نشرة “الإنسان والتطور”
الخميس: 28-8-2014
السنة السابعة
العدد: 2554
ص 168 من الكراسة الأولى
نجيب محفوظ
أم كلثوم نجيب محفوظ
فاطمة نجيب محفوظ
الصبر جميل وطيب
لا حدود للمعرفة
كل مخلوق يستحق الحب
بهاء زهير
بهاء ؟؟ طاهر
فل على ياسمين
نجيب محفوظ
27 يوليو 1995
القراءة:
عاد شيخنا يفاجئنا بجديد جميل هذه الصفحة، فبعد الافتتاح المعتاد اليوم بما هو أقرب إلى ما بدأ به تدريباته، وبعد تذكرتنا بصبره الجميل مثلا ودرسا، يضيف اليوم صفة “الطيب” إلى هذا الصبر(1) فيجتمع الجمال مع الطيبة ليعطى للصبر نكهة خاصة أرجو أن يستطعمها القارئ معنا.
ثم ها هو يعلن ما وصلنا من كل هذه التدريبات بصفة خاصة ومما يعلمنا إياه طول الوقت بصفة عامة أنه: “لا حدود للمعرفة”، تصور يا شيخنا أن رهطا ممن يطلقون على أنفسهم صفة “علماء” أعلنوا وقرروا أن علومهم هى آخر حدود المعرفة، فأغلقوا على أنفسهم أبواب منظوماتهم ومؤسساتهم، ولم ينتبهوا إلى أنهم تنازلوا بذلك عن أهم ما يمكن أن يميز ما يشرفون به كعلماء، وهو أنه ليس للعلم حدود، فما بالك بالمعرفة كلها والعلم بعضها فقط؟
المعرفة هى الأوْلى بهذه الصفة، أعنى بأنه ليست لها حدود كما تعلمنا سيدى، هذا ما أعرفه عنك دائما أبدا، برغم مناقشاتنا حول أملك فى العلم بالذات حلا لمشاكل البشر الآن ومستقبلا (أنظر نشرة 28-6- 2012 صفحة التدريب رقم “82” من الكراسة الأولى).
المعرفة التى ليس لها حدود وجدتها أكثر وضوحا ورحابة أثناء استلهاماتى لمواقف مولانا النفرى التى أصبحُت أتعامل معها باعتبارها فيض آخر موازٍ تكمل حاجتى هذه الأيام للحركة فى أكبر مساحة من الاجتهاد والجهاد، فهدانى مولانا النفرى إلى الجهل المعرفى مجالا مكمِّلا، كما اهتديت من قبل ومن بعد من القرآن الكريم إلى الغيب الوعد الإبداع، وها هو ذا شيخنا يذكرنا بهذه الثروة الرائعة التى تسهم فى تأكيد بشريتنا.
ثم ينتقل شيخنا فجأة إلى مقولة لم يسبق أن تطرق إليها وكأنه يعرف أننى أشتغل هذه الأيام فيها وبها، وبالذات من خلال العلاج الجمعى الذى طالما حدثته عنه، فأنا أشتغل فى إعادة النظر فى ما يشاع عن مواثيق حقوق الإنسان، ومقارنتها بالحقوق الفطرية الأصلية الجوهرية قبل وبعد المواثيق، وقد ظهرت لى بعض هذه الحقوق أثناء العلاج الجمعى بالذات، ومن عموم ممارستى كيف أن الحب بكل أبعاده وخاصة بمعناه التطورى والجدلى هو حق جوهرى للكائن البشرى لمجرد أنه بشر.
تجلت أبعاد هذه المسألة فى جلسة علاجية عرضت جزءًا منها مؤخرا فى ندوة علمية من ندوات جمعية الطب النفسى التطورى بتاريخ 15/7/2014 (2)فقد عرضت لعبة تمثيلية مصغرة “مينى دراما” قام بها أحد الزملاء فى المجموعة كان ينكر على نفسه أنه محبوب من أى فرد من أفراد المجموعة، وذلك بعد مرور حوالى ثمانى أشهر من عمرها (عمر المجموعة عادة عام كامل) فعرضت عليه أن يقوم بتمثيل أن الحب قد وصله من كل فرد من المجموعة (معالجا أو مريضا) دون أن يطلبه، ودون أن يستأذنه، ودون أن يسأله، فيقول ولو تمثيلا: “يا فلان .. إنت بتحبنى غصبا عنك” بغض النظر عما إذا كان قد وصله منه ذلك أم لا، فقام صاحبنا بالتمثيل وحين انتهى من اللف علينا أكتشف أن ما يحتاجه، وهو ما كان قد أنكره حين تصور أنه لم يصله، موجود وجاهز بل حتى لو لم يكن الآخر (المحب) يدرك ذلك، بل حتى لو كان المخاطب مترددا أو رافضا أن يمنحه حبه بإرادته، وحين انتهينا من اللعبة التمثيلية سألته عن الذى وصله، وإذا به يقر أن المسألة ليست كما كان يتصور سابقا، وأنه يبدو أن الأصل فى الوجود البشرى هو أن يحب بعضنا بعضا لنكون بشرا، وأن هذا حق بديهى ليس فقط للمحبوب ولكن للمحب أيضا، يتم ذلك دون “استئذان” ودون “استجداء” ودون “سؤال” ودون “طلب” ثم إننا اكتشفنا من خلال هذه المينى دراما كيف أن كلا منا إنما يتلقى الحب من الآخر بشكل تلقائى لو أنه كف عن الصد والحذر والتوجس، وكأن الحب الموجود فعلا وأصلاً دون استئذان ودون طلب ودون سؤال.
حين يقول الأستاذ هنا “كل مخلوق يستحق الحب”، فهو يضيف إلى البعد البشرى كافة المخلوقات، فالمخلوق هو الإنسان وغير الإنسان، ثم دعونا نتوقف عند كلمة “يستحق” فهى لا تعنى إلا إعلان هذا “الحق الأصلى” بلا مقابل، ولكل مخلوق، وليس فقط لكل إنسان.
وبعد
ما جاء بعد ذلك فى النشرة من جديد احتاج منى إلى تداعٍ أفضِّل ألا أحشره حشرا مع ما سبق لأهمية كلٍّ، فقد جاء اسم شاعر هو: “بهاء زهير”، فذهبت تداعياتى إلى البهاء زهير الشاعر (المتمصر) الذى عاش فى بلدة قوص بالصعيد الأعلى ثم إلى زهير ابن أبى سلمى،..الخ
ثم ذكر الأستاذ فى نفس الصفحة “بهاء طاهر” وهذا أيضا أتى إلىّ بذكريات وتداعيات متدفقة.
ثم يختم الصفحة بمقطع من أغنية جديدة لم ترد فى تدريب سابق: “فل على ياسمين”
فدعونا لا نختصر كل هذا فى هذه العجالة لنعود إليه فى الأسبوع القادم
[1] – ورد ذكر الصبر فى صفحات:
كلمة (الصبر) | صحفة | عددها |
الصبر طيب | 37- 92- 95- 99- 110- 144- 172 | 7 |
مرارة الصبر | 103 | 1 |
الصبر جميل | 2- 13-52- 92- 100- 144- 148-157- 172 | 9 |
الصبر جميل وطيب | 171 | 1 |
الصبر طيب وجميل | 103 | 1 |
شيمتك الصبر | 27-51- 63- 127- 151- 166- 187 | 7 |
الصبر مفتاح الفرج | 157- 160 | 2 |
الصبر مع الصابرين | 195 | 1 |
الصبر من الإيمان | 32 | 1 |
الصبر عذب | 226 | 1 |
الصبر (فقط) | 236- 245 | 2 |
الله مع الصابرين | 1 | 1 |
إن الله مع الصابرين | 52 | 1 |
إصبر إن الله مع الصابرين | 154 | 1 |
الصبر جميل، جميل الصبر | 238 | 1 |
اللهم صبرك | 147 | 1 |
[2] – مقدمة الندوة المشار إليها:
“ميني دراما”: فى لعبة محدودة “إنت بتحبنى غصبن عن نـِنّ عينك” “برنامج بقائى ممتد فى البشر”!! الأصل لاستمرار الحياة أن يمارس أفراد النوع درجات مختلفة من التكافل، والتعاون، وتبادل الرؤية والتعاطف للحفاظ على نوعهم، بل وعلى الأنواع المتكافلة معه، إلا أنه يبدوا أن الإنسان المعاصر يمر بمحنة ردّة خطيرة، جعلت كل هذه المظاهر إما استثناء، أو موصى عليها من مواثيق مكتوبة ملتبسة، حتى وصل الأمر أن يكون الجارى هو أن يشوّه كل منا هذا النزوع، ليُحـِل محله آليات الدفاع عن نفسه (أو عن شعبِه المختار أو قبيلته أو عائلته أو أصله العرقى) ضد أى اقتراب تكافلىّ حقيقى، بين الأفراد أو بين المجموعات، لكن يبدو أن كل ذلك لم يقض على أصل الفطرة وقوانين البقاء.
هذا ما يظهر فى هذه التجربة حين راح أحد أفراد المجموعة يقوم بتمثيل انتزاع حقه الطبيعى أن يحبه الآخر (الآخرون) دون سؤال أو طلب أو استئذان أو استجداء أو مقابل.