ولا أعرف لماذا صدق الضابط أقوالى بالحرف الواحد، وصرفنى وهو يكاد يعتذر، ولم أحاول أن أتمادى فى كرمه وأطلب منه أن يقبض على الولد بتهمة البلاغ الكاذب، وأن تنال البنت جزاءها بتهمة الشهادة الزور، فيكفى أننى نفذت بجلدى وحمدت الله ، وقررت أن أكون أكثر حذرا مهما بدت البراءة على من يستدرون العطف، كما تعلمت كيف يخفى الجمال حتى فى الصغار كل هذا الخبث والتحايل، وبعد أيام لمحت الضابط أمام عجلة قيادة سيارة ملاكى لا تبدو تابعة للشرطة وقد وقفت أمام باب سوبر ماركت قريب، ويبدو أنه كان ينتظر أحدا يحمل له ما اشتروه فقد كان دائم التلفت نحو الباب، فتمهلت بحب استطلاع لا أعرف مصدره، وفعلا أقبلت سيدة محترمة تدفع عربة أمامها مليئة بالمشتروات ، وكانت نفس البنت تسير وراءها وهى تحمل ما خف من مشتروات لم تسعها العربة، ولم أسمح لنفسى أن أشك فى الضابط ، وإنما شككت فى تعرفى على البنت، لكنها هى التى رمت ما كانت تحمل واندفعت نحوى صاحئة : أهه أهه هذا هو أبى الحقيقى، فنظر إلىّ حضرة الضابط
وبدا لى أنه عرفنى، فنهر البنت بشدة، لكنها ظلت متدفعة فى اتجاهى فقفز الضابط من السيارة ولحقها بسرعة وجذبها وحشرها فى السيارة حشرا وأنا متجمد فى مكانى منتظرا دورى غير فاهم شيئا، وانطلقت السيارة بما فيها ومن فيها.