نشرة “الإنسان والتطور”
الخميس: 23-2 -2017
السنة العاشرة
العدد: 3462
فى رحاب نجيب محفوظ
“التناصّ النقدى“
قراءة أخرى للأحلام الأولى (7)
وهو النقد الذى لم ينشر قبلا
نص اللحن الأساسى: (نجيب محفوظ)
الحلم (7)
ياله من ميدان مترامى الاتساع مكتظ بالخلق والسيارات وقفت على طوار المحطة أنتظر مقدم الترام رقم 3 والوقت قارب المغيب، أريد العودة إلى بيتى على الرغم من أنه لا ينتظرنى أحد، ويهبط المساء ويغلب الظلام على أضواء المصابيح المتباعدة وشعرت بوحشة وتساءلت عن آخر الترام 3، وخفتّ حركة الميدان وقلَّ مرور السابلة، حتى كدت أترك وحيدا فى المحطة فى ميدان خال انتظر تراما لا يجئ، وسمعت صوتا خفيضا فنظرت فرأيت على مبعدة يسيرة فتاة ينطق مظهرها بأنها من بنات الليل فازداد شعورى بالوحشة واليأس وسألتنى :
- أليست محطة الترام رقم 3؟
فأجبت بالإيجاب وفكرت فى مغادرة المحطة وإذا بالترام رقم 3 يقترب فى هدوء ولا أحد فيه سوى السائق وقاطع التذاكر وشىء من داخلى دعانى إلى عدم الركوب فوليت الترام ظهرى، ولبثت على حالى حتى غادر الترام المحطة، ونظرت فرأيت الفتاة بموقفها، ولما شعرت بعينى ابتسمت وسارت نحو أقرب منعطف، فتبعتها على الأثر..
التناصّ (التقاسيم): (يحيى الرخاوى)
أسرعت الفتاة الخطى ودخلت إلى مبنى قريب له بضع سلالم قبل مدخله، وأمامه جندى يتمطى، ترددتُ أن أتبعها، ولكن خيل إلىّ أنها أشارت لى بطرف عينها وهزة من رأسها أن أفعل، وفعلا تبعتها وأنا أنظر للجندى وهو لا يلتفت إلى، وحين دخلت سبقتنى الفتاة إلى حجرة من الحجرات المحيطة حول حوش القسم وأغلقت الباب خلفها ولم تـُشـِرْ بأن أتبعها كما فعلت عند المدخل، ظهر أمين شرطة من باب آخر وعبر الحوش ودخل إلى حيث دخلت الفتاة، وقفت محتارا، وسمعت من وراء الباب أصواتا نسائية، ثم همهمات وضحكات، واختلط ذلك بنشيج بكاء فتاة صغيرة، وصوت رجل يتأوه، هممت بالعودة من حيث أتيتُ، لكن أمين شرطه آخر ضخم الجثة خرج من الباب المقابل الناحية الأخرى، وتقدم نحوى متجهـِّما فسابت مفاصلى ولم أتحرك، وحين اقترب منى ربـّت على كتفى قائلا: ولا يهمك نحن نعرفها جيدا لكن المهم أن تدافع عن نفسك بالنسبة للتهمة الأخرى، قلت له أخرى ماذا؟ قال انـْتـَظر وسوف تعرف، وأشار إلى دكة بجوارها مكتب لا يجلس عليه أحد، فجلست على الدكة متوجسا، ولم تمض دقائق حتى جاء ضابط عظيم حسب ما يلمع على أكتافه، وجلس إلى المكتب ثم نادى على اسمى ثلاثيا كاملا، مع أننى لم أذكر اسمى للأمين أصلا، وحين أجبته نادانى أن أتقدم وقدم ورقة بيضاء مسطرة خالية، وأشار إلى أسفلها وقال وقِّع هنا، ولا أعرف كيف لم أسأل ولم أتردد، ووقعت، فقام منتشيا وسلم علىّ بحرارة وسمح لى أن أنصرف وهو يمزق الورقة فتافيت حتى صارت قطعا صغيرة ألقاها فى سلة المهملات بجواره، فلم أصدق واستدرت، وانصرفت وأنا أبتعد بسرعة عنه حتى وجدت نفسى فى الشارع، وإذا بالترام رقم 3 يمرق أمامى وفيه الفتاة، فعدوت خلفه أحاول القفز فيه، لكنه أسرع أكثر.