نشرة “الإنسان والتطور”
الخميس: 7-9-2017
السنة الحادية عشرة
العدد: 3659
فى رحاب نجيب محفوظ
قراءة أخرى للأحلام الأولى (35- 52)
تقاسيم على اللحن الأساسى
نواصل تقديم الــ 52 حلما الأولى بأسلوب: “التناصّ النقدى“
نص اللحن الأساسى: (نجيب محفوظ)
الحلم (35)
فى بيت العباسية ونحن نأوى إلى أسرتنا للنوم أيقظنى صوت ابن أخى وهو يصيح حريق فى السقف، ونهضت فزعاًً وجاء ابن أخى بالسلم الخشبى وأقمناه فى الصالة وصعد كل واحد منا على جانب حاملاً ما استطاع حمله من الماء وأخذ يرشه على النار السارية بين الأركان واقتحمت حجرة أختى وأيقظتها من نومها العميق ومن عجب أنها قامت متكاسلة ومتشاكية من أننا لا نتركها أبداًً تنعم بالنوم وعلى أى حال ساعدتنا بملء الأوعية بالماء حتى سيطرنا على النار وأخمدناها. وبدأنا نحقق فى الأمر ولكن رجال المطافئ حضروا على أثر استدعاء الجيران لهم وتأكدوا من خمود النار وفتحوا الشرفات وتفقدوا الأثاث الموجود بها وانتهى الحريق بعد أن أفحمنا فزعا. وعندما جلسنا نستعيد بعض هدوئنا دق جرس التليفون ويلاحظ هنا تداخل الزمان والمكان إذ أن بيت العباسية لم يكن به تليفون وهكذا أصبحنا فى مسكن آخر مع أناس آخرين دق جرس التليفون وكان المتحدث صاحب العمارة التى أستأجرنا بها شقة فى الإسكندرية ودعانا الرجل إلى الإسكندرية دون ابطاء وأنه شبت النار داخل الشقة وطمأننا أنه استدعى المطافئ فأخمدوا النار ولكن حضورنا ضرورى بطبيعة الحال وفى الحال ارتدينا ملابسنا أنا وزوجتى وأسرعنا إلى محطة الباص الصحرواى وكنا فى غاية الكدر والإنزعاج حتى أننى اقترحت على زوجتى إخلاء الشقة وتسليمها لصاحبها خاصة وأنها تعرضت إلى محاولة سرقة قبل ذلك ولكنها قالت لى انتظر حتى نرى ماذا ضاع منها وماذا بقى.
التناصّ (التقاسيم): (يحيى الرخاوى)
ووصلنا إلى الأسكندرية بعد منتصف الليل، وحين وصلنا إلى الشقة وجدناها مغلقة كما تركناها، ودخلنا بالمفتاح كالعادة وإذا بها سليمة تماما لم يمسسها سوء، بل بدا لى أن أثاثها تجدد، لا أعرف كيف، واختلطت الفرحة بالدهشة بلوم صاحب العمارة، وهو يسكن فى الدور الأول، واقترحت زوجتى أن نتوجه إليه نستوضح سر المكالمة، لكننى نبهتها إلى أننا بعد منتصف الليل، وفى نفس الوقت كنت محتارا إذا ما قابلته هل ألومه أو أشكره، وأقنعتنى زوجتى بالانتظار حتى الصباح.
وحين دخلنا وجدت التليفون فى موضعه، فقلت أتصل بشقيقتى أطمئن على مدى آثار الحريق، ناسيا أن شقة العباسية ليست بها تليفون أصلا، لكننى اتصلت برقم ما لست ادرى كيف تجمع فى ذاكرتى، وإذا بشقيقتى ترد وتقول فى لهفة أين أنتما احضرا بسرعة لو سمحتم، وحين سألتها عن آثار الحريق ومضاعفاته، قالت: حريق ماذا؟ عن ماذا تتكلم، احضرا لأن الشاب الذى قلت لكما عنه قادم للتقدم لى هذا الصباح، وتعجبت من الخطوبة التى تتم هكذا فجأة فى الصباح الباكر، ورجحت أنها مازلت نائمة وتحلم، وحين أخبرت زوجتى بفحوى المكالمة فرحتْ جدا، وكأنها نسيت كل شىء، أو كأن هذا الذى جرى لم يحدث أصلا، وفى نفس الوقت لم تصدقنى، فأعطيتها التليفون وقلت لها تأكدى بنفسك، قالت: أتأكد من ماذا؟ قلت لها: مما قالته شقيقتى، أطلبيها وستعرفين أنى لا أؤلف، قالت: أعطنى الرقم وأنا اطلبها، قلت: أى رقم؟ قالت: الرقم الذى كلمتـَها فيه، قلت لها: لكننى لا أعرفه ولا أذكره.
فابتسمت ساخرة.
ولم أبتسم.