نشرة “الإنسان والتطور”
الخميس: 29-6-2017
السنة العاشرة
العدد: 3589
فى رحاب نجيب محفوظ
قراءة أخرى للأحلام الأولى (25- 52)
تقاسيم على اللحن الأساسى
نواصل تقديم الــ 52 حلما الأولى بأسلوب: “التناصّ النقدى“
نص اللحن الأساسى: (نجيب محفوظ)
الحلم (25)
رأيتها فى الحجرة معى، ولا أحد معنا، فرقص قلبى طربا وسعادة، وكنت أعلم أن سعادتى قصيرة، وأنه لن يلبث أن يفتح الباب ويجئ أحد.. وأردت أن أقول لها إن جميع الشروط التى أبلغت بها على العين والرأس، ولكن تلزمنى فترة من الزمن ولكنى فتنت بوجودها فلم أقل شيئا، وناديت رغبتى فخطوت نحوها خطوتين، لكن الباب فتح ودخل الأستاذ وقال بحدة إنك لا تفهم معنى الوقت واقتلعت نفسى، وتبعته إلى معهده القائم قبالة عمارتنا، وهناك قال لى “أنت فى حاجة إلى العمل عشر ساعات يوميا حتى تتقن العزف”. ودعانى للجلوس أمام البيانو فبدأت التمرين وقلبىحوم فى حجرتى، وسرعان ما انهمكت فى العمل. وعندما سمح لى بالذهاب كان المساء يهبط بجلاله. وبادرت أعبر الطريق على عجل. ولكن لم يكن ثمة أمل فى أن تنتظرنى مدة غيابى. وإذا برجل صينى طويل اللحية بسام الوجه يعترض سبيلى ويقول: كنت فى المعهد وأنت تعزف، ولا شك عندى أنه ينتظرك مستقبل رائع وانحنى لى وذهب وواصلت سيرى وأنا مشفق مما ينتظرنى فى مسكنى من وحشة.
التناصّ (التقاسيم): (يحيى الرخاوى)
عدلت عن الدخول إلى منزلى، وقررت أن أتوجه إلى المقهى الذى أجتمع به مع الاصدقاء، لكننى لم أجدهم، وتذكرت أن اليوم ليس هو موعد لقاءنا، فجلست وطلبت حلبة حصا، وحاولت أن أتصل بها هاتفيا من هناك، وأشرح لها الموقف لعل وعسى، لكنها لم ترد، والتفت إلى الركن القصى فى المقهى فإذا الرجل الصينى الطيب يجلس وحيدا مثلى، فلوحت له بيدى، فدعانى إلى مائدته، فأسرعت وقلت هذا مسكن لوحدتى ولو بعض الوقت، وكان الرجل يتكلم العربية بلهجة مصرية أصيلة، وسألته عن أصله وموطنه ، فقال إنه مصرى لكن أمه صينية تزوجها أبوه حين كان يعمل بحارا يجوب الآفاق، وعاد بها إلى مصر، فأحبت كل شبر فيها، وأنجبتنى وحيدا، ولم تخاطبنى مرة واحدة بالصينية، نظرت إلى لحيته ولم أسأله عن دينه، فلاحظ نظرتى، وقال عندك حق، لكننى مسلم وموحد بالله، قلت فى نفسى جاءت سليمة، لكنه أضاف: وبوذى أيضا، ولم يحتج الأمر أن ينظر إلى حاجبى وهما يرتفعان ، فأسرع يقول ، لا يوجد تعارض ولكنك لست أخذا بالك، ثم سألنى عن العزف، وأين تعلمته، فقلت له إنه الأستاذ الساكن قبالتى، فطلب منى أن أعرفه به لأنه يريد أن يتتلمذ عليه، فتعجبت وقلت له فى هذه السن، قال نعم، ووعدته أن أحاول، وحين هممت أن أقوم لمحتها قادمة فى آخر الشارع، فقلت يا بركة أبونا بوذا، استأذنت منه وقمت بسرعة لألحقها، لكنها كانت أسرع منى واختفت فى أحد الشوارع الجانبية، وحين رجعت إلى البيت ، كان أول ما فعلته أن كسرت البيانوا القديم المركون فى آخر الصالة ، ونظرت إلى مسكن الأستاذ قبالتى وأخرجت له لسانى .