نشرة “الإنسان والتطور”
الخميس: 27-7 -2017
السنة العاشرة
العدد: 3617
فى رحاب نجيب محفوظ
قراءة أخرى للأحلام الأولى (29- 52)
تقاسيم على اللحن الأساسى
نواصل تقديم الــ 52 حلما الأولى بأسلوب: “التناصّ النقدى“
نص اللحن الأساسى: (نجيب محفوظ)
الحلم (29)
المكان جديد لم أره من قبل. لعله بهو فى فندق وقد جلس الحرافيش حول مائدة. وكانوا يناقشوننى حول اختيار أحسن كاتبة فى مسابقة ذات شأن، وبدا واضحاًً أن الكاتبة التى رشحتها لم تحز أى قبول. قالوا إن ثقافتها سطحية. وإن سلوكها غاية فى السوء وعبثاًً حاولت الدفاع، ولاحظت أنهم ينظرون إلى بتجهم غير معهود وكأنهم نسوا عشرة العمر. وتحركت لمغادرة البهو فلم يتحرك منهم أحد وأعرضوا عنى بغضب شديد، سرت نحو المصعد ودخلت وأنا أكاد أبكى. وانتبهت إلى أنه توجد معى امرأة فى ملابس الرجال ذات وجه صارم. قالت إنها تسخر بما يسمونه صداقة وإن المعاملة بين البشر يجب أن تتغير من أساسها. وقبل أن أفكر فيما تعنيه استخرجت مسدسا من جيبها ووجهته إلى مطالبة إياى بالنقود التى معى. وتم كل شئ بسرعة ولما وقف المصعد وفتح بابه أمرتنى بالخروج. وهبط المصعد ووجدتنى فى طرقة مظلمة وقهرنى شعور بأننى فقدت أصدقائى وأن حوادث كالتى وقعت لى فى المصعد تتربص بى هنا أو هناك.
التناصّ (التقاسيم): (يحيى الرخاوى)
ومضيت فى الطرقة المظلمة حتى آخرها فوجدت نفسى أصعد على السلم الخلفى، سلم الحريق أو سلم الخدم، لا أعرف كيف تغير المسمى، وتعرفت على شقتى بصعوبة، لكن المفتاح لم يخيب ظنى، ودخلتها وتعرفت على المطبخ: هو فعلا مطبخى، فأطمأننت قليلاً وتوجهت إلى حجرة المكتب وأخرجت كتابا من مؤلفات الكاتبة التى رشحتـُها، والتى اعترض عليها كل الحرافيش بهذه الحدّة، ورحت أتصفحه فلم أجد به فعلا ما يستحق، وسألت نفسى باستغراب كيف أعجبت بأعمال كهذه؟ ويا ترى ما السر بداخلى الذى ورّطنى هذه الورطة.
وقررت أن أرجع إلى الحرافيش وأعتذر، وجلّ من لا يخطئ، لكننى خشيت إن أنا رجعت أن ألقى نفس المرأة بالمصعد أو فى بئر السلم، ومع ذلك فالأمر يختلف، فأنا لم يعد فى جيبى مليما يستأهل السطو، ولكن المسألة ليست مسألة نقود ولكنها الإهانة والإذلال بهذه الصورة، فعدلت عن العودة، وذهبت أفتح الباب لهذا الذى يواصل دق الجرس، فوجدت الحرافيش مجتمعين ومعهم امرأتين: امرأة المصعد، والكاتبة: موضوع الترشيح للجائزة، وكنت أحسبهما واحدة، وكان الحرافيش يحملون باقة ورد ويعتذرون، وخجلت من المنظر، ورفضت اعتذارهم وظننت بعلاقتهم بالمرأتين الظنون، فانصرفوا، وهممت أن أناديهم، أو الحق بهم، لكننى خجلت خجلا شديدا.