نشرة “الإنسان والتطور”
الخميس: 5-2-2015
السنة الثامنة
العدد: 2715
ص 188 من الكراسة الأولى
بسم الله الرحمن الرحيم
نجيب محفوظ
أم كلثوم نجيب محفوظ
فاطمة نجيب محفوظ
اصدقاء الأحد: نعيم .. سعاد مصطفى
أبو النصر، زكى سالم
أصدقا ءالأثنين : حامد، حسين، محمد
فتحى …. عادل عزت ، يحيى الرخاوى
أصدقاء الثلاثاء محمد ، زكى، نعيم جمال، يوسف
أصدقاء الأربعاء: نعيم أدهم ، عادل عزيزة
الخميس: توفيق …. يحيى
الجمعة مساء فى بيت الرخاوى
نجيب محفوظ
17/8/1995
القراءة:
شيخنا يكرر اليوم – تقريبا – ما ورد فى الصفحة السابقة (صفحة 187) إلا أنه يضيف كلمة “أصدقاء” قبل ذكر اليوم، وهو يذكر أ.د. فتحى هاشم الذى افتقدته أمس مع أصدقاء يوم الأحد كما يذكر أيضا سعاد، وهى أ.د. سعاد موسى تلميذتى (1) وكانت قد بدأت معنا اللقاءات فى كثير من أيام الخميس قبل جلسة الحرافيش المغلقة، ثم هو يضيف إلى يوم الأربعاء اسم عزيزة، وأظن أنها عزيزة الباسرجى وكان لها حضور مميز وغياب مثير على أية حالة، ولا أعرف أكثر من ذلك، ثم أنه يذكر الخميس دون أن يسبقها بكلمة أصدقاء وفى يوم الجمعة يعفينى اليوم من وصف بيتى بالمقام، ويصفه بالبيت والحمد لله الأمر ألذى اشرت إليه أمس متعجبا.
لن أعلق اليوم إلا على كلمة “أصدقاء” التى بدأ بها ذكر أغلب لقاءات أيام الأسبوع، فقد تعلمت منه بشكل خاص معنى راقٍ جدا للصداقة، فعلى كثرة أصدقائه وتنوعهم انسحب عدله وسماحه إلى الجميع، حتى كتبت فى كتابى “فى شرف صحبة محفوظ” مايلى:
(الحلقة 34: الثلاثاء: 14/2/1995): “..فعلا لا يوجد تنافس، ولا حتى وجه شبه بين أية جلسة وأية جلسة، بين أية ثلة وأية ثلة، اللهم إلا فى التنافس فى حب الأستاذ والرغبة فى الاقتراب منه، أكثر من الرغبة فى الانتساب إليه، ناهيك عن الظن أحيانا فى شبهة ترجيح قرب أحدنا إليه أكثر من الآخر، الأمر الذى لم ألحظه بأية درجة تتناسب مع هذه المقارانات الخفية، اللهم إلا فى أول مقابلة معه فى مستشفى الشرطة، وأنا أسأله عن أسماء الأصدقاء الذين سوف أضمنهم روشتة العلاج من ظاهرة “الافتقار إلى الناس”: “نقص الناس” (قياسا على نقص الفيتامينات)” الحلقة 2 قبل اليوميات بتاريخ 4-10-2007.
ثم كتبت فى نفس النشرة:
“…من أكبر ما حيرنى وأنا أتعلم من مواقفه ومشاعره هو: كيف لا يفرق هذا الأب الجميل بيننا هكذا، ناقشته فى ذلك أحيانا بطريق غير مباشر، حتى حكيت له ما قاله لنا والدى يوما أنه ” سئل أعرابى من أحب أولادك إليك، قال مريضهم حتى يشفى، وبعيدهم حتى يعود، وصغيرهم حتى يكبَرَ، فهز رأسه وترحم على أبى، جسدت لى حكاية أبى هذه ذلك الموقف الأبوى للأستاذ حين يمرض أحدنا أو حتى حين يمرض أى فرد من اسرنا ويبلغ الأستاذ الخبر، لم يكن أحد منا يصاب بأية وعكة مهما كانت خفيفة، إلا وسأل الأستاذ عنه طول الوقت حتى يعود بالسلامة، ولا يقتصر سؤاله على رغبته فى الاطمئنان، بل كثيرا ما كان يوصينا بما تيسر من وصايا عملية وعاطفية واجتماعية، وكان يمتد هذا التراحم الودود –كما ذكرت- إلى ما يصله إذا توعك ابن أو ابنة أى منا”.
ولعل ما ذكره للمخرجة الفرنسية وجاء فى الحلقة 67 فى كتابى : فى شرف صحبة نجيب محفوظ (الثلاثاء 6/6/1995) بتاريخ 17-3-2011 هو أوْجِِـَز ما يمكن أن يوصف به موقفه من الصداقة:
“…سألته مخرجة الفيلم التليفزيونى الفرنسى حين التقت به فى بيت توفيق صالح فى جلسة جمعنا فيها من تيسر من الحرافيش التاريخيين سؤالا مباشر عن الصداقة، فكان من ضمن هذا الحوار:
= نريد أن تحدثنا عن الأصدقاء.
- الأصدقاء هم من أهم أسباب السعادة، بدأت صداقاتى مع ثلة الجيران، وبعدين الصداقة مع الحرافيش، وهذه هى الصداقة التى تجمعنا فيها وحدة الأدب والفن والثقافة، لكنها فى البداية والنهاية صداقة لا أكثر، أنا الآن فى شبه وحدة، وعجز، إنّ ما يجعلنى أستمر ويربطنى بالدنيا هم الأصدقاء من حولي.
أما ما ذكره لمحمد سلماوى فى “وجهه نظر” جريدة الأهرام بتاريخ 29/2/1996 فكان نصه كالآتى:
“….وأساله من الباقى الآن من “الحرافيش” فيقول: الباقون والذين ما زالوا يتقابلون بصفة منتظمة هم: أنا وتوفيق صالح وحرفوش جديد انضم إلينا له عظيم الأثر فينا جميعا هو الدكتور يحيى الرخاوى أما أحمد مظهر وبهجت عثمان وجميل شفيق فهم غير منتظمين، مظهر لصحته والآخرون لمشغولياتهم، وعادل كامل أصبح الآن مقيما فى أمريكا بصفة مستمرة، وهكذا، صفصفت الحرافيش علىّ أنا ويحيى الرخاوى فى بيت توفيق صالح وشوربة العدس التى تجيدها زوجته والتى اعتبرها أفضل شوربة عدس فى المدينة”.
وبعد ذلك بعدة شهور فى 19/9/1996 فى “وجهه نظر” أيضا فى الأهرام ورد أيضا فى حديثه مع محمد سلماوى ما يلى:
“قال الأستاذ: أن صحتى العامة لا بأس بها، أما الصحة النفسية فهى ممتازة، وذلك بفضل الدكتور يحيى الرخاوى الذى يضعنى فى شبه علاج نفسى بعد الظهر، فهو يجمع لى الأصدقاء كل مرة فى مكان مختلف، وقد حال ذلك دون أن انعزل عن الحياة بعد الحادثة أو أن أصاب بالاكتئاب مثلا، لذلك فإنى أعتقد أن علاج الدكتور الرخاوى لا يقل خطورته عمن أجرى لى العملية الجراحية بعد الحادث”.
“…لكنى لا أستطيع أن أتحدث عن حالتى الصحية دون أن اعبر عن عرفانى الكبير لمن منحونى الحياة بعد أن كدت أفقدها، وهم إلى جانب الدكتور الرخاوى والجراح الكبير د. سامح همام جميع العاملين بمستشفى الشرطة.”
وبعد
رحت أنفى هذه المجاملة نفيا قاطعا كلما لاحت فرصة لذلك، وأقررت مرارا أنه هو الذى عالجنى كما جاء فى قصيدتى فى عيد ميلاده 92:
… زَعَمُوا بأنِّىَ قادرٌ أشفى النفوسََ بما تَيَسّرَ من علومٍ أو كلامٍ أو صناعهْ
عَفْوًا، ومَنْ ذا يشفى نفسى حين تختلط الرّؤَى، أو يحتوينى ذلك الحزنُ الصديقُ فلا أطيْق؟
حتى لقيتـُـكَ سيدى، فوضعتُ طِفِلَى فى رحابِكْ. طفٌل عنيدْ.
مازال يٌدْهَشُ كلَّ يومٍ من جديدْ.
صالحتَـنِى شيخِى على نَفْسِىَ حتى صرتُ أقربُ ما أكونُ إليْهِ فينـَا،
صالحتَـنِى شيخِى على نَاسى، وكنتُ أشكُّ فى بـَـلَهِ الجماعَةِ يُخْدَعَوُنَ لغيرِ مَا هُـمْ.
صالحتَـنِى شيخى على حُرِّيِتى، فجِزِعْتُ أكثر أن أضيعَ بِظلّ غيرى.
صالحتَنِى شيخى على أيَّامِنَا المَرَّة مَهْما كاَنَ منها.
عَّلمتنى شيخى بأنا قد خُـلِقْنا للحلاوَةِ والمرَارَةِ نحمل الوعْىَ الثقيلَ نكونُـهُ كَدْحاً إليهْ.
*****
[1] – وأستاذ الطب النفسى ورئيسة طب نفس الأطفال فى قسم الأمراض النفسية فى قصر العينى الآن.