نشرت فى الدستور
15-6-2005
…… كفاية “إهانات” ؟
■ المنافقون أهانوا الرئيس وحولوا العلاوة الاجتماعية
إلى منة رئاسية والاستفتاء إلى “زفة”
كمواطن قديم، بلغت مدة خدمتى فى هذا الوطن أكثر من سبعين عاما، أرفض أن يهين أحدهم رئيس دولتى مهما كان. طيب، ماذا لو أهاننى هو أو بطانته؟ أرفض أيضا أن أرد الإهانة بالإهانة، لكن علىّ أن أعمل على خلعه، مهما طال الزمن، وهذا ما ينبغى أن يجرى ديمقراطيا (بإذن الله). من هذا الموقف المبدئى أرفض كل الإهانات الصادرة فى كل الصحف والمجلات “التى هى” و “التى ليست هى”، بما فى ذلك الدستور.
بحكم أقدميتى تلك، رحت أراجع تاريخى فى مخاطبة رئيسى خلال ربع قرن، فوجدت أننى قلت ما أردت قوله فى حينه بشكل ما، دون إهانات (حسب اجتهادى)، وذلك من أول “يوميات ناخب حزين، (الوفد 7/6/1984 ) ثم “حق الانتخاب وحق الاحترام” (الأهالى 4/3/1987) ثم بعد حادث أثيوبيا (الوفد 3/7/1995) ، ثم بعد حادث سائحى الأقصر (الوفد26/11/1997) وجهت كل هذا غالبا فى شكل ما يسمى “خطاب مفتوح” ، قلت مثلا بعد حادث الأقصر :”سيادة الرئيس “… إن الزمن وطبعنا قد فرضا عليك زعامة مرهقة وخطيرة، راحت تكبر وتتعملق حتى حلت محل الدولة : أنت تنمو، والدولة تتضاءل” وأخيرا كتبت إليه بمناسبة استفتاء الرئاسة الرابعة (الوفد ؟ سبتمبر 1999 ) مقالا قلت فيه “إن مخاوفى يا سيادة الرئيس هى عليك أنت، … خوفا من أن تتصور ـ لا قدر الله، أنك معصوم وأنك فريد لا يتكرر وأنك وأنك . . . ……،
تحت زعم أنى لا أرد الإهانة بالإهانة، أقر وأعترف أن كل ، أو أغلب، ذلك، كان ردا على ما وصلنى عبر تلك الفترة (دع جانبا ما قبلها، ومن قبله !!) . ثم دعنى أعترف لك عزيزى القارئ أن الإهانات تصلنى بمشاعر جسدية وليس فقط كمضمون فكرى مهين، مشاعر لا أستطيع أن أعلنها لك. بدأ ذلك بالاستهانة بصوتى الانتخابى الذى لم أستعمله إلا مرة واحدة سنة 1956 لأقول “لا”. ثم توقفت حين أصبح صندوق الانتخاب – بما يجرى حوله وفيه- مهينا لعقلى وأدميتى ومواطنتى جميعا.
روح يا زمان تعال يا زمان حتى جاء الاستفتاء الأخير 2005، وظلت بطاقة انتخابى محفوظة فى مكان أمين تجنبا للمشاعر الجسدية إياها.
وحين ظهرت حركة كفاية والحركات التوابع ، تمنيت أن أول كفاية تكون فى هذه المنطقة وليس فى تجديد رئاسة الرئيس، تصورت أن عدم الإهانة يعنى أولا وقبل كل شىء احترام صوتى الانتخابى لأنه الوسيلة الديمقراطية التى تستطيع أن تخلع الرئيس والنظام إذا ما تجرأ وأهاننى.
طيب، هذا عن رفضى الإهانات عامة، وبالذات إهانات المواطن المعارض لرئيسى الجليل، ولكن ماذا أفعل فى الإهانات التى تلحق برئيسى ممن يتصورون أنهم يدعمونه، ويدافعون عنه، ويؤيدونه؟ بلغتنى إهانات الرئيس الغبية أو العفوية من مصادر حسبتْ أنها تمدحه، أو تحسن صورته، أو تؤيد بيعته، وفيما يلى بعض الأمثلة:
أولا: لمحات فى لقاء الذكى الألمع عماد الدين أديب مع الرئيس، (طبعا هو لم يقصد إهانة الرئيس، لكن ذلك هو ما بلغنى)
ثانيا : أغنية السياسى المواطن شعبان عبد الرحيم وهو يرفض تعديل المادة 76، وبالمرة الاستفتاء حين يعلنها مجعرا أنه :”..من غير نعم أو لأ (عكس ما جاء فى اقتراح الرئيس وورقة الاستفتاء) . الإهانة الأخطر فى الأغنية لحقت بالرئيس مِن المسئول الذى سمح لشعبان ومخرج الأغنية المهينة أن يستعمل صور انتصارتى سنة 1973 ، وصور رئيسى بكل هذه العبثية الدعائية؟
ثالثا: إعلان مدفوع الأجر، احتل نصف الصفحة الأخيرة من صحيفة نهضة مصر، الخميس 9 يونيو، من “جماعة مبارك الشعبية الوطنية” ، هذا ما وصلنى من الإعلان، ومن الصور، ولعلنى مخطئ.
أخيرا: وصلتنى إهانة للرئيس فى نفس التاريخ على غلاف المصور بعنوان ” بعد زيادة مبارك للعلاوة الاجتماعية إلى 20% : 3 مليارات جنيه للموظفين” حيث أظهر هذا العنوان رئيسى كمانح هذه العلاوة من جيبه، ثم أظهر الموظف كأنه يقبض ثمن صوته الانتخابى مقدما، فأهان الاثنين معا.
أدعو الله العلى القدير أن نعرف كيف يدافع المؤيدون عن رئيسى بطريقة أذكى، وكيف يرد المعارضون على الإهانت بالخلع (بفتح الخاء)، وليس بالإهانة.