نشرة “الإنسان والتطور”
الأربعاء: 14-5-2014
السنة السابعة
العدد: 2448
كيف نوقظ العقل المصرى من غفلة الكسل؟(1)
حذرت غيرى كثيراً من التعميم، وإذا بى أكاد اقترف ما حذرت منه الآن وأنا أتكلم عن “العقل المصرى”.
فلأبدأ بنقد نفسى أولا: فأقر وأعترف أن ما سأقوله هنا لا يسرى على كل عقول المصريين، ولا هو حدث نتيجة للثورة أو خيبة أملنا فيها، وبالتالى هو لا يصلح للإجابة على السؤال المفضل للإعلاميين الطيبين عن: ماذا حدث للمصريين؟، ذلك أنه بصفة عامة توجد فى مصر عقول مبدعة وناقدة ونشطة بعدد شعر رؤوسنا !!!، فهل يا ترى هذا التحذير يكفى؟
فى مقال سابق كتبت ما أقتطف منه ما يلى: ” قبل ذلك وحتى الآن أفتقد فينا بصفة عامة ما يسمى “المنطق البسيط”، و”التفكير الفرضى الاستنتاجى”، ثم “إن التفكير النقدى لا يحتاج إلى أبجدية علمية أو فنية خاصة وإنما يحتاج إلى وعى يقظ، وحس يستشعر الخطر بقرون استشعار البقاء، وقدرة على طرح الأسئلة”… ثم إنى استشهدت بمن أتعلم معهم ومنهم التفكير النقدى فى العلاج الجمعى فى قصر العينى وهم من الطبقة الوسطى جدا فأقل، من المصريين (بحق وحقيقى)، وكثير منهم لا يجيدون القراءة وقلت: إن ” المسألة ليست القراءة والكتابة، وإنما هى مسألة ماذا تقرأ وكيف تقرأ، ماذا تسمع، وكيف تفهم ثم كيف تفكر فيما تقرأه (وتسمعه) وكيف تستنتج من كل ذلك ما هو صالح لك ولناسِكْ”.
وأخيراً نبهت إلى أن استنتاجى ما وصلنى عن كسل العقل المصرى تأكد لى من أغلب التعليقات التى تصلنى أحيانا على ما أكتب هنا قائلا: “حين تنزع جملة من سياقها، وحين تصدر حكما قبل أن تكمل القراءة، وحين تعقب على أول الكلام دون آخره، تكون قد تنازلت عن مزية التفكير الفرضى الاستنتاجى الذى يكتسبه الطفل – خلقة ربنا– حول سن السابعة”.
سألنى بعض الأصدقاء والصديقات: ماذا تقترح حتى ينشط العقل المصرى إذن، وطلب بعضهم منى أن أقدم توجيهات محددة، فخطر لى أن أبدأ ببعض ذلك كما يلى:
أولاً: جرّب أن “تؤجل الحكم” على ما يصلك، بدءا من دقيقتين إلى أسبوع فأكثر، ثم تصدر حكمك بعد ذلك عليه كما تشاء، فمن علامات كسل العقل الإجابات الانعكاسية “تك <==> تاك”!
ثانياً: جرّب أثناء تأجيل الحكم أن تبحث عن – أو تحتمل أن يصلك – رأى آخر عن نفس الموضوع ، يا حبذا لو كان مختلفاً، وحتى لو كان متفقا فقد تصلك عنه تفاصيل أفضل، ثم جرّب أن تعيد النظر لو سمحت.
ثالثاً: جرب أن تتمع بالحفاظ على حق “عدم الفهم” لمدة أطول فأطول، خصوصا أن كثيرا مما يصلنا هذه الأيام يقع تحت هذا البند، أى أنه عصىّ عن الفهم، هذا الاعتراف هو بداية طيبة لفهم أعمق.
رابعاً: جرّب أن تمسك أى حدث قريب أو بعيد، من أول ثورة يوليو حتى تغيير وزارة الدكتور الببلاوى وما بعدها، وأن تلعب لعبة “ماذا لو لم“؟ وسوف أؤجل تدريب “ماذا لو” إلى ما بعد، علما بأن التدريب الحالى يحتاج لخيال أكثر وإقدام أجرأ.
تدريبات درس “ماذا لو لم؟”:
1- ماذا لو لم تقم ثورة 1952 ؟
(ليس بالضرورة أن تكون ملمّا بما قبلها!! خيال بقى!!)
2- ماذا لو لم يفعلها الشباب فى 25 يناير 2011؟
لاتخف أن يصنفوك “فلولا” إذا ذهبت إلى الناحية التانية)
3- ماذا لو لم يخرج الناس فى 30 يونيو 2013 ؟
(بعيد الشر، لكن انت حر طبعا، ويعيش الرئيس محمد مرسى! ماذا؟!!! لزوم إجابات محتملة! الله!!!)
4- ماذا لو لم يرشح المشير نفسه فى آخر لحظة؟
(هدّىء نفسك، هدّىْء نفسك، هذا امتحان تجربة، صلّ على النبى عليه الصلاة وا لسلام)
وبعد
أكتفى بهذا القدر،
لكن أستحلفك بالله أن تأخذ المسألة بشكل جدى،
وسوف تتعجب كيف عاد عقلك إلى نشاطه ونفض الكسل عنه وبدأ يلعن الكاتب الذى اضطره إلى ما لم يخطر على باله، وعن نفسى فأنا أرحب بهذه البداية مهما أصابتنى
وربنا يستر.
[1] – نشر هذا المقال بموقع اليوم السابع 22-3-2014