نشرة “الإنسان والتطور”
الخميس: 13-3-2014
السنة السابعة
العدد: 2386
ص 145 من الكراسة الأولى
الحمد لله رب العالمين
نجيب محفوظ
أم كلثوم نجيب محفوظ
فاطمة نجيب محفوظ
أهل الهوى يا ليل
يا ميت ندامة على اللى حب ولاطالشى
الحب جميل
مات الموجى
مبدع الالحان لا يموت
مبدع الالحان لحن خالد
نجيب محفوظ
3/7
القراءة:
مؤتمر عالمى محلىّ ثان يعقد غدا سألقى فيه ورقة (افتتاحية) لمدة ساعة بعنوان: “العلم المعرفى العصبى وعلاج الأمراض النفسية: اعتبارات ثقافية” ولعلك تذكر يا سيدى كم حدثتك عن العلم المعرفى، وأن العلم المؤسسى (باهظ التكلفة المتهم الآن أنه أصبح أيديولوجيا أو كنيسة قرون وسطى) قد حكم على هذا العلم الجديد ( القديم/ ففكرته هى الوسيلة المعرفية الأولى) بأنه هرطقة، وأذكر كم تعجبتَ يا سيدى حين قلت لك: إن أولى الهرطقتين هو ادعاء هذا العلم “أن المعرفة ليست فقط فى الدماغ” والهرطقة الثانية هى مقولة هذا العلم: “أن التفكير ليس فقط بالرموز”، هذا العلم عمره نيف وخمسون عاما، والأحدث من العلم المعرفى العصبى لا يزيد عمره عن عشرين عاما وزملائى فى الطب وآخرون كثْرُ عبر العالم يتعاملون معه إما باستخفاف، وإما بأن يختصروه مع العلاج السلوكى فيما شاع تحت اسم العلاج المعرفى السلوكى، وهو علاج سلوكى أكثر منه معرفى لأن أغلب ممارسيه لا يعرفون جوهر العلم المعرفى، وهم يركزون على التعلم الشرطى والتلقين التفكيرى، العلم المعرفى العصبى يا شيخى الجميل تجاوز كل ذلك، وأنا على يقين أنك كنت ستسألنى تفصيلا عن محتوى ورقة الغد التى أعتذر بانشغالى بها عن تقصيرى فى تداعيات اليوم.
فأكتفى بالإشارة إلى ما سبق نشره (1) ثم انتقل فورا إلى الجديد،
أولاً: بدءًا بـ “يا ميت ندامة على اللى حب ولاطالشى” أنا أحب هذا الموال جدا وأضرب به المثل لطلبتى لما هو “إحباط”، وحين رجعت إلى صديقنا جوجل إذا به يتحفنى باسم أبو الموال العربى، قرأت اسمه لأول وهله “محمد العِزَبى”، وأنا أحب محمد العزبى جدا لكننى حين انتبهت إلى سنة مولده ورحيله وجدت اسمه “العربى” لا “العِزَبى”، وأنه رحل سنة 1941، وأنه كان صاحب أهم شادر في الأزبكية في العشرينات والثلاثينيات من القرن الماضى، وأنه تتلمذ على صوته وأسلوبه أغلب فنانين عصره وخاصة فريد الأطرش ومحمد عبد المطلب وسيد درويش.
أما الموال نفسه فلم أكن أعرف كل كلماته وأعجبنى منه ما وصلنى بفضلك حالا يا شيخنا:
ما ضيع المال .. ما ضيع المال ..
وباع البيت ولا طالشى ..
ثم هذا البيت
فـَـتـَـلـْت حبل الوِدَاد قـَصـَّر ولا طالشى
الذين لا يعرفون “فتيل التيل” كما أعرفه منذ صغرى لا أظن أنهم يستطيعون تصور هذا المحب، وهو “يفتل” حبل الوداد، وهم أيضا لا يفهمون المثل المصرى الجميل الذى يقول: “مبروم على مبروم ما يتفتلش” هذا المثل الأخير يحضرنى أحيانا وأنا أتابع مناورات مفاوضين محترفين فى عالم السياسة عادة، وأحيانا فى عالم التجارة الشطارة.
ثانيا:
أما ما جاء بعد ذلك متلاحقا من أنه مات الموجى، ثم “مبدع الالحان لا يموت”، ثم “مبدع الالحان لحن خالد” ، فقد فرحت به جدا مع أننى لا أعرف تحديدا ما علاقتك بمحمد الموجى ملحنا، علما بأننى أحبه وأحترمه جدا، ربما رجحت أنك سيدى تحبه، وتفتقده وتعتبر أنه لم يمت ما دام قد أبدع وترك لنا ما أبدع، فرحت أكثر حين اعتبرتـَهُ يا شيخنا هو شخصيا “لحن خالد” يالجمال التشبيه الذى يليق عليك بالذات، ذلك أن الملحن والتلحين لا يقتصران على الموسيقى كما علّمتنا.
عن إذنك فسوف أرجع إلى ورقة المؤتمر التى سوف ألقيها غدًا دون تعليق على جملة واحدة بقيت فى صفحة تدريب اليوم وهى “الحب جميل”، وهل هى تحتاج إلى تعليق لدرجة أننى لم أحاول أن أرجع إلى أغنية “الحب الجميل … للى عايش فيه” التى تغنيها ليلى مراد إلا لأعلم أن ملحنها هو محمد عبد الوهاب، وربما كنت تقصدها للحنها أكثر، فأنا لم أسمعك تتحدث أمامى أبدا عن ليلى مراد، وهى من تأليف حسين السيد، ولا أخفى عليك أنه قد شدنى هذا التناقض الجميل عندما تفرح المحبة حين يخاصمها وتبكى حين يصالحها حبيبها .. ما أجمل هذا التناقض المقصود.
لما يخاصمني بأفرح وأصور .. فرحة لقاه لو يوم جاني
وإن جه صالحني أبكي وأفكر .. من خوفي ليخاصم تاني
ثم إنى وجدت فيها بيتين أستأذنك أن أنهى بهما تداعيات اليوم، فقد هقت علىّ نسائمها فعلا، وهما:
بيفوت ع العين .. ويصحيها من عز النوم
ويفوت ع الروح .. ويطير بيها الدنيا في يوم
حلوة “الدنيا فى يوم” هذه يا شيخى الجليل
ادع لى/لنا/لمصر.
[1] – أهل الهوى يا ليل: ورد هذا النص فى صفحة التدريب رقم (77) من الكراسة الأولى، نشرة24-5-2012، وأيضا صفحة التدريب رقم (135)، نشرة: 28-11-2013، وأيضا صفحة التدريب رقم (136) نشرة: 12-12-2013.