نشرة “الإنسان والتطور”
الخميس: 27 – 2- 2014
السنة السابعة
العدد: 2372
ص 143 من الكراسة الأولى (2)
نجاه الرئيس من الموت جذبت نحوه
القلوب
نجيب محفوظ
أم كلثوم نجيب محفوظ
فاطمة نجيب محفوظ
المصير يتغير من حادث لآخر
الهروب من القضا (العصا؟؟) لا ينجى من القضاء
هيهات من الحذر
نجيب محفوظ
وتفضلوا بقبول فائق الاحترام
نجيب محفوظ
1/7
القراءة:
هذه القراءة هى تكملة لنفس الصفحة (143)، وقد أشرنا الأسبوع الماضى إلى ما سبق وروده فى صفحات سابقة ثم إلى موقف شيخنا من حادث محاولة الاعتداء على الرئيس الأسبق مبارك فى حادث أثيوبيا، وأجلت الحديث عن الجديد فى نفس الصفحة وهو كالتالى:
(1) “المصير يتغير من حادث لآخر”
لم ألتقط تماما ما كان يمكن أن يقصده شيخى من هذه البديهية، لكن لعله يريد أن يعلمنا قانون التغير الدائم الأبدى، ملحمة الحرافيش هى ملحمة التغير، يقول فيها مثلا(ص 194): “لو أن شيئا يمكن أن يدوم، فلم تتعاقب الفصول.” أو يقول (ص 355):”ما يمر يوم إلا نرى الشمس وهى تشرق، ثم نراها وهى تغرب وما على الرسول إلا البلاغ”
ربما يريدنا أيضا أن نفكر فى مزيد من التنويع فى عكس الاتجاه، وأن نفس الحادث قد يؤدى إلى مصائر مختلفة حسب استعدادنا وظروف كل منا، ربما!
(2) “الهروب من القضا لا ينجى من القضاء”
الكلمة التى تحتها خط قرأتها الأسبوع الماضى الهروب من القدر، ولكن بالتدقيق هذا الأسبوع راجعت نفسى ورجحت أنها “الهروب من “القضا” بل وربما الهروب من “العصا”.
فإذا كانت القضا فلتكن بمعنى “حكم القانون” أى ساحة القضاء، وبالتالى يكون المعنى أنه لا يعفى من قضاء الله بالعقوبة فى الدنيا أو الآخرة أو كليهما.
وإذا كانت “العصا” فقد تغنى أيضا العقاب القريب وتكون التكملة فى نفس هى هى.
(3) “هيهات من الحذر”
أول ما قرأت “هيهات من الحذر” استبعدت أن يكون شيخنا يحذرنا أو يحذر نفسه من الحذر، صحيح أن الحذر لا يمنع القدر فى كثير من الأحيان لكن ليس معنى ذلك أنه هيهات منه.عثرت على قصيدة جميلة تبدأ بما توقعت أنه سقط من شيخنا، ليس عن سهو أو غفلة، فهو لم يكن يكتب لأحد ، فقط كان يكتب ليدرب يده، ومن حقه أن يكتب ما يكتب وأن يُسْقط ما لا يحضره.
بداية القصيدة تقول:
هيهات ما نفع الحذر يوما إذا وقع القدر
وهى بذلك ترتبط بالسطر السابق بشكل أو بآخر.
هذه القصيدة للشاعر: “محمد فقيه” وهو شاعر أصم، ومن أجمل ما جاء فيها أنها تصف حلم الشاعر الأصم ودقة وصفه لأصوات لم تصله أصلاً يقول:
هيهات ما نفع الحذر يوما إذا وقع القدر
من ذا يرد السمع في أذن الأصم إذا نفر؟
الصمت أطبق حوله هيهات من أين المفر؟
هيهات أن يُصغي لصوتٍ أو يصيخ إلى سمر
وإلى حفيف الريح ما بين الجداول والشجر
وإلى حديث الطفل في سن الحداثة والصغر
وإلى صديق أو رفيق أو أغن كالقمر
وإلى حبيب صوت يجلي الفؤاد من الضجر
أو يسمع الطير المرنة في الأصائل والسحر
…….
يا ترى هل من يملك سمعا مرهفا وأذنين سليمتين يستطيع أن يميز وأن يصنف كل هذه الأصوات والأنغام، والترانيم؟، تذكرت خبرة ضعف السمع عند شيخنا، وتصورى أنه زاد سمعه رهافة ونقاء برغم صعوبة التوصيل، كما تذكرت بيتهوفن وكفى (لا أذكر خبرة شخصية حالية حرجا من المقارنة).
(4) “وتفضلوا بقبول فائق الاحترام”
لم يُنه شيخنا حتى الآن أية صفحة بهذا الختام الروتينى الجميل النابليونى الأصل، حين كنت فى فرنسا كانوا يتندرون على تمسك نابليون بالروتين، وفرضه على كل فرنسا ومستعمراتها وأظن أن هذا التعبير من بقايا الحملة الفرنسية، وكنت أفرح حين أكتب أو تصلنى مراسلاتهم وأنا هناك، وأنا أعرف الفرنسية بالكاد، وهم يختمون كل رسالة بنفس الختام، “وتفضلوا بقبول فائق الاحترام”.
Veuillez monsieur le professeur accepter mes sentiments distingues
وسألتهم لماذا يتمسكون بكل هذا الروتين حتى بعد كل هذه السنين فيصدرون الصوت الفرنسى الجميل بشفاهم (وهو ما نعتبره نحن عيبا جدا) ويضحكون فأضحك ولا أعتبره عيبا مثلهم.
حين تكون فى روما إفعل مثل الرومان.
وأيضا حين تكون فى فرنسا، لو استطعت.