نشرة “الإنسان والتطور”
الأحد: 11-4-2021
السنة الرابعة عشر
العدد: 4971
كتاب: مقدمة فى العلاج الجمعى
“من ذكاء الجماد إلى رحاب المطلق” (1)
الفصل الرابع عشر
العلاقة بين العلاج الفردى والعلاج الجمعى
هذه خبرة سلبية تعتبر نادرة، لكنها واقعية وهامة إذ تعرّى الفرق بأسلوب ساخر بحذر من الاسراع بتصور وجه شبه أكثر مما يحتمله الواقع، وفيما يلى الخطوط العريضة لهذه النقلة بالنسبة لى ص 24، وما بعدها (الفصل الثانى) ثم أضيف الآن:
1) بالنسبة لخبرتى الشخصية التى مهدت لممارستى العلاج الجمعى، ذكرت فى الفصل الثانى مراحل ذلك، وضرورته، وأنصح بالرجوع إليها.
2) لا ننصح عادة بأن يمر المريض بمرحلة العلاج الفردى قبل العلاج الجمعى، ولا يشترط ذلك.
3) لا نرفض أن يلتحق مريض مرّ بمرحلة العلاج الفردى بالعلاج الجمعى، سواء يكون قد حقق من خلاله ما أراد هو أو معالجه، أو كانت النقلة نتيجة لنوع من الإحباط قل أم كثر.
4) تعتبر النقلة من العلاج الفردى إلى العلاج الجمعى أزمة نمو بشكل أو بآخر، لأن ما اعتاده المتعالج فرديا من السرية، وطلاقة البوْح، وخصوصية العلاقة، هو على النقيض مما يحدث فى العلاج الجمعى غالبا، ويمكن تشبيه هذه النقلة بالنقلة من العلاقة الثنائية التى يعيشها الرضيع منذ الولادة مع أمه، إلى العلاقة الأخوية والأسرية التى يمارسها تدريجيا بعد ذلك، لكن النقلة فى العلاج من العلاقة الثنائية إلى العلاقة الجمعية تكون أكثر تأزيما وصدْما.
5) ليس بالضرورة أن يكون المعالج الفردى السابق هو أحد المعالجين فى المجموعة التى التحق بها المريض المنتقِل، بل إن الغالب ألا يكون هو هو، وإن جاز غير ذلك.
6) يحتاج الأمر إلى التدرج مع المريض المنتقل من الكلام إلى الفعل، ومن الحكى إلى المواجهة، ومن الماضى إلى الحاضر، وهذا أمر يستغرق وقتا أطول مما يحتاجه المريض الذى دخل إلى العلاج الجمعى مباشرة.
7) أحيانا قد يحتاج بعض المرضى أثناء العلاج الجمعى، إلى جلسات فردية تدعيمية محددة، خاصة فى فترات المرور بمأزق حاد، أو ظهور أعراض جديدة، أو ظروف جديدة تحتاج إلى دعم خاص، ولكن يراعى ألا تطول مدة هذا الاستثناء.
8) ينصح عادة أن يكون المعالج الفردى في هذه الحالات هو أحد المعالجين فى المجموعة.
9) يكون اللجوء إلى الدعم بالعلاج الفردى فى حالات الاضطرار إلى ذلك مثل المرور بمأزق بالغ الشدة بسبب جرعة التغير “المشى على الصراط”، Passing into fire ولا يكون بديلا عن العلاج الجمعى وتحدد له مدة محددة يتفق عليها حسب حدة المأزق أو الظروف الطارئة.
10) إذا تعذر أن يقوم بالعلاج الفردى أحد المعالجين فى المجموعة، فلا بد من تعاون شبه إشرافى (إشراف القرين) بين المعالج الفردى والمعالج الجمعى للفترة المحددة لمثل هذا الاستثناء.
11) لاحظنا أنه فى حالات تزامن العلاج الفردى مع العلاج الجمعى لمدة طويلة، يمكن أن تجهَض النقلات التى تتم فى العلاج الجمعى، ما لم يكن المعالج الفردى متابعا لمراحل نمو المجموعة، وهذا الفرد في المجموعة بشكل خاص، ذلك لأنه قد يتمادى التحاور فى العلاج الفردى كلاما وتفسيرا إلى درجة العقلنة، والبعد عن الـ”هنا والآن”، وهو ما قد يفسد ما تم إنجازه فى العلاج الجمعى .
12) تعتبر المتابعة الفردية المتباعِدة نوعا من العلاج الفردى قصير الزمن، وتسرى عليها ما يسرى من ملاحظات سالفة الذكر فيما يتعلق بالعلاج الفردى عموما.
13) إذا لزم الأمر، يستعان فى كل الحالات وحسب كل حالة، تشخيصا، ومأزقا ومرحلة علاج (نمو) : بالعقاقير المناسبة، بحسب ما ذكر فى الفصل الخاص بعلاقة العقاقير بالعلاج الجمعى، حيث تسرى المبادئ العامة على العلاج الفردى، (وأيضا على العلاج عامة).
14) لا توجد قاعدة تقول : إن العلاج الجمعى أفضل من العلاج الفردى، أو العكس، فكل حالة مرهونة بكل ظروفها فى أوقات مختلفة.
15) التنقل المتكرر فيما بين العلاج الجمعى والعلاج الفردى غير مفيد، بل هو ضار، ولا يعتبر ضمن إيجابيات ما يسمى “برنامج الدخول والخروج”In-and- out- program
16) ليس مهما أى أنواع العلاج الفردى تسرى عليه كل هذه القواعد، لكن الملاحظ أن هذه المدرسة تعد العلاج السلوكى والمعرفى، خاصة المتضمـَّن مع التأهيل أو العلاج الفردى، متمما للعلاج الجمعى، فأحيانا يشترط فى العلاج الجمعى، منذ البداية، أو فى مرحلة باكرة ، أن يمارس المريض عمله العادى تحت كل الظروف، وأحيانا يتخلل أيام الاسبوع تردد محدود على مستشفى نهارى مع تواصل منتظم بين المنظومتين، وهكذا
17) العلاج الفردي الذى يكاد يكون مناقضا للعلاج الجمعى الذى نمارسه هو التحليل النفسى التقليدى، وهذا ليس مرادفا للعلاج الجمعى من منظور التحليل النفسى.
18) الذى يساعد فى النقلة الضرورية من العلاج الفردى إلى العلاج الجمعى هو الالتزام المتدرج حتى الإلزام شبه الدائم بمبدأ “هنا والآن”
19) نحن نبدأ اللقاء في العلاج الجمعى بسؤال يطرح على الجميع يقول “مين اللى عايز يشتغل”، ونصر على استعمال كلمة “يشتغل، حتى نفرّق بينها وبين “مين اللى عايز يتكلم”، ويكاد هذا يعلن ومن البداية أهم الفروق بين العلاجين
20) يحدث الطرح Transference فى العلاج الجمعى مثلما يحدث فى العلاج الفردى، خاصة إذا كان قائد المجموعة من النوع جاهز الحضور المتداخل معظم الوقت، ولكن الطرح وارد فى العلاج الجمعى مع غير القائد، فيما يسمى “الثنائية” Pairing ، ويـُحَل الطرح داخل المجموعة باحتوائه والتفاعل من خلاله بآليات العلاج الجمعى العادية، ويكون حله أسهل فى العادة، ما لم تحدث مضاعفات خارج المجموعة.
21) بعد انتهاء مدة المجموعة بانقضاء الزمن المتفق عليه (فى خبرتنا اثنا عشر شهرا) لا يوصى عادة لأى فرد بذاته، باستكمال علاجه إذا لزم الأمر بشكل محدد، علاجا فرديا، أو فى مجموعة جديدة، أو بامتدادا التأهيل ..إذا لزم الأمر بشكل ليس له بديل، وذلك خوفا من إهدار ما تم إنجازه فى العلاج الجمعى.
وبعد
هذه النقلة من العلاج الفردى عايشتها عاجزا مع أحد مرضاى من طلبة الطب حتى تخرج طبيبا، وهو متمسك بسلبياتها بشكل أثارنى حتى صورتها شعرا به قسوة وتعرية لإبن عزيز كان موقفه وهو ينتقل متحمسا من العلاج الفردى إلى العلاج الجمعى، مثيرا للنقد حتى قفز منى هذا الشعر بكل هذه القسوة الساخرة، وهو ما سوف نعرض بعضه في نشرة الأسبوع القادم: الفصل الخامس عشر بعنوان: “نقلة من العلاج الفردى إلى العلاج الجمعى” (خبرة سلبية لحالة واحدة)
[1] – يحيى الرخاوى (مقدمة فى العلاج الجمعى (1) من ذكاء الجماد إلى رحاب المطلق) (الطبعة الأولى 1978)، (والطبعة الثانية 2019) منشورات جمعية الطب النفسى التطورى، والكتاب متاح فى مكتبة الأنجلو المصرية وفى منفذ مستشفى دار المقطم للصحة النفسية شارع 10، وفى مركز الرخاوى: 24 شارع 18 من شارع 9 مدينة المقطم، كما يوجد أيضا بموقع المؤلف www.rakhawy.net وهذا هو الرابط.