اليوم السابع
9-5-2014
كيف أقرأ خطاب المرشحين؟
قلبى مع الذين امتحنهم الله بالتصدى لحمل أمانة هذه الأمة فى هذه الأيام، والأمور كما هى هكذا، ودعواتى للفائز منهما بالتوفيق فى مهمته، لأن توفيقه سوف يعود على ناسه/ناسي، بالخير والستر والعيش الكريم.
رفضتُ دائما، كما أكدت رفضى هذا فى المدة الأخيرة، أن أقوم بتحليل أداء وحركات ولهجة وتعبيرات وجه وجسد الشخصيات العامة، فما بالك إذا كانت هذه الشخصية مرشحة لقيادة ناسى أربع سنوات أو ثمانية، ويمكن تصور عدد من طلب منى من بناتى وأبنائى من شباب الإعلاميين مثل ذلك، هذا الموقف الرافض من جانبى ليس تخليا عن الإدلاء بالشهادة، وإنما هو نتيجة لمعرفتى بحدود قدراتى، وتواضع إسهامات تخصصى فى هذا المجال فى هذا المقام، وأيضا نتيجة لتحفظى على إصدار فتاوى تصل للناس على أنها حقائق علمية، مع أنها لم يتوفر لإصدارها أى قدر كاف من المعلومات الموضوعية، أو المحكات المنهجية المنضبطة.
لكننى فى نفس الوقت مواطن مصرى، أحمل رقما قوميا، ولى حق الانتخاب، وسوف أنتخب بإذن الله، إن كنت حيا ساعتها، وكنت مازلت أستطيع أن أغمس بِنْصَرى فى حبر اللجنة، وأن أمسك بالقلم، هذه كلها طقوس جديدة جادة أمتلئ بالفرحة وأنا أمارسها، برغم علمى بتواضع دلالتها، إلا أنها ترضينى لأنها تطمئننى أننى مازلت أستطيع أن أمارس الممكن، حتى نحقق المستحيل، ما علينا، بصفتى مواطنا عاديا، نافيا مرة أخرى صفتى المهنية، أو العلمية، تصلنى رسائل كثيرة من خطابىْ المرشحين وتعبيراتهم وحواراتهم، تماما مثل تلك التى تصلنى كانطباعات عن طلبتى، وأصدقائى، وأسرتى، ومرضاى أثناء تعاملى معهم، فأكوّن رأيا وآراء رغما عنى، أعلن بعضها – مثل أى واحد-، وأحجب بعضها – مثل أى واحد-، ولا أتمسك بأى مما أصل إليه إلا من خلال اختبارها بالأداء على أرض الواقع.
رحت أقيس ما يصلنى من المرشحيْن الفاضلين بمحكات اجتهادية، وانطباعات ذاتية، رأيت أن أثبت بعضها للناس، بالشروط السالفة الذكر:
أولا: أحاول أن أقرأ مدى الصدق الذى يظهر على وجه المتحدث، وذلك بالتمعن فى تناسب تعبيرات الوجه مع منطوق الرأى، وهو ينتقل من الحديث عن المحرومين إلى الحديث عن الأعداء فى الداخل، ثم فى الخارج إلى الحديث عن نفسه مثلا، ويصلنى مدى صدقه رغما عنه!
ثانيا: أحاول أن أتقمص ألم المتكلم حتى من وراء ضحكته الواسعة وهل هو يتناسب مع حديثه عن آلام الناس البسطاء أو ثكل الأمهات أو أمية خريجى المدارس، المشاركة فى الألم الإنسانى، غير الجزع من هول بشاعة الواقع، وهذا وذاك غير الطبطبة والمصمصمة الوعود وحسن النوايا.
ثالثا: أحاول أن أبحث عن نبض إيمانه إذا ذكر الله تعالى فى كلامه، وهل هو يستعمل اسم الله سبحانه من الظاهر ليرشوا تدين المستضعفين ويتماشى مع عموم ثقافتهم، أم أنه يستحضر حضوره جل جلاله وهو يعلم أنه تعالى يراه وإن لم يكن يراه،
رابعا: أتابع مشاعره وهو ينتقل من الألم إلى الأمل، وهل يستطيع أن يسمح للطمأنينة أن تغمره ، برغم ألمه، دون أن يتخلى عن عمق مشاعره، حتى تصل الرسالة بأكبر قدر من المسئولية، وأقل قدر من اليأس فى نفس الوقت.
خامسا: أستطيع أن أرصد علاقة المتحدث بقيمة الزمن ومعناه، من أول وعيه بالدقائق، بل بالثواننى التى ينبغى أن تـُملأ بما ينفع الناس، وبما هى أحق أن تملأ به، بدءا بنفسه، امتدادا إلى قدرته على استيعاب الزمن الضرورى لأى تغير حقيقى، أولا على مستوى الحضارة، وثانيا على مستوى التطور، ثم أتراجع بسرعة ، فأكتفى بمحاولة التقاط مدى وعيه بالزمن اللازم لإحداث تغيير إيجابى حقيقى فى وعى وثقافة وكرامة وإيمان هؤلاء الناس الذين يخاطبهم، ليتغير سؤال “ماذا حدث للمصريين إلى سؤال: ماذا يمكن أن أفعل لهؤلاء المصريين ليحدث لهم ويخرج منهم ما هم أهل له.
سادسا: أحيانا أستطيع أن ألتقط إجابة لسؤال صعب يقول: هل يقع فى قاع وعيه المرشح بدائل محتملة لما يطرح من حلول حاسمة، دون أن يعوقه ذلك عن استحسان رأيه، وفى نفس الوقت قد يساعده على السماح بتعديله؟
سابعا: أدقق النظر وأسأل نفسى: يا ترى إلى أى مستوى وعى من مستويات وعى الناس هو يوجه حديثه، هل هو يخاطب عواطفهم البدائية، أم احتياجاتهم المتلهفة، أم يخاطب الأطفال بداخلهم، ام يدغدغ شعورهم بالذنب وحاجتهم إلى التكفير، أم يهدهد كسلهم المتراكم، أم اعتماديتهم المتزايدة، أم يحرك صدق علاقتهم بربهم…الخ
وبعد
ثٌمَّ كلام من هذا كثير لا أستطيع أن أحدد كيف يصلنى بدقة أكثر، لكننى أزعم لنفسى أننى، ربما بسبب سنى، وحبى لناسى، واحترامى لألمى، وفرحتى برقمى القومى، ومسئوليتى عنه، وعن كلمتى هذه، أزعم أننى أستطيع أن أقيسه بدرجة تحتمل الصحة،
فإذا أخطأت، فأستغفر الله العظيم، وإنى آسف.