فى رحاب نجيب محفوظ قراءة أخرى للأحلام الأولى الحلم (27)
نشرة “الإنسان والتطور”
الخميس: 13-7 -2017
السنة العاشرة
العدد: 3603
فى رحاب نجيب محفوظ
قراءة أخرى للأحلام الأولى (27 من 52)
تقاسيم على اللحن الأساسى
نواصل تقديم الــ 52 حلما الأولى بأسلوب: “التناصّ النقدى“
نص اللحن الأساسى: (نجيب محفوظ)
الحلم (27)
فى سفينة عابرة للمحيط أجناس من كل لون ولغات شتى. وكنا نتوقع هبوب ريح وهبت الريح واختفى الأفق خلف الأمواج الغاضبة إنى ذعرت ولكن أحدا لم يكن يعنى بأحد. وقال لى خاطر إننى وحيد فى أعماق المحيط. وأنه لا نجاة من الهول المحيط إلا بأن يكون الأمر كابوساًً وينقشع بيقظة دافئة بالسرور. والريح تشتد والسفينة كرة تتقاذفها الأمواج. وظهر أمامى فجأة حمزة أفندى مدرس الحساب يخيزرانته وحدجنى بنظرة متسائلة عن الواجب. كان الإهمال الواحد بعشرة خيرزانات تكوى الأصابع كيا. وازددت كرهاً من ذكريات تلك الأيام. (وقال لى الرجل سوف تكتب (…………….) وهممت بدق عنقه ولكنى خفت أن يكون أى خطأ سببا فى هلاكى فسكت على الذل وتجرعته رغم جفاف ريقى. ورأيت حبيبتى فهرعت نحوها أشق طريقاًً بين عشرات المذهولين. ولكنها لم تعرفنى وتولت عنى وهى تلعن ساخطة وجرت نحو حافة السفينة ورمت بنفسها فى العاصفة واعتقدت أنها تبين لى طريق الخلاص فجريت متعثرا نحو حافة السفينة ولكن مدرس الحساب القديم اعترض سبيلى ملوحاًً بعصاه.
التناصّ (التقاسيم): (يحيى الرخاوى)
تراجعت متمزقا بين لهفتى على اللحاق بها والخلاص حتى بما لاح لى أنها بينت لى طريق الخلاص وبين فرحتى بالنجاة حتى بفضل اعتراض هذا القاهر القاسى بخيزرانته وعصاه وفضلت البقاء، حيث أنا، ثم رست السفينة عند ميناء جزيرة لم أرها من قبل وكأنها ولدت لتوها من رحم المحيط، وكانت الريح قد هدأت وصفا الجو، ولا أعرف كيف ترددت فى المبادرة بالنزول إلى رصيف الميناء مثل كل من بالسفينة الذين تسارعوا للنزول حتى كادوا يدهسون بعضهم بعضا، واكتشفت أننى كنت أنتظر حبيبتى حتى ننزل سويا، وحين تذكرت ما كان لم أسخط على مدرس الحساب الذى منعنى من أن ألحقها، ونزلت إلى الرصيف وأنا لا أكاد أصدق النجاة، ولم أكد أخطو بضع خطوات حتى لاحت لى حبيبتى بين أهل الجزيرة البدائيين، فلوحت لها فلم ترد الإشارة فاقتربت أكثر وإذا بها تختفى ثم لمحت وسط المجموعة، قدر يغلى ويتصاعد منه البخار ولمحت بين طبقات البخار المتكاثفة وجها جميلا يبرز من القدر ويغطس ولم أتأكد من ملامح الوجه وكأنها توأم فتاتى.
2017-07-13