نشرة “الإنسان والتطور”
الخميس: 2-3 -2017
السنة العاشرة
العدد : 3470
فى رحاب نجيب محفوظ
“التناصّ النقدى“
قراءة أخرى للأحلام الأولى (8)
وهو النقد الذى لم ينشر قبلا
نص اللحن الأساسى: (نجيب محفوظ)
الحلم (8)
عندما أقبلت على مسكنى وجدت الباب مفتوحا على ضلفتيه على غير عادة وجاءتنى من الداخل ضوضاء وأصداء كلام.
دق قلبى متوقعا شرا، ورأيت من أحبابى ابتسامات مشفقة، وسرعان ما عرفت كل شئ، خلت الشقة من الأثاث الذى كوم فى ناحية داخل المكان.. عمال من متفاوتى الأعمار، منهم من دهن الجدران ومنهم من يعجن المونه ومنهم من يحمل المياه.. وهكذا نفذت المكيدة فى أثناء غيابى وذهبت توسلاتى فى الهواء.
وهل أطيق هذا الانقلاب و أنا على تلك الحال من الإرهاق؟
وصحت بالعمال: من أذن لكم بذلك، ولكنهم استمروا فى عملهم دون أن يعيرونى أى اهتمام، وقهرنى الغضب فغادرت الشقة وأنا أشعر بأننى لن أرجع إليها مدى عمرى، وعند مدخل العمارة رأيت أمى مقبلة بعد رحيلها الطويل وبدت مستاءة، وغاضبة، وقالت لى
– أنت السبب فيما حصل!
فثار غضبى وصحت:
– بل أنت السبب فيما حصل وما سوف يحصل
وسرعان ما اختفت، ومضيتُ فى الهرب.
التناصّ (التقاسيم): (يحيى الرخاوى)
… لكننى وجدت أمى تنتظر عند الناصية وكأنها نسيت أن تقول لى شيئا وتريد أن تذكرنى به، وعرفت من وجهها أنها سوف تواصل اللوم والتأنيب، فسارعت بالمبادرة وقلت لها: “لم يكن أمامى خيار” قالت: بل كان أمامك عشرة، وأنت الذى أصررت على هذه، قلت لها: هربا من جبروتك، قالت: هربتَ من جبروتى إلى جبروتها، فإلى أين تهرب بعد ذلك، إرجِـع لها أحسن لك فأنا أعرفك”، قلت” مالكَ أنت الآن، ثم أنت لا تعرفين إلا نفسك، وسوف ترين أننى لن أرجع لا لها ولا لك ولا للشقة، ولا لأحدً ، لكننى وجدت نفسى أعود أدراجى إلى مسكنى وما يحدث يحدث، فأنا ليس لى مأوى غيره، وحين وصلت إليه وجدته هادئا مستقرا ولا أثر لأى عامل أو دهان أو شىء، بل إنه قد لاح لى من نافذته وأنا اقترب منه، وجه شقراء فى ريعان شبابها – لا أعرفها – وهى تحمل رضيعا رجحت أنه ولد ذكر لست أدرى لماذا؟، فتأكدت أنه ليس مسكنى، ولكننى لم أتردد فى طرق الباب، وفتحت لى وهى تحمل طفلها، وعلى وجهها ابتسامة أكثر عذوبة وطفولة من ابتسامة طفلها، لكن الولد انفجر يبكى بحرقة متزايدة.