا “، تصورتُ أن من حق أبطال فلسطين ، وكل واحد وواحدة هناك هم أبطال فلسطين، أن يقولوها للعرب حكومات وشعوبا ، يقولوها صريحة ومباشرة : إن من ليس معنا فهو علينا. ثم على هؤلاء الأبطال أن يحددوا ماذا يعنون بلفظ “معنا”، حتى لا يقتصر الأمر على بيانات القمة ولا على مساجلات قناة الجزيرة ولا على تصوير شهداء الحرب، “معنا” تعنى “معنا”. لا أكثر ولا أقل ، وكل واحد يستطيع أن يترجمها كما يسمح به ضميره ومسئوليته، فكيف قالها بيان القمة ؟
نقرأ معا بالتفصيل:
أنا لا أعرف كيف يقرأ القارئ العادى الأخبار والبيانات التى تطالعنا كل يوم متحدية أو ملتبسة، وطبعا لا أعرف أكثر كيف يقرأ نفس الأخبار هذا المسئول العربى أو ذاك ، أو حتى هذا القبيح الأمريكى فى البيت الأبيض أو فى الكونجرس، لقد فقدت الكلمات معناها، إن ما يجرى فى العالم هذه الأيام يشير إلي أن الذى اهتز ليس فقط قيم العدل والحق ، وأن الذى صار يحتاج لإعادة نظر ليس فقط معنى الحياة والموت، ولكن حتى الكلمات البسيطة التى يستعملها طفل في الثالثة فقدت معناها.
خذ مثل كلمة “نطالب ” ما ذا تعنى كلمة نطالب التى تكررت عدة مرّات فى بيان القمة، وفي بيان مجلس الأمن؟ ماذا كان يعنى هذا المسئول أو ذاك تحديدا وهو يستعمل كلمة “نطالب”؟ وهل فكر مَنْ صكّ هذه المطالبة فَيما يترتب عن اعتذار المطالَب (بفتح اللام) عن الاستجابة لما نطالِـب به (بكسراللام)؟ وما الفرق بين “نطالب” و”نطلب”. تصورُت أحيانا أن الاسترخاء العاقل قد وصل بهؤلاء الذين يطالبون أن يتصوروا أنهم يختارون طلبات من قائمة إجراءات مثل قوائم الطعام فى أى مطعم، وأن النادل سوف يرجع إليهم معتذرا أن ما يطلبونه (أو يطالبون به) هو غير موجود فيطلبون طلبا آخر وهكذا. أليس هذا ما تفيده كلمة “نطلب” أو “نطالب”؟ جاء فى البيان مثلا:
(1) “مطالبة” إسرائيل بتنفيذ قرارات الشرعية الدولية المتمثلة فى قرارى مجلس الأمن 242 و338 وإقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس، وذلك فى إطار إقامة سلام شامل بين العرب وإسرائيل.
وهل توقفنا طوال أكثر من نصف قرن عن “مطالبة” إسرائىل بتنفيذ قرارات مجلس الأمن، وهل هناك فرق بين إعلان هذه المطالبة وبين صدور بيانات مجلس الأمن الواحد تلو الآخر التى هى في ذاتها ليست إلا مطالبة ، وهل نحن حين تبينا طوال نصف قرن أن “قائمة” من نطالبهم لا يوجد فيها الصنف الذى نطلبه، هل تعلمنا أن نكف عن المطالبة بما هو ليس لديهم ؟
أتصور زعماء إسرائيل وهم يعتذرون عن هذا “الطلب” أنه ليس موجود عندهم، إنما يسارعون بعرض “قائمة” بديلة يمكن أن تحقق سلاما آخر أكثر رشاقة وملاءمة لما وصل إليه حال العرب (غير الفلسطينيين) من مذلة ومهانة. وهو كله سلام والسلام. وبالتالى يحققون ما نطالبهم به بطريقتهم ، المهم ألا نخرج من مطعمهم جائعين، أو يدنا فارغة بلا “سلام”
(2) “مطالبة” إسرائيل بإعادة النظر فى سياساتها واعتبار خيار السلام خيارا استراتيجيا.
لاحِظ أن “المطالبة” هنا أصبحت أرق وأهدأ، نحن هذه المرة لا نطالب بالسلام مباشرة بعد أن اعتذروا عن الاستجابة للمطلب الأول ، ولكنها “مطـالبة ” بـ “إعادة النظر”لو سمحوا . هل يعرف من دبّج هذا البيان المهذب ماذا يعنى تعبير “إعادة النظر”؟ إنه يعنى أن هناك “وجهة نظر” ما يمكن إذا تمّ فحصُها أن تتعدّل أو تُقَرّ، أو تُسْتبدل، هذا كل ما فى الأمر، يبدو أن السادة المجتمعين على القمة قد بلغوا درجة من التحلى بأساليب الخِطاب الدمثة جعلتهم يطالبون جارتهم التى هي “ليست آخذة بالها”، ليس بتغيير وجهة نظرها هذه، ولا برفضها ولكن بالتوصية بالتفضّل بإعادة النظر. إعادة النظر فى ماذا؟ فى “سياستها” (ولا مؤاخذة)، التى هى ماذا ؟ التى هى ليست خيار السلام استراتيجيا”، وهذا ظلم لإسرائيل لأنها لا تكرر منذ 1948 إلا مطالبتها بالسلام التمام التمام ، نحن الذين رفضنا قرار التقسيم سنة 1948 ورحنا نفخر منذ ذلك الحين بأننا سنلقيها في البحر، ونطلق عليها صفة “المزعومة “، وهى ترد على كل ذلك أمام المجتمع الدولى بالتلويح بأنها بلد صغير مسالم يريد أن يعيش فى سلام، ففيم تعيد النظر ؟
بعد نصف قرن بالتمام، وبعد الهزائم التي بدأ شباب وشابّات فلسطين يمسحون عارها الآن فقط، يأتى المجتمعون على القمة ويطالبونها “بإعادة النظر”، وأنهم ، “…. وحياة الغالى عندك يا عم شارون، تبقى طيّب مثلنا ، وتعتبر السلام خيارا استراتيجيا مثلما اعتبرته القمة تلو القمة كذلك” . ياخبر أسود ومنيل بستين نيلة !!! لولا أننى فقدت القدرة حتى على السخرية السامّة لقلت إن ردّ شارون يمكن أن يكون ” …شكرا، لقد وضعتْ الحكومة الإسرائىلية مطالبة القمة العربية “الكويسة جدا” فى الاعتبار، وأعادت النظر فى سياستها، ووجدت أنها تعتبر السلام مهم جدا جدا، وهو ليس خيارا استراتيجيا فحسب، ولكنه غاية مرادها ومنتهى أملها منذ أنشئت، لكن أنتم “أيها القمم” الذىن لم تأخذوا بالـَكم، (ولا مؤاخذة) ، وبالتالى فإن مجلس الوزراء الإسرائىلى مجتمعا، يطالب المجتمعين على القمة، كل فيما يخصه أن يأخذ باله ليكتشف أنه هو الذى عليه أن يعيد النظر.
يرد شارون بذلك ثم يقوم – دفاعا عن النفس وعن السلام بالمرة – بكل هذا القتل والإعدام، والتدمير ، والترويع، والإذلال،
ثم يطالب البيان أيضا بمنتهى الوضوح والإصرار، بعد تداول شديد جدا فى الأغلب، يطالب بما يلى:
– الاتفاق على حل عادل لمشكلة اللاجئين على أساس القرار 194 ورفض كل أشكال التوطين الفلسطينى الذى يتنافى مع الوضع الخاص للدول العربية المضيفة للاجئين الفلسطينيين.
يقول المثل المصرى “إيش خاطر الأعمى، قال قفة عيون” هذا البند ليس مطالبة بإجراء مباشر بعودة اللاجئين ، لكنه يبدو مطالبة واقعية لأنها اكتفت بإعلان الاستعداد “للاتفاق” على حل عادل يرجعنا بالسلامة إلى قرار 194. طيب ، وكيف يتم الاتفاق؟ بالفاكس أم بالبريد الإلكترونى؟ سوف يسارع السيد بوش بتذكيرنا بأن أى “اتفاق” لا يتم إلا بالعودة إلى مائدة المفاوضات. وكيف يمكن العودة إلى مائدة المفاوضات ؟ بتنفيذ توصيات ميتشيل. وكيف يتم تنفيذ قرارات ميتشيل؟ بتطبيق توصيات بنيت. وكيف يتم تطبيق توصيات بنيت،؟ بالاستماع إلى توجيهات وتنظيمات وترتيبات الأخ اللواء الركن الجنرال زينى. بوقف الانتفاضة. وكيف يتم وقف الانتفاضة؟ بالزعيق لياسر عرفات أن “يبذل جهدا أكبر” وهو محاصر بلا كهرباء، لا يستطيع أن يغسل نفسه أو يتوضأ نتيجة لأنهم قطعوا عنه الماء والكهرباء، ولكن عليه (وهو فى هذه الحال) أن يبذل جهدا أكبر لوقف الهجمات . هكذا صرّح بوش أمس 31 مارس، أى والله ( شكرا يا بوش يا إبن الـقـ……، لا يذهب خيالك بعيدا، أقصد يا إبن القمـــة، لكنه الفُوَاق – الزغطة !!) . فإذا تم كل ذلك بالسلامة ، فإنه يمكن – بناء على توصيات القمة أن تجرى المحادثات للاتفاق على ما لست أدري ماذا ، نسيتُ. (الذاكرة البشرية محدودة السعة . الله !!!).
أتوقف عند هذا الحد فما عدت أطيق. لكنني أذكر أن بيان القمة لمم يقتصر على مسألة فلسطين طبعا، لكن وردت تعبيرات أخرى، دمثة جدا، وفى غاية الطيبة والرقة والمجاملة ، أنا لا أرفضها لأنى أتصور أنني إنسان متحضر ، وإنما أذكر بعضها من باب التلطف دون ذكر ما تشير إليه مثل ” …يعبر القادة عن سرورهم البالغ ” (بكذا وكيت) لا أعرف كيف استطاعوا أن يسروا سرورا بالغا وسط كل هذه الدماء، وأيضا ..”.. يعبر القادة عن تهانيهم الأخوية الصادقة..” ….إلخ.
أما ما يمكن أن أذكره تفصيلا فهو ما جاء من أنه
“..يحيى القادة العرب باعتزار كبير الصمود الرائع للشعب العربى الفلسطينى وانتفاضته الباسلة وقيادته الشرعية والوطنية وعلى رأسها الرئيس ياسر عرفات، ويوجهون تحية إكبار وإجلال لشهداء هذه الانتفاضة، ويشيدون بروح الفداء… إلخ.”
هذا أمر يشكرون عليه بلا أدنى شك، لأن هذه التحية هى “فصل الخطاب فى نفى صفة الإرهاب” عن هؤلاء الذين يتنازلون عن الحياة، وعن الأمل، وعن الغد، وعن الحلم، بكل هذه الشجاعة وهذ الجمال!! خاصة وأن التحية ليست تحية عادية، ولكنها “تحية باعتزاز كبير” (وأنا أضيف من عندى “جدا”، أى: “اعتزاز كبير جدا”؟”).
وأخيرا ، وإحقاقا للحق ، فإن البيان تضمن تهديدا حقيقيا لاقتصاد إسرائيل بأسلوب غير الذى حققته الانتفاضة حيث أوصى بـ :
“… “تفعيل” نشاط مكتب المقاطعة العربية لاسرائيل حتى تستجيب لتنفيذ قرارات الشرعية الدولية و”مرجعية” مؤتمر مدريد لـلسلام”
أنا أراهن أنك لو سألت بعض القراء العاديين عن تعريف جامع مانع لكل من كلمتى “تفعيل” و “مرجعية” فلن تجد إجابة متفق عليها، هذا إن أجاب أى منهم أصلا ولم يستسخفك أو يهملك، وهذا لا يعيب قرارات القمة، لأنهم أدرى بتفاصيل ما يترتب على هذا “التفعيل” خصوصا إذا استند إلى تلك “المرجعية”.
دعوة للتخيل والتقمص
أتمادى فى التخيّل والتجسيد فأدعو القارئ أن يشاركنى فى هذه التجربة، “القراءة بالتقمّص” لا ليعانى مزيدا من الألم، فالألم دون فعل هو نعابة قبيحة، ولكن لنبدأ معا كلٌّ فى موقعه، رغم أنف بوش وشارون ومؤتمر القمة ومجلس الأمن جميعا.
أرجو أن يتحمّلنى القارىء وأن يصدّق أننى شخصيا قد قمت بهذه التجارب التى أنصحه أن يمارسها بدوره ثم نرى ما خرجنا منه معا، وملعون أبو كل سلطة معوّقة :
أولا :أرجوك – عزيزى القارئ – أن تقوم الآن، وتركع على ركبتيك ، وتفرد ظهرك ، وتلصق وجهك فى حائط الحجرة التي تقرأ فيها هذا المقال وأنت تضع يديك متشابكة مع بعضها وراء ظهرك ، وانتظر هكذا خمس دقائق فقط، ولا أحد يراك.
ثم تصوَّر لمدة دقيقة واحدة أنه يقف وراءك مَنْ أمَرَك بذلك أيا كان، ثم تصور لمدة دقيقة أخرى أنك تفعل ذلك وخلفك كلب مسعور من هؤلاء الوحوش الإسرائليين وقد أمسك بسلاحة الجاهز ونظراته مليئة بالاحتقار والإذلال ، ثم تذكر أنك لم ترتكب ذنبا إلا أنك تريد أن تعيش -بكرامة ما أمكن – على أرضك.
ثانيا : أرجوك – آسفا متألما والله العظيم – أن تكرر نفس المشهد وأنت منبطح على وجهك ، ويديك معقودتان خلف رأسك ووراءك نفس الكلاب المسعورة إلخ. (هاتان صورتان ليست من تأليفى ، ولكنهما منشورتان فى صحف الأسبوع الماضى)
ثم تصور بعد ذلك – عزيزى القارئ – أن أختك الصغيرة ، أ و خطيبتك أو حبيبتك رأتك وأنت على هذا الوضع .
الآن إعتدل واقفا – عزيزى القارئ- وقل لى ماذا أنت فاعل، وكيف سوف تنتقم لنفسك بعد أن أطلقوا سراحك نظرا لعدم ثبوت شىء عليك (رغم أنهم أخذوا العشرات ممن كانوا معك فى نفس الموقف) ، قل لى ما ذا أنت فاعل؟ وهل سوف تستجيب لنداءات رئيسك المحاصر ياسر عرفات وهو يدعوك للامتناع عن الاستغناء عن هذه الحياة بعد ما حدث؟ وهل سوف ستستجيب لنداء بيان مجلس الأمن الذى يطالب بوقف العمليات التى أسماها بالانتحارية. ولا أحد منهم يعرف معنى الموت الذى تفضله أنت عن الاستمرار فى حياة يمكن أن يتكرر فيها هذا المنظر.
هذا إذا كنت قد تقمّصت أحد إخوتك أو أبنائك فى فلسطين.
أما إذا كنت -عزيزى القارئ- عربيا تعيش في بلد بعيد أو قريب، آمِنْ فأرجوا أن تسأل نفسك – بعد قيامك بهذه التجربة – هل يمكن أن تستمر حياتك كما كانت قبل هذه القراءة التقمصية؟ أم أنك ستغير كل شىء في حياتك وحياة من حولك بدءا من هذه اللحظة طول الوقت طول العمر؟ فننتصر معا فى النهاية؟ ضد كل القمم والأعداء والسلطات.
تفاؤل رغم كل شىء
إن هذا العدو الشرس هو ومن يسانده، وبعد أن فقدو كل معنى وكل قيمة شريفة لا يفهمون معنى للمطالبة، ولا للاستجداء، ولا للتوصية، ولا للشعور بمزيد من القلق. إنه يفهم فقط “حساب المكسب والخسارة”.
فى صحف هذا الصباح، ووسط كل هذه الأحداث، ومع فارق القوى كان العنوان ” مصرع 16 إسرائليا واستشهاد 36 فلسطينيا” قاربت النسبة “واحد إلى اثنين”، وعددنا أكثر منهم بنسبة “واحد إلى أربعين” تقريبا.
فمن الذى سوف يكسب فى النهاية بعد أن يتذكر الله عرفات شهيدا أو بعد أن يبقى بيننا بطلا، كله واحد؟
أما حسابات المكسب والخسارة التي تفهمها أمريكا، فهذا أمر أبسط وأخطر، ما على الدول العربية والشعوب العربية إلا أن تبادر بالعمل على تحقيقه بالاكتفاء الاقتصادى فورا دون مؤتمر استثنائى للقمة.
[وإذا لم يفعلوها الآن، فسوف نفعلها نحن الآن ودائما].