جريدة الشروق
الأحد 30 أغسطس 2015
كبار الكُتّاب يتحدثون عن “أحلام فترة النقاهة”
للأديب العالمى نجيب محفوظ (1)
كتب ــ سامح سامى
أثار نبأ استعداد دار الشروق لإصدار جزء ثان من “أحلام فترة النقاهة” للأديب الكبير نجيب محفوظ، الذى تحل ذكرى رحيله اليوم ــ الكثير من ردود الفعل المرحبة بهذا النبأ، مع إشارات ــ قليلة الحيلة ــ تحاول التفلسف الزائف حول: لماذا ننشر نصوصا جديدة بعد رحيل محفوظ ربما لم يوافق على نشرها فى حياته؟ وعلى الرغم من أن السؤال يبدو منطقيا، ويطرح كثيرا فى عالم الأدب، فإنه يبدو أيضا أن القائلين بهذا الرأى لم يقرأوا جيدا ما قاله الحاج صبرى سكرتير نجيب محفوظ لجريدة “الشروق”، وهو كاتب الأحلام بخط يده: “إن الأستاذ نجيب محفوظ كان ينشغل بالحلم ويبدأ فى تجهيزه، ثم يحفظه، وتجىء فى المرحلة الأخيرة مرحلة الإملاء”. أما الأهم ــ هنا ــ فهو استعراض رأى الدكتور يحيى الرخاوى أستاذ الطب النفسى، والصديق المقرب لنجيب محفوظ، بل هو أحد الذين مارسوا إبداعا على إبداع محفوظ فى أحلامه، حينما أصدر قراءة وافية صافية للأحلام، فضلا عن آراء الكاتب الكبير علاء الأسوانى، ومحمد سلماوى، وزكى سالم.
يحيى الرخاوى : نشر هذه الأحلام بصورتها التى وصلت إلينا حرفيا “أمانة واجبة”
هذا عمل من إبداع محفوظ بلا أدنى شك، مهما بدا فى ظاهر بعضه مما كان يحتاج إلى مراجعة أو تحديث أو تنقيح (منه دون غيره). وما ذكره الحاج صبرى عن أن الأستاذ نجيب كان يُتِم صياغة الحلم بداخله حتى يكمله، ثم يحفظه، ثم يمليه، هو صدق كله، وهو ما طمأننى تماما أنها أحلام (إبداع) شيخنا الجليل فعلا. وما قامت به كريمتاه الفاضلتان فى الحفاظ على ما وجدتاه ولو بعد حين، ثم تسليمه لأهل الأمانة يحتاج إلى كل تقدير واحترام وشكر، ولعله أقرب ما يكون إلى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذى معناه: “إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له”، وقد أوفتا بالعهد، لتحققا المكارم الثلاث، جزاهما الله عنه وعنا خيرا.
يحيى الرخاوى استاذ الطب النفسي تصوير لبنى طارق
حتى لو عثرنا على سطر واحد كتبه وتركه لنا، وللناس، وللإبداع، وللتاريخ، (ولو حتى فى أثناء تدريباته وتداعياته للعودة للكتابة) لوجب نشره كما هو، وعلى مريديه والنقاد والتاريخ بقية المهمة. ومستوى هذه الأحلام عموما غير المجموعة الأولى (وإن كنت لا أقول دون المجموعة الأولى، ففى كلٍّ خير)
هناك اختلاف نوعى، لكنه ليس جسيما، بين الجزء الأول، وبين هذا الجزء الثانى، وكل منهما له “تناسقه الداخلى” الذى يجعله عملا مستقلا، وهذا طبع محفوظ حتى فى كثير من رواياته (انظر مثلا ملحمة الحرافيش حين يُعَنْوِن كل حكاية بعنوانها الخاص، ثم يبدأ التسلسل للفقرات “1” ــ “2” ــ.. إلخ، مع أنها رواية واحدة.
إن الفرق النوعى بين الجزء الأول والجزء الثانى قد يرجع إلى اختلاف الأداة، فالكتابة ــ حتى مع الصعوبة ــ تختلف عن التأليف فى الوعى ثم المراجعة الداخلية، ثم الحفظ، ثم الإملاء (كما وصفها الحاج صبرى مشكورا)، وفى كلٍّ خير.
لا شك ــ مثل أى مبدع متقن، ومثله هو بالذات، وهو ما كرره لى (لنا) مرارا، وهو يتحدث عن حرمانه؛ نتيجة للصعوبات الصحية ــ من مراجعة “البروفات” الأخيرة وتعديل ما شاء فيها، كما اعتاد أن يفعل مثلما كان يفعل فى سائر أعماله السابقة.
من البديهى أن نتوقع أنه كان يمكن أن يقوم بتعديل أو تحديث أو التخلص من بعض ما جاء فى هذا الأصل فى أثناء المراجعة، وهذا حقه بل هو من أبسط مبادئ حركية الإبداع عموما، حين يكون المبدع أحيانا هو أول من ينقد أعماله حتى قبل أن تظهر. وقد عبّر عن ذلك هيجل فى الطبعة الثانية لكتابه “موسوعة العلوم الفلسفية”، قائلا ما معناه: “اضطررتُ أن ألقى فى البحر بحجارة كثيرة من حمولة السفينة، حتى تطفو وتسير”. وكان يعنى أنه تخلص من كثير مما صعب على الناس فى الطبعة الأولى، أو مما رأى أنه يستحسن حذفه، حتى تصل الرسالة أوضح وأتقن)
وفى حالتنا هذه ــ كما فى كل حالة ــ ليس من حق مخلوق آخر إلا المبدع نفسه، أن يقوم بهذه المهمة (أى التعديل أو التحديث فى أثناء المراجعة) وعلى ذلك فلا سبيل إلا نشر النص كما هو، ثم تأتى مراحل النقد تتكامل مع النص المبدع نقدا مبدعا أيضا، دون مساس بالنص الأساسى.
وعلى الرغم من كل هذا التوضيح، وبعد أن تفضلت الشروق بإتاحة هذه الفرصة لى قبل النشر العام، فإنى أشهد أن ما وصلنى من هذا النص ــ بعيدا قليلا أو كثيرا عن مستوى الإبداع الفائق لشيخنا الجليل ــ هو قليل جدا، وعموما فقد تراوحت مستويات الحلم فى هذا الجزء الثانى أكثر من الجزء الأول، وهو الأمر الذى قد يتيح تصنيف هذا العمل ــ نقدا فيما بعد ــ إلى مستويات للأحلام تكمل بعضها بعضا كالحلم فى الإبداع الشعرى” (قصيدة النثر)، ويتمثل الحلم فى اللقطة القصصية السريعة، وفى تحقيق الرغبة، وفى الحكمة، وفى الرأى، وفى الذكرى، وفى الحلم العبثى الجميل، وفى النقد السياسى، وفى الحلم الطفولى.
إن نشر هذه الأحلام بصورتها التى وصلت إلينا حرفيا مهما كان حول بعضها من تحفظات هو “أمانة واجبة”، حتى لو كان بعضها مجرد مسودات (فالمسودات شديدة الأهمية فى رصد إبداعات الأفذاذ، وهى أحيانا تفوق ما تم صقله فى الصورة النهائية، وهذه هى مهمة النقاد)
علاء الأسوانى: محفوظ سلك سلوكين نادرين فى الأدب وهما التأسيس والتطوير
خطوة جيدة من دار الشروق لتدقيق كل ما كتبه الأستاذ نجيب محفوظ، فى أعمال قد تضيع. ويجب هنا الاستعانة بأقرب الناس إلى الأستاذ محفوظ مثل الدكتور زكى سالم وغيره؛ لأنهم أكثر إلماما بأعمال محفوظ. وكذلك خطوة رائعة من دار الشروق أن تنشر أحلاما جديدة للأستاذ نجيب محفوظ الذى لم يأخذ حقه فى بلاده، بسبب الأنظمة السياسية التى تقيّم الأدباء ليس بحسب جدارتهم الأدبية بل بحسب علاقتهم بالنظام السياسى، فضلا عن شيوع حالة من الأمية العادية والثقافية التى تجعل محفوظ ــ للأسف ــ يُقرأ فى خارج مصر أكثر بكثير من داخل بلده.
أما اللافت للنظر فهو استكثار المصريين نجاح غيرهم من المصريين أمثالهم، وبالتالى للأسف نجد قطاعات كثيرة من الناس تهاجم محفوظ عن جهل، على الرغم من أنه من أهم الروائيين فى القرن العشرين، حيث سلك سلوكين نادرين فى الحياة الأدبية: الأول أن محفوظ قام بوظيفتين معا: أسس ثم طور الرواية العربية، فهو رائد الرواية العربية الحديثة، كما هو الذى قام أيضا بتطوير الرواية العربية. معروف أن هناك جيلا يؤسس لفن ما، ثم يأتى جيل آخر يطور هذا الفن. مثلا يحيى حقى رائد القصة القصيرة، ثم جاء يوسف إدريس وطوّر فن القصة القصيرة، أما نجيب محفوظ فقام بالوظيفتين: التأسيس والتطوير. أما السلوك الثانى فهو استثناء قام به محفوظ أيضا، وهو غزارة الإنتاج مع ثبات المستوى الفنى الراقى الذى لم يهتز مع غزارة الإنتاج. وهذا سلوك نادر فى تاريخ الأدب فى العالم. الروائيون الكبار فى العالم يدور إنتاجهم حول عشرة أعمال فقط. لكن نجيب محفوظ حافظ مع غزارة إنتاجه على مستواه الفنى المبدع.
وللأسف لم يتم تقدير محفوظ كما يجب فى بلده مصر ولم يحتف به، ولا أقصد هنا احتفالات وزارة الثقافة السقيمة، بل إعادة قراءة أعماله الإبداعية نقديا، حيث لا نجد أية دراسات نقدية بعد حصوله على جائزة نوبل، فـ”أصداء السيرة الذاتية” التى مزج محفوظ فيها الصوفى بالشعرى، لم تنل النقد الذى يجب، لدرجة أنى تحمست وكتبت عنها دراسة نقدية.
محمد سلماوى: كنت أعلم بوجود أحلام أخرى غير منشورة وكانت رغبة محفوظ نشرها
أحلام فترة النقاهة كانت ذروة الإبداع للأستاذ نجيب محفوظ؛ لأنه أستطاع من خلالها أن يعبر عن نظرة فلسفية فى الكون كله. وهى نتيجة خبرة حياتية ممتدة عبر أكثر من 90 عاما، وقد استخدم فيها محفوظ أدوات بسيطة هى الأقصوصة القصيرة، أو فى بعض الأحيان مجرد الموقف العادى الذى يمكن أن يرى كل يوم. ولكنه حملّه بمعان وإيحاءات تعلو فوق هذا الموقف لتقدم نظرة فى ماهية الكون ذاته. ولقد كنت أول من كتب عن أحلام فترة النقاهة حين بدأ الأستاذ نجيب محفوظ يقرؤها علىّ، وقبل أن يرسلها للنشر. وكان كلما سأله أحد ماذا تكتب الآن؟ يقول بتواضع: “حاجات صغيرة كده قد الكف”. لكنى تنبهت على الفور لأهميتها، وكتبت أقول إنها تشبه شعر “الهايكو” اليابانى الذى لا يزيد حجم القصيدة فيه على بضعة أبيات. لكنها تشع بالمعانى، وتتضمن فلسفة عليا. مثل هذا النوع من الكتابة لا يقدر عليه إلا من خبر العملية الإبداعية عقودا طويلة كما كان حال محفوظ. وهو يذكرنا بالمراحل العمرية الأخيرة لبعض العبقريات التى عرفها التاريخ الإنسانى مثل بيتهوفن الذى ترك فى أواخر أيامه صخب الأوركسترا السيمفونية والهارمونية واتجه إلى بضع آلات وترية كتب لها رباعياته الأخيرة التى حملت عمق الرؤية، وفلسفة النظرة أكثر ما حملته بعض أعماله السابقة. نفس الشىء وجدناه فى المسرحية الأخيرة لشكسبير، وهى مسرحية “العاصفة” التى ودّع الدنيا معبرا من خلالها عن تلك النبرة الفلسفية التى تضمنتها الأعمال الأخيرة أيضا لنجيب محفوظ الذى بدأها بـ”أصداء السيرة الذاتية”، وكانت ذروتها هى “أحلام فترة النقاهة”.
محمد سلماوى
وإنى أحيى دار الشروق أن قررت نشر ما لم يكن قد نُشر من هذه الأحلام، التى كنت أعرف بوجودها، وطالما قلت فى أحاديث صحفية أن محفوظ قرأ علىّ الكثير من قصصه الأخيرة التى كان يحفظها عن ظهر قلب، والتى لم ينشرها حال حياته، وبعضها مسجل عندى بصوته. وكنت أنتظر أن يتم نشرها بعد وفاته، فتلك كانت رغبته؛ لأنه كتبها للنشر. ولكن القدر لم يسعفه آنذاك.
إن خروج كتابات جديدة لأديب نوبل الكبير إلى النور هو حدث ثقافى غاية فى الأهمية، يكتسب أبعادا إنسانية كبرى، وليست محلية فقط. وأنا على ثقة أن دور النشر الأجنبية ستتصارع كى تنشر ترجمة هذا العمل الجديد؛ لأن نشر عمل لأديب فى قامة نجيب محفوظ بعد وفاته يعد حدثا ثقافيا لا يمكن تجاهله على المستوى الدولى.
زكى سالم: نشر الأحلام الجديدة سيتوج فن القص العربى بأعظم إنجازاته عبر العصور
فى السنوات الأخيرة من حياة أستاذى الحبيب نجيب محفوظ، كانت نصوصه القصصية القصيرة، التى يُبدعها ببساطة عبقريته الفذة، وقد أطلق عليها عنوانا موحيا، وهو: “أحلام فترة النقاهة”، كانت هذه “الجواهر الثمينة” موضوعا مهما لحوارى الدائم معه، فقد انبهرت شخصيا بهذه المقطوعات القصصية البديعة، والتى تعد كلماتها القليلة خلاصة مقطرة للتجربة الإبداعية المدهشة لهذا الفيلسـوف المتصوف، الذى اتخذ من الأدب وسيلة للتعبير عن رؤيته الفلسفية للخالق والإنسان والعالم.
وقد استغرقت كتابة هذه الأحلام الرائعة من أستاذنا كل سنواته الأخيرة، من بعد محاولة اغتياله الإجرامية، فى 14 أكتوبر 1994، وحتى رحيله فى 30 أغسطس 2006، أى أكثر من عشر سنوات متصلة، فقد قضى نحو عامين فى محاولاته الدءوب لإعادة تعلم الكتابة بيده اليمنى المصابة، فإذا ما نظرنا إلى عمله الأكبر (حجما) “الثلاثية”، فسوف نجد أن إبداعها، وكتابتها كلها استمرت لنحو خمـس سنوات فحـسب، أى أن هذه “النصوص الصغيرة” قد استغرقت أكثر من ضعف عدد السنوات التى كتب فيها “بين القصرين” (وهو اسم الرواية التى اضطر إلى تقسيمها إلى ثلاثة أجزاء عند النشر، دون أن يغير فيها كلمة واحدة)
بالإضافة إلى أن كاتب هذه الأحلام المثيرة للتأمل، بخلاف كاتب “الثلاثية”، إذ كانت موهبته قد تألقت للغاية، وزادت خبراته الحياتية، واتسعت معارفه الموسوعية، وتعمقة خبراته الروحية، وأصبح كاتبا عظيما، وشهيرا جدا، فى داخل الوطن وخارجه، بعد أن منح الأدب العربى صك العالمية من خلال جائزة نوبل عام 1988، كما أنه لم يعد بحاجة إلى أى شىء من زخارف هذه الدنيا الفانية! فهو بالتأكيد لم يكن يكتب هذه القصص، فى سنواته الأخيرة، من أجل الشهرة، ولا المال، ولا الجاه، ولا النفوذ، ولا أى شىء آخر من هذه الأمور التى قد تسيطر على كاتب جديد، أو كاتب فى منتصف الطريق، أو كاتب آخر ممن يتعلقون ــ طوال حياتهم ــ بزينة الحياة الدنيا.
وأذكر أننى سـألته: من أجل أى شىء تكتب ــ الآن ــ يا أستاذنا؟! فكانت إجابته: من أجل الكتابة ذاتها. وقد قال لى مرة، ونحن نتحدث عن قيمة هذه النصوص القصيرة وسط إبداعاته الخالدة، وعن نظرته الشخصية إليها بعد أن تجاوز التسعين من عمره المثمر، إذ قال: إن تقديرها، أو تقييمها متروك لغيرى، أما بالنسبة لى فهذه الأحلام، الآن، أهم حاجة فى حياتى.
وقبل رحيل أستاذنا العظيم بنحو شهرين أو ثلاثة، سألته عن عدد الأحلام التى لم تنشر بعد، فقال لى إنها كثيرة، إذ لم يكن يعرف عددها بالضبط، ولكنه أكد لى أنها مئات من الأحلام المكتوبة، ومن ثم فقد تحدثت، بعد رحيله، مرات عدة، فى أكثر من مناسبة، وفى أكثر من محطة تليفزيونية، عن هذه الأحلام غير المنشورة، كما كتبت عددا من المقالات فى “الأهرام”، وفى “دورية نجيب محفوظ”، وفى مطبوعات أخرى، عن هذه الأحلام التى ينتظرها بلهفة كل عاشق لإبداعات فن الكتابة القصصية.
ومن ثم عندما ظهرت أخيرا هذه النصوص، كانت بالنسبة لى شخصيا أجمل الأخبار وأعظمها، إذ إن نشر هذه القصص المكثفة، سيكمل آخر إبداعات نجيب محفوظ، وسيتوج فن القص العربى بأعظم إنجازاته عبر العصور.
وهكذا سيتاح للقارئ المثقف الاستمتاع بأكثر من خمسمائة نص من أعظم النصوص الأدبية فى تاريخ الأدب العربى كله، (أى الجزء الأول، والجزء الثانى من أحلام فترة النقاهة)، إذ فى كل واحد منها: حكمة بالغة، أو فكرة مدهشة، أو نظرة فلسفية، أو تأمل عميق، أو خبرة روحية، أو شعور إنسانى، أو إحساس عام، أو طلة على الواقع، أو رجوع إلى أحداث التاريخ، أو تداخل مدهش بين عنصرى الزمان والمكان، أو تعانق مثمر بين الموت والحياة، أو لمحة خاطفة من لمحات الحياة الإنسانية فى هذا العصر، وفى كل العصور.
وها هى أمثلة من هذه المقطوعات البديعة المسماة : “أحلام فترة النقاهة”، تتنبأ بثورة يناير العظيمة، قبل حدوثها بسنوات، وتتأمل فى وقائع حياتنا الحالية، كما نعانى منها جميعا، وتفسر لنا كثيرا من المواقف والأحداث، وتثير فينا دواعى التأمل فى معانى الحياة والموت، والنظر فى أحوال البشر، والتفكر فى شئون الوطن.
صحيح هى نصوص قصيرة جدا، مكونة من بضعة أسطر، أو حتى بضع كلمات، لكن من سينظر إليها جميعا، ويجمع بين حبات اللؤلؤ والمرجان، سيتمكن ــ فى النهاية ــ من استكشاف الجوانب المختلفة لفلسفة نجيب محفوظ الصوفية، ففيلسوف الرواية استطاع، فى سنوات حياته الأخيرة، تكثيف رؤيـته الـشاملة فى “أحلام فترة النقاهة”.