نشرت فى الدستور
25 / 6 / 1997
.. كوبنهاجن: بالفلاحى..
ماتت أراجيز وحواديت كثيرة، كانت لها دور فى تشكيل وعينا أطفالا، منها واحدة كانت تحكى حكاية كلها مفارقات، تريك كيف أن التقسيمات المزعومة لا تعنى شيئا، وأن كثيرا من الأمور مثل بعضها البعض حتى لو ادعينا أننا نميز بينها، وبهذا يتم التنبيه إلى ضرورة تجنب خداع الألفاظ، وفراغ الأعمال من حقيقة فاعليتها، نحكى الحدوتة الأرجوزة أولا: يحكى أنه كان هناك ثلاثة رجال سود (حبش) وقد وقفوا على تل هش (لأنه من اللبش) وأنهم عمى الثلاثة، اشتروا ثلاثة أفدنة، بارت جميعها، ومع ذلك استأجروا أربعة حراس عليها، كل واحد من هؤلاء الحراس يدعى مالا يستطيع … تذكرت هذا كله وأنا أتتبع محادثات السلام بل وربما تاريخنا الحديث المزركش بالكلام.
تقول الحكاية: كان فيه تلاته حبش، على تل لبش، إثنين عمى وواحد ما بيشوفشى، اللى ما بيشوفش لقى تلاتة فضة “نصف تعريفة”، إثنين ماسحين وواحد مابيروحش، إللى ما بيروحش اشتروا بيه ثلاث فدادين، إثنين باروا وواحد ماطلعش، إللى ما طلعش وقفوا عليه أربع حراس: أطرش، وأعمى، ومكسح “مقعد” وعريان، الأطرش قال: حس خيل دبى ” سامع صوت حوافر جياد”، قال الأعمى: أنا شايفهم سبعة ثمانية، قال المقعد: يالاّ بنا نجرى، قال العريان: وكل اللى تجيبوه هاتوه فى حجرى .
ياترى هل استطاع القارئ الأصغر والأحدث “إبن التليفزيون” أن يدرك المغزى، ويا ترى هل ذكرته هذه الحكاية بالحوارات التى تجرى فى مجلس الشعب عندنا أو تحت إسم كوبنهاجن، وهل يا ترى يتحمل أن أذكره بمثل عامى فى نفس المعنى، وهو مثل جارح صاغه نجيب سرور بالعربية حتى لايخدش حياء السامع حين وصف الفعل العاجز فى الحس الميت قائلا “عليل يضاجع ميته” ، سامحنى عزيزى القارىء، ذلك لأن هذه الصورة لم تغب عنى أبدا: لا وأنا أشاهد جلسات مجلس الشعب أو مناقشات جامعة الدول العربية، ولا وأنا أحضر بعض اللجان أو المؤتمرات التى تسمى علمية، ثم إنى اكتشفت أنى كتبت على نهج هذه الحدوته شيئا مشابها يقول:
كان فيه ثلاثه هبل، ماشيين عالحبل، إثنين وقعوا وواحد اتكعبل، إللى اتكعبل عمل ثلاث حركات: إثنين خابوا وواحدة مانفعتش، إللى مانفعتش عملوا منها تلات اتفاقات: إثنين أوسلو وواحد كوبنهاجن، اللى كوبنهاجن قعدوا يحكوا فيها ثلاث سنوات إثنين تحضير وواحدة أى كلام، اللى أى كلام رسموا فيها ثلاث سلامات (جمع سلام) إتنين باظو وواحد مانفعش ….. إلخ.
ليس يأسا والنعمة
- لكنها تعتعة، وقانا الله وإياكم خطر التفسخ!!.